اليوم كنائس وغدا جوامع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لاشك بان الاخوة المسيحيين في العراق وفي العالم قد قرأوا الكثير من الكتابات التي نددت باحداث تفجير الكنائس وسمعوا الكثير من تصريحات الاستنكار لهذه العمليات الوحشية، وقد عانى عوائل الضحايا من الجريمة الشئ الكثير،ودخل الخوف والهلع الى نفوس الباقين من اتباع هذه الديانة المسالمة، ولكن ما يخفف هذه الاحزان وهذه المخاوف هو انهم ليسوا وحدهم في خندق التعرض للهجمات الارهابية، وبالامس القريب حولت سيارة مفخخة ما يقرب من سبعين شابا الى اشلاء محترقة في بعقوبة كانوا قد تجمعوا امام مكتب للتجنيد طلبا للعمل والرزق تحيط بهم وباهلهم واطفالهم ازهار الامل اذا ماتم توظيفهم في عمل يدر عليهم دخلا يقيهم العوز والحاجة والجوع، وان الضربة الظالمة طالت عوائل هؤلاء الضحايا قبل اجسادهم وبعقوبة كما يعلم الجميع مدينة تقطنها اكثرية سنية.
وفي النجف الاشرف عندما استهدف الارهابيون السيد محمد باقر الحكيم كانوا يعلمون بانه احد رموز الشيعة الكبار وان العشرات سيسقطون معه صرعى ممزقي الاشلاء، وان الضريح الآمن للامام علي عليه السلام سيتأثر بالتفجير، وكلنا نعلم بان النجف مدينة شيعية صرفة.
وفي نهاية الخمسينات استهدف الارهاب ابناء التركمان في المذبحة الشهيرة التي راح ضحيتها خيرة ابناء التركمان استخدمت فيها ابشع الاساليب والطرق، وقبلها تم ممارسة اسلوب الابادة الوحشية مع افراد الاسرة المالكة في قصر الرحاب، وقبل ذلك تعرض اليهود العراقيون الى ما يعرف بالفرهود والمضايقة واجبارهم على ترك الوطن الى مصير مجهول وتحويلهم من مواطنين الى اعداء الداء.
والمسيحيون لن يظلوا في آخر القائمة بل ان الاعتداءات ستطال جماعات اخرى حتى لن تظل طائفة في العراق لم تتضرر من الارهاب والارهابيين، ولا ادري اي شرف سيبقى لنا واية كرامة اذا ماتم الاعتداء على الصابئة لا سمح الله وهم الاقلية المسالمة الوديعة التي لم تعرف العنف والايذاء والارهاب.
فأي موزائيك نتحدث عنه واية حضارة نتغنى بها واي مستقبل زاهر نرجوه ونحن سكوت امام هذه الجرائم المنظمة، وكيف يحق لنا ان نتحدث عن الوحدة ونحن لم نتعلم بعد المبادئ الاساسية للتعايش.
وارى بان القاء المسئولية على العناصر الارهابية هو تهرب صريح من المسئولية، التي تقع على عاتق الجميع، فقهاء وعلماء وساسة وشيعة وسنة وعرب وكرد وتركمان وكبار وصغار ورجال ونساء، واذكر ذات مرة بان اهالي مدينة بروكسل عاصمة بلجيكا قد خرجوا عن بكرة ابيهم في تظاهرة احتجاج على حادثة تعد غريبة على مجتمعهم واقضت مضاجعهم وخافوا من تكرارها ان هم ظلوا ساكتين، والحادثة تتلخص في قيام سفاح باختطاف طفلة واغتصابها وقتلها، وطالبت تلك الجماهير بانزال اقصى العقوبات بحق الفاعل ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه التفكير بارتكاب مثل هذه الجرائم مستقبلا، وقد كانت لتلك المسيرة الجماهيرية الاثر الكبير في الحد من الجريمة.
واما في العراق فلم يعترض الشعب مجموعا على جرائم القتل والتعذيب والاختطاف والاغتصاب والتهجير منذ نصف قرن من الزمان.
وقد آن الاوان ان يتبنى الشعب ثقافة الاعتراض الجماعي على الظواهر السيئة في المجتمع حتى لا تستفحل الامور اكثر وتصعب السيطرة عليها بعد ذلك، ويظل الشعب برجاله ونسائه واطفاله اسيرا للخوف والهلع والجريمة والتشتت والضياع، ولا يكفي ان نقول بان الارهاب في العراق هو ارهاب مستورد، لان الارهاب المستورد يحتاج الى مروجين محليين وهم عراقيون ولكنهم يغنون خارج السرب وقلوبهم لاتخفق مع الشرفاء من ابناء وطنهم ويلعبون بالحديد والنار والارواح تحقيقا لمصالح ذاتية دنيئة.
وهناك امر خطير آخر وهو احتمال تعرض العراقيين في الخارج الى اعتداءات منظمة وتعرض مساجد المسلمين في الدول الغربية الى اعتداءات بسبب الاعتداء على الكنائس في العراق وقد سبق وهدد زعيم صومالي بتصفية العراقيين المقيمين في بلاده اذا ما اقدم الارهابيون على قتل سائق صومالي محتجز في العراق.
وعليه فان على الشعب العراقي ولاسيما اصحاب النفوذ ان يهبوا فورا لوضع حد لهذه العمليات وان يجعلوا الارهابيين يعون حقيقة ان من كان يعبد صداما فان صدام قد ولى وراح ولن يعود ثانية، وان هذه الاعمال الارهابية لن تعيده الى الحكم مرة اخرى ولن تعيد اليهم مجدهم السابق.
ألا لعنة الله على الارهاب فانه لايفرق بين سني وشيعي ومسلم ومسيحي وكبير وصغير ورجل وامراة.