لا بد من وضع النقطة الكردية على الحرف السرياني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كانت العلاقات بين الأكراد والآشوريين في أربعينات القرن التاسع عشر في المنطقة الجبلية هكاري، علاقات صداقة وحسن جوار.غير أنها تصدعت بعد ظهور المبشرين ومختلف الممثلين الدبلوماسيين الغربيين هناك. وتشهد الوثائق أن ممثلي الغرب مارسوا مختلف أنواع الدسائس لبث الخلاف بين الآشوريين والأكراد. لقد كتب بيركنيس عام،1836 بهدف الدسّ، الى مار شمعون بطريرك الآشوريين ما يلي : ان العذاب الذي تتحمله أنت وشعبك، هكذا طويلا في هذه المنطقة، ماهو الا نتيجة الظلم الاسلامي،... وقد استرعى ذلك عطف الأشقاء المسيحيين في أمريكا وأثار اهتمامهم بالموضوع. ـعن تاريخ الامارات الكردية للكاتب جليلي جليل الكردي السوفياتي اليزيدي ـ راجع الملحق في نهاية الموضوع.
هكذاـ دائما ـ كان الغربيون يغطون بستار نشر المسيحية، مصالحهم السياسية الاستعمارية التي كانت في تناقض مع مصالح السكان المحليين، مهما تبجحوا بالأخوة الدينية، فعلى أنقاض الكنائس المحلية أقاموا وتفننوا في الترويج لكنيستهم البروتستانتية والكاثوليكية المرتبطتين، اقتصاديا ودعاويا مع عالم المستعمرات والكشوفات الجغرافية، منذ كريستوف كولومبوس الى أيامنا هذه. أحالوا قسطنطينية مركز الكنيسة الشرقية الى أنقاض البناء العثماني مفسحين له المجال للانتشار حيث كانت الأرثوذكسية بلغاريا اليونان البوسنة وصربيا الخ..وكانت الضحية دائما هم المؤمنون البسطاء وكنيستهم الوطنية الفقيرة الأرثوذكسية، اذ كلما ارتفع بنيان الكاتدرائيات الكاثوليكية والبروتستانتية في شرقنا كلما انخفضت جدران كنيستنا الوطنية، وبتأثير الحاجة الاقتصادية والأمنية انتقل المؤمنون من عقيدتهم الأرثوذكسية / النسطورية الى حيث الجاه والثراء والمدارس الراقية والقبعات الملونة، أو الى المهاجر حيث حتوفهم تتبعهم صلوات أساقفتهم المتواطئين مع مموليهم الغربيين وان بلبوس معمداني.
نورد هذا المقدمة توطئة لمصارحة وطنية ومكاشفة سياسية مع بني جلدتنا وأخوتنا في الجوارالمسيحي من سريان، وآشوريين وكلدان وأرمن، شركاءنا في التاريخ والجغرافيا وفي المستقبل.
في تجليات الفوضى العراقية، الاستعمارية بامتياز استشراقي وما أسفر مؤخرا، عن جريمة فتنة الاعتداء على الكنائس المسيحية، والجريمة تكبر في دلالاتها الرمزية لما سيؤول اليه مستقبل الفئة المسيحية الأشد ارتباطا بتربتها الوطنية في تهديدها أم في ترغيبها لتأخذ طريق المنفى والهجرات. وفي معرض مناقشة أخوة يقدمون أنفسهم كممثلين للأقليات السريانية بمسمياتها الكلدانية/ الآرامية/ الآشورية/ الآثورية، من خلال كتابات وأن تراوحت المسافات بين غلوّها والتفنن في اختلاق أوهام على أنقاض حقائق مزورة، ولئن نضح اناء السيدين شمعون دنحو، وجورج شمعون بما في أنفسهم فأن تساوق كتابات الباحث الجاد سليمان يوسف يوسف، ومن خلفه المنظمة الديمقراطية الآثورية في الغرف من ذات خزان السيدين شمعون ودنحو هو ما يؤسف له، في ظرف أحوج ما نكون فيه جميعا الى مراجعة ذاتية، تنظف البيت الوطني من أدرانه ومسوخه بالقطع مع خطاب ديني ومرجعية دينية كانت سبب الكثير مما نعانيه اليوم أقليات وأكثريات. والاحتكام الى العقل والحكمة في معالجة أوضاعنا اليومية، جماعات وأوطان وحدود خوازيق.
ففي الوقت الذي كان أخوتنا الكلدان والآشوريون يتظاهرون تحت نوافذ ادارة اقليم كردستان العراق لابتزاز الكرد هامش الادارة الذاتية للاقليم ـ والذي من حقهم حتى الاستقلال ـ كان أبو مصعب الزرقاوي وغيره من أهل الفتنة يحضرون السيارات المفخخة للاعتداء على كنائسهم وأرواح بني جلدتهم المسالمين.
وفي الوقت الذي انهمك أكراد سوريا في معالجة جروحهم ودفن شهداء فتنة نظام الاستبداد في قامشلي وعامودة ودرباسية ورأس العين وكوباني وحلب وعفرين ودمشق، انبرت كتابات، ومنظمات وجهات سريانية للدفاع عن السلطة في شهادات مزوّرة بكلام حقّ أريد به باطل تبرير فعل السلطة، لم يكلفوا أنفسهم حتى بواجب تقديم العزاء والرحمة على الشهداء.
في غزوتهم الوهمية الى القصاص من الكرد جيلا بعد جيل يخلط الكتبة الثلاثة بين الوجود القومي للآشوريين والسريان كشعوب وبين هويتهم الدينية في اطار الكنيستين الأرثوذكسية السريانية والنسطورية للديانة المسيحية التي نشأت في الشرق بتعاليم حواريي عيسى الناصري رسول المحبة والتسامح والانسانية، وانتشرفي مدى الامبراطورية الرومانية باعتناقها المسيحية دينا رسميا للامبراطورية. فاعتنقت الدين الجديد للدولة الشعوب الخاضعة لها كحال كل الأديان في بداياتها، فدخل فيه الأروام والبلقان والهيلينيون والعرب وبعض بني اسرائيل والكرد والأرمن والسريان والآراميون والفرس ووصل حتى الهند. وحدث الانشقاق التاريخي في اللاهوت المسيحي حول طبيعة السيد المسيح وانقسمت الكنيسة الى كنيستين ومن ثم ثالثة ورابعة كحالجميع الديانات، تصبح بالاجتهاد مذاهب وطوائف وغيرها. وبمجيء الاسلام بمنشأه العربي وتكوينه دولة وامبراطورية على أنقاض الامبراطوريتين الفارسية الزرادشتية والبيزنطية المسيحية، فدخل الدين الجديد شعوب وأقوام وتمثلته ثقافات وحضارات وتناسلت منه ثقافات تشارك فيها الى جانب العربي الآرامي والفارسي والكردي والتركي والأفغاني والألباني والشمال أفريقي والمصريون وغيرهم كثيرون تشكلت جماعة مسلمة بثقافات وأقوام متعددة في أطار الدين الحنيف وحدثت انشقاقات اجتهادية منذ أيامه الأولى ولا زالت الى يومنا الحاضر. لم يصبح الاسلام قومية، ولم يذوب أمة في أمة لأنه أتى لخير البشر لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى كما لم تصبح المسيحية قومية ولم تذوب أمة في أخرى. مع الاسلام بقي بعض الآراميين مسيحيين وأعتنق بعضهم الآخر الاسلام لقناعة أو لمصلحة والى اليوم يتكلم مسلموا قرى جبعدين ومحيطها وعددها أربع اللغة الآرامية حالهم كحال مسيحيي معلولا.
اذا كان القسم الأكبر من الأكراد قد اعتنق الاسلام فأن بعضهم وهم كمّ كبير بقي على ديانته الزرادشتية، تسنن أغلب الكرد وبقي من بقي على تشيعه وانحاز قسم كبير، عدده اليوم بالملايين الى المذهب العلوي وبقيت قلة في مسيحيتها وتوزع الآخرون على العلي الهي وأهل الحق وفي الصابئية وما الغرابة فالكرد أمة كبيرة متعددة الثقافات والجغرافيا. فقط شعب واحد ودين واحد تحجّر في قومية هو اليهودية حيث الدين والقومية والعرق لا ينفصمان.
ان الخلط الذي يذهب اليه بعض أخوتنا السريان ما بين المسيحية كدين وكنيسة، وأحوال الجماعات المسيحية كأقوام أو شعوب ليست بالضرورة كتلك التي تقدم اليهودية بها نفسها دينا قوميا فليس كل مسيحي بالضرورة سريانيا آشوريا كلدانيا آراميا كما أن ليس كل سرياني آرامي هو بالضرورة مسيحي اذ ليس كل ناطق بالسريانية هو مسيحي وليس كل مسيحي هو سرياني آشوري كلداني آرامي وهناك الكثير من المسيحيين العرب والأكراد والأروام والأرمن واليونان مثلا من سكان الجزيرة السورية : القصوارنة، والقلعة مراوية، والمنصوراتية، والمردلية، والتل أرمناوية، والبرهيمية، والآزخينية، ليسوا بسريان ولا هم بكلدان ولا ينطقون السريانية وان كانت كنيسة قسم منهم سريانية، وجلهم يتكلمون الكردية والعربية ولا ينطقون حرفا واحدا سريانيا ولا يشاركون السريان في طور عابدين أو الآشوريين الذين قدموا من العراق سنة1936 عاداتهم وتقاليدهم ومطبخهم بل هم في كل ذلك أقرب الى عرب ماردين منهم الى غيرهم.
فالكنيسة حالها كالمسجد ودارالافتاء والكنيس، مؤسسات نخبوية تخضع مصالح جماعتها لمصالح القائمين بالأمر السياسي أو المالي والقائمون بأمرها من الاكليروس والرهبان والمعممة والحاخاميات تنتهي مصالح الجماعة عند حدود ارتباطاتهم الدنيوية، زائد بعض البركات التي تذرّ الرماد في قلوب المؤمنين الجهلة. لا يجوز أن ينطلي دعاوتها على المثقفين والنخب السياسية.
في حين أن الجماعة القومية كشعب وأمة وهوية وثقافة بدأت سيرورتها قبل الأديان لا بل مرت واحدتها بتبدلات دينية سماوية ام غير سماوية، وتمتد مصالحها الى خارج حدود الطقوس الكنسية لأن الشعب السرياني لا يختزل بالكنيسة السريانية التي تضمحل تدريجيا بتأثير التنامي التبشيري الاستعماري الغربي وسيأتي يوم لن تكون هناك كنيسة سريانية، لأن الكثلكة والبروتستانتية ستقتلعها من أساسها وجميعنا نرى ماذا يحدث للقبارصة الأرثوذكس على أيدي الأتراك المسلمين وبدعم من الحلف الأطلسي وأمريكا البروتستانتية.
أن الصيد في المياه العكرة التي تتظهرن كتابات السيدين دنحو وشمعون، ما كان لها أن تتبدى بهذه المكرورة لدى الباحث والسياسي سليمان يوسف يوسف، خاصة بعد أحداث آذارالكردية، بدوا وكأنهم لسان حال الأجهزة الأمنية بالاعتداء الأيديولوجي والقصاص التاريخي، وبالقفز من فوق سيرورة العلاقات الكردية السريانية الآشورية في بعديها القومي والديني، لدرجة أصبح السكوت عنها تأكيدا لفتنة يبتغونها لوجه السياسات الأمنية، في تلطيهم من خلف العباءتين العربية والتركية للنيل من الحلقة الضعيفة في الجماعة المسلمة الكردية، تكشف عن المخفي في المخيلة الدينية التي ترى في الكردي الجدار الأسهل بالقفز من فوقه لبناء أوهام افتراضية تؤدي في دواخلهم أغراض لا يفصحون عنها فتنشد أفعالهم المنطوقة برياء الى أوتارالفتنة بين جماعتين لم تنل منها سنون طوال تقاسموا فيه الجوار والمظالم من الاستبداد عينه وان تفاوتت الدرجات، فبالتأكيد كانت حصة الكردي الأكبر سواء في العهد العثماني أم في العهد الفرنسي، أم في زمن البعث. ولن تأتي طاحونة أبو مصعب الزرقاوي، ولا ميشيل عفلق، ولا حافظ الأسد بالماء الى حقل أي من الجماعتين فعلى ماذا يشحذ الأخوة مظالم تاريخية في وجه أكرادهم، ولمصلحة من يدعون حقا ليس الكردي مغتصبه؟ بل على العكس أن البناء على الجوار التاريخي الكردي السرياني الآشوري يمكن له أن يروي أراضي الجيران التركمان كما قطعان الأخوة الشمر.
ومن غير المفهوم مرة وأخرى وتكرارا استهداف الأكراد من قبل الكتبة هؤلاء، سواء أتت في معرض ادانة التجربة البدرخانية التي لا يرون فيها سوى اعتداء على السريان والآشوريين والكلدان والآراميين، وكأنه امبراطورية اسكندر المكدوني في غزوته الشرقية أو كأنه الباب العالي، كما أنه ليس بعبعا تخوف به العجائز أحفادها، ومحاولته الاستقلالية عن الدولة العثمانية وتداعيات هذه المحاولة سنأتي عليها لاحقا، بتحميل الانتفاضة البدرخانية كل مآسي الأرمن والمسيحيين السريان في الدولة العثمانية منذ القرن السادس عشر الى الحرب الأولى، أم في في صيغة أغوات أكراد تعاونوا حسب زعمهم مع الباب العالي في ذبح الآشوريين/ السريان/الكلدان/و الآراميين أم مذابح أتاتورك للأرمن واليونان باعتبارها اسلامية يلحق الكرد بها ظلما واحتيالا، دون أن يمر أحدهم ولو بالخطأ على تواطىء رجال الدين السريان والآشوريين وأولهم مار شمعون بطريرك آشوريي هكاري أو اقطاعييهم أم علاقات تجارالأرمن واليونان مع الباب العالي مع أن أغلب ولاة المناطق الشرقية كان يتم تمويل رتبهم الباشوية من قبل الأثرياء الأرمن ويقومون بدلا منهم بالجباية الضرائبية المضاعفة من الفلاحين الكرد والسريان والعرب والترك معا، هذا ما تقوله الوثائق العثمانية أما سليمان يوسف يوسف فله رأي آخر خارج التاريخ اذ ليس في وارد ذهننا مناقشة السيدين شمعون ودنحو.
أن استهداف الكرد بالمزيد من التحريض عليهم في صمتهم الكبير لما تعرضوا له من حيف ـ في أرواحهم وأملاكهم وأراضيهم وأسمائهم وذاكرتهم ومستقبلهم ـ في ظل الاستبداد البعثي الذي شكل الأخوة السريان القاعدة التنظيمية والادارية لآلته في الجزيرة، حرصا على حسن جوار وتاريخ مشترك، وقطعا لدابر فتنة طالما حلم الطغاة بها فكانوا ـ الكرد ـ المتراس الذي احتمت به أقلياتهم وأولهم السريان وعموم الطوائف المسيحية لأن الكرد اعتبروهم دائما مسيحييهم وللحماية هذه سنّوا عرفا : يعتبركل مسيحي كريفا للكردي، يتطلب حمايته عرضا، ومالا، وحياة، برابطة الدم يطيب لصديقنا ماجد حبو تسميتها بمؤسسة، الكريف وهي تعادل الاشبين في الدين المسيحي، حيث يقوم الكردي بطهر ابنه في حضن جاره المسيحي لخلق رابطة حماية دموية.
أن التهويش المنظم والمتناغم مع سياسات الاستبداد السورية في استهداف الكرد لن تبرىء الرومان من دماء المسيحيين الأول، ولن تبني جدارا لمملكة آشورية، سريانية، كما وأن تلوّث سرياني فرد وأكثر في فصيل البعث وأجهزته في الجزيرة لن تلحق العار بالسريان الشعب مهما كانت المظالم التي لحقت بالأكراد اقتصاديا وسياسيا وحياتيا : نتائج الاحصاء وتداعيات الاصلاح الزراعي وأدارة مؤسسات الدولة الاقتصادية والتعليمية بشكل لم يتضرر منها سوى الكرد والأعمى يرى بأن الكادرالعام لهذه الادارات والمؤسسات كان من الأخوة السريان.لأن الأفراد سواء أكانوا طغاة أم مأجورين لا يلحقون العار الا بذواتهم الفردية دون الجماعة التي تأويهم. فالنفخ في الرماد يعمي صاحبه الأحمق ويشوهه في حين أن البناء على تحريف الحقائق لا تسيء الا الى أهلها، ومن مهازل البحوث العلمية اختزال حركة بدرخان باشا ـ وهي أشبه ما كانت بحركة نهضة محمدعلي باشا في مصر ـ لاستقلال امارة بوطان في صيغة قصص وخرافات العجائز، وهي حركة تحررقومي بامتياز، ونهضة استقلالية بوجه محاولة السلطان محمود الثاني في اعادة ضم كردستان لمركزية الدولة العثمانية بضغط من الحكومات الغربية كشكل من أشكال اعادة تنظيم الدولة الحديثة على مركزية تغدق الأموال على خزينة الدولة لضمان القروض الغربية. تزامنت حركة البدرخانيين ـ التي كانت امتدادا لا نتفاضة أمير صوران مير محمد ـ واجتياح جيوش محمد علي لسوريا بقيادة ابنه ابراهيم باشا. استخدم السلطان العثماني وحلفاؤه الغربيون ومبشروهم جميع الوسائل للقضاء على حركة بدرخان باشا قبل تواصلها مع جيوش محمد علي واستخدم في جملة من استخدم مار شمعون الآشوري، وأسر كردية، من عائلة بدرخان باشا عينه، ولم يرحم الرجل أحد حاول النيل من مشروعه النهضوي وحركته الاستقلالية، لانشاء ادارة مركزية، وجيش قوي، ومصانع أسلحة وادارة مدنية تكفل استقلال منطقته، فكان لا بد أن يلحق حيف ما الآشوريين الذين كادوا له بالتحريض عكس مصالحهم لا لكونهم مسيحيين ولا لكونهم آشورييين سريان، وانما لأنهم ضحايا مصالح ارتباطات مارشمعون التي قضت أخيرا مع الجيوش العثمانية ومستشاريهم الأوربيين ومدفعيتهم الأوربية على ثالث ورابع وخامس محاولة استقلالية كردية وذهب ضحية هذا الانتصار العثماني عشرات الآلاف من الضحايا الكرد وتدمير مئات القرى ومئات الحرائق لم يحمـّل أحد يوما سريانيا واحدا أو المنظمة الديمقراطية الآثورية، وزر المجازر التي تعرض لها الكرد في الدولة العثمانية، وبالاحصاءات فأن ضحايا الكرد تتجاوز عشرات المرات غيرهم من الشعوب التي ابتلت بالنير العثماني.
كانت مصالح الغرب تقف في خلفية القضاء على الحركات الاستقلالية التي ازدهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في الدولة العثمانية بحجة حماية الأقليات المسيحية تارة، وأخرى بحجة ضمان استيفاء قروضها المالية وأخرى للتغلغل في الادارة العثمانية بالرقابة، دفعت شعوب الباب العالي ثمن الدسائس الغربية ومبشريها المبجلين أنهارا من الدماء وألاف الهجرات وحرائق يريد لنا السيد سليمان يوسف يوسف، الباحث في شؤون الأقليات أن نبكي على قبره الذي لا ميت فيه، ولئن برر هدفه بالوحدة الوطنية في نبش القبور بالتباكي على شهداء الآشوريين في صيغته التوراتية، حينما يحمل الوطني العراقي رشيد عالي الكيلاني وحكومته وزر المجازر التي تعرض لها الآشوريون آب في سيميل 1933 ويتناسى أن العراق ذلك الوقت كان محتلا من الأنكليز أصدقاء مار شمعون وأن رشيد عالي والوطنيين العراقيين كانوا أولى ضحايا الاحتلال الانكليزي وبالآلاف، وكأنه يبرىْ عن وعي أوبغيره، الأمريكان المحتلين من مسؤوليتهم اليوم في الذي حدث وسيحدث للعراقيين. ولم يبرز له يوما لفتة انسانية تجاه أكراده، لأن السريان وبالحقيقة التاريخية هم أقل الشعوب العثمانية خسائر مقارنة بالأكراد والأرمن والآشوريين واليونان والبلغار والألبان، فقط بعدهم يأتي العرب وهمٍ الرابح الكبير على مائدة لورنس الشهير وأسرته الهاشمية.
كما أنه من المفيد للأخوة الكتاب السريان التعرف على أن نهضة محمد علي باشا ما كان لها أن تتم أوتنجز لو لم يبدأ محمد علي مشروعه بالقضاء على الحركة الوهابية وتدمير عاصمتها الدرعية، ولولا المذبحة التي راح ضحيتها المماليك في القلعة فهل كان المماليك والوهابيون سريانا وآشوريين؟ أم لأن لا نهوض لحركة استقلالية بدون دولة مركزية تخضع لها مصالح الأطراف والاستقلالات المحلية، دينية كانت أم زمنية، ومع ذلك منعت الأساطيل الغربية محمد علي من انجاز مشروعه ـ بالرغم أن النموذج الأوروبي كان المثال الذي أراد الرجل الاقتداء به ـ لتناقض مشروعه ومشاريعها الخاصة بأراضي وشعوب امبراطورية الرجل المريض، كما أفشلوا قبله نابوليون وكما أفشلوا لاحقا مشاريع الأرمن واليونان والأكراد، على أرض الامبراطورية التي انهارت تحت سنابك خيلهم في الحرب الأولى وتواطأ الانكليز والفرنسيون لاعادة صياغة كيان عثماني في قالبه التركي بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ليكون حصنا لهم في وجه روسيا البلشفية لا لها عليهم وتمت التضحية بمئات الآلاف من اليونان والارمن والكرد في مذابح وهجرات ساهموا باخراجها الى الوجود. في انتصارهم على الدولة العثماني في الحرب الأولى : أدت روح التشفي التي صدرت عن الحلفاء والأقليات الدينية الى نمو روح المقاومة لدى الأتراك، رحبت الأقليات الدينية بالمنتصرين كلما دخلوا احدى المدن، وأن اليونانيين قدموا للقائد الفرنسي ديزيريه جوادا أبيض امتطاه دون سرج وسار به مقلدا محمد الفاتح حين دخل مدينة استانبول سنة 1453 يحييه جمهور غفير من غير الأتراك. وحل المسيحيون محل الأتراك في معظم الادارات ـ بل خصصت للمسلمين أماكن في المحال العامة ـ وحين افتتحت المدارس لم يسمح بدخولها الا لأبناء المسيحيين. وجرت مذابح كثيرة قتل أثناءها كثير من المسلمين الذين لم تفعل قوات الحلفاء شيئا لحمايتهم، وحينما ساند كل من لوي جورج وكليمنصو طلب فنزيلوس الخاص بحصول اليونان على منطقة ازمير. في 15 ماي نزلت قوة يونانية الى ازمير تساندها بحرية تابعة للحلفاء، ووجدت ترحيبا من اليونانيين المحليين الذين سرعان ما دبروا المذابح للأتراك في المدينة وفي الولاية. فنزلوا الى شوارع المدينة يصبون اللعنات على المسلمين ويطلقون النار ويقتلون كل من اعترض طريقهم. ورفعت القوات التركية العلم الأبيض، وقبض على حاكم المدينة التركي هو وغيره من الأعيان انتزعوا بالقوة من منازلهم رافعين أيديهم فوق رؤوسهم واليونانيون يتبعونهم وهم يضعون سونكي البنادق في ظهورهم وما أن استقرت القوات اليونانية في ازمير حتى أعلن اليونانيون أنهم قدموا لاحتلال الأناضول بصفة دائمة واحياء الامبراطورية البيزنطية....وقد أدت روح التشفي لدى الحلفاء والأقليات الدينية الى نمو روح المقاومة لدى الأتراك، كانت أوضح في الأناضول منها في استانبول فمنذ ديسمبر 1918 ظهرت مجموعات محلية سميت، جمعيات مقاومة الضمّ، وكانت أقوى ما تكون في تراقيا وازمير اللتين كان المسلمون فيهما موضع لاعتداءات اليونان، وفي كيليكيا حيث جنـّد الفرنسيون فرقة أرمنية مهمتها مساعدتهم على احتلال المنطقة. وقد تحمل الوطنيون الأتراك عبء القتال في عدة جبهات ففي الشرق اشتركوا مع الروس في اسقاط الجمهورية الأرمنية وأوقعوا الهزيمة بالأرمن سنة 1921 ثم جرى التحوّل صوب الغرب لمواجهة اليونانيين في غزوهم للأناضول وفي مقابل حصول الفرنسيين من الكماليين على امتياز خاص ببعض مناطق سكة حديد بغداد، ابرموا صلحا منفردا مع الأتراك وقدموا لهم كميات كبيرة من السلاح ساعدتهم على مواصلة دحر اليونانيين. وفي يناير 1920 هاجمت قوات الأتراك كيليكيا واحتلت مدينة مرعش عاصمة الاقليم وقتلت سكان المدينة من الأرمن الذين تعاونوا مع الفرنسيين وكان تعدادهم يبلغ 20 ألفا. عن كتاب أصول التاريخ العثماني لأحمد عبد الرحيم مصطفى ـدار الشروق.
كان مسيحييو الشرق دائما ضحية التنافس بين روما الكاثوليكية وقسطنطينة الأرثوذكسية منذ اليوم الذي تقدم صليب البابوية جحافل الصليبيين الى أراضي بيزنطة وليس عبر البحر الذي كانت سيدته روما فكان النهب والسلب من نصيب الامبراطورية المقدسة وتدمير مملكة رها الأرمنية ونهب أنطاكية في خلفية القولة الشهيرة لقائد اسطول قسطنطينية وهو يستسلم لجيوش محمد الفاتح أفضّل ألف مرة أن أرى عمامة السلطان من أن أرى قبعة الكاردينال.
اذا كان للمرء الحصيف أن ينأى بنفسه عن الخرافات التي تنضح بها أقلام السيدين، شمعون ودنحو فأنه من العسير على الهضم قبول ما يغترفه سليمان يوسف بخلفيته، المنظمة الديمقراطية الآثورية، التي نكنّ لها الاحترام من خزان تلك الأفكار السوداء التي ذخر بها القاموس التبشيري وتداعياته الاستشراقية في الباس الضحية جلد الذئب لاستيلاد بكائيات ابتزازية أكل الدهر عليها وشرب. أن الغرف من الخزان الانعزالي الفتنوي بغسيل دماغ عافته أكثر المدارس الكهنوتية انغلاقا، في القرن الواحد والعشرين أصبح السير من خلف مبخرة كاهن قرية جبلية من أكثر المشاهد ابتذالا للعقل الانساني في مغامرته ارتياد السبق الكوني اذ أصبح من بديهيات السياسة الاقرار بالعلمانية الوسيلة الأرقى لتحرير الناس من اللاهوت الغيبيي، يصبح من نوع الجريمة اعادة صياغة تاريخ العلاقة الكردية السريانية الآشورية الى فتنة التصارع المسيحي الاسلامي. في مطلق الأحوال أن الحياة تبرهن كل يوم كما برهنت في الماضي رغم الذهاب الكردي في الدين الى حدود التصوف فأنه لم يكن يوما عن عصبية أو فئوية ولم يستخدم يوما وسيلة تصارع لانزال الحيف في الأقليات التي عاشت ولا تزال بين ظهرانيهم ومهاجر الكرد اليوم خير دليل اذ لم تبن الجاليات الكردية مسجدا واحدا في حين نرى أن أخوتنا السريان والآشوريين والكلدان بمختلف كنائسهم يتناحرون فيما بينهم من حول خوارنة ومطرانيات ما أنزل الله بهم من سلطان، وكأننا لا رحنا ولا جينا لدرجة أن كادرا شيوعيا أصبح كاهن رعيته.
أن الصراعات التي حدثت هنا أوهناك ان هي الاّ من تداعيات المجتمعات المتأزمة في قرون الاستبداد العثماني ونهب الولاة والباشوات والبحث عن كلأ ومرعى من تجليات المجتمعات الرعوية الزراعية حدثت لأكثر منها مابين العشائر الكردية الكردية والعربية الكردية ويا ما حدثت استقطابات وتحالفات عربية كردية في مواجهة تحالفات عربية كردية، ومن الطبيعي أن تشمل مظالم أحد الولاة جميع أبناء رعيته، في تعددية مجتمعاتنا وزخرفتها الدينية /الأقوامية، في محيط الجغرافيا لا بفضل سياسات اسطفائية تترصد عنصرا بذاته للبوسه أوعقيدته وان لم يخل الأمر من غيره لكن الباحث الحصيف والوطني الغيور يعرف كيف يفرق ما بين الفتنة وتجليات الاستبداد ومخلفاته.
عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوارها دعيت أربعة شعوب بممثليها الى مؤتمر الصلح برعاية الحلفاء وأمريكا، أربعة شعوب حية فقط أليها آل أمر وراثة الأمبراطورية العثمانية وهم الشعب التركي والشعب العربي والشعب الكردي والشعب الأرمني يومها لم يتذكر المبشرون وأسيادهم الشعب السرياني الكلدو آشوري الآرامي بعمقه الحضاري والتاريخي فلماذا يحمل الأخوة السريان الكرد وزر غيابهم التاريخي عن التاريخ!
بعد الاستقلال عملت نخب كردية مسؤولة دينية واجتماعية، عشائرية وسياسية على طيّ صفحة الماضي المؤلم، وأدوا بذلك فتنة وأحقادا لو قيض لها الشيطان أن تنفجر لأحرقت ما لم تأت عليه فتن المبشرين الكاثوليك والبروتستانت الأوربيين والباب العالي معا، أسرة حاجوآغا الهفيركي وأسرالدقورية والآزيزان وعلاقات الحبر الجليل مطران قرياقس، والنخب الكردية والمسيحية في الحزب الشيوعي السوري وفي المقدمة منهم جميعا المتنور جكرخوين ورشيد كرد وديبو الياس ونديم البيطار وعبد الأحد عبدلكي، شكلوا صمام الأمان لمرحلة اعادة ارساء العلاقة المسيحية الكردية على المشترك الوطني وخير الانسان من حيث هو انسان يمتاز عن الحيوان.
المسيحييون خائفون، تلك المكرورة التي ظل بيير الجميل يرددها ترتيلة ممجوجة كانت في صلب الفاجعة التي أتى بها الأباتي بولس نعمان وشربل قسيس وسمير جعجع،على أمجاد المارونية التي ازدهرت في لبنان ليوم غدوا فيه كالأيتام على مائدة اللئام، لا نريد أن يقامر بها معتوه، كائنا من كان، سواء أكان يحمل سيف رسول الله أم طرشبيل الأباتي بولس نعمان، يقامر بها مصائر وحيوات بني جلدتنا السريان والآشوريين والكرد، أنسال سلالات هذا الشرق الجميل والمدمى واذا كان لهم في شرق المتوسط وبلاد مابين النهرين ماض وتاريخ وأيام وحضارة، فلغيرهم مثل ما كان لهم وتلك أيام نداولها بين البشر، أنها دول سادت وبادت لتحل محلها دول وشعوب وينشأ جوار في تناوب التاريخ، لا يوجد ملاك أصليون ومعتدون وقتيون الا في الذهنية اليهودية لأن يهوه استملكهم الأرض ومن عليها.
أن التاريخ حقيقة علمية، فيه الكثير من التزوير بفعل السلطة، لكنه ليس مضغة تلوكها ألسن النواحين لخلق أوهام فتنوية، بالعلم والعقل يمكن اختراق التزوير وتراكم النفايات الاستعمارية التي حاولت حشد الغوغاء من خلف حمار الكاهن، وما من دولة وامبراطورية وحضارة قامت أو ازدهرت الا في المدن على حساب الأرياف التي همشت بل قضي على حدودها المحلية لصالح الدولة المركزية التي دالت لها الدول منذ السومريين الى اليوم وما كان يتم ذلك بمسحة ربانية، بل بالسيف والسيطرة المركزية، منذ داريوس الأول الى اسكندر الكبير الى روما التي حملت المسيحية الى العالم مرورا بمعاوية وصولا الى بسمارك وغاريبالدي الى أتاتورك ورشيد علي الكيلاني مرورا بمحمد علي باشا، وبدرخان باشا، كما في حرب الشمال والجنوب الأمريكية وقيام الولايات المتحدة، لم يكن أحد منهم ملاكا، كما لم يكن كريستوف كولومبوس الذي أهدى العالم اكتشافاعلميا مذهلاعلى أنقاض حضارة اسكان الأصليين للقارة الأمريكية وعلى الملايين من الجماجم الهندية على مذبح الكاثوليكية بالمشاركة مع ملوك قشتالة واسبانيا، أما اذا أردنا أن نصنف درجات الوحشية الدموية في حضارات الانسان، فبالتأكيد ستأتي الامبراطورية الآشورية في عهودها المختلفة في المقدمة وهي التي أهدت البشرية مخترعاتها الحربية : عمليات خوزقة الأسرى والخصوم وجدع الأنوف وقطع الآذان وسلخ جلود الأحياء، والاعدامات الجماعية، ولا تنفع معها ولا تجملها أغنيات السيد سليمان يوسف يوسف عن العمق الحضاري والتاريخي لسوريا في بعده الآشوري، تليها فظاعات الكاثوليك الاسبان بحق الهنود الأمريكيين والمسلمين الاسبان واليهود.
في تاريخنا المعاصر، أحوج ما نكون اليه حكمة الحبر الجليل المثلث الرحمات المطران قرياقس رأس مطرانية الحسكة السابق، وشخصية سعيد اسحق ابن عامودا البار، وصديقنا حنا عيسى ابن الحارس الذي استطاع بعقله وروحه أن يكون القاسم المشترك ما بين الكرد والبداة والديريين، من طلبة ومعلمين ونخب سياسية، وأبغض ما يكون الى قلوبنا التحايل على الحق بالباطل الذي يضر الخصم ولا ينفع الأهل.
الملحــــــــــــــق
كان الآشوريون يعيشون أساسا في مناطق مابين هكاري وبوطان : طياري،وتخوما، وجيلو، وبرواري ونيراوي.
تجلى النشاط التبشيري في كردستان بتشكيل منظمات مثل : الجمعية الكنسية التبشيرية، تأسست في لندن سنة 1779، ومكتب السماسرة الأمريكان للمهام الخارجية تأسس سنة 1810... وكان المنبر الدعائي الأمريكي الأول : مجلة ميشينيري جيرالد، التي كانت تتابع نشاط المبشرين الأمريكان في الشرق الأوسط وكان سميث ودوايت من أوائل المبشرين الأمريكان اللذين سافرا من قبل المكتب الأمريكي الى كردستان سنة 1830 كان الآشوريون النسطوريون، تابعين من الناحية الشكلية للباشا الأرزرومي، لكن المراقبة على الآشوريين كانت تتم عن طريق ملوكهم، الذين كانوا يشكلون مجلس مار شمعون، وكان لهم ممثل في مجلس أمير هكاري...وكان يترتب على مار شمعون أن يقدم فصائل مسلحة من الآشوريين لأمير هكاري في وقت حملاته أو أثناء هجوم الأعداء. بعد اللقاء الناجح سنة 1930 بين المبشر غرانت ومار شمعون، قرر المبشر اقامة مركز للتبشير في قرية آشيتا الآشورية، كان الميليك الوجهاء الآشوريون يميلون الى زعيم هكاري الكردي متهمين بطريركهم برغبته في استلاب السلطة الأهلية بدعم من المبشرين دون مبرر، كان غرانت يؤمن أن الصراع والفوضى ما بين الآشوريين والأكراد ستدفع بالآشوريين أكثر نحو الانتماء الى كلمة الرب، لذا كان المبشرون جادين في الاساءة الى العلاقات بين الأكراد والآشوريين وجندوا عملاء من الطرفين : متعصبين من الأكراد، شجعوهم على تدمير مخطوطات شعب آشور القديمة، كما قام الرهبان الكاثوليك بتنظيم اتلاف عدة آلاف من الكتب الآشورية في مكتبة الموصل، ساءت العلاقات أكثر بين الطرفين حينما أفصح غرانت عن خططه في القرى الآشورية :بناء مراكز تبشيرية تذكر بالقلاع العسكرية، وعن قدوم جماعات أخرى من المبشرين الأمريكان الى هكاري..كان بناء مدرسة آشيتا كبيرا جدا ومحصنا مما جعل ليبارد الذي زار القرية بعد سنوات الى قناعة أن البناء لم يكن يتوافق وأغراض مركز تبشيري ولأن مار شمعون كان يتدخل كثيرا في الخلافات الكردية الكردية فأن القلوب كانت ملآنة بدون هذه القلاع التي ساهمت في الاحتقان...، اقتنع مار شمعون بحجج الدبلوماسيين والمبشرين الأوروبيين بتعزيز سلطة الباب العالي في كردستان، من خلال مؤسساتها الادارية لأن هذه المؤسسات حسب رأيهم ستساهم في تسهيل التغلغل الغربي في هذه البلاد أكثر من المباحثات مع الزعماء الأكراد.
فكان أن طلب مار شمعون عن طريق القنصل البريطاني في بغداد، المساعدة على شكل تدخل عسكري ضد الأكراد، وعده القنصل بفعل ما بوسعه ونصحه بتجنب العلانية المفرطة.
من جهته أفهم حاكم الموصل المنزعج من ارتباطات شمعون والمبشرين، الأمراء الأكراد اذا ما رغبوا في التنكيل بهؤلاء النسطوريين المخلصين جدا للفرنجة، وأبلغ الباب العالي عن أبنية المبشرين ووصفها بالقلاع المحصنة.
ان تسعير حالة العداء بين الأكراد والآشوريين كان من أولويات المهام التبشيرية للمنافسة الحادة على الآشوريين بين دولهم، مثلما تصرف المبشرون الأمريكان مع مبشري الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، على عزلهم عن الآشوريين وكان التبشير الأمريكي مجال النقد الانكليزي الذين أوحوا لمارشمعون بأن التفسير الأمريكي للمبادىء المسيحية حرفي ويؤسس لمذهب جديد ودائما كانت أكياس من الذهب تقوم بتفسير ما تعقد فهمه،كتب بيجر الانكليزي : لقد عملت على تعريف البطريرك على الفرق الكبير بيننا والأمريكان في مجال المذهب والقانون، كما يقول في رسالة وجهها الى جمعية نشر الكتاب المقدس : لقد سلب أمير هكاري الآشوريين استقلالهم واذا لم نقدم المساعدة في الوقت المناسب للسكان المسيحيين، سنراهم خاضعين كليا للبرلبرة الأكراد.
جاء نشاط بيجر هذا أثناء استعداد الأكراد السريع للانتفاضة ضد السيطرة العثمانية، فكان بدرخان بيك ينوي، بتوقيعه اتفاقات مع كبار أمراء الكرد، أن يجذب الى جانبه حلفاء جدد ومن ضمنهم مار شمعون. بذل المبشرون جهودهم الموحدة لتعقيد العلاقات الكردية الآشورية وعرقلوا جميع جهود أمراء الكرد، والمليك الآشوري التي كانت تدعوا الى حل الخلافات عن طريق المفاوضات....لكن للأسف وقعت أحداث مؤسفة راح ضحيتها العديد من السكان الأبرياء، من الآشوريين الذين حملوا السلاح ودافعوا ببسالة عن موقف بطريركهم، لكنهم، في واقع الأمر انهزموا أمام قوات الخصم المتفوقة للأمير الكردي. عن جليلي جليل تاريخ الامارات الكردية في الامبراطورية العثمانية.