أصداء

الحرب والسلام

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

العيون لا ترى بوضوح ، فليس للدخان نهاية، وهذا هو المراد، وليس الى الكلام من طريق بعد ان سدت القذائف الطريق الى الآذان، وصارت اذ ذاك علاقة وطيدة بين الاصبع والزناد علاقة اشبه بعلاقة الحك مع الجرب، ان تألف الذي يتذمر الناس منه هو المطلب الوحيد والشرط الذي ليس عنه محيص، المشهد الصاخب والخبر العاجل والتصريح بما يثير، لازمة لقصيدة الحرب الواحدة التي ليس فيها بيت قصيد، وليس هناك نقص اصلا بثقافة العنف لانها نضجت حتى احترقت ولكن يراد التركيز عليها اكثر فاكثر فاكثر مع ان هناك قدورا أخر لثقافات ناشئة ليس يطلبها احد لكنها تطبخ نفسها بنفسها.

كل شيء قابل للاحتراق الاّ ثقافة العنف والدمار لأن عشاقها لايستطيعون العيش بلا أزمة مزمنة تصلح لتطبيق مفردات تلك الثقافة المزعجة، انها تحرق كل شيء غير نفسها بل تزيد من كبر حجمها وضخامتها بحرق ما حولها وايضا بحرق عقول تفخر انها تحتويها!

هناك اصوات لولا اصوات القذائف لصمّت الآذان ، وتلك الثقافة دائما تشكرالقذيفة التي تجعل من تلك الاصوات بددا، وتجعل من الوجود حطبا ، هكذا يراد للعراق ، هذا هو مشهد العراق ، وهذه هي الخطوة الاولى من مشوار العراق الذي لم يتضح بعد لشدة سواد الدخان ولعلو صوت القذيفة ولانهيار الانسان الذي لا يدري أي اتجاه يسلك ؟

الكل من أمراء القتال ينادي بحرية العراقي وتوفير أمنه واستقراره والكل يعلن ان هدفه الانسان، وقد صدقوا حيث وفروا الامن والاستقرار من خلال الانتقال بالانسان العراقي الى الآخرة وهي خير له من الاولى، وايضا فان أمراء الحرب لم يخطئوا هدفهم (الانسان)، لم يخطئوه ولا برصاصة واحدة فضلا عن قذيفة طائشة.

كم رسم الشعراء صورا للحرب وأمرائها ولكن لم يرسموا ابدا كف طفل بتر على حين غفلة من لعبة يحبها ولم يصوروا ظفيرة طفلة سلبتها شظية زهوها الطفولي الذي يكرهه الامراء ، ولم يرسموا انحناءة شيخ تجاوز السبعين على اشلاء ولده الذي استهوته لعبة الحرب فراح يلهث وراءها دون ان يدري ان حكمة ابيه لا تتفق ولعبته المرعبة هذه !

ولم يصوروا ابدا انهيار سقف البيت بعد ان ملّ من الارتجاف عند مرور كل قذيفة بجانبه، صوروا فقط الامراء وادخلوهم التاريخ !

ترى الى اين ستنتهي تلك الصور التي اهملها الشعراء باولئك الامراء ؟

هل يعلم الامراء الذين يخوضون الحروب دائما باسم الشعب ان الشعب لايدري على ماذا يتقاتلون؟ وهل يعلمون ان الابرياء الذين يتحدثون باسمهم دون اجازة ينظرون اليهم نظرة الكره والاشمئزاز؟ نعم يعلمون ولكنهم حين يُسألون يقولون نقاتل من اجل الشعب! انهم يزعمون انهم يراعون الابجدية في السياسة والحاء قبل السين فالحرب اولا وعندما تنقضي الحرب ياتي السلام الذي فقد معناه بعد ان تلطخ بدماء الشعب ، ولكن ايضا عندما ياتي السلام بثوبه الاسود الحزين يقول الامراء انه ( سلام الشجعان ) أي انه لابد ان ياخذ صفة من صفات الحرب والامراء لايؤمنون بسلام مجرد ما لم يصطبخ بمخلفات الحرب الثقيلة.

سليم رسول

العراق – بغداد

Srh113@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف