لابدّ من تمتين التآخي العربي – الكردي!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في مواجهة الرياح العاتية: لابدّ من تمتين التآخي العربي – الكردي!
ثمة هجوم يومي-
للآسف- من قبل بعض الكتاب والمثقفين العرب ومنهم سوريون – بشكل خاص – على القيادات السياسية الكردية العراقية ، بدعوى وجود علاقات كردية مع إسرائيل (؟!)، وهذا ما ينسحب أيضاً على أكراد سوريا وإيران - حسب تقرير الصحفي هير ش في مجلة
نيويوركرالامريكية - ذي المصداقية من خلال وجهة نظر هؤلاء!-مما يحمل المزيد من الدلالات حول الوهن الذي أصاب جسم التآخي العربي – الكردي، وأضعف مقاومته لمثل هذه الحملات الرخيصة والغادرة ، في آن واحد ، والتي تستهدف نسف حيويته الثقافية، والاجتماعية ،والدينية ،وهي لا تزال تنبض بالحركة والحياة وقوة المناعة، عبر أوسع الوشائج التي عرفها، ويعرفها، تاريخ شعوب المنطقة إلى حد يمكننا معه القول: إن الأكراد والعرب ،ليشكلان – وفي ضوء جملة علاقات معروفة – محض وحدة حال في نظر الآخرين ،
إنطلاقاً من
تاريخهما المشترك في العهود الغابرة
،والراهنة ، أيضاً ، لولا بعض من
الغصّات والممارسات المسيئة ، من جانب الفكر
الشوفيني العربي ،وترجمته على أرض الواقع ، وبشكل خاص في العراق على أيدي المجرم صدام حسين وأتباعه...
والمدهش حقاً أن الحكومات والمنظمات في البلدان العربي ة ، تبذل جهوداً ملموسة ، لتحسين أدائها في التعامل مع الخارج ، إلا أنها تتجاهل أحد أهم عوامل القوة في تحقيق مسعاها ، أقصد ، ترميم ، وتعزيز ، وتمتين التآخي العربي – الكردي قبل كل شيء ؛ نظراً لما لها من أهمية في مواجهة التحديات ،والمصاعب ، والأوضاع الإقليمية المتأزمة. ولنا في قوة التآخي ، أمثلة ساطعة ،في طريق
تحقيق المنجزات العلمية ، والثقافية ،والعسكرية ،والسياسية ، وهي مسجلة في بطون كتب التاريخ العربي والإسلامي..
إن كل ما يجري في
العالم ، والمنطقة ، ليستوجب على الأشقاء العرب أولاً، وعلى الأكراد ثانياً ، القيام بوقفة مسؤولة ، وجادة
،لترميم علاقاتهم الأخوية ، وبما يستدعي ذلك من تسخير لطاقاتهم وهي كثيرة للدفاع عن المصير المشترك لأن الهجمة تستهدفنا معاً ، وليس من علاج لها سوى: صخرة التآخي العربي – الكردي في مواجهة الرياح العاتية المحدقة من كل حدب وصوب ، وهنا يحضرني قول للكاتب سعد البزّاز ، نشره في صحيفة الحياة بتاريخ
3/7/1997م (( أما الأكراد فإن أولوياتهم التي تستحق التعامل الإيجابي من جانب العرب ، فتتعلق قبل كل شيء بتفهم أولوية حق تقرير المصير الكردي ، وإذا سبق العرب سواهم في إدراك هذا الحق والإقرار به ، فإن التحالف العربي الكردي سيكون تلقائياً ، ويغلق أبواب التسلل على الآخرين الذين يتخذون من المسألة الكردية موضوعاً، وساحة عمل لإيذاء العرب، والكرد ، أيضاً )). واستطراداً، أقول: إن المراهنة على الدولتين تركيا وإيران في مواجهة الحالة الكردية ، هو إضعاف للدور العربي ،على صعيد المنطقة ،والعالم ، وهو ما سأفرد له مقالاً خاصاً في وقفة لاحقة...
إن ما يشوب العلاقة العربية الكردية بسبب الموقف العربي اللاّمبالي ( مع استثناءات قليلة ) من الحق وق الكردية ،و آلة الظلم التي تمارس بحقهم ، و من ثمّ بقاؤهم متفرجين ، وكأنّ الأمر لا يهمهم!، و أن ردود الفعل الكردية تجاه ذلك ، والتعامل الموضوعي
،من جانب أكراد العراق ، في درء مظالم ، وفاشية صدام حسين ، في حروبه الظالمة ، في الداخل ،والخارج ، وتداعياتها المعروفة.. ك ل ذلك ، لا يسوّغ عدم مبادرة الشعبين الشقيقين ،من خلال منظماتهم الأهلية ، والمدنية ، والسياسية ،والرسمية، بإصلاح ذات البين وإعادة الحيوية والدفء
،لأنجح تفاعل ثقافي ، وتاريخي ، وحضاري ، عمدت بالدم ، ووشائج القربى ،إلى حد الاندماج في مناطق كثيرة ، وهذا سيحدث من خلال أخذ العبرة من التاريخ
،والقدرة على استمرار التجدد الدائم
،في العلاقات بين الشعبين والحوار النقدي مع المتغيرات الجديدة ،وصولاً لما يختلج في نفوس أبنائهما ، من طموحات واسعة ، لبناء ما خرّبته الظروف ،والمحن ، ودسائس الأعداء ، ويقيناً ،إن مشكلتنا -نحن الأكراد والعرب- بدأت ، واستفحلت ، من جرّاء تهاوننا في مواجهة المقولات، والثقافات العنصرية ،التي أحدثت شروخاً بالغة في جدار التآخي العري – الكردي ، بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وما تلاها من أفكار قومية
شوفينية مستنسخة من الخارج ، وليس من صميم الضمائر الحية في داخل أوطاننا، حيث كانت القيم الأخلاقية والإنسانية السمحاء سائدة فيها..
أليس مفارقة ، وبالتالي، عبرة لنا ، أن تنقلب المعادلة فيصبح الأوروبيون ممن طردهم صلاح الدين الأيوبي من المنطقة دعاة رفع الظلم عن أحفاده من قبل جلاوزة صدام والطورانية التركية والشوفينية الفارسية؛ويتنكر لهم أشقاؤهم العرب في ذروة تعرضهم للظلم والتنكيل؟؟؟.. وتزداد الغرابة بأن يتخذ بعض المثقفين والساسة العرب، من الأكراد، إسرائيل ثانية في أدبياتهم مابعد الحداثوية ، بالاعتماد على مغالطة صحفية هنا- في ما لو كانت! - وتصرف هناك.....- في ما لو كان! - بالتوافق مع صحفيين
أتراك ، والتعامل مع كذبة هيرش ،كحقيقة، لا مجال للحوار والمناقشة ،حولها ، ويصبح جميع الأكراد متهمين بالعلاقة مع الموساد!!، وعلى الرغم من نفي
المسؤولين الأكراد ذلك ، ويتمّ
في المقابل - تجاهل العلاقات التركية الإسرائيلية!، وهي على حساب شعوب المنطقة جميعاً ، عرباً وأكراداً ، وغيرهم...
أجل، لقد كثر الحديث في الآونة
الأخيرة ،عن العلاقة الإسرائيلية الكردية ، ورد بعضهم بأن العواصم العربية تحتضن سفارات ، ومكاتب متنوعة لإسرائيل ، إلا أن المهم ، والثابت ، هو المزيد من البحث عن
القواسم والمعايير المشتركة ، والتي ستمكننا من التواصل، وتزودنا بالقيم والطروحات المطلوبة وبناء شعور الثقة بيننا ،أما المتغيرات، فهي ستكون مبنية على ذلك ، وعلى ضوء المصالح الاستراتيجية لكلا الشعبين. ولا أعتقد بأنه من المناسب، والأخلاقي، واحترام ميراث المواطنة، أن يلجأ مواطن لبناء علاقة مع دولة معادية كإسرائيل ، مع التنويه، بأن السلام معها من قبل العرب أصبح خياراً استراتيجياً، على صعيد المنطقة ، وليس من المنطق والعقل أن يصبح الأكراد في سوريا، أو العراق ،في قفص الاتهام ، على ضوء تقرير لصحفي ( أميركي ) مطعون المصداقية ،استقى معلوماته من الجهات التركية دون أي بينة أخرى،ويتم التغاضي وتجاهل معظم الحالة الكردية وتفاعلاتها الحميمية الأخوية مع القضايا العربية... أليس من الأجدى - إزاء كل ذلك -البحث في كيفية النهوض بالعلاقة العربية الكردية؛ وجعلها مرتكزاً استراتيجياً في مواجهة ما يجري حولنا؟.
عموماً ، ليس ثمة أسباب مقنعة، ووجيهة
أو أعذار يمكن قبولها، من أولئك الساعين لنسف التآخي العربي – الكردي سوى أن مثل هذا الجهد يصب في خانة أعداء الوطن، ويندرج في ذلك مسعى بعضهم، لنفي ما أكده السيد
رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد بوجود أي علاقة خارجية بأحداث
القامشلي المؤسفة في 12 آذار عام 2004م والمعروفة للجميع والسعي لعدم ترجمة موقفه الوطني من القومية الكردية في سوريا على ارض الواقع.
إن الواجب، والإنصاف يقتضي على المثقفين والسياسيين، وعلماء الاجتماع ، العرب والأكراد، ، بأن يردوا، ويرفعوا الصوت، دفاعاً عن التاريخ والثقافة المشتركة بين
الكرد والعرب وإدانة كل مامن شانه وضع العراقيل في طريق ذلك وعدم الدفع بها نحو الأمام ، وأن على السلطة في بلادنا ،أن تبادر لتصحيح مسار العلاقات الوطنية، وتعزيز التآخي الوطني والذي يشكل فيها الأكراد جزءا مهما بإجراءات ملموسة، تلغي نتائج السياسات التمييزية المتبعة بحق المواطنين الأكراد،...وإن الوقت لم يفت بعد للنهوض الوطني،
وتفعيل المشروع الإصلاحي للرئيس بشار الأسد، بإشراك كل القوميات، والأعراق والأديان بالاستراتيجية الوطنية
وليك ون وطننا سوريا القدوة في نموذج العلاقة العربية الكردية عل صعيد المنطقة ويشهد للرئيس الراحل حافظ الأسد بأنه وضع اللبنات الاولى في هذه المضمار.
وإذا كنت أميل إلى اللغة الهادئة في الحوار ، فذلك لأنني أعي كم أننا جمعياً مستهدفون معاً في هذه المرحلة المحرجة من تاريخ بلدنا ، وهو ما يريد أن يتناساه بعض – زرّاع الفتنة – ومؤجّجي نارها ، ولقد أفصح هؤلاء عن نواياهم ، وآن لمحاسبتهم ، والضرب على أيديهم ، تعزيزاً لإرث العلاقة التاريخية بين الشعبين العربي والكردي ، كي نكون بالتالي قادرين لمواجهة تحديات المرحلة.
عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا