عودة إلى موجة العنف - والإصرارعلى إجراء الإنتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في مقابلة هاتفية يوم الجمعة المصادف 17/9 مع المراسل الكندي سكوت تايلر الذي ذهب إلى مدينة تلعفر لتغطية الأحداث الأخيرة هناك، حيث تم اختطافه يوم 7/9 وتعذيبه على أيدي مختطفيه في مدينة تلعفر العراقية قبل ان يطلق سراحه مؤخرا، ذكر بأن الخطأ القاتل الذي ارتكبه هو عدم تصديقه بأن الشرطة العراقية المدربة أمريكيا لا يمكن الوثوق بولائها للنظام الجديد، وإن أعدادا لا يستهان بها تعمل وتنسق مع الإرهابيين!! وقد تيقن ولكن بعد فوات الأوان، ان إحدى السرايا والتي انيطت بها مهمة تدقيق وتفتيش من يدخل إلى مدينة تلعفر هي التي سلمته إلى المختطفين!! كما اكد هذا المراسل بأن المختطفين والمقاتلين في المدينة كانوا في الغالب من التركمان وينتمون إلى جماعة انصار الإسلام ويعتبرون بن لادن والزرقاوي أخوة لهم! كما يرتبطون بوشائج وعلاقات وثيقة مع جميع من يناهض التواجد الأمريكي في العراق كرديا كان ام عربيا.. وبالطبع فإن كان كل هذا التنسيق والتعاون بين كل هذه المجاميع والشرطة العراقية الحديثة يتم في مدينة صغيرة كتلعفر، فإن من الطبيعي ان ينسحب ذلك إلى كل المناطق التي تشهد اليوم موجات ساخنة من القتل والعنف والإختطاف..
ولا بد من الإقرار بأن إخفاق قوات الإحتلال من إحكام السيطرة على الحدود العراقية المستباحة ولحد هذه الساعة، والاعتماد في فرض الأمن والاستقرارعلى عناصر مرتشية وفاسدة من بقايا النظام السابق، وتفاوض السلطة مع الإرهابيين وتقديم التنازلات لهم، كما يحدث في البصرة والفلوجة وسامراء وفي مناطق عديدة، كل ذلك وغيره يقود بالضرورة إلى تعزيز وتقوية يد الإرهاب ويضعف من هيبة الدولة والاستهزاء بإجراءاتها، ويجهض تنفيذ برامجها وعملية إعادة البناء - وكما ذكر المراسل الكندي بأن المختطفين في تلعفر لهم علم مسبق بتحركات الشرطة والجيش، كما تصلهم معلومات من داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية بزمان ومكان شن القوات الأمريكية لهجومها، لأن لهم عيون وآذان في داخل معسكراتهم، وأعتقد بأنهم يقصدون المترجمين وغيرهم من العراقيين والعرب الذين يعملون مع قوات الإحتلال..
وفي ظل هذه الظروف الأمنية الصعبة يطلق بعض المسؤولين العراقيين التصريحات المتفائلة بضرورة إجراء الانتخابات، وكما صرح د. فؤاد معصوم بأن الانتخابات القادمة لن تكون نزيهة مئة في المئة!! مؤكدا أنه ستحدث مخالفات ومحاولات لعرقلة الاستعدادات وتعطيل التصويت..الخ واضاف بأن إجراء الانتخابات وبنسبة 60 بالمئة أفضل من عدم إجرائها!! وفي الوقت نفسه فإن د. علاوي رئيس الوزراء وفي مقابلة في قناة أي بي سي الأمريكية هذا الصباح الأحد 19/9، أشار إلى ان الحكومة العراقية لا تتفق مع تحليلات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA من ان العراق يسير باتجاه حرب أهلية إن استمرت الأوضاع الامنية بالتدهور الحاد كما تشهده العديد من مدن العراق اليوم..كما وإنه لم يكن متفائلا جدا من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.. مضيفا إلى أن العراق بحاجة إلى مساهمة أكبر من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تنفيذ هذه المهمة..
وقد صرح كذلك عدد من أتباع مقتدى الصدر بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها (مهما كانت الظروف)!! ولا ندري ماذا يقصد هؤلاء بذلك، هل يقصدون إجراءها تحت رحمة أسلحتهم وتهديداتهم وجرائمهم وإجراءاتهم التعسفية والتي تتعارض مع إجراءات الدولة العراقية وقوانينها، لكنها تتطابق بالهدف مع رفاقهم في الإرهاب في محافظات الأنبار وديالى وبغداد وكركوك والبصرة وصلاح الدين..الخ؟
ومن جانب آخر يطلق مسؤولون كبار في الأمم المتحدة تصريحات تشكك في إجراء عملية الانتخابات في الوقت الراهن، ناهيك عن نجاحها، وذلك بسبب تردي الأوضاع الأمنية في العديد من مدن ومحافظات القطر الرئيسية ومنها بغداد العاصمة، مما يضفي شكوكا إضافية على مدى نزاهة وشفافية النتائج التي ستتمخض عنها هذه العملية الإنتخابية، والتي يراد لها ان تكون انتخابات حرة وديمقراطية ويشارك بها الشعب العراقي دون وجل أو تهديد او حروب..
وإذا تصورنا حجم الخراب والأضرار التي سببتها هذه الأحداث الدامية على الدولة والمجتمع العراقي، والجرح ما زال ينزف ولا من مرهم شاف يلوح في الأفق، أرى، كما يرى غيري من العراقيين، أن موعد إجراء الإنتخابات العامة ليس مقدسا، ويمكن تاجيله لفترة محددة اخرى، ولحين ان تستعيد الدولة هيبتها وتفرض قوانينها وسيطرتها على جميع محافظات القطر.. فلقد عاش العراق في ظل دساتير وحكومات مؤقته لفترات طويلة جدا من تأريخه، فما هي المخاطر التي ستهدد العراق فيما لو أجلت الإنتخابات لستة شهور أو سنه مثلا؟ وعلى الرغم من إني أشدد على ضرورة إجراء الانتخابات العامة والتخلص نهائيا من الفترات الإنتقالية المشؤومة، والانتقال بالعراق وشعبه إلى شاطئ الديمقراطية والتعددية السياسية واحترام لحقوق الإنسان، إلا إني لا أجد أي مصلحة حقيقية للشعب العراقي بإجراء الانتخابات في ظل هذا الواقع المزري والذي لا يطاق، حيث أن قوات الإحتلال والحكومة المؤقتة عاجزان حاليا لهزيمة الإرهاب، وتأمين الحد الأدنى من حرية ونزاهة هذه الإنتخابات، وما يترتب على إجرائها من مهمات صعبه، مثل القيام بإحصاء سكاني للعراقيين في الداخل والخارج في ظل ظروف القتل العشوائي والإرهاب المنظم، وإصدار هويات جديدة وتامين سلامة المراقبين الدوليين، والمرشحين وحملاتهم الإنتخابية، والناخبين والدوائر الإنتخابية من عبث وتخريب وتهديد القوى الإرهابية..الخ فلا نريد أن (نصوم ونفطر بعد ذلك على جرّيه ) كما يقول المثل العراقي، ولكن ذلك لا يعني أيضا، أن يظل الصوم ديدنا!!