أصداء

كلهم بحبوا لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


لبنان هذا البلد الصغير الذي لا تتعدي مساحته مساحة مدينة متوسطة الحجم في أوروبا، لايزال الشغل الشاغل للكثيرين،
حتي ان أمريكا المتورطة من رأسها حتي أخمص قدميها في حروب خارجية، وحملات انتخابية وفضائح رئاسية، تركت كل هذا وراء ظهرها وذهبت برفقة فرنسا المنشغلة كلها ومعها شرق المتوسط بقضية الرهائن في العراق، الي مجلس الأمن الدولي من اجل استصدار قرار أممي (بطعم أمريكي) يفرض علي سوريا مغادرة لبنان. امريكا ومعها فرنسا واسرائيل واعوانهم داخل وخارج لبنان يريدون انتهاء الوجود السوري في لبنان سواء كان هذا الوجود شرعي او غير شرعي. مفيد او ضار، مقبول او مرفوض،محبوب او مكروه. لو كان الأمر مثلا يتعلق بالوجود الإسرائيلي ألاحتلالي غير الشرعي في مزارع شبعا حاليا أو في جنوب لبنان سابقاً، لما كانت أمريكا كلفت خاطرها الذهاب من اجل ذلك الي مجلس الأمن الدولي. وأمريكا استعملت الفيتو عشرات المرات ضد لبنان وفلسطين ولصالح اسرائيل. لكن الذي يحق لليهودي لا يحق للعربي، وما تناله إسرائيل من معاملة خاصة لا يمكن ان تناله اية دولة اخري في العالم، فكيف الحال اذا كانت تلك الدولة لبنان او سوريا أو سلطة الشعب الفلسطيني المظلوم. خرج مجلس الأمن الدولي بقرار بخصوص الوجود السوري والشرعية وسيادة الدولة اللبنانية، يحمل هذا القرار الرقم 1559 ويشير عبره مجلس الامن الي جميع قراراته السابقة بشأن لبنان، حيث يؤكد دعمه مج د دا لسلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دوليا.ومما فهمناه من القرار 1559 ان علي لبنان ان يحافظ علي دستوره وخاصة في الانتخابات القادمة، أي بلغة أوضح علي لبنان عدم تمديد ولاية الرئيس اميل لحود باعتبار أن ذلك مطلب يخدم سوريا وليس لبنان. لكن هذا الطلب بحد ذاته يعتبر تدخلا في شئون بلد عضو في الأمم المتحدة، و اتخاذ أي قرار رفضا للتدخل في شئون لبنان الداخلية يجب ان ينسق مع لبنان نفسه لا بين امريكا وفرنسا. وللتذكير ولا عجب ولا غرابة في ذلك فان دستور لبنان صناعة فرنسية قديمة، صناعة تقادمت، نعتقد انه آن الأوان لتجديده وتعريبه بشكل حضاري وديمقراطي مع الحفاظ علي الخصوصية اللبنانية التي تعتبر دقيقة جدا، حيث ان
تركيبة المجتمع اللبناني كريستالية طائفية.
لا ندري ان كان الذين ضغطوا لاتخاذ قرار يتدخل في شئون البلد الصغير قد فعلوا ذلك حرصا علي البلد من الشقيق الأكبر أم طمعا فيما تبقي من الكعكة اللبنانية.
ولهؤلاء مصالح في لبنان منها أن فرنسا تعتبره جزء من التاريخ الفرنسي المتقادم، ورغم عوامل النسيان وتراكم الأحداث إلا أن فرنسا لم تنس لبنان. أما أمريكا فهي تمثل بدورها المصالح الإسرائيلية وتستعجل طرد سوريا من لبنان وترتيبه علي كيفها لتحقق نبوءة موفاز بأن لبنان يسوف يكون الرقم ثلاثة بعد مصر والأردن في التطبيع وتوقيع معاهدات السلام.
أما اللبنانيون أنفسهم فهم منقسمون تماما فيما يتعلق بالوجود السوري علي أراضيهم مع العلم ان الشرعية اللبنانية تطالب بهذا الوجود. وفي تطور لاحق أعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط رفضه لفكرة الزعيم الشيعي السيد حسن نصرالله والتي دعت لاجراء استفتاء علي الوجود السوري في لبنان. واعتبر جنبلاط ان تلك الدعوة لا تتناسب والديمقراطية التوافقية اللبنانية حيث توجد في لبنان الأقليات المذهبية والطائفية.
واكد جنبلاط عدم استطاعة اللبنانيين القبول بالاستفتاء كحل لبعض المشاكل المصيرية. وكان جنبلاط يتحدث ولم يغب عن باله ابدا ان الطائفة الشيعية هي اكثر الطوائف تعدادا وانها حليف سوريا الأساسي في البلد، لذا جاءت جملته الشهيرة "الاستفتاء هو غلبة الأكثرية العددية علي الأقلية العددية لا أكثر ولا اقل". معروف أيضا ان جنبلاط ضد تمديد ولاية الرئيس لحود المدعوم بدوره بقوة من قبل سوريا. كما ان الدستور اللبناني لا ينص ولا يسمح باللجوء للاستفتاء او الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية. لكن مجلس النواب اللبناني صوت الأسبوع الماضي علي قرار تعديل الد ستور بما يسمح للرئيس اميل لحود البقاء رئيسا للبلاد وذلك عبر تمديد ولايته ثلاث سنوات اضافية. وبهذا التصويت رد لبنان علي امريكا وفرنسا والأمم المتحدة،معتبرا نفسه حرا في شئونه الداخلية وفي تعديل دستوره كما يريد.
مشكلة التركيبة الطائفية والمذهبية في لبنان مشكلة عويصة جدا، فالمسيحيون أقل عددا من المسلمين لكن رئاسة الدولة لهم ولهم مراكز اخري حساسة وهامة في البلد مثل قيادة الجيش والمخابرات. والشيعة اخذوا حقائب جديدة أضــــافية حسنت من مواقعهم علي حساب الآخرين. ولبنان كله مثل طائرة الركاب المصرية التي لم تستطع إيجاد مقعدين خاليين لجلوس راكب بدين لا يمكنه الجلوس في مقعد واحد، مما أدي في الختام إلي نزوله من الطائرة وإقلاعها بدونه بانتظار رحلة أخري.
كاتب من فلسطين يقيم في النرويج

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف