أصداء

قوى الظلام المنبثقة من الشر المطلق في مواجهة الثالوث المقدس

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


إن هجمات 11 أيلول هي لحظة تأسيسية دفعت الولايات المتحدة للنهوض من أجل محاربة "الإرهاب"، إنها تشبه بخطرها التاريخي الوقوف بوجه المد الشيوعي. هذه الأطروحة الشمولية العمياء لجورج بوش في الولايه الثانية أكدتها وزيرة خارجيته "المضللة" الكذابة كما وصفها أعضاء الكونغرس بشأن المعلومات عن العراق إستباقا للحرب عليه، حيث ومن جديد أكدت بإسم الديمقراطية قائلة:"سندعم الديموقراطية حيث يمكن لها أن تدعمنا وسنقاتل، باسمها، كل من يخالفنا..". إن ما لم يقله الرئيس صراحة في خطابه قالته وزيرة خارجيته عند استجوابها، لتثبيتها في منصبها المذكور، أمام لجان الكونغرس.
إن اعتماد السياسة المتصلبة لجورج بوش، قي ولايته الثانية، لن تنهي المسألة العراقية التي أوقع الشعب الأمريكي في وحولها، ذلك لأنها أعمق بكثير من أي قرار أو إجراء أمني يبقى على صفحات بيضاء، أو إستشارة ومعلومات لمنظر أمني أو سياسي أتى من وراء البحار، ولا يعرف خصوصيات الشعوب الأخرى ونظرتها إلى الديمقراطية والحرية والإستقلال.. بكل بساطة إنها مسألة تخص الصميم العراقي وخصوصياته. على الخط الأخر، إن قصف السفارات في شرق إفريقيا عام 1998، وضرب البارجة "كول" في اليمن كانت مؤشرا خطيرا لم تقف عنده تقارير الإستخبارات الأمريكية، أو تم تجاهل مخاطره ولم تعالج جذوره الحقيقية. لقد حاول قيصر الإرهاب الأمريكي المعروف "ريتشارد كلارك"، المنسق القومي لمكافحة الإرهاب في عهد بيل كلينتون، أن يحذر من الخطر الذي تمثله "القاعدة"، لكن مستشاري بوش قللوا من هذه الأهمية، وفي كانون الثاني 2001 طالب القيصر بعقد إجتماع عاجل للتباحث في أمر "القاعدة"، لكن طلبه لم يلق الإهتمام اللائق.. بعد ذلك لم تكن الحرب على أفغانستان إلا تنفيسا للإحتقان وللفشل الذريع في أجهزة الأمن والإستخبارات، ولم يلق القبض فيها على مسؤولي عناصر "القاعدة" بما فيهم "شيخ الإرهاب أسامة".
إن الرئيس الأمريكي دخل في "غينيس المتناقضات"، ولا زال مصرا على أن الحرب على العراق لم تكن خطأ أيضا، إنها تدخل من ضمن السياسة الوقائية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية التي تنظر للحرب على "الإرهاب"، وتستأصل جذوره التاريخية على حد زعمه، وهم بذلك سيجدون في "الثقافة الوطنية، والديمقراطية، وملفات حقوق الإنسان" قميص السياسة الأمريكية التي ستحمي "عثمان" ألأمريكي الفاشل في إدارة أزماته الداخلية والخارجية، إن هذا ما ترونه بكل بساطة في مشروع "الشرق الأوسط الجديد". إنها الخريطة الجديدة للأرهاب الفكري والثقافي والإقتصادي، فسارعوا إلى شد الأحزمة في الطريق إلى الشرق الأوسطي الجديد.. بعد الأن، لن يكون بالأمر الصعب إسقاط أي نظام في أي دولة، ذات سياة حسب مقتضيات ميثاق القانون الدولي الذي هي جزء منه، تحت حاجات ومبررات الأمن الداخلي للدول الأخرى سواء جاء بقرار من مجلس الأمن أو لم يأت كذلك.. (هذا ما حصل في العراق حيث سقط تحت ذريعتي وجود أسلحة الدمار الشامل، علاقة النظام العراقي مع تنظيم القاعدة، المحظور بعد تفجيرات 11 أيلول الأمريكية. ولاحقا تبين أن لا علاقة بين الطرفين، ولا وجود لأي أسلحة للدمار الشامل في العراق). إن كل الذي تبين لاحقا، أن الهدف الأميركي هو احتلال دولة متماسكة قوية ومؤثرة في مجالات كافة، وإن الخطة قد بدأت منذ حصار 1991 الجائر الذي يذهب ضحيته 25 ألف مواطن عراقي كل سنة منذ 1991 وحتى سقوط النظام العراقي (الإحصاء لمنظمة الصحة العالمية، والمنظمات الإنسانية الدولية الأخرى). ضف إلى ذلك، تحقيق ثلاتة أهداف رئيسية تعد ذات بعد إستراتيجي على صعيد العلاقات الأميريكية ـ "الإسرائيلية" وهي:
أ ـ السيطرة على سوق النفط العالمي، وعلى منابع النفط ومخزونها الإستراتيجي، بدءا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتى بلاد القوقاز مرورا بدول الخليج العربي، وتطويع دولها إقتصاديا وإرهاقها حتى تبقى خاضعة لمفاهيم الولايات المتحدة الأمريكية.
ب _ تغيير أنظمة الدول المذكورة، ومنها العراق، والتغلغل الإقتصادي والتجاري والثقافي. يبقى ذلك كله صعودا وهبوطا في السياسة قبل الحرب لتحقيق الهدف الأسمى في الإستراتيجية من أجل تثبيت "إسرائيل" سفيرا دائما وملاذا تقتدي به هذه الكيانات المهزومة من الداخل سياسيا واقتصادا وتجاريا وثقافيا.
ج _ التذرع بأن هذه الأنظمة تهدد الأمن الدولي، وخاصة أمن جيرانها. إن النظام الكويتي غالبا ما كان يشكو من النظام العراقي الذي لم يعترف بحدود "دولة الكويت"، وهدد دوما بالقضاء على الأسرة الحاكمة وإنهاء حكمها، باعتبار أن الكويت هي جزء لا يتجزأ من السيادة العراقية، وهو ولاية مسلوخة عن أصلها وتتبع لنظام الحماية الأجنبية (أكد ذلك صدام حسين بغزوه للكويت التي سببت حرب الخليج الأولى أو حرب تحرير الكويت). ضف إلى ذلك النزاع الإيراني ـ الاماراتي على الجزر النفطية الثلاث، وتحريكه بين الفترة والأخرى. أيضا، إستفزاز الجمهورية العربية السورية ومنعها من التدخل في الشؤون اللبنانية، واتهامها بعدم ضبط الحدود مع العراق كلما أزغلت القوات الأمريكية المحتلة للعراق في الفشل العسكري.
إن اللحظة التأسيسية التي دفعت بالولايات المتحدة للنهوض من أجل محاربة "الإرهاب" هي هجمات 11 أيلول، إنها تشبه بخطرها التاريخي الوقوف بوجه المد الشيوعي. هذه الهجمات دفعت كل الذين طالبوا بمهاجمة العراق منذ 1990 أمثال "بول ولفوفيتز" بأن يحققوا أمانيهم الغالية، وشاطره رد "ريتشارد كلارك" على هذه السياسة قائلا:"إن الدافع هو تحسين وضع إسرائيل الإستراتيجي بالقضاء على بلد عربي كبير ومعاد والحد من الإعتماد الأمريكي على النفط السعودي بخلق مصدر أخر للنفط موال وصديق". وعلقت على ذلك الكاتبة "ان نورتون" الأكاديمية المعروفة في جامعة "بنسلفانيا" بأنه "يمكن فهم هذه الأستراتيجية العليا التي وضع إطارها "بول ولفوفيتز" بعد 11 أيلول تنطوي على خطة للهجوم لا على العراق فحسب بل على سوريا وجنوب لبنان. ومن ثم تدشين أمريكا نظاما جديدا في الشرق الأوسط. وقد بنيت الخطة جغرافيا على أساس دور إسرائيل المركزي، بحيث يمكن أن تهاجم بصورة إستباقية أي دولة محيطة بإسرائيل من شأنها أن تشكل تهديدا لها"، جاء ذلك التعليق في كتابها "ليو شتراوس وسياسات الأمبروطورية الأمريكية".
إن جورج بوش ماض بما قد بدأه، وسياسة التصلب لا تشكل إلا مفتاح القيادة عنده، بل إنها تسير وبقوة أكبر في ولايته الثانية ضد ما يسميهم بـ "الإرهابيين"، وربما "العبقري" كاتب خطاباته "مايكل غوردن" قد يخرجه من ورطته الكلامية والهزأ الذي ورطه فية بتغيير أسلوب البذخ في محاكاة الخيال بالنظر إلى الأمور بجدية أكبر، وبخصوصية حيادية غير التي إعتاد عليها سابقا التي أوقعته في الكذب والتضليل والإزدراء والسخرية. وبرأيي قد تشتد هذه الضغوط المتوازية على كل أطراف "محور الشر" أو ما يعرف "الدول المارقة" تحت قيادة الطاقم الدبلوماسي الجديد بأمرة السيدة القوية "المضللة" كونداليسا رايس، أو "كوندي" كما يسميها رئيسها بوش. إنها المتعطشة لإشباع رغبتها بإثبات حضورها القوي كسيدة فوق الشبهات حسب المفهوم "الإسرائيلي" وليس القيصري في هذه المرة.. بإختصار شديد، إن "كوندي" ستناغم حضورها بمزيد من التصلب لتلاقي سيدها في الولاية الثانية، مؤكدة التشدد والحزم في مواجهة "الإرهاب" والدول "المارقة" وضد "قوى الظلام المنبثقة من الشر المطلق"، والتشدد في كل الأشكال التي لا تغضب أسيادها الإستراتيجيين في "إسرائيل"، يساعدها في ذلك فريق من المعتوهين كما وصفهم "توم فرانكس" في كتابه "جندي أمريكي" وكولن باول بـ "غستابو" أي الشرطة السرية الألمانية الهتلرية، أبرزهم صاحب الفضائح المتتالية "دوغلاس فايت" الذي ارتبط إسمه بتقرير 11 أيلول 2001 بتضليل الأمريكيين في رفع خطورة نظام صدام حسين ومدى علاقته بالقاعدة، وأيضا في تسريب معلومات متعلقة بإيران والعراق للجنة العلاقات الأمريكية ـ "الإسرائيلية" (أيباك) ومنها إلى الحكومة الإسرائيلية.. بكل بساطة، إنه الثالوث المقدس في السياسة الأمريكية "بوش، رايس، وإسرائيل"... بساطة أكثر، إنه الفخ المقدس في الولاية الثانية.
نضال القـادري، أوتاوا ـ كندا
كاتب وشاعر سوري قومي إجتماعي
nidalkadri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف