مقصلة أرغون وشتيرن وهاغانا وعلى السكين يا سلام!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لقد هالني قراءة مقال للكاتب والصحافي الفلسطيني المقيم في كندا السيد "أنورالحمايدة" تحت عنوان: "آن الأوان لسلام عربي اسرائيلي". المقال منشور في "إيلاف" بتاريخ 03/03/2005، لقد صعقت لدرجة أنني لم أبصر في حياتي أي مغتصب لأرض فلسطين من ذوي الميول والأطروحات المفرطة في المجاهرة والكذب والرياء والسلام مع الفلسطينيين ممن تكلموا بأسلوبه ومنطقه غير الواقعي وغير المتزن.. ربما تكون مبادرة جديدة منه للسلام في الشرق الأوسط، وأنا لا أتفق معها، لكن جاءت قراءته لها ببساطة مبسطة وكأنها مشروع خيري أو ما شابه ذلك، دون الركون إلى الصراع التاريخي القائم على حقنا في إسترجاع ما سلبته "إسرائيل" بالقوة من أرض فلسطين بقوة موازية وربما بالسلاح ذاتة، إذ يصبح إجحافا وتجن على القضية الفلسطينية ببعدها القومي أن تحصر بمفاوضات وتنازلات من أجل عدم إزهاق الأرواح أو لدواع إنسانية مجردة بعيدا عن حقيقة الصراع الجلية، فلا يمكن لأمة أن تنادي بموتها وتحضر كفن مستقبلها تحت وطأة الخوف والتخويف والرهاب على كافة أشكاله، فقوة الأمم مفتاح تقدمها ودرع حصانتها لحماية حقها في الوجود، ويحضرني قول المفكر أنطون سعادة:"إن القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره".
يقول السيد "الحمايدة" في مقاله:"لقد آن الاوان لأن يزيل الفلسطينيون والعرب من عقولهم فكرة إزالة اسرائيل من الوجود فمن المستحيل القضاء على شعب وكيان بالكامل...". نعم، أقول له إن ذلك صحيح جدا، لا يمكن أن نقتلع شعبا من أساسه وكيانا كاملا من أساسه، ولكن بطبيعة الحال سيكون الرد من أصل الإستفهام الذي تقدمت به أيها الكاتب!! أولم تقم دولة الإستعمار "إسرائيل" على أساس إغتصاب حق الغير وسلب حق الغير؟! هلم لنقرأ موجبات الإرهاب وحقيقته في عقيدة من تنادي لقيامة "السلام" معهم. ينطلق إرهاب وعنصرية "إسرائيل" والإستعمار الاستيطاني اليهودي من التعاليم التوراتية والتلمودية، والتي هي من حيث القدم تسبق بكثير جميع الحركات الإرهابية والعنصرية والاستيطانية التي ظهرت في تاريخ البشرية. فالتوراة والتلمود هما الكتابان "المقدسان" لدى اليهود، والولاء للدين هو الذي جمع بينهم في الماضي، ويجمع بينهم في الوقت الحاضر الولاء للدين والصهيونية والكيان "الإسرائيلي". إذ تحرّض التوراة أتباعها على إلقاء الخوف والرعب في نفوس الفلسطينيين كي يتركوا أرضهم وممتلكاتهم تحت وطأة الإرهاب والإبادة وسفك الدماء. وليس بغريب حاضر اليوم عن زمان الأمس بما تقوم به "إسرائيل"، إذ يأمر رب اليهود (يهوه) أتباعه بإرتكاب المجازر الجماعية وقتل الأطفال والنساء والرجال، وقطع الأشجار، وتخريب الزرع وحرق القرى والمدن ورفض الزواج المختلط والاندماج في الشعوب والأمم. كذلك تؤمن الصهيونية منذ نشأتها ويؤمن قادتها بأن الإرهاب والإبادة والإستيلاء بالقوة العسكرية على الأراضي والمياه والممتلكات والتفوق والنقاء العنصري جاء بأمر إلهي أولاً ومصلحة دنيوية ثانياً، لذلك أعطوا الإرهاب والعنصرية والإستعمار الإستيطاني صفة القداسة الدينية. وأصبح الإرهاب من أهم المرتكزات الأساسية لتحقيق المشروع الصهيوني وهذا ما يحدث بالتحديد في الهلال السوري الخصيب أو ما يعرف عندهم بمشروع "إسرائيل الكبرى".
لقد إختارت عصابات "الأرغون" و "شتيرن" و"الهاغانا" الإرهابية اليهودية عدداً كبيراً من القرى الفلسطينية لتكون النموذج العملي لتطبيق ما ورد من إرهاب وإبادة ووحشية في التعاليم التوراتية والتلمودية والأدبيات الصهيونية أداة للترحيل وإنجاح الاستعمار الاستيطاني اليهودي.. فكانت مذبحة "دير ياسين" (9 نيسان 1948) مثالا حيا شاهدا على ذلك، إذ أباد الإرهابيون اليهود جميع سكانها البالغ عددهم 279 شخصا. ولم يكن لبنان يوما خارج خارطة إرهابهم الحديث والقديم منه، إذ الإرهاب اليهودي تجاوز المذابح الجماعية في فلسطين وتجسّد في عدد من الحروب العدوانية التي أشعلتها "إسرائيل" كمجازر "قانا" و "صبرا وشاتيلا" التي راح ضحيتها 6 آلاف لاجئ فلسطيني أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ. فمنذ إعلانهم لدولتهم في العام 1948، والقتل مدرسة طبيعية في التفكير والممارسة، وليست سوى سلسلة متواصلة من المجازر والمذابح والحروب العدوانية والاعتداءات البرية والجوية والبحرية المتواصلة والتي تظهر يومياً بجلاء طبيعتها الإرهابية، فالمجزرة تلو المجزرة، والحرب تلو الحرب، والاغتيال تلو الاغتيال، والترحيل والاستيطان يسيران دوما على قدم وساق مما يؤكد طبيعة الصهيونية والكيان "الإسرائيلي" الإرهابية والعنصرية والاستعمارية.
يضيف السيد "أنور الحمايدة" في مقاله:" أليس غريبا أن تبقى علاقاتنا مع الاسرائليين مقطوعه لاحتلالهم الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي نفتح فيه أذرعنا الى السوريين ونعقد معهم الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والدبلوماسية وغيره من الاتفاقيات رغم رفضهم الانسحاب من الاراضي اللبنانية والانصياع لمطالب الشعب اللبناني الذي أصبح السوريين بالنسبة لهم هو العدو اللدود لا الاسرائيليين". ويقول أيضا:"السلطات الاسرائيلية تطلق بين الحين والاخر سراح بعض المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين في الوقت الذي تجهل فيه مئات من العائلات الفلسطينية واللبنانية مصير أبناءها في السجون السورية... لقد آن الاوان وكما قلت لأن نفكر بعقولنا ونمد أيدينا الى الاسرائليين وأن يمد الاسرائيليون أيديهم لنا لننعم بالسلام في ظل دولتان فلسطينية واسرائيلية"... في الرد على ذلك أنبري لأقول طبعا، إنه لغريب جدا أن تبقى علاقاتنا مع "إسرائيل" مقطوعه لاحتلالهم الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي نفتح فيه أذرعنا الى السوريين ونعقد معهم الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والدبلوماسية وغيره، ذلك لأن سوريا هي درع العروبة التي رفضت إحتلال الكويت وذهبت بقرار من الأمم المتحدة مع 30 دولة من حول العالم لإخراج القوات المسلحة العراقية من أرض الكويت، وهي التي لبت نداء الجامعة العربية ونداء رئيس الجمهورية اللبنانية رغبة بإنقاذ الطوائف المسيحية في لبنان في العام 1975 من فك المال الذي كان يغدق لتمويل جميع أطراف الحرب اللبنانية ولإنهاء سيطرة المنظمات الفلسطينية على القرار السياسي اللبناني وعلى الجغرافيا اللبنانية وحتى على كل شيء، وهي التي دافعت عن لبنان إبان الإجتياح العنصري الإستعماري اليهودي في العام 1982 وسقط جنودها على أرض لبنان من أجل إنقاض ما تبقى من الوطن الجريح.. فلماذا لا نطعنها في الظهر ثمن الوفاء والتضحيات ونمد يد العون لأعدائناـ أعداءها؟!!! غريب طرحك المبسط الساذج للأمور!! والأغرب طبعا، أن المقالة لم تأت على ذكر أسلوب "السلام" الإسرائيلي الذي تتوخاه، فهل تعلم أن "إسرائيل" هي أول دولة في العالم استعملت الطرود المتفجرة والشاحنات والسيارات المفخخة في أسواق الخضار والفنادق العربية في حيفا ويافا والقدس وبيروت؟! وأن اليهود إغتالوا الوزير البريطاني اللورد "موين" في مصر بطرد متفجر، والوسيط الدولي الكونت "برنادوت" في القدس (17أيلول1948)؟! وهي أول دولة في العالم تختطف طائرة مدنية سورية في العام 1954، وقامت بتفجير المراكز الثقافية للولايات المتحدة الأميركية في القاهرة والإسكندرية في العام 1955 التي عرفت بفضيحة "لافون"(وزير الحرب الإسرائيلي)، وخططت وقامت بتدبير إلقاء القبض على زعيم الحزب السوري القومي الإجتماعي "أنطون سعادة" بسورية في تموز من العام 1949 وسلمته لبشارة الخوري ورياض الصلح من أجل إعدامه والتخلص من فكرة الأمة السورية التي هي الرد الطبيعي والخطة العكسية للرد على المشروع الصهيوني... ولم تكن الدول كما الأفراد بمنأى عن إرهابهم إذ اختطف جهاز "الموساد" سرا في الليل من المرفأ الفرنسي "شيربورغ" سفنا حربية كانت باريس قد احتجزتها، وقرصنت سفينة يورانيوم لكي تستطيع صنع قنبلتها النووية الأولى. وأيضا، إغتالت المقدم في الجيش المصري "مصطفى حافظ" في 13 تموز 1956 في غزة، وكذلك الملحق العسكري المصري "صلاح مصطفى" بطردين متفجرين في العاصمة عمان (14 تموز1956)، وخمسة علماء ذرة مصريين بطردين متفجرين في تشرين الثاني 1962 في القاهرة، وستة من العلماء الألمان في مصر في عامي 1962 و1963، وأحرقت (15) طائرة مدنية لبنانية في إغارة على مطار بيروت في العام 1968، وأغارت على منطقة "ميسلون" بسورية في العام 1969، وارتكبت مجزرة "مصانع أبي زعبل" ومجزرة أطفال مدرسة "بحر البقر" بمصر في العام 1970، واغتالت الأديب "غسان كنفاني" بواسطة سيارة ملغومة (8 تموز 1972)، وأيضا إغتالت في بيروت "كمال ناصر" و "محمد النجار" و "كمال عدوان" في العام 1973. ودمرت مفاعل "تموز" النووي ومقر منظمة التحرير في تونس عام 1985. و فجرت في العام 1982 أحد قادة فتح "ماجد أبو شرار" في غرفته بفندق في روما، وكان عملاء الموساد يقفون وراء تلك المجموعة السرية التي تسمي نفسها (منظمة تحرير لبنان من الاجانب) والتي أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات بالقنابل في لبنان وسوريا. وإغتالت "خليل الوزير" بتونس في نيسان 1988، ولم يسلم المناضل "فتحي الشقاقي" بمالطة في العام 1995، وسيد الشهداء "راغب حرب"، وسيد المقاومة الإسلامية "عباس الموسوي" أمين عام حزب اللة، والنائب والوزير اللبناني "إيلي حبيقة"، والمقاوم اللبناني "غالب عوالي"، والشيخ الكفيف "أحمد ياسين"، والمجاهد "عبدالعزيز الرنتيسي"، والقائد "أحمد عياش" وغيرهم..(الأسماء أتت على سبيل المثال لا الحصر، وأعتذر عن إكمال لائحة الضحايا السابقين ورحم الله اللاحقين منكم!!! وهنا أنبري لأستعجل السؤال متسائلا من قتل "رفيق الحريري"؟؟؟ الجواب: هو نفسه من أردى كل هؤلاء ـ "إسرائيل شر مطلق"، وأقول: "شر البلية ما يضحك"!! و "شر الجهل ما يقلق"؟! و "حماري الذي أصعدوه إلى رأس المئذنة بريء إلى يوم الدين"!! أّمين.
يضيف السيد "أنور الحمايدة" في مقاله:"أولى على السوريين حماية أراضيهم واستعادة قراهم المحتلة بدلا من التحجج بأن وجودهم على الاراضي اللبنانية هو لحماية لبنان من الاسرائليين فقد أثبتت الايام أنه بالامكان استعادة الاراضي المحتلة من الاسرائليين من خلال توقيع اتفاقيات سلام مع الاسرائيليين وأكبر مثال على ذلك اتفقيات السلام الموقعة بين مصر واسرائيل والتي بموجبها استعادت مصر أراضيها التي لم تستطع استرجاعها خلال الحروب الماضية"... أقول نعم، لقد أثبتت الايام أنه بالامكان استعادة الاراضي المحتلة من الاسرائليين من خلال توقيع اتفاقيات سلام معهم، لكن يا عزيزي ستبقى الإتفاقات حبرا على ورق أحلامهم ولن تدخل موضع التنفيذ إلى أبد نحن فيه أحياء على قيد الحياة، وبعض اللأهثين إلى سلامهم أموات على قيد الجهل في الحياة. إن الإرهاب صفة تلازمهم ولماذا لا تكون القوة قولا فاصلا في إثبات وذودا عنه؟! ألم تكن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية مثالا يحتذى ومجالا صالحا للتباهي وحشد طاقات الأمة كلها لمقارعة عدونا في ديننا وأرضنا وحقنا في الحياة؟! وذلك حصل من دون تسويات ومن دون سلام ومن دون ضمانات لهم. إن قادة "إسرائيل" وعملاء الموساد يفتخرون بممارستهم للإرهاب تجاه العالم بشكل علني ووقح، حيث رد الإرهابي "إسحق شامير" خلال انعقاد "مؤتمر مدريد للسلام" (العادل والشامل) في العام 1991 على عرض ملصق يحمل صورته، كانت قد وزعته حكومة الانتداب البريطاني في السابق وكتب تحت صورته: "مطلوب حياً أو ميتاً"، فقال: "سموني إرهابياً، سموني وطنياً، لولا الإرهاب لما قامت إسرائيل." يشجع التخاذل العربي العميق والصمت الأوروبي العقيم، ودفاع الرئيس الأميركي "جورج بوش"، وكل أسلافه على ممارسة "إسرائيل" للإرهاب والإبادة واعتباره حربا دفاعية مشرعة دفاعاً عن النفس، استمرار الحروب العدوانية والاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي، مما يعرض أمن واستقرار وحياة ومنجزات شعب الهلال السوري الخصيب وبخاصة لبنان والشام منهما.
وللتذكير، إن مركز الثقل لنشاطات "الموساد" الخارجية بلا شك هي البلدان العربية. ومن أهم هذه البلدان المستهدفة "الشام" التي تحتل مركز الصدارة في عملية "السلام" بالشرق الأوسط. أما الموقع التنسيقي المعتبر لنشاطات "الموساد" الموجهة ضدها فهو (فرانكفورت، بالتحديد في مدينة صغيرة في أم ماين)، بالقرب من حاضرة الراين ـ "ماين" هذه يقيم الكادر السري للإخوان المسلمين المعادين للنظام البعثي السوري الحالي كما السابق، ومن هناك تصدر بإنتظام مجلتهم باللغة العربية وباللغة الألمانية أحيانا. والجدير ذكره، أنه حتى العام 1980 كان يسحب الترخيص من أي صحفي "إسرائيلي" أو عامل في نطاق سيطرتهم إذا أقدم على نشر أسماء رؤساء "الموساد" أو حتى أن المرء في "إسرائيل" بالكاد يقر بشيء أو ينتقد أو يكشف النقاب عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، و هذا الحجاب الأسود من الصمت ساهم في تكوين الأسطورة حول جهازهم، وقد أصاب "مناحم بيغن" عندما عبر عن ذلك بقوله: "في شؤون الجاسوسية، كما في الحرب، تكون أسطورة النجاح بحد ذاتها عاملا للنجاح"، وهذه الأساطير تحديدا مرتبطة بالسرية المطلقة، إن لم تكن صغائر الأسرار.
السيد "أنور الحمايدة"، إن الجاسوسية والحرب والإرهاب والإستعمار كانت وراء إقتلاعنا من أرض فلسطين التي نحبها ـ والتي يحبها الأديب المقتول برصاصهم أيضا غسان كنفاني (تذكر كتابه عائد إلى حيفا) ـ وما حكاية "السلام" المزعومة إلا بدعة لم نخترعها نحن، إنها وليدة الإرهاب المنظم لقتل الحياة فينا.. ولا أبالغ في قولي عما لنا يضمرون: "إعمل لدنياك في يمناك، وأقتلهم في يسراك كأنك تعيش أبد الدهر".. هذا هو النجاح، وما "السلام الذي أّن أوانه مع إسرائيل"، إلا الأسطورة المهلكة في الزمن الرديء الفاسد.
* ردا على الكاتب الفلسطيني المقيم في كندا الأستاذ أنور الحمايدة لمقاله المنشور تحت عنوان:"آن الاوان لسلام عربي اسرائيلي".
* للمزيد إضغط على الرابط التالي: http://www.elaph.com/AsdaElaph/2005/3/45062.htm
نضال القـادري
شاعر وكاتب – مجاز في الحقوق
أوتاوا – كندا، في 06/03/2005
nidalkadri@hotmail.com