أيها العراقيون اثاركم في المزاد الهولندي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أيها العراقيون..
السيد رئيس الوزراء العراقي المحترم..
السيد وزير الثقافة المحترم..
الآثار العراقية تعرض رخيصة في المزاد الهولندي..
عذرا..ولكني أجد ان هذه الكلمات تصلح تحيةً بيننا.. فلا وقت لمن يخبر عن كارثة ان يلقي سلاما وتحيات!..
أيها السادة الأفاضل.. آثارنا في المزاد الهولندي..
سأستعيض بهذه الصرخة عن التحية والسلام،فو الله لو أنكم رأيتم ما رأته عيني لما قرّ لكم راجف عين ولأخبرتم كل مسؤول عن هذا قبل إلقاء السلام..وأين هو السلام وقد تناهبتنا الأيادي من كلّ حدب وصوب.. أقول قولي هذا لكم في محبة العراق، وللحق.. لا أعرف من أخاطب؟،هل أخاطب الحكومة المؤقتة،لتطوى حكايتي ضمن ملفات عتيقة كثيرة؟. أم أخاطب الحكومة الجديدة، لتدعي إني من ضمن من يشاغلوها عن أشياء أهم في هذه المرحلة؟!.
ليكن خطابي هذا موجها لكل عراقي شريف، في السابقين واللاحقين.. ولأعرض بين يديكم قضية في غاية ما تكون الأهمية لأنها تتعلق بتاريخ العراق الذي ليس ملكٌ للعراقيين وحدهم بل للإنسانية جمعاء،وها هو يتعرض للضياع المنظم بدءاً من إتجار أركان النظام السابق بالكثير منه،وتهريبه عبر شبكات تبدأ حلقاتها بساجدة طلفاح المسؤولة بعد عدي عن نهب الآثار والاتجار بها،و التي شوهدت من على شاشة التلفاز وهي ترتدي قلادة الملكة شبعاد ذات احتفال.
السادة الاكارم..
كان هجوم قوات التحالف- التي لم تحسب حسابا لحماية الآثار العراقية وتركتها مستباحة لأسابيع- سببا رئيس في ضياع مقتنيات المتاحف العراقية قاطبة وإهدارها بشكل مهين. ولشديد الأسف كان دور اليونيسكو دورا باهتا في متابعة هذا الشأن في ما أصدرته على استحياء وخوف من توصيات بقيت قيد الحبر والورق.
قبل أيام شاهدت برنامجا تلفزيونيا عرضته القناة الهولندية (ِِAVRO) يهتم بالمزاد العلني والتحفيات النادرة..في البرنامج يظهر شخص هولندي تسأله الخبيرة عما يود بيعه أو معرفة سعره فيشير الى طاولة عليها قطع أثرية وهو يقول: (اشتريت هذه القطع الأثرية عندما كنت جنديا مع القوات الهولندية في العراق،ودفعت بهذين القطعتين عشرة دولارات فقط)..
الخبيرة تتحدث عن تاريخ القطعة الأولى، وهي تمثل شكل سلحفاة حجرية تعود الى الألف الثاني قبل الميلاد،وتثمّنها بثمن بخس (مئات اليوروات فقط..يا للضحك المؤلم).. وعن القطعة الثانية تتحدث لتذكر تاريخاً يعود الى الآشوريين حيث صورة ملك او رجل مهم منحوتة على قطعة مربعة، وتثمنها بمبلغ 1500 يورو وهي تقول له: لقد أحسنت في شراء هذه التحف النادرة!!.
أحتفظُ بشريط فيديو كامل يظهر هذه التفاصيل،محاولا ترجمته في مكتب محلّف لتقديمه الى محكمة عراقية لرفع قضية بالأمر،ستكون متزامنة مع قضية أخرى في محكمة هولندية هنا.
السادة الكرام..
أذكركم بقرار مجلس الأمن رقم 1483 والفقرة المتعلقة بحماية التراث العراقي حيث يحمي جزئه السابع التراث العراقي في حظر تدوال الممتلكات التراثية أو الثقافية أو الحضارية أو التاريخية أو الأثرية أو الدينية العراقية المأخوذة بشكل غير قانوني من المتحف الوطني العراقي أو المكتبة الوطنية أو أماكن أخرى. والذي يحمّل في نصّه دول التحالف المسؤولية الكاملة عن كل ما حصل ويحصل في هذا الشأن. وهو أمر طالما كتبنا عنه وكررناه برسائل سابقة كنت من بين من أرسلوها لمجلس الحكم السابق تتعلق بمتابعة الآثار العراقية وملاحقة المتاجرين بها وتقديمهم للعدالة. كذلك رسالة كنت قد نظّمت لها حملة تواقيع موجهة الى البروفسور جون م بروسل الذي استقدمته قوات التحالف كمستشار لوزارة الثقافة العراقية. وضاعت الكثير من الجهود في روتين "وضع آلية عمل دقيق لمشروع وزارة الخارجية الأمريكية لتقييم و دراسة وضع المتاحف والتوثيق للمفقودات ومتابعتها!!!!!"..
وضاعت أيضا في لا مسؤولية وفوضى الإدارة التي استمرت لأشهر طويلة اذ لم تهتم جهة عراقية في وزارة الثقافة بنشر النسخة الحمراء التي اعتمدها المركز الدولي للمتاحف لنجدة الآثار العراقية حيث يحتفظ هذا المركز بملايين الصور المطلوبة.وهذه النسخة مصممة لمساعدة موظف الجمارك والمتاجرين بالقطع الفنية بشكل رسمي في الدول الأخرى بالتعرف على القطع القادمة من العراق. لقد ضيّعت الحكومة السابقة فرصة وضع هذه النسخة على الانترنت او نشرها في الصحف العراقية او في مطبوع خاص. فهذه القائمة تضع وصفا للقطع الفنية ومن خلاله يمكن التعرف على هذه الآثار و مصادرتها.
المأساة ان أكثر هذه القطع عبرت القارات دون المرور بجمارك أي بلد لأنها انتقلت في طائرات كانت معدّة لنقل جنود الاحتلال. وإذا افترضنا ان عدد هذه القوات التي انسحبت او تبادلت المواقع مئة ألف لحد الآن فهذا يعني عبور مئات الآلاف من القطع الأثرية. وهنا لا أحبذ مغادرة هذه القوات او جلائها وخروجها من العراق على هذه الصورة.
السادة الأعزاء..
يوم عيّنت قوات الاحتلال السفير الإيطالي باياترو كوردوني ليتولى مهام وزير الثقافة في الإدارة المؤقتة في العراق صرّح على ان أول معرض لـ" كنوز نمرود" الآشورية التي تضم مجموعة هائلة من المجوهرات تعود الى القرن الثامن قبل الميلاد، سينظم في الولايات المتحدة.
هل تم المعرض؟. أين انتهى الأمر بالكثير من القطع الأثرية التي كانت في حماية هذه القوات؟.
ان لمرور اسم هذا الوزير المفترض "الإيطالي" العراقي في موضوعة الآثار العراقية جعلني ارتعب لذكرى مُحتل آخر هو موسوليني الذي شغفته الآثار حبا حتى سلب من اثيوبيا مسلة هائلة يبلغ وزنها 180 طن ليضعها في قلب روما، ولا زالت قائمة الى الآن، كمحور خلاف دبلوماسي بين البلدين، اذ ترفض روما منذ عام 1945 طلب أديس أبابا بإعادتها.
مضى الوزير باياترو كوردوني فيمن مضوا،وضاعت أخبار الآثار،بل لم يعد من خبر يمرّ على الذاكرة التاريخية لهذا البلد كي يحصي تعافيها.
السادة الكرام..
ان الملفات الغامضة التي خلّفها بريمر لابد من إضافة ملف الآثار لها الآن، فحتى مجلس الشيوخ الأمريكي لم يجز قانون حماية الآثار العراقية الإ بعد مرور سنة على الاحتلال.ولابد من التعجيل بفتح تحقيقات جادة بعيدا عن قوات الاحتلال. تحقيقات تشرف عليها الحكومة العراقية،وتخاطب عبرها الهيئات والمؤسسات الدولية لتفعيل قراراتها السابقة والمتعلق منها بحماية الآثار العراقية، وتحديد المسؤولية الفعلية عن فقدانها وتلفها.
ولتكن هذه خطوة أولى لجمع آثارنا من شتاتها في البلدان،ففي بريطانيا لوحدها يوجد آلاف القطع الأثرية من كنوز مابين النهرين،والتي كانت مصدرا سياحيا هاما درّ على لندن اموالا طائلا واسما مرموقا كقبلة فنية وأثرية. ان النظر الى هذا الأمر بعين الحسابات الدقيقة يجعل من الموجبات على أي حكومة عراقية قادمة المطالبة بالتعويض عن كل هذه السنوات حتى إعادة هذه الآثار واستحصال التعويضات عن كل ما مضى من الوقت.
أخيرا فستبقى موضوعة استعادة هذه الآثار مثار جدل كبير،فالخوف عليها بحجة عدم توفر شروط الأمان والحماية في العراق، ليست سببا كافيا في عراق مستقبلي قريب، هل سأنتمي الى القائلين بنظرية المؤامرة،هنا تحديدا، اذ لا أجد بريطانيا العظمى بكل ثقل الآثار العراقية فيها ستصنع مثل هذا الأمن والاستقرار بجعل مدن الجنوب مؤمنة ومحمية حدّ استقبال الآثار لإقامة متحف العراق على أرضه؟!.
هل سيبقى موضوع الأمن كعب أخيل في محنة الآثار العراقية المغتربة؟.
لكن الأمن قادم لا محالة،و وقتها ستكون أور أول مزار وأكثر مزارات الأرض استقبالا للوافدين.
السيد رئيس الوزراء العراقي..
السيد وزير الثقافة..
ربما تبدو موضوعة الآثار العراقية كجزيئة بسيطة في جدول أعمالكم القادم،لكني اتيقّن من إنها ستصنع مجد العراق وتعيده الى حواضر الرفاه والاستقرار.
أيها الأخوة أنبئوني..هل بلّغت؟.