مهاجمة عودة الأقباط للحياة السياسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"وبمن أشبه هذا الجيل. يشبه أولاداً جالسين في الأسواق ينادون إلي أصحابهم ويقولون زمرنا لكم فلم ترقصوا. نحنا لكم فلم تلطموا " أنجيل القديس متى 11 : 17
هذا القول للسيد المسيح ينطبق على ما جاء في بعض المقالات (على سبيل المثال لمحمد طرابيه في جريدة الميدان بتاريخ 3 مارس 2005) والتي تعبر عن الواقع المر الجديد الذي يواجهه الأقباط في المحروسة بخصوص عودتهم للمشاركة في الحياة السياسية مع بوادر انفراج في الحياة الديمقراطية، خاصة بعد الخطاب الأخير للرئيس حسني مبارك.
فلقد كتب العشرات من الكتاب سواء من المتأسلمين والوصوليين من الأقباط يلومون على الشعب القبطي سلبيته وانسحابه من المشاركة في الحياة السياسية وترك مصيرهم بيد قادة الكنيسة، ولم يتورعوا هؤلاء الكتاب عن مهاجمتها ونقدها ونسج مؤامرة للوقيعة بين الأقباط والكنيسة.
لكن يبدوا أن هؤلاء لم يتوقعوا أن مع الانحسار النسبي للدكتاتورية السلطوية الحالية وبداية انفراج في الحياة السياسية والمشاركة الشعبية في حياة ديمقراطية قريبة، أن يبادر الأقباط بالإقبال على الحياة السياسية الجديدة ومساهمتهم في حركة المطالبة بالتغيير جنباً إلي جنب مع إخوانهم المسلمين.
وهنا طغت الحقيقة المزيفة على الواقع وبدأت تظهر خيوط مؤامرة جديدة ضد هذه الظاهرة اللافتة للنظر لدي المتطرفين والمتأسلمين ومحاولة إيجاد ذريعة وفتنة من نوع جديد وهي أن الأقباط يحاولون السيطرة على حزب "الغد" الذين وجدوا فيه باباً مفتوحاً يتجاوب مع مطالبهم الشعبية، بغض النظر عن انتمائهم الديني. وبما أن المشتغلين في الصحافة الصفراء لهم من الخيال الواسع ما لا حد له وخاصة عقدتهم النفسية والتي جرت العادة على تسميتها "عقدة المؤامرة"، فتركوا خيالهم يصورا لهم أن الدكتورة منى مكرم عبيد، سكرتيرة الحزب، تخطط لمؤامرة مع الأقباط للاستيلاء على الحزب وتحويله لحزب قبطي، والهدف من كل هذا ترويع الأقباط من ناحية، وتدمير حزب "الغد" من ناحية أخرى. وهي النغمة السائدة حالياً على كل حدث نمر به، نجد وجوب حتمية أن نلقي على أمريكا وإسرائيل أنهم وراء المؤامرة (ويا للعجب أننا لا نخطئ أبدا). ومن الواضح أن محتوى هذه المقالة يتماشي مع توجهات سياسة الحزب الحاكم من ناحية، ومع الأحزاب الأخرى المسيطر عليها التيارات الإسلامية المتشددة من ناحية أخرى.
فهل سيكون رد الفعل من قبل هؤلاء الذين لاموا الأقباط بالانسحاب من الحياة السياسية بنفس القوة كما فعلوا أثناء "مشكلة وفاء قسطنطين" ؟ هل سيقومون بالرد على الذين بدءوا بترويع الأقباط لكي ينسحبوا مرة أخرى من الحياة السياسية وتشجيع الأقباط على البقاء والقيام بدورهم كمصريين في الحياة السياسية كما كان حالهم قبل ثورة العسكر حتى لا تستمر سياسة انتهاك حقوقهم الوطنية والمدنية والدينية كما هو الحال حتى الآن؟ أم سوف ينطبق على هؤلاء الكتاب من المسلمين والوصوليين من الأقباط ما قاله السيد المسيح في الآية المكتوبة أعلى هذه المقالة!
دكتور وحيد حسب الله
دكتور في العلوم اللاهوتية
باحث بمرصد الأديان بجامعة لوزان – سويسرا
waheed@urbanet.ch