أصداء

النانوتكنولوجي والعرب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


يمكن اعتبار النانو تكنولوجي وصف لفعاليات على المستوى الذري والجزيئي لاستعمالات في الواقع العملي. وكلمة " النانوميتر" هي وحدة قياسية لوصف وحدة من المتر المقسم الى مليار جزء، او حوالي 1/ 80،000 من قطر شعرة الرأس او عشرة مرات قطر ذرة الهايدروجين.

التقدم والابحاث في هذا الموضوع جارية في كل من الدول الاوربية واليابان والولايات المتحدة، وان ما تقرره قوانين تلك الدول او يقوم بها علمائهم هو الذي يسري مفعوله على الدول العربية ان شئنا ام ابينا، لسبب بسيط واحد هو ليس هنالك معهد لمثل هذه الابحاث يمكن المشاركة في الندوات و المناقشات حول الانعكاسات الناتجة من هذه التكنولوجيا الحديثة و التي تجري على قدم وساق في تلك البلدان.

من اوائل المنادين باستغلال التطبيقات النانوتكنولوجية في الحياة العملية هو الاستاذ البيرت فرانك الذي عرف التقنية الجديدة ب" الحقل التكنولوجي والعلمي الذيتلعب فيه المقياييس و التفاوت المسموح بها في حدود 0.1 -
100 نانوميتر الدور الحرج". ولهذا نجد ضرورة شمول اجهزة الدقة الهندسية والاليكترونكس والاليكتروميكانيكية في مثل هذه الصناعة ( على شكل مختبر داخل رقاقة اليكترونية) اضافة الى شمول العلوم الاخرى كألتطبيقات في الطب في المجالات المتعددة مثل الادوية الجينية، وتوصيل الدواء لاجهزة الجسم المختلفة واساليب اكتشاف الادوية.

لقد تعددت الاصطلاحات والمسميات التي يمكن استعمالها بحيث قد تبدو وكأنها لغة جديدةبسبب الانفتاح في عالم الاحتمالات فعلى سبيل المثال هنالك طريقان اساسيان مختلفان الى النانوتكنولوجي لوصفهم بيانيا الاول يدعى ( من فوق لتحت) والاخر (من تحت لفوق). والاول يصف طريقة الوصول الى تلك الاجزاء الصغيرة عن طريق استغلال المكائن والالات التقليدية كاسلوب الخرط ( ( Etching Techniques بينما يطلق التعبير الثاني على بناء مركبات عضوية و لا عضوية ذرة بذرة او جزيئة بجزيئة ويعرف ايضا بالنانوتكنولوجي الجزيئي. ويمكننا اعتبار كلى الطريقتان مقياس الى مستوى التقدم في هذا الموضوع. على ان المتعارف عليه في الوقت الحاضر هو ان الطريقة الاولى (اي من فوق لتحت) والتي تعتبر طريقة بدائية هي الطريقة السائدة.

ان الاكتشاف الحديث في مجال الهيكل الجزيئي السريع الدوران قد يعلن عن بداية اختراق مفاجئ في مجال النانوتكنولوجي بالطريقة الثانية ( من تحت لفوق) حيث قد يكون بمثابة الكأس السحري لتوليد الطاقة والسيطرة على الحركة على المستوى الجزيئي بما في ذلك من تطبيقات في مجالات الطب والمعلومات.

ومن مزايا البحث والتطوير في مجال ا لنانوتكنولوجي كونه مجال متعدد الجوانب ولكنه متوحد في الحاجة الى مشاركة في معرفة استعمال اللالات والتقنية اضافة الى الالمام بمعلومات الفيزياء المؤثرة في تفاعلات جزيئات وذرات المواد المستخدمة. فعلماء العناصر والمهندسين الكهربائيين والميكانيكيين يقومون بتأليف الفرق المشاركة مع الباحثين في مجالات الطب والبايولوجيين والفيزيائيين والكيميائيين لاستعمالات الالات والتقنيات.

ان الحاجز بين الانسان والآلة قد يكون واهيا باقل من وهي خيط العنكبوت، ويذهب بعض العلماء الى ابعد من ذلك حيث يصورون ذلك الحاجز بخيط برقة لولب الدي أن أي - -DNA فكلما صغرت اجهزة الكومبيوتر والمعدات الجراحية وخطوط الاتصالات كلما تقدمنا الى الخطوة الاخرى نحو هندسة التحام الجزيئات البايولوجية والميكانيكية وصناعة مكائن متناهية في صغرها. ان حدوث مثل هذا التطور سيأتي بواسطة طرق مختلفة ولكن جميعها ستثير قضايا وامور جديدة لم تكن في الحسبان.

فلاول مرة بدأنا نرى شاكلة الحياة على هيئة نظام جزيئي و هذا يعني ان الفيروسات ومكونات ال DNA قابلة للنقل، ففي الماضي القريب كنا نعتقد ان ذلك ال DNA هو جزء لا يتجزأ من اجسامنا، ولكن في الايام القليلة القادمة ستكون

اي خلية من خلايا جسمنا قابلة لاستنساخ كمية من الاغشية والاعضاء يمكن زراعتها او حتى استنساخ اجنة جديدة.

فهل من الاخلاقية ان نتلاعب في الحياة بهذه الصورة؟ وهل اللعب بقطع ال DNA ومزجها مع قطع من حيوانات مختلفة هو ما تصبو اليه الانسانية؟ وهل لنا خلق نوع جديد من الحياة بادئيين من الجزيئة؟ وهل من الخطأ ان نقوم ببناء بكتيريا تعتمد حياتها على بطارية لازالة وتنظيف بقع الموكيت؟ وهل ذلك لا يتعدى استعمال مليارات من جزيئات الخميرة في صناعة الخبز؟

أن قطع ال DNA المعززة والكومبيوتر لم تغدو جزأ من نسج الخيال كما كان الحال في القرن العشرين. ففي الوقت الحاضر تتسابق فرق من علماء الجامعات والشركات في كثير من البلدان لربط جهاز التلفون النقال مع التلفزيون وفي سنين قليلة سيكون الربط بين جهاز المنظم لدقات القلب او الاجهزة الطبية الاخرى مع المستشفيات والاطباء وحتى شركات التأمين على الحياة، بحيث تكون تصرفاتنا وحركاتنا مرصودة بشكل اكثر عن اي وقت مضى.

ألمسائل المتفرعة من الالتحام مع الكومبيوتر لا تقتصر على ما ذكرناه انفا بل يتعداه الى مشاكل جديدة فعلى سبيل المثال ماذا سيحدث لو صنع انسان من اعضاء حيوانية؟ الاجابة الصحيحة مهمة جدا لسبب لاننا لا نستطيع بعد ذلك اطلاق اسم " شخص" او كلمة "طبيعي" وفي هذه الحاله ما ذا سيقوله فقهاء المسلمين في مثل هذا التطور؟ هل سيحرموه؟.

الدكتور مصطفى حبيب

المستشار في المحكمة العليا - لندن

عضو الجمعية الملكية للصيادلة -بريطانيا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف