الخجل .. مرض مهمل مرفوض إجتماعيًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خيط رفيع بين الخجل والفوبيا :
مرض "مهمل " والعلاج "على أصحابه"
وجه أحمر.. ، يدان متعرقتان ، وعدم القدرة على الكلام ، عوارض عانى منها كل إنسان خلال مراحل معينة من حياته . فئة تمكنت من التخلص منها وفئة أخرى تغلبت على قسم منها وأخيرا وفئة لم تتمكن من التخلص منها فتطورت معها وتحولت الى حالة " مزعجة " مرضية في بعض الأحيان .
يميل البعض إلى اعتبار الخجل جزءا من شخصية الفرد ، فالخجول خجول بطبعه والجريء جريء بطبعه ،حتى ان البعض قام بتوزيع الخجل حسب الجنس فالفتاة غير الخجولة ، وقحة .. والشاب الخجول أبله .
فما هو الخجل وما هي أسبابه ، هل هو حالة نفسية أم أنه مرض جسدي ؟
ما هو الخجل ؟
من الصعوبة بمكان تحديد تعريف خاص للخجل ، لكنه ووفقا لخبراء الصحة نوع من أنواع القلق الإجتماعي الذي يؤدي إلى خلق مشاعر تتنوع بين القلق و التوتر البسيط في بعض الحالات العادية، إلى مشاعر الرهبة والهلع في حالات الخجل الشديد وهو ما يمكن تصنيفه بمرض القلق والتوتر . وبما أن النتيجة المباشرة للخجل هي الشعور بالوحدة والإنعزال عن المجتمع فإنه المسبب الأول لمرض الإكتئاب . إذن الخجل ليس حالة طبيعية عابرة قد تختفي مع مرور الزمن أو الإختلاط الإجتماعي أو النضوج وإنما حالة مزمنة قد تتطور إلى حالة مرضية أخرى تعوق تقدم الإنسان نفسيا و إجتماعيا . وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين الخجل في مراحله الأولى وبين الخجل الإجتماعي في مراحله المتقدمة ، فالأول يحمل معان مستحبة إجتماعيا و دينيا لأنه ووفقا للمفاهيم الشائعة دليل على حسن التربية . أما الخجل أو الرهبة الإجتماعية ، و هو من أكثر الأمراض النفسية إنتشارا بين مجموع أي شعب بنسبة 12.8% ، ويصاب به الأطفال والمراهقون والكبار . وبين الأولى والثانية خيط رفيع .
من الخجل إلى الفوبيا ..
بشكل عام يمكن تقسيم عوارض الخجل إلى ثلاثة أقسام ، القسم الأول وهو المعروف بالعوارض السلوكية والمتمثلة بقلة التحدث بحضور الغرباء والنظر دائما لأي شيء عدا من يتحدث معه الشخص ،و تجنب لقاء الغرباء أو الأفراد غير المعروفين .كما قد تتضمن أيضا مشاعر الضيق عند الإضطرار لبدء الحديث أولا و عدم القدرة على التكلم في المناسبات الإجتماعية والشعور بالإحراج الشديد في حال تم تكليف الشخص بذلك ، إضافة إلى التردد في التطوع لأداء مهام فردية أو إجتماعية أي كل ما يتعلق بالإختلاط بالأخرين .
أما القسم الثاني فهو العوارض الجسدية وتتمثل بزيادة النبض ومشاكل وآلام في المعدة ، والحالة المعروفة بشكل عام وهي رطوبة وعرق زائد في اليدين والكفين تصاحبها دقات قلب سريعة و جفاف في الفم والحلق ،والإرتجاف والإرتعاش اللإرادي .
أما القسم الثالث فهو الأعراض الإنفعالية الداخلية أو المشاعر النفسية وتشمل التركيز على النفس والشعور بالإحراج وعدم الأمان والشعور بالنقص في معظم الأحيان ما يؤدي إلى محاولة البقاء بعيدا عن الأضواء.
والنتيجة عدم الشعور بالرضى عن النفس والخوف من الرفض أو الصد وبالتالي الميل إلى الإنعزال ، أي كل يعوق تقدم الإنسان إجتماعيا .
ويجب التمييز هنا بين الخجل والخوف الإجتماعي ، فالثاني يمثل سلوكيات أكثر إتساعا وإختلافا من الأول ، إلا أنه لا يمكن إعتبار كليهما إضطربا عقليا . فإن المصابين بالخجل ليسوا بالضرورة مصابين بالتخوف الإجتماعي أو الفوبيا فمثلا قد لا يحضر الخجول حفلة لعدم شعوره بالراحة هناك لكن ذلك لا يمنعهم من الإختلاط الإجتماعي . كما أن المصاب بالفوبيا قد يخشى من تناول طعامه في مكان عام ، لكنه قد لا يكون خجولا في مواقف أخرى . فمن ميزات الخجل بين البالغين أن هؤلا يدركون أنهم يعانون منه ، أما محاولات التخلص فتتراوح بين محاولات فردية إلى "تجاهل " الموضوع برمته .
أسباب الخجل
المسؤولية هنا تقع على الأهل ، فالتعامل مع خجل الطفل عادة ينحصر إما بنهره أو تركه يتصرف على سجيته الخجولة معتبرين أنها حالة مؤقتة لا تلبث أن تختفي حين ينضج . ونتيجة لهذه العزلة خلال الطفولة ، يميل هذا الطفل خلال سنوات المراهقة إلى فقدان الحد الأدنى من المهارات الإجتماعية المطلوبة . وفي حال سلمنا جدلا أنه مرض وراثي بيولوجي نفسي ، فبالتالي لا بد من وجود دواء لهذا المرض إلى جانب العلاج النفسي.
دواء للخجل وعملية جراحية لحمرته ..
من المعروف أن الجسد يصاب بحرارة مفرطة عند الشعور بالقلق أو الإحراج ما يدفع بالشعيرات القريبة من الجلد التي تنقل الدم إلى التوسع من أجل تبريد الجسم ، لكنها في الوقت نفسه تسبب إحمرارا في الوجه . أما الآن فيمكن التخلص من هذا الإحمرار و بسهولة عبر "جراحة الثقب" والتي هي عبارة عن إحداث فتحة صغيرة في الجسم وفي هذه الحالة من منطقة الإبط لقطع العصب الموجود ضمن مجموعة الأعصاب التي تسمى بالمنظومة السيمباتية ، والتي تنقل الدم إلى الوجه لوقف الإحساس بالقلق لدى المريض وبالتالي القضاء على الإحمرار خجلا .
إذن لقد توقف الخجول عن الإحمرار .. لكنه هل تخلى فعلا عن خجله ؟
.."سأموت من الخجل لو رأني أحد أقوم بذلك " .. جملة تتكرر يوميا أو حتى قد نرددها أنفسنا .. فلا خوف الخجل لم يسبب الموت لأحد لغاية الآن ، وإن كان السبب الأول لقتل أي حياة إجتماعية وأي ثقة بالنفس . الخجل " مرض" وليس حالة يمكن تخطيها .. البعض حاول و نجح من خلال نضجه إلى التخلي عنها والبعض الآخر علق فيها .. المسؤولية لا تقع على أحد ، فهناك عدم إطلاع على " خطورة " هذا المفهوم الذي عمم على كل ما لا يرتبط به .لعلها مسؤولية المجتمع بشكل عام ، هذا المجتمع الذي يميل عادة إلى " الإستهتار" بأي خلل وظيفي نفسي .. فان كان البعض يعتبر الإكتئاب " دلعا فكيف الحال في وضع الخجل؟