التسوٌّل في السعودية.. بين الإحتراف والحاجة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حجب الحقيقة خلف نقاب أسود
التسوٌّل في السعودية.. بين الإحتراف والحاجة
تسوُّل أم تسوُّق ؟
للتسوُّل في السعودية نكهته
للتسول في السعودية نكهته الخاصة وللمتسولين فيها مدرستهم وأسلوبهم الخاص ، فما أن تتوقف بسيارتك عند الإشارة حتى تسمع عدة طرقات خفيفة على زجاج سيارتك وما أن تلتفت حتى تجد أمامك طفلًا لا يتجاوز السبع سنوات يرتدي ثيابًا غير ممزقة وحذاء "مكتملًا " ، يرمقك بنظراته الحائرة ويربكك بصمته المريب وكأن عادة السؤال قد أتعبته . ينتظر جوابك لبرهة ثم يستنتج أنك ستعاجله بعبارة " الله يرزقك " وكأنها مرسومة في عينيك فيشيح بنظره بعيدصا ويتابع مسيرته متجهًا إلى سيارة أخرى بلا ملل أو غضب ، وكأنه قام بواجبه ولا تهمه النتيجة . أما إذا فتحت الزجاج وحاولت محادثته فردة فعله الأولى هي "الابتعاد " عنك تاركصا أسئلتك بلا اجوبة .هذه هي الصورة المشتركة لكل المتسولين الصغار، ولا يخفى على أحد دقة تنظيمهم وسرعة انتشارهم وانسحابهم . إذ يبدون كفرقة مدربة تعمل تحت قيادة موحدة ، ما يجعل "حقيقة عوزهم" عرضة للتكهن والشكوك ويفتح الباب واسعًا أمام "احتمال" كونهم عصابة تسول منظمة .
إقتصر التسول في مدن المملكة بدايةً على الأطفال والرجال قبل أن تلتحق بهم فرقة النساء اللواتي نزلن إلى سوق التسول تحت ستار بيع المناديل . فأصبح مشهد النساء المحجبات وهن يتراكضن بين السيارات عند الإشارات الضوئية أمرًا عاديًا ، نساءً من مختلف الأعمار يطرقن نوافذ السيارات ويعرضن بضاعتهن ويراهنّ على أنوثتهن ويتأهبن دائمًا للسؤال والاستجداء في حال اعتذار أحدهم عن الشراء . فيتحولن عندها من بائعات إلى مجرد متسولات يعتمدن على حجابهن والنزعة الإيمانية عند الناس لكسب بضعة ريالات.
عدة التسوُّل
متسوِّلون.. أم متسولات ؟
45% منهم سعوديون
لم تعد ظاهرة التسول في الرياض، حالة خاصة يقوم البعض بامتهانها، على العكس فانها شهدت انتشارًا واسعا وتزايدًا ملحوظًا خصوصًامع دخول المرأة ميدانها و انتشار عمليات البيع عند الإشارات. هذا ما تؤكده الأرقام الصادرة عن الجهات المختصة، إذ كشفت مصادر مكتب مكافحة التسول عن معالجة أكثر من ألف وخمسمائة حالة تسول في العام الماضي، تصل نسبة السعوديين منهم 45% ويحتل الوافدون الأجانب النسبة الباقية ،ويشكل الأطفال السعوديون 12% منهم. وقد تفاقمت هذه الظاهرة كنتيجة طبيعية للتغييرات الإجتماعية والإقتصادية التي يشهدها العالم وضمنه المملكة. وتسعى السلطات المختصة لمعالجة الأمر عبر تفعيل دور مكتب مكافحة التسول الذي يشن ، بين الحين والآخر، حملات واسعة عليهم. ولكن تضارب الصلاحيات مع الأجهزة الأخرى تحول دون ذلك ، إذ تنحصر مهامه فقط على مكافحة التسول في حين يوجد جهاز آخر لمكافحة الباعة المتجولين. ومن المثير للإستغراب هو وجود متسول يمارس مهنته مطمئن البال أمام أعين سيارة شرطة متوقفة.
حاجة.. أم إمتهان؟
مما لا شك فيه أن الكثير من المتسولين «هنا» يتخذون التسول مهنة لهم.. هذه المهنة التي قد تكون " فردية" او وقد تكون تابعة لجهة ما تنظمهم وتقوم بتوزيعهم عند الإشارات والمساجد والمصارف خاصة خلال أيام صرف الرواتب.
وأخيرًا لا يمكننا معرفة بالتحديد حجم ظاهرة التسول في السعودية مع انعدام الدراسات العلمية الشاملة لها وغياب أي استقصاء حول أحوال المتسولين. ولا بد من الاعتراف بتجاوز هذه الظاهرة الاجتماعية الحد الذي لم يعد بالإمكان نكرانها أو الاختباء خلف ادعاء فارغ أن أولئك المتسولين ليسوا بمواطنين بل وافدون أو أنهم عصابات، وان كانت تلك الادعاءات حقيقة الى حد ما ، ولكن بينهم الكثير من السعوديين.. وفي ظل غياب تلك الدراسات ، تبقى الحقيقة محتجبة خلف نقاب أسود تتسكع وتتسول تحت لهيب شمس الصحراء بالقرب من أبواب التخمين والتكهن والاستغراب. وسيبقى سؤال معلق برسم المسؤولين لماذا يتكاثر المتسولون في بلاد تزخر بالثروات ويمكن أن يستوعب سوق العمل فيها مئات الآلاف منهم!