العنوان زمن القصيدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إلى نريمان
شيءٌ يُسحرني في كتابة الشعر: الاستغراق ساعات في ملء صفحة أو صفحتين أو عشرات الصفحات بعبارات متصلة متقطعة، ستكون جزء ما يسمى في سجل الكتابة "قصيدة"؛ الانهماك في فعل مجاني أشبه بغيبوبة، لكنه يُحدث نوعا من الراحة واللذة في الذهن لاكتشاف شيء ما، وها أنت في بدء كتابة هذه "القصيدة" غيرُكَ عندما انتهيت منها.
*
كيف تكتب؟ لِمَ تكتب؟... أسئلةٌ انتهيتُ منها، ذات زمن بعيد، في مزبلة.
*
كنتُ، في مقهى، جالساً قرب صديقٍ مولعٍ بتحديد الرواية، القصة، الشعر... وفي لحظة تأمل عنوان كتابٍ ملقى على طاولة ليست بعيدة جدا عنّا، قاطعني "ما القصيدة؟" أجبته: "عنوانُها".
*
الفرق بين شاعرٍ له رؤيا حديثة وشاعر لا يزال تقليديا: هو أن الأول يمكن له أن ينقذ شعريّا قصيدةً مكونة من تراكيب متنافرة بمجرد أن يمنحها ما يعود لها: العنوان. أما الثاني حتى لو استخدم القول الشعري الحديث كله فأي عنوان يتبرك به سيشي برداءة قصيدته التي يعتقدها عظيمة.
*
العنوان موضوع القصيدة: منه تخرج، وإليه تعود.
*
ابذر كلماتك في كتاب، في سهل، في صفحة.. وما إن تجد العنوان المناسب، حتى تنجلي أمامك الزوائد المراد حذفها.
العنوان يقصّر المسافات؛ يبلّط طرقا غير مرئية بين الأبيات.
*
القصيدة مساحة الكلم الوحيدةالمفتوحة لكل احتمالات الليل والمطر: أبياتها الأولى ترسم حدود الحماية، تحد سطر الانطلاق؛ سطر النهاية ومسالك المرور.العنوان خارطة طريق القارئ... حدسٌ كلما كان قويا، كلما ازدادت رغبة القارئ باكتشاف معان وراء البناء.
*
ليس العنوان وسادةً يتوسدها معنى القصيدة فوق سرير القراءة... وإنما هو السرير الذي تتمدد فيه القصيدة!
*
العنوان نفَس القصيدة.
*
قصيدة بلا عنوان أشبه بوليد بلا اسم؛ أشبه ببيت مشرع لا قفل له ولا مفتاح. العنوان مفتاح القصيدة وقفلها الدال في آن.
*
ليس العنوانُ اسمَ القصيدة. إنه جوهرُها. وأيُّ تحديدٍ لهذا الجوهر نفيٌّ له.
*
هناك في دفتر شاعرٍ؛ في فندق مسَوَّداته الذهنية، قصيدة غيرُ منتهيةٍ وكأن أبياتها غرف صغيرة في منزل تحت التشييد: تتعاشقُفي هذه الغرفةكلمتان، وفي الأخرى تأخذ كلمة ٌقيلولة، كلماتٌ تنزل وتصعد محدثة حركةً وانفعال... الليل مظلم قاتم... هناك، بين السطور، تحت ضوء حديدة القصد اللامعة، يجد الشاعر ضالته.
في الفجر، عنوانٌ يخرج من النافذة.
*
حاضرُ القصيدة ماضي الشاعر. العنوان مستقبلُ الاثنين.
*
افتحْ إذا، للقصيدة مدى جديداً بعنوان مضبوط.
انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص
ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف