مضمون سريالي أكثر فتنة وإثارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
انطلاقة جديدة لمجلة "Supérieur Inconnu" الفرنسية
باريس – أنطوان جوكي: بعد توقفٍ قصير نسبياً، دام عامين ونصف تقريباً، تعود مجلة "Supérieur Inconnu" الفرنسية إلى الصدور بحجمٍ أكبر ومضمونٍ أكثر إثارة والتزام بقيم الحركة السريالية الأربعة: الحلم والحب والمعرفة والثورة. ولا عجب في ذلك طالما أن الشاعر والباحث السريالي الكبير ساران ألكسندريان هو الذي سيستمر بالإشراف عليها وتحديد توجّهاتها مع تعديل بسيط على مستوى رئاسة التحرير. إذ يحتل هذا المنصب حالياً عضو لجنة التحرير السابقة، الشاعر والكاتب مارك كوبير، بينما ينتقل رئيس التحرير السابق جان دومينيك راي إلى دور المستشار. ومع أن المجلة طوال السنوات السبعة الماضية (1995-2001) تميّزت دائماً بمضمون يوافق العنوان الذي اختاره أندريه بروتون لها عام 1947، إلا أن ألكسندريان في هذه السلسلة الجديدة يعدنا، ضمن الأصالة ذاتها، بمغامرة أوسع وأكثر فتنة يضمنها إعادة نظر شاملة بفهرسها القديم ومدّه بملفات أربعة (بدلاً من الملف الواحد سابقاً)، إلى جانب تزيين أهم بالصور والأعمال الفنية المختلفة. ولعرض التوجّهات الجديدة لهذه المجلة يقول ألكسندريان في افتتاحيته: "هذه صيغة جديدة من المجلة التي أُسِّست في تشرين الأول من عام 1995 وتوقّف صدورها على العدد 21 في تشرين الأول من عام 2001. كان يمكن للبعض أن يعتقد بأنها توقفت بشكلٍ نهائي، مع أنه لم يصدر أي إعلان بهذا المعنى. أن تتوارى "Supérieur Inconnu"؟ إنها مجلة بلا نهاية، بما أنها تستند إلى طاقتين سرمديتين: ما هو متفوّق وما هو مجهول. وفكرتنا الأولى كانت، فضلاً على ذلك، جعلها نموذجاً مثالياً، قادراً على الحياة وإن توقّف تحقيقه مادياً. اعتمدتُ دائماً كمبدأ ضرورة أن تتمتع المجلة ببنية قوية. وهذه المرّة البنية رباعية، مستوحاة من ورق اللعب الذي صممه السرّياليون في مرسيليا خلال الحرب العالمية الثانية. ففي تلك الفترة المأساوية، اعتبروا أن الأوراق التقليدية لهذه اللعبة لم تعد تمثّل بشكلٍ جيد صيرورة البشر. كان يجب استبدال ملوك وبنات وشباب السباتي والكبى والديناري والبستوني بجنٍّ وسَحَرة وحوريات النجمة السوداء والشعلة والقفل والدولاب. وتشير هذه الرموز الجديدة إلى تحكُّم هذه الشخصيات بالحلم والحب والمعرفة والثورة، طاقات الحياة الدائمة.
مع بداية القرن الواحد والعشرين حيث يسود الالتباس الأيديولوجي والتنافر السياسي، يبدو لي ضروريٌ لا بل مثاليٌ تنظيم مجلة إبداعية وفقاً لهذا الأفق. فكي يكون المبدعون اليوم باهرين عليهم إثارة القيّم الإنسانية الأربعة الرئيسية التي يشير إليها ورق لعب السرّياليين: الحلم الذي يفتح أبواب الممكن السرّية، الحب الذي هو شعلة الروح والجسد، المعرفة التي تسبر حتى ما هو خفي، والثورة - دولاب القدر وفجره الدائم - التي تُدرج الرغبة في الأفضل داخل الأفعال.
ويفرض خيار بنية مثل هذه مشقّة فريدة، لكنه يمنح أيضاً وسائل للتعبير بشكلٍ أوسع من العادة. وبالفعل، من المألوف بين المجلات تقديم ملف في كل عدد. مجلتنا ستتضمن أربع ملفات مختلفة ولكن متكاملة. ملف الحلم لن يقتصر على دراسة إنتاج النوم أو تدوين أحلام اليقظة، بل يشمل هذا الميدان كل ما يتطلب داخل النشاط البشري مشاركة جوهرية للمخيلة. وميدان الحب ليس أقل شأناً نظراً إلى أن الحب الأرضي هو جنسي أو غير جنسي، دنيوي أو مسكون بالإلهي، ولأن طُرُق إشباعه تنطوي على تجارب ونشوات وشهوات وانحرافات تنوّعه باستمرار.
في ميدان المعرفة، سنجد نصوصاً تاريخية وفلسفية، وفي الوقت ذاته سنتذوّق الاختلاف بين معرفة علمية ومعرفة حدسية ومعرفة مُسارّية (initiatique). أما الملف الخاص بالثورة فسيعيد تحديد هذا المفهوم الذي أصبح كريهاً بسبب المجازر التي ارتُكبت باسمه. وبوضعنا الثورة في كنف شارل فوريي، الذي حدد الوسائل التي تؤمّن النظام الاجتماعي المثالي بدون تصارُع، نبيّن بأنه ممكن لهذا المفهوم أن يكون جذاباً وشمولياً، وأن ينسجم مع سلوكٍ محافظٍ لبعض التقاليد.
ويطرح تقسيم المجلة إلى أربعة أجزاء مشاكل مثيرة على مستوى توزيع النصوص. إذ سيتم ترتيب القصائد والشهادات والنصوص السردية والمقالات حول الفنون وفقاً لطابعها الحُلُمي أو الإيروسي أو الثوري. وسيتطلّب ذلك تمييزاً جمالياً مرهفاً يتم بواسطته انتقاء الأعمال على أساس فحواها وليس على أساس الشكل الذي صيغت فيه.
في سلسلة الأعداد السابقة من المجلة، كان يتم عرض كتبٍ ونشاطات فنية تحت عنوان "ومضات نقدية حادة". بينما نعثر اليوم في المكان ذاته على نصوص من بضعة أسطر تحمل عنوان "غرافيتي"، كتلك التي يفرّغ مجهولون فيها جام غضبهم وحماسهم على الجدران. وسيسمح ذلك بتأمين عدد أكبر من المعلومات الثقافية التي ستُكتب وفقاً للنبرة الملائمة.
خوض مشروع كهذا مع الأقربين هو تحدّ للذات وللآخرين؛ لكن عيش هذه المغامرة سيكون جميلاً وأهلاً للتقدير، مهما كانت النهاية".