شعر

فصل المنامات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الى الروح الحارسة النبيلة: ابي وشيخي امير الدراجي، الذي لن اكف عن التمرد عليه، حتى اخر رشفة من الامل.


"و رأيتُ في منامي اني جالس على دكة بابي، ورأسي مقطوع، وانا ادوّره بين يديّ، واضحك متعجبا من هذه الصورة الغريبة: كيف ان رأسي مقطوع، وكيف، في نفس الوقت، انظر اليــه،حتى انتبهت. " (العارف حيدر الاملي) .

سلـّفني الافلاس ُبعض خواطره، فاصطحبتُ الشاطيء، وتسـوّلتُ من قميصه، موجة ً، بزرقتها غسلتُ رأسي من الصحراء، نظـّفت ُجيوبي من الاسلحة، وتوسدتـُها ونمت ُ. في منامي: سمعتُ اصوات قطارات. فوق احد القطارات رأيتُ نفسي بصحبة جنودٍ، يغرسون الارق حول رؤوسهم، وهم نيـّام. انا خارج السرب، انظرُ الى الليل، وفمي، في الهواء، يقتفي اثر قبلةٍ، لكن القطارات تنحرف، فجأة، صوب شلال. الجنود يرمون خوذهم الى مجراه، ثم يرفعونها الى افواههم فيجدونها مليئة بالدم.


لم ارفع خوذتي. تركتها طافيةً وهبطتُ، فرأيتـُني ماشيا بصحبة مهرّب. قايضتـُه بندقيتي بعلبة تبغ. بحضوره دخـّنتُ ايامي، سيجارة بعد اخرى. في المرة الاخيرة، فيما دخان سيجارتي يتصاعد فوق، ويؤلف: سماءا، بلادا، ورابية ً، تدخلتْ مخيـّلتي: ارسلتْ الى السماء بغيمة، زرعتْ جنديا فوق الرابية، امـّا البلاد فتوّجتني ملكا.

انا الان ملكٌ: بلادي جرباء، وغيمتها الوحيدة لاتمطر. آمرها بالانصراف، لاتنصرف. اضربها بتاجي، فتنكسر، ثم تنفد سيجارتي. اسحب منها نفـَسا اخيرا. اسحب البلاد والسماء والرابية. اترك الجندي مغروسا في الفراغ. اتخيـّله يركض في الاتجاهات، باسطا ذراعيه، كيما يتلقف تاجي، لكنني افاجئه، في دخان سيجارة اخرى، وهو يهزّ مهدا: في المهد اجد جثتي.


طالبته بها، فصاح بي:
" اذهب.
اذهب، يامن سوّدتَ بالسخام حياتك.
اذهب، اذهب،
ودعني
اهدهد هذه الجثة ضد صحبة الاشباح "
ثم
ضرب على صدري بقوة، فسقطت بيننا ظلمة عميقة، يتمرغ فيها المرء، داخل احشاء ذكرياته، طلبا للنجاة، دون جدوى. داخل الظلمة وجدتـُني اتسلق جبلا، عند احد سفوحه قابلتُ مجنونا، يجر عربة بيد، فيما الاخرى تحمل شعلة.

في حوض العربة وجدتُ مدينةً مغطاة بقش. ارفعه، فاكتشف فيها اناسا تستضيء الجدران بهواجسهم. احدٌ ما منهم يقرأ كتاب النبؤات بصوت تعال، رددته القرون، مرة بعد مرة: " وعندما يصل المجنون الى الذروة، يضع الشعلة في العربة، ثم يركل العربة الى الوديان "

في مقطع اخر من منامي رأيتُ، في الوديان، نفس العربة. في حوضها، رأيت ُ: فلاسفة، شعراء، عشاق، صعاليك و... هناك رجل يغطيهم بقش، يدثرهم بخواطر زائفة، ثم يجر العربة بيد، وفي يده الاخرى ترفرف الشعلة.
يبتعدون، وانا انظر ُ الى نفسي بينهم، واتعجبُ: كيف انا بينهم، وفي نفس الوقت: كيف، من منامي، انظر اليهم، حتى انتبهت ُ.


الناصرية - اربيل - قم الايرانية

1990 -1999
من كتاب " مراسم تشييع شبح "

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف