قص

كانت تعد التفاح قبل أن تحجب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

I'm counting the apples



بجملتها المشهورة تلك، و جديلتاها البريئتان و سلة التفاح؛ كانت سلمى تستقبل دهشتنا الصبيانية أمام أول خطوة على سلم الأبجدية الإنجليزية. أحمد أقسم أنها تشبه أخته ساره، وآخرون شبهوها بصديقة لعبنا الطفولي هيا، غير أن هيا لم تكن بارعة في عد التفاح؛ مثلنا تماما! حقيقة تصاعد أعمارنا تجاوبا مع عداد السنين المتسرع جعلتنا نترك خلاف الشبه و سلال التفاح خلف ظهورنا و نتفرغ لمهام أكثر إمعانا في الذكورة، ولم يعد أي منا يعرف إن كانت سلمى لا زالت تعد التفاح أم توقفت..
لأننا التحقنا بفريق الحي لكرة القدم، مساء، و زمالة "فزعات معارك الحي" بأوقات أخرى، فلم تعد شؤون مناهج من يصغرنا سنا تدخل ضمن اهتماماتنا، ولأنني- فيما بعد- أصبحت أبا عربيا فخما- ككل آباء مدينتي والله!- فقضايا الأمة الكبرى والرغبة في تبديل وجه العالم و التنظير بكل المجالات أمسى يعنينا أكثر من شؤون أطفالنا الصغيرة !
كنت قد سمعت عن تغيير المناهج، كأحد قضايا الأمة الكبرى، غير أنني لم ألحظ تغير كتب ابنتي كقضية "صغرى" بالنسبة لي، ربما، و قضية مصيرية بالنسبة لها، إلى أن تنبهت للأمر عندما استفزت أبوتي بمطالبتها أن أراجع معها اللغة الإنجليزية المقررة على مرحلتها الابتدائية. عندها بدأت الذاكرة تمارس لعنتها و لعبتها المشتهاة؛ فأخذت أقلب وجوه رسومات الكتاب بحثا عن جديلتي سلمى الطفوليتين، و لأن كل رسومات البنات الصغار في الكتاب أصبحت "محجبة" لم أتمكن من التعرف على سلمى... ربما شاخت قبل أوانها كما تشيخ أحلامنا سريعا، ولم تعد قادرة على حمل السلة ! سألت ابنتي فأكدت لي أنها لا تعرفها، وبدأت قراءة الكلمات، فربما وجدت اسمها، والتفاح أيضا. وجود كلمات كثيرة شطبها الرقيب بـ "الماركر الأزرق" أحالت عملية البحث إلى عمل مضن، واضطررت إلى رفع الكتاب إلى النور مرات عديدة للبحث بين الكلمات المشطوبة:
Song ... لا ليست هي، مع أنها تبدأ بحرفها نفسه..
Cinema أيضا ليست هي، رغم تقارب الحرف أيضا..
Music بعيدة جدا..

و كثير غير ذلك.. غير أنها لم تكن موجودة بين ذاك الزخم المشطوب، ولم يكن لدي اهتمام للتساؤل الجدي عن سبب حذف مفردات كتلك التي نقرأها في الصحف اليومية، و بملاهي الأطفال، وعلى لعبهم، بل حتى في استراحات نهاية الأسبوع بالثمامة.. اعتذرت من ابنتي لأنني لم استطع التصالح مع منهجهم الجديد، و رميت الكتاب جانبا و بخاطري رغبة واحدة فقط: أن يعيدوا لسلمى عفوية جدائل طفولتها و سلتها لا أكثر.

قاص سعودي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف