مسرح إيلاف

الدرس بقلم يوجين يونسكو

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

المسرحية الكوميدية: الدرس

تأليف: يوجين يونسكو

نقلها إلى العامية العراقية: حكمت الحاج


[إلى المستشرق الروماني د. جورج غريغوري: شكرا لما تلقيته منك من دعم وعون في سبيل إنجاز هذا العمل، من حيث التوفر على المصادر ومقابلة النص على الأصـــــل الفرنسي مع مقارنته بالترجمة الإنكليزية، ومن ثم نشره في كتاب مستقل. وستبقى هـذه الجهود محل اعتبار وتقدير دائمين.]

الشــــــــــــخصيات:

1_ الأستاذ: في الخامسة والأربعين.
2_ التلميذة: في الثامنة عشرة.
3_ الأخت: في الستين.

المـنظر:

[غرفة الاستقبال في منزل الأستاذ، والتي هي في الوقت نفسه غرفة مطالعة وغرفة طعام. باختصار، الأستاذ في حوالي الخامسة والأربعين، وضعه المادي غير جيد لكنـه يخفي ذلك جاهدا. إلى يسار المسرح باب يؤدي إلى سلم. وفي الجزء الخلفي للمسرح باب آخر يفتح على مجاز في البيت. في المقدمة، إلى اليسار قليلا نرى نافذة عليها ستائر بسيطة وخارجها، على عتبة النافذة، مزهريات صغيرة فيها زهور عادية، في البعيد، يمكن رؤية منازل بسقوف حمراء منخفضة، إنها المدينة الصغيرة، أو جزء من ضاحية في العاصمة. السماء رمادية مشوبة باللون الأزرق. إلى اليمين بوفية بسيطة. المائدة التي تستعمل أيضا كمكتب، تتوسط الحجرة. توجد ثلاث كراس حول المائدة وكرسيان على جانبي النافذة. الحيطان مغطاة بورق فاتح بضعة رفوف تحمل كتبا. عندما يرفع الستار نرى المسرح خاليا، ولكنه لن يبقى كذلك لفترة طويلة. يدق جرس الباب ويسمع صوت نسائي خارج المسرح. إنها أخت الأستاذ، وهي التي ربته بعد وفاة أمه المبكرة، وهي في الستين من عمرها، وغير متزوجة].

صوت: إجيت.. إجيت.. [ تسمع الأخت وهي تهبط بعض السلالم مهرولة وعندئذ تظهر امرأة ذات بنية قوية رغم كبر عمرها. وجهها أحمر وتضع على رأسها منديل رأس. تدخل وكأنها لفحة ريح تصفق وراءها الباب اليمين وتجفف يدها بصدريتها وتهرول نحو الباب اليسار بينما تسمع دقة جرس الباب ثانية].
الأخت: زين .. زين .. إجيت ، إش دعوه. [تفتح الباب. التلميذة بنت التسعة عشر ربيعا. فستانها رمادي ذو بُنيقة (ياخة) بيضاء، وتحت إبطها محفظة كتب]
الأخت: تفضلي عيني.
التلميذة: صباح الخير.
الأخت: صباح الخير.
التلميذة: الأستاذ موجود؟
الأخت: أنتي جايه على مود الدرس؟
التلميذة: نعم خاله.
الأخت: اتفضلي عيني، اتفضلي استريحي حتى دا أقول له.
التلميذة: شكرا يا خاله.
[ تجلس إلى المائدة في مواجهة الجمهور ظهرها إلى الباب الأيمن الذي تخرج منه الأخت مسرعة وهي تنادي]
الأخت: يا أستاذ، يا حضرة.. البنية وصلت.
[ يسمع صوت الأستاذ الحاد]
صوت: فد دقيقه. هسه جاي.
[الأخت تخرج. التلميذة - كأية فتاة مهذبة - تبقى ساكنة تنتظر، واضعة ساقيها إلى الخلف تحت الكرسي ومحفظة الكتب على ركبتيها. نظرة، أو اثنتين في أنحاء الغرفة، إلى الأثاث والسقف أيضا، وعندئذ تخرج دفترا صغيرا من محفظتها وتقلب صفحاته وتقف قليلا عند إحدى الصفحات كما لو كانت تستعد لامتحان وتأخذ نظرة أخيرة إلى دفترها، تبدو مؤدبة، فتاة ذات تربية حسنة ولكنها مرحة ونشيطة وذات طبيعة "أريحية"، ابتسامتها وضاءة. ومع استمرار المسرحية نجد أن مظهرها العام وحركاتهــــا سوف تفقد نشاطها تدريجيا، سوف تكتئب، إنها ستتحول من كونها مرحة وسعيدة إلى حالة من الكآبة وألغم. وبعد البدايــة المليئة بالحيوية، ســوف تصبح أكثر وأكثر متعبة وراغبة فــي النوم. وقـرب نهاية المسرحية لا بد أن تنطبع تعبيراتها بالعصبية الواضحة، وسـوف يظهر عليها ذلك من طريقة كلامها، لسـانها سيصبح ثقيلا، الكلمات تؤلمها عندمـا تفكر فيها وتؤلمها عندما تقولها، تبدو وكأنها قد أصيبت بشلل لسبب غامض، كما لو كانت قد أصيبت بالخرس. في البداية تشتد عزيمتها إلى حد أنها تصبح عدائية، ثم تصبح بعد ذلك أكثر استسلاما، بينما لا تزيد عن كونها شيئا رخوا ساكنا بلا حياة بين يدي الأستاذ حتى أنه عندما يقول كلامه الأخير، لا تتأثر التلميذة بل تصبح بلا إحساس، قواها العصبية عاطلة عن العمل، وتظل حبيسة في وجه جامد، عيناها فقط هي التي تستطيع أن تعبر عن صدمتها ورعبها غير القابلين للوصف، وهذه التنقلات من حالة إلى أخرى يجب أن تؤدى بدرجات متفاوتة بطيئة بحيث لا يحس بها المشاهد.
يدخل الأستاذ، وهو رجل ضئيل الحجم وعلى وجهه لحية يشوبها البياض، يلبس نظارة سميكة وطاقية رأس سوداء "عرقجين" وروب أسود طويل وبنطلون وحذاء أسودين. ياخته بيضاء ورباط عنقه أسود. الأستاذ مؤدب بشكل مبالغ فيه. خجول جدا. الخجل يغلب على صوته. مستقيم جدا. متصنع جدا. يفرك يديه ببعضهما البعض باستمرار. نرى الآن، ونرى فيما بعد، نظرة شهوانية سريعة تلمع في عينيه. مع استمرار المسرحية سوف يختفي الجمود ببطء، ونظـرة عينـــيه الشهوانــية سوف تتأجج في إصرار وتظــهر فيــها شــعلة داعــرة نهــمة تبــدو في البــداية غــــير مهددة لأحد. ثقة الأستاذ في نفسه سوف تتزايد فيصبح ذو عزيمة، عدائي ومتسلط، حتى يستطيع أن يفعل ما يريده مع تلميذته، التي تصبح لعبة بين يديه، وصوت الأستاذ أيضا يجب أن يتحول من الحدة والنعومة في البداية، إلى الارتفاع والخشونة والغلظة، إلى صوت ملئ بالقوة، صوت ساحق وجهوري. وفي النهاية، صوت التلميذة بعد أن كان صافيا جدا ورنانا في أول العرض، سوف ينخفض إلى درجة لا تكاد تسمع. وأينما وجدت في النص علامات تنقيط، فإن الأستاذ يستطيع أن يُتأتئ قليلا
]
الأستاذ: صباح الخير، أهلا وسهلا.. حضرتج التلميذة الجديدة؟
[تستدير التلميذة برشاقة وبساطة تليقان بفتاة شابة. تقف وتتجه إلى الأستاذ وهي تمد يديها]
التلميذة: نعم أستاذ، صباح الخير أستاذ، مثل ما دا تشوف أستاذ، إجيت على الموعد أستاذ،
بالضبط أستاذ، ما اتأخرت أستاذ.
الأستاذ: عال جدا، طيب ، شكرا، وآني جدا متأسف لأني خليتج تنتظرين شويه، وما أعرف
اشلون أعتذرلج، الحقيقة جنت دا أكمل.. يعني.. مثل ما تعرفين.. كلش متأسف.. أرجو
المعذرة.
التلميذة: العفو أستاذ، ماصار شي، آني اللي آسفه.
الأستاذ: لا آني اللي آسف .. خوما تعبتي وأنتي تدورين على البيت، لو اندليتي بسرعة؟
التلميذة: لا أبدأ، أصلا أول ما سألت دلوني، كل الناس هنا يعرفوك.
الأستاذ: اي نعم، احنه صار لنا أكثر من ثلاثين سنه هنا، أظن أنتو ما صارلكم هوايه هنا؟ التلميذة: لا أستاذ.
الأستاذ: عجبتج؟
التلميذة: كلش عجبتني، مدينة حلوة فعلا، كلشي بيهه، حدايق، مدارس، دكاكين، محلات،
شوارع.
الأستاذ: بالضبط، طبعا، كلامج مضبوط جدا. ومثل ما تعرفين آني ما عشت بأي مكان غير
بغداد.
التلميذة: تعجبك أستاذ؟
الأستاذ: في الحقيقة والواقع.. ما أكدر.. ما أعرف.. أقصد..
التلميذة: بس أنت تعرفها ل بغداد؟
الأستاذ: يعني، أعرفها طبعا، بس، يعني، زين تسمحيلي. ممكن تقوليلي بغداد هسه عاصمة من؟ التلميذة: بغداد عاصمة العراق؟
الأستاذ: عظيم، طبعا. ممتاز. رائع. هذا شي عظيم فعلا، مبروك يا آنسة، أكدرأقول مبروك من
كل قلبي، جغرافية العراق بين ايديج، والعواصم، لا، العواصم كلها تعرفيها، يا سلام..
التلميذة: آني لسه ما عرفتها كلها.. الموضوع مو سهل أستاذ.. صعب ينحفظون، لازم أدرخهم
درخ.
الأستاذ: كلشي راح يجي بوقته. اطمئني يا آنسة. من رخصتج شوية صبر. بهدوء راح تشوفين..
كل شي راح يجي بوقته...ألجو حلو.. ها.. لو يمكن لا موحلو؟ على أية حال ، ليش
موحلو؟ على الأقل الدنيا ما دا تمطر.
التلميذة: [بفرح طفولي غامر] ياي.. جان يصير فد شي يخبل، المطر بالصيف.. ياي..
الأستاذ: أرجو المعذرة آنسة، ردت أقول ها الشكل.. بس.. راح تتعلمين أن الواحد لازم يكون
مستعد لكل شي.
التلميذة: طبعا أستاذ.
الأستاذ: بهاي الدنيا يا عزيزتي، الواحد ما ممكن يتأكد من كل شي.
التلميذة: الثلج يسقط في الشتاء، الشتاء احد الفصول الأربعة، والفصول الأربعة هي: ألـ.... الأستاذ: إي .. ياللا .. إي ...
التلميذة: ألربيع، الصيف، والـ... والـ...
الأستاذ: كلمة تبدي مثل الخروف، ياللا..
التلميذة: آه ..إي .. الخريف، الخريف..
الأستاذ: صحيح جدا يا آنسة، إجابة ممتازة فعلا. عظيمة. إنتي عظيمة. أنا متأكد انه إنتي راح
تكونين تلميذة ممتازة، إنتي ده تتقدمين بسرعة، إنتي ذكية، ومبين عليج انه عندج
معلومات زينه، وذاكرتج قويه.
التلميذة: أعرف ألواجب البيتي زين، مو أستاذ؟
الأستاذ: فعلا يا آنسة، أكدر أقول تقريبا.. بس كلشي يجي بوقته، وعلى كل حال، هذه بداية جيدة،
وراح يجي يوم تعرفين بيه كل ما ينطوج إياه بالواجب البيتي، وانتي مغمضة عيونج
مثلي. التلميذة: هذا كلش صعب.
الأستاذ: مو كلش، لا تكولين كلش. مجرد شويه جهد، شويه عزيمة، يا آنسه، وراح تشوفين شلون
راح كل شي يجي بوقته. أنطيج كرنتي. على ضمانتي.
التلميذة: أوه، يا ريت يا أستاذ، ما تدري آني اشكد مشتاقه للمعرفه، وشكد ماما وبابا يريدوني
أكمل دراستي وشكد رايديني أتخصص. يقولون إن الثقافه العامه بأيامنا هاذي ما تكفي
أبدأ.
الأستاذ: يا آنسه، والدج ووالدتج على حق. لازم تكملين دراستج، وعذرا إذا قلت، يعني بس هذا
فعـلا ضروري ينقال، الحياة صارت معقده جدا.
التلميذة: ووصارت تعقّد جدا. طبعا آني حظي كلش زين لأنه بابا وماما زينين وياي وراح
يساعدوني بشغلي حتى اكدر أحصل على أعلى الدرجات، بس مع ذلك..
الأستاذ: وطبعا إنتي حبيتي تسجلين عندي دروس خصوصية.
التلميذة: وبأسرع ما يمكن، حتى أبتدي أحضّر ل شهادة الدكتوراه اللي راح آخذها في ثلاث
أسابيع.
الأستاذ: راح نشوف هسه. تسمحيلي أسألج: إنتي خلص حصّلتي على شهادة الإعدادية؟
التلميذة: نعم أستاذ. بالعلمي وبالأدبي والتجاري والزراعي وبكل شي.
الأستاذ: أوه، بس هذا يعتبر فد تقدم كبير بالنسبة لعمرج .. طيب.. يا دكتوراه رايده تتخصصين
بيها؟
التلميذة: بابا رايدني أتخصص بكل الدكتوراهات، إذا كان هذا ممكن أستاذ.
الأستاذ: كل الدكتوراهات؟ إنتي شجاعة جدا يا آنسه، إنتي "سباعية" وإني لازم أهني وحده مثلج
بكل حرارة.. طيب.. راح نحاول يا آنسة، وراح أبذل كل جهدي على مودج ، بالإضافه
إلى هذا إنتي عندج معلومات زينه فعلا ، وأيضا إنتي بعدج زغيره.
التلميذة: [بغنج ودلال] أوه.. لا.. أستاذ لا تقول..
الأستاذ: ممتاز جدا.. ياللا ما عندنا وقت نضيعه إذا سمحتي يا آنسة، نبدي هسه.
التلميذة: العفو أستاذ، لا تعتذرلي أرجوك آني همينه أريد أبدي.
الأستاذ: زين، تفضلي أخذي ذاك الكرسي اللي هناك، وإذا ماجان عندج مانع، راح آخذ الكرسي
اللي كبالج.
التلميذة: طبعا أستاذ، طبعا، اتفضل.
الأستاذ: شكرا يا آنسه.
[يجلسان إلى المائدة متواجهين وجانباهما إلى المتفرجين].
الأستاذ: اهـ .. ياللا .. جبتي وياج الكتب والملازم؟
[تخرج التلميذة كتبا وكراريس من محفظتها]
التلميذة: نعم أستاذ، طبعا أستاذ، جبت كل اللي إحنا نحتاجه.
الأستاذ: عظيم، هذا شي عظيم يا آنسة.. لعد مـــــن رخصتج خلي نبتدي.
التلميذة: إي نعم أستاذ، آني مستعده وحاضرتلك.
الأستاذ: [لمعة في عينيه تتبدد بسرعة] مستعدة وحاضرة لي؟ أنا اللي متحضرلج يا آنسة.. أقصد
أنا تحت أمرج.
التلميذة: أوه... في الحقيقة، أستاذ..
الأستاذ: زين، لعد إذا إنتي.. أ.أ.. لعد إحنا .. يعني أريد أقول.. آني راح أبدي أنطيج فد امتحان
زغير بالشغلات اللي انتي ماخذتها وهذا راح ينطيني فد فكره عن الاتجاه اللي راح نمشي
عليه بالمستقبل... أوكيه؟
التلميذة: أوكيه.
الأستاذ: قابليتج شكد علـــــى الجمع؟
التلميذة: مو كلش أستاذ. الجمع عندي مخربط.
الأستاذ: عال.. لعد خلي نشوف.
[يفرك يديه ببعضهما، تدخل الأخت، ويبدو إن هذا يضايق الأستاذ. تتجه الأخت إلى البوفيه، تبحث عن شئ ما بداخله، وتتمهل].
الأستاذ: زين يا آنسة.. شنو رأيج نسوي شكم عمليــــة حسابية، من رخصتج يعني؟
التلميذة: طبعا أستاذ، على عيني، ماكو أحسن منه.
الأستاذ: هو صحيح فد علم جديد وعصري، واذا جينا للدقة، فآني أعتبره مذهب أكثر منه علم.
ونكدر نقول هو علاج، يعني.. [إلى الأخت] ها، ما خلّصتي؟
الأخت: نعم، خلصت، لكيت الماعون اللي جنت أدور عليه، وهاي آني طالعه.
الأستاذ: بسرعة من فضلج، ارجعي للمطبخ.
الأخت: حاضر، آني طالعة [تهمّ بالخروج] بس أرجوك دير بالك لا تتنرفز.
الأستاذ: لا تصيرين ساذجه أختي العزيزة.. ما تخافين.
الأخت: كل مره هيجي تقول.
الأستاذ: ماكو داعي ل هاي التلميحات اللي ما لها أي أساس. أكدر أسيطر على نفسي.. آني مو
زغير.
الأخت: اي موعلى مود أنت مو زغير آني دا أحجي. ألأحسن انه ما تبتدي ويه الأنسه بدرس
الحساب. الحساب أبد ما نفع أحد، بس يتعبك ويضايقك، خويه.
الأستاذ: آني كبرت على ها المسائل.. على أي حال، انتي شعليج؟ هاي شؤوني الخاصة وآني
أعرف ش دا أسوي.. ثم انتي ما الج حق تدخلين هنا.
الأخت: زين يابه زين.. بس مو ترجع وتقول ليش ما نبهتك؟
الأستاذ: ما أريد تنبيهات منج.
الأخت: زين لعد سوي اللي يعجبك. [تخرج]
الأستاذ: كلش متأسف على ها القطع. يا آنسه لازم تعرفين أنه هاي المسكينه أختي دائما خايفه لا
أأذي نفسي، خطيه تقلق على صحتي بشكل مستمر.
ألتلميذه: مو مهم أستاذ.. هاي تريد تبين اخلاصها ل حضرتك. لازم تحبك هوايه.
الأستاذ: اي صحيح، بس هي أتطوخها بعض المرات. [مكملا حديثه] زين، نرجع لموضوعنا،
وين جنا ووين وصلنا؟
التلميذة: آني وياك أستاذ.
الأستاذ: [ممازحا] أشو دا أشوفج كاعده لعد؟
التلميذة: [تفهم الإشارة] غير مثلك أستاذ !
الأستاذ: زين زين.. ناخذ شويه حساب.
التلميذة: ماكـــو مانع أستاذ.
الأستاذ: طيب، إذا ماكو مانع، ممكن تقوليلي...
التلميذة: أستاذ، لا تقوللي أشياء سهلة. أريد الصعبات.. روح للصعب أستاذ.
الأستاذ: واحد زائد واحد يساوي شكد؟
التلميذة: واحد زائد واحد يساوي اثنين.
الأستاذ: [مذهولا من براعة تلميذته] عظيم فعلا. إنتي كلش متقدمة بدروسج وما راح تتعبين غير
شويه بس حتى تنجحين بكل امتحانات الكفاءات والدكتوراهات.
التلميذة: أنا سعيدة جدا بها الحجي أستاذ، خصوصا انه طالع منك.
الأستاذ: نمشي شويه.. اثنين زائد واحد يساوي؟
التلميذة: اتلاثه.
الأستاذ: ثلاثه زائد واحد؟
التلميذة: أربعه.
الأستاذ: أربعه زائد واحد؟
التلميذة: خمسه.
الأستاذ: خمسه زائد واحد؟
التلميذة: سته.
الأستاذ: سته زائد واحد؟
التلميذة: سبعه.
الأستاذ: سبعه زائد واحد؟
التلميذة: ثمانيه.
الأستاذ: سبعه زائد واحد؟
التلميذة: همينه ثمانيه.
الأستاذ: إجابه ممتازه. سبعة زائد واحد؟
التلميذة: ثمانيه همينه.
الأستاذ: ممتاز. مضبوط. سبعة زائد واحد؟
التلميذة: ثمانيه، رابع مره. وأحيانا تسعه.
الأستاذ: رائع. إنتي رائعه. مبروك يا آنسه، ماكو داعي نكمل. إنتي كلش ممتازه بالجمع. وهسه
نجرب الطرح. ممكن تقوليلي إذا ما جان عندج مانع، اذا نقّصنا ثلاثه من أربعه شكد
يبقى؟ التلميذة: اتلاثه ننقصها من أربعه؟ يعني ثلاثه ناقص أربعه؟
الأستاذ: لا.. أربعه ناقص اتلاثه؟
التلميذة: أربعه ناقص اثلاثه؟ أربعه ناقص ثلاثه. أربعه ناقص ثلاثه.
الأستاذ: إي ياللا. أربعه ناقص ثلاثه يساوي شكد؟
التلميذة: يساوي.. يساوي.. يساوي سبعه.
الأستاذ: آني آسف جدا إذا قلتلج انه هذا مو صحيح.. أربعه ناقص ثلاثه لا يساوي سبعه.. انتي دا
تخربطين. هاذيج أربعه زائد ثلاثه يساوي سبعه.. إنتبهي.. لكن، أربعة ناقص ثلاثه
يساوي... إحنا ما نريد نجمع، هذا سؤال في الطرح، إحنا نريد نطرح.
التلميذة: نطرح، نطرح..
الأستاذ: نريد نطرح.
التلميذة: [تجاهد لكي تفهم] إي دا أفتهم.
الأستاذ: أربعه ناقص ثلاثه يساوي؟
التلميذة: أربعه؟
الأستاذ: لا يا آنسه، غلط.
التلميذة: إذن ثلاثه؟
الأستاذ: غلط أيضا، وداعتج ما تصير ، لو تصير بعيني بس ايش أسوي ما تصير ثلاثه..
التلميذة: أربعه ناقص ثلاثه، أربعه ناقص ثلاثه أعتقـــــد ما يصيرون عشره، مو؟
الأستاذ: لا يا آنسه، ما يصير. ما لازم تعتمدين على التخمين، هاي مو حزوره، لازم تفهمين شنو
القضيه. إنتي فاهمه أصلا شنو هو الموضوع؟
التلميذة: طبعا أستاذ ، وإلا ليش جيت عندك؟
الأستاذ: عال العال. ياللا خلينا نحاول نحسب. ياللا احسبي وياي.
التلميذة: نعم أستاذ، واحد.. اثنين.. ثلاثه...
الأستاذ: عال. دا تعرفين تعدين زين؟ كلش زين. تكدرين تعدين إلى أي رقم؟
التلميذة: أكدر أعد إلى ما لا نهايه.
الأستاذ: مستحيل؟
التلميذة: اذن لحد سطاعش .
الأستاذ: هذا كافي جدا، لازم الواحد يعرف حدوده. عدي عيني عدي أروحلج فدوه.
التلميذة: واحد.. اثنين... وبعد الأثنين يجي ثلاثه.. أربعه.
الأستاذ: أوقفي هنا. بس. كافي. قوليلي يا رقم هو الأكبر؟ الثلاثه لو الاربعه؟
التلميذة: التلاثه لو الاربعه، ياهو الأكبر؟ الرقم الأكبر من بين ثلاثه وأربعه؟ أكبر؟ شلون أكبر؟
الأستاذ: أكو أرقام أصغر من غيرها، والأرقام الأكبر يكون بيها وحدات أكثر من اللي بالأرقام
الأصغر.
التلميذة: من اللي بالأرقام الأصغر؟
الأستاذ: طبعا، لعد شنو؟ إلا اذا كانت الأرقام الصغيره مكونه من وحدات أصغر. إذا كانت
الوحدات صغيرة جدا، تكون عندنا وحدات أكثر فــي الأرقام الصغيرة أكثر من اللي في
الأرقام الكبيرة. هذا طبعا إذا ما جانن الاثنين من نفس الوحدات.
التلميذة: بهاي الحالة، الأرقام الزغيره ممكن تكون أكبر من الأرقام ألجبيره.
الأستاذ: نعم، كلش زين، بس لازم ما ندخل بها الموضوع لأنه راح ياخذنا بعيد. آني بس جنت
رايدج تعرفين انه هناك أشياء غير الأرقام. بعد المقاييس عدنه المجاميع، وأيضا عدنه
المجموعات والأكوام، أكوام الأشياء، مثل البط، والخضيري والجزر والشلغم والملوك
والرؤساء إلخ، إلخ. وحتى نبسط الموضوع، نفرض إن الأرقام اللي دا نحجي عليها هي
من نفس النوع، وهذا يعني إن الأرقام الأكبر هيه اللي بيها الوحدات الأكثر، مع الافتراض
انه كل الوحدات أيضا هي من نفس النوع.
التلميذة: الرقم اللي بيه أكثر هو الأكبر. هسه افتهمت أستاذ انت دا تساوي النوعيه بالكميه.
الأستاذ: هذا من الناحية النظريه البحته يا آنسه. لا تديرين بال لهذا الموضوع.احنا ناخذ مثال
ونفكر بيه تبعا للحاله اللي عدنه، والأستتناجات العامه تجي بعدين .عدنه الرقم أربعه
والرقم ثلاثه، كل واحد بيه عدد من نفس الوحدات، إذن ياهو الرقم، أو، يا رقم هو
الأكبر؟ الرقم الأصغر لو الرقم الأكبر؟
التلميذة: آني كلش آسفه أستاذ.. بس أحب توضح لي شنو قصدك بالرقم الأكبر؟ هل هو الرقم اللي
أقل بالصغر، من الرقم الثاني؟
الأستاذ: هو هذا يا آنسه، بالضبط، انتي فهمتي بشكل صحيح جدا.
التلميذة: اذن لازم يكون أربعه.
الأستاذ: أربعه شنو؟ أكبر لو أصغر من ثلاثه؟
التلميذة: أصغر .. لأ .. أكبر ..
الأستاذ: جواب ممتاز. كم وحده ضايعة بين الثلاثــــه والاربعه؟ أو إذا قلنا على طريقتج، بين
الاربعه والثلاثه؟
التلميذة: ماكو يا أستاذ أي وحدات بين الثلاثه والأربعه، الاربعـــه رأسا تجي ورا الثلاثه، ما أكو
شي أبدا بين الثلاثه والاربعه.
الأستاذ: يظهر اني ما دا أكدر أتواصل وياج بوضوح، وهاي قطعا غلطتي آني.آني ما دا أكدر
أكون مفهوم. آني ما جنت واضح من البدايه بشكل كافي.
التلميذة: أوه.. لا يا أستاذ، الغلطة طبعا غلطتي آني.
الأستاذ: إسمعي. هاي ثلاث عودان شخاط. وهذا واحد آخـــر. صاروا أربعه. هسه، ديري بالج.
عدنه أربع عودان شخاط، اخذت منهن وحده، شكد بقوا؟
[طبعا، لا أعواد كبريت ولا أي أدوات ترى. يقوم الأستاذ من على المائدة وسيكتب على سبورة وهمية بطباشير وهمي، الخ..]
التلميذة: بقوا خمسة. إذا كان ثلاثه زائد واحد يساوي أربعه، إذن، أربعة زائد واحد يساوي خمسه. الأستاذ: لأ .. غلط .. غلط جدا. انتي عندج ميل واضح للجمع، عندج ميول جمعيه. لكن الواحد
لازم همينه يطرح خو مو بس يجمع. الجمع وحـــده ما يكفي، الطرح أيضا ضروري،
هاي هيــــه الحياة ها الشكل، الفلسفة، العلم، التقدم، الحضارة.
التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: نرجع للعودان مالتنا. عدنه اهنا أربعه. وتكدرين تشوفين أنه هومما أربعة فعلا ، أوكيه.
اخذت عود واحد منهن، شلنه عود واحد، شكد الباقي؟
التلميذة : ماأكدر أعرف أستاذ.
الأستاذ: ياللا.. فكري شويه، حقج، هيه مو سهلــــه، أعرف هذا، انتي عندج الذكاء الكافي
حتــــــى تسوين المجهود العقلي المطلوب، وتكدريـــــــن تفهمين.. ها؟
التلميذة: ما مبين أستاذ. ألصدك، ما أعرف.
الأستاذ: أوكيه، ما يخالف، خلينا ناخذ أمثله أبسط. إذا جان عندج خشمين، وآني جيت وشلعـــت
واحد، شكد يبقى؟
التلميذة: كل شي ما يبقى.
الأستاذ: شنو قصدج كل شي ما يبقى؟
التلميذة: نعم لأنه أني هسه عندي خشم واحد بس، ولو حضرتك شلعتها، أقصد، شلعته، ما راح
يبقى عندي ولا خشم.
الأستاذ: انتي مافهمتي المثال مالتي بالضبط. افرضي انــــه عندج اذن واحده.
التلميذة: اي، وبعدين؟
الأستاذ: اجيب آني ولزكتلج اذن أخرى, شكد صارعندج هنا؟
التلميذة: اثنين، غير؟
الأستاذ: ولزكتلج بعد واحده، شكد صار؟
التلميذة: تلاث اذانات.
الأستاذ: اخذنا واحده منهن، شكم واحده بقتلج؟
التلميذة: اثنين غير؟
الأستاذ: عال جدا. اخذنا بعد واحده، الباقي شكد؟
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: لأ.. شوفي عزيزتي، انتي عندج اذانات اثنين، اخذت آني واحده، اكلت آني واحده, الباقي
شكد؟
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: دا أقوللج، أكلت واحده منهن.. أكلت واحده..
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: واحده.
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: واحده.
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: واحده.
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: واحده.
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: واحده.
التلميذة: اثنين.
الأستاذ: لأ .. لأ .. لأ.. مو معقوله ها الشكل ! أبدا.. المثال مالتي مو... مو.. مقنع يعني ! اسمعي. التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: عندج.. أ.. أ.. عندج.. أ.. أ...
التلميذة: عشر أصابع.
الأستاذ: عال.. عندج عشر أصابع.. وبعدين؟
التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: شكد يبقى عندج لوجان عندج خمسه بس منهن؟
التلميذة: أستاذ يبقى عندي عشره أستاذ.
الأستاذ: لأ.. غلط.. غلط..
التلميذة : بس هذا لازم يصير أستاذ.
الأستاذ: دا أقول لج إْنتي غلطانه.
التلميذة : انته هسه قلتلي عندي عشر...
الأستاذ: بس رأسا وراها قتلج انتي عندج خمسه بس. خمسه فقط.
التلميذة: بس أني ما عندي خمسه، عندي عشره!
الأستاذ: طيب، نشوف بغير طريقه. حتى نكدر نطرح، راح ناخذ الأرقام من واحد لغاية خمسه...
شويه صبر يا آنسه، وراح أساعدج. [يبدأ الأستاذ في الكتابة على سبورة وهمية، ويجرها
بقرب التلميذة التي تستدير لتراها
] انتبهي شويه يا آنسه[يتظاهر بأنه يرسم على السبورة
عصا، ثم يبدو انه يكتب تحت الرسم [1] ، ثم عصايتان وتحتهما الرقم [2] ثم [3]
وأخيرا يرسم أربعة عصي، ويكتب تحتها الرقم [4] ..] دا تلاحظين زين؟
التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: هاي كلها أعواد يا آنسه، أعواد، فاهمه مو؟ هاذي عوده واحده، وهاي عودين، وهاي
ثلاث أعواد، وبعدين أربع أعواد، وخمس أعواد.. وهكذا، عصايه، عصايتيـن، ثلاث
عصايات، أربع عصايات، خمس عصايات. هاذي أرقام. من تحسبين الأعواد يا آنسه،
كــــــل عود منهن نعتبره وحدة، أو يونيت.. مفهوم؟
التلميذة: نعتبرهه وحدة أو يونيت، مفهوم؟
الأستاذ: كل من الأرقام أو الأعداد: واحد، اثنين، ثلاثه، أربعه، خمسه، هي عناصر.
التلميذة: [بتردد] نعم أستاذ. عناصر. ألأرقام اللي هيه عودان، هي وحدات، أعداد...
الأستاذ: في نفس وذات الوقت، دا تلاحظين شلون؟ في نفس وذات الوقت. وفي الحقيقة نستطيع
نقول، إن الحساب، علم الحساب، كله قائم على هذا الشئ.
التلميذة: نعم أستاذ . زين أستاذ. شكرا أستاذ.
الأستاذ: يعني هسه تكدرين تعدي لي وتستعملي العناصر هاذي.. إجمعي واطرحي.
التلميذة: [تحاول أن تثبتها في ذهنها] الأعواد هيه الأرقام والأعداد.. ألوحدات.
الأستاذ: همممممممم.. مثلا... وبعدين؟
التلميذة: نكدر نطرح وحدتين من ثلاث وحدات، لكن نكدر نطرح اثنينات اثنين من ثلاث ثلاثات؟
وثلات أرقام من أربع أعداد؟ وثلاث أعداد من وحده واحده؟
الأستاذ: لا يا آنسه، ما تكدرين!
التلميذة: بس ليش أستاذ؟
الأستاذ: لأنه يا آنسه..
التلميذة: لأن شنو يا أستاذ، مادام كلها نفس الشئ؟
الأستاذ: هو هيجي يا آنسه، هاي شغلات ما تنشرح. انتي تفهميها، مثل ما نقول، بنوع مـــــن
الإحساس الحسابي اللي موجود بيج، أقصد، بداخلك، بداخلج، أوه، الأحساس هذا...
أقصد.. ألحس بـ.. ألـ...
ألتلميذة: إذن ماكو فايده.
ألأستاذ: اسمعي يا عزيزتي، إذا ما فهمتي المبادئ الأولى والأساسية للحساب فهم جيد، ما راح
تكدرين تصيرين أستاذة بكلية الهندسة، وحتى ما راح يقبلوج كطالبة بكليـــــة الهندسة.
يعني طالبة همينه ما تنفعين لا بكلية الهندسة ولا بروضة أطفال. صحيح، آني أعترف
وبكل بساطة انه هاي المبادئ ما بيهه كل معنى، وانه من الواضح إنها تجريدية جدا جدا،
ولكن، إذا إنتي ما جنتي متمكنة من القضايا الأساسية للعمليات الحسابيــة الأولى، ف
اشلون راح تكدرين تدبريهه ويه عمليات حسابية عقليه مثل - وهاي سهلــه مثل غمزة
عين بالنسبة للمهندس العادي- ما هو حاصل ضرب ثلاثه بليون وسبعميــه وخمسه
وخمسين مليون وتسعميه وثمانيــه وتسعين ألف وميتين وواحد وخمسين فــي [ يشدد
على هذا الحرف
] خمسه بليون وميه وآثنين وستين ملـيون وتلثميـه وثلاثه ألف وخمس
ميه وثمانيه؟
التلميذة: [بسرعة فائقة] تسعطعش كوينتليون وتلثميه وتسعين كواديرليون وأثنين ترليون
وثمانميــــــه وأربعد وأربعيين بليون وميتين وتسعطعش مليون وميه وأربعه وستين ألف
وخمس ميه وثمانيه؟
الأستاذ: لا، ما أعتقد. ما أتصور. ألنتيجة لازم تكون تسعطعش كوينتليون وتلثميه وتسعين
كواديرليون واثنين ترليون وثمانميه وأربعه وأربعين بليـون وميتين وتسعطعش مليون
وميه وأربعه وستيـــن ألف وخمس ميه وتسعه.
التلميذة: لا.. وخمسميه وثمانيه..
الأستاذ: [يزداد دهشة ويحسبها في رأسه]. ها.. إي.. إنتي صح.. النتيجة مالتج هيــــــه الصح.
[يغمغم بكلمات غير مفهومة] كوينتليون، كواديرليون، ترليون، بليون، مليون [يعود
صوته واضحا
] ميه وأربعة وستين ألف وخمسميه وثمانيه. [مصعوقا] بس اشلون كدرتي
تحليها إذا إنتي أصلا ما تعرفين مبادئ الحساب؟
التلميذة: أوه.. هاي مسألة سهله جدأ. صحيح، ما دام ما أكدر أفسرها تفسير منطقي، اتعلمت
بالإحساس كل التكوينات ألعدديه ألممكنة.
الأستاذ: لكن هاي التكوينات لا نهائيه؟
التلميذة: اتعلمت أسويهه بأي طريقة!
الأستاذ : هذا فد شي مذهل جدا.. ومع ذلك، اسمحيلي أقول اني مع ذلك ما مرتاح يا آنسه، وما
أكدر أنطي كرنتي بالرياضيات، وخصوصا بالحساب اللي أصله انج لازم تكونين فاهمه
إنتي اش دا تسوين. جان لازم تنطبق الإجابة عن طريق المسببـــــــات الإستنتاجية
والاستدلالية للرياضيات. هيه هاي الطريقه اللي توصلج لكل الإجابات. يا عزيزتي،
ألذاكرة عدو قاتل للرياضيات. بالحساب، ألذاكرة شئ تافه، ولهذا، آني ما مرتاح منج.
هذا فد شي ما ينفع أبدا.
التلميذة: [بخضوع] لا يا أستاذ. أترجاك.
الأستاذ: خلي ننسى الموضوع هذا شويه، وتعالي نجرب نوع ثاني من التمارين.
التلميذة: نعم أستاذ.
[تدخل الأخت بدون سابق إنذار]
الأخت: هممممممم احم! نحن هنا.
الأستاذ: [لا يسمعها] مع الأسف يا آنستي إنتي مـــا متقدمه بدراستج الرياضياتية.
الأخت: [تجره من كمه] أستاذ.. أستاذ..
الأستاذ: وأخاف ما راح تكدرين تكملين، أقصد، تكملين الدكتوراه مالتج.
التلميذة: هاي صدك كارثه أستاذ.
الأستاذ: على الأقل، إذا إنتي... [ينتبه إلى وجود الأخت فيوجه لها الحديث] خليني، خلينا وحدنا
أختي العزيزة، اش تريدين؟ ياللا روحي للمطبخ اغسلي المواعين الباقية ياللا.. ياللا.. [ثم
إلى التلميذة
] وعلى مود هذا الشي راح نحاول انهيئج للدكتوراه الجزئية.
الأخت: أستاذ.. أستاذ.. [تجره من كمه].
الأستاذ: [إلى الأخت] أرجوج، خليني أشتغل. عوفينـــي لوحدي، اش تريدين؟ [إلى التلميذة]
وطبعـــــا أشرحلج إذا جنتي رايده تستمرين بالتحضير للدكتوراه الجزئية.
التلميذة: بس آني ما دا أفهم شنو يعني تهيئني للدكتوراه الجزئية مو للدكتوراه!
الأستاذ: سؤال وجيه جدأ. أقصد بالدكتوراه الجزئية يعني الدكتوراه اللي مو كامله.. شلون يعني؟
يعني لما تكونين ما ضابطه موضوعج زيـــــــن وماتستاهلين الدكتوراه، وفي نفس
الوقــــــت مانكدر نقوللج روحي عوفيهه للدكتوراه، إذن شنو الحل؟ ألحل هو الدكتوراه
الجزئية، يعني نص دوكتوراه، دكتوراه إلا شويه. وهـــــذا حال أغلب الدكاتره يا آنسه،
مو بس إنتي. لا تديرين بال.
التلميذة: زين أستاذ. ولو آني كل شي ما افتهمت، بس ما يخالف. آني أريد أستمر بالاستعداد
للدكتوراه الوحده ونص.
الأستاذ: على النص، مو وحده ونص ، أوه، أقصد نص ونص. والله تيهتيني.
التلميذة: ياللا أستاذ، أرجوك.
الأستاذ: زين، خلي ناخذ هسه مبادئ فقه اللغة المقارن، اللسانيات المقارنة.
الأخت: يا معود، أستاذ، لخاطر الله، لا تسويهه، أرجوك لخاطري.
الأستاذ: باجي! ترى انتي طوختيهه!
الأخت: إي كل شي ولا فقه اللغة، فقه اللغة أنجس شي.
التلميذة: [مندهشة] أنجس شي؟ عليش؟ [تبتسم ببعض الغباء] كلام غريب فعلا !
الأستاذ: [إلى الأخت] لا، ترى زادت عن حدها، اطلعي بره.
الأخت: ماشي أستاذ ماشي. بس مو ترجع وتقول ليش ما نبهتك؟ اللسانيات أنجس شي.
الأستاذ: آني مو قاصر يا باجي!
الأخت: سوي اللي تريده عيوني سوي اللي تريده [تخرج].
الأستاذ: نستمر يا آنسه؟
التلميذة: طبعا أستاذ، أرجوك.
الأستاذ: لعد راح أطلب منج متابعة المنهج اللي آني امسويه، بمنتهى الانتباه...
التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: بربع ساعة بس راح تعرفين المبادئ الأساسية لفقه اللغة المقارن في اللغات
الهندوأوروبية.
التلميذة: نعم أستاذ ، كلش عال [تصفق بيديها]
الأستاذ: [بقوة] بس ! ليش هيجي دا تسوين؟
التلميذة: اآسفة أستاذ. [تضع يديها بهدوء وبطء على المنضدة مرة ثانية].
الأستاذ: [مواصلا نهره لها] بس ! كافي. شنو هاي؟ [ينهض ويمشي في الغرفة ويداه خلف ظهره، يتكرر وقوفه في وسط الغرفة أو بالقرب مـــن التلميذة، ويعزز كلامه بالإشارة بيده، ويلقي درسه، بدون أن يبالغ في نبرة الإلقاء . تتبعـــه التلميذة بعينيها، بصعوبة أحيانا نظرا لاضطرارها إلى أن تستدير برأسها طوال الوقت، كما إنها تضطر إلى أن تستدير تماما لمرة أو لمرتيــــــن، ولكن ليس لأكثر من ذلك] اللغة الهندوأوروبية يا آنسه هي اللغة الأم اللي تولدت منها كل اللغات الأسبانية الجديدة اللي تشمل: الأسبانية، اللاتينية، الإيطالية، الفرنسية، البرتغالية، الرومانية، السردينية، والسردينيابولية، والسردينيابولية الجديدة. ونستطيع القول أيضا، اللغة التركية اللي هي قريبه جدا من اللغة اليونانية، وهـذا طبعا فد شي منطقي جدا لأن تركيا جيران اليونان واليونان صايره بصف تركيا بالضبط هيج مثل ما أنا وأنتي هسه. دا تلاحظين شلون؟ ومن هنا نوصل إلى قانون هام جدا من القوانين اللغوية اللــــــــي استنادا لها تكون الجغرافيا وعلــوم اللغة مرتبطة بعضها ببعض.اكتبي بدفترج يا آنسه كل اللي أقولــه.
التلميذة: [بصوت مختنق] نعم أستاذ.
الأستاذ: اللي يميز اللغات الأسبانية الجديدة عن بعضهــــا، ويفرق بينها وبين المجموعات اللغوية الأخرى، اللي تشمل اللغات النمساوية والنمساوية الحديثة، أو اللغات الهابسبورغية، أو مجموعــات أخرى مثل لغة الأسبرانتو واللغةالسويسرية القديمة والمونكاسك والأندورية والباسكية والبيلوتا. طبعا هذا من غير مجموعات اللغات الفنية والدبلوماسية. أريد أقول، اللي يفرق اللغات هاذي عن بعضها هو التشابه المدهش بينها لدرجة انــــه من الصعب جدا تمييزها من بعضها. آني هنا أقصد اللغات الأسبانية الجديدة نفسها اللي ممكــــن، بطريقة معينة، التمييز بينها. والفضل في هذا يرجــع للصفات اللي تتميز بيها كل لغة واللي هي دليـــــل قاطع لا يقبل الشك على هذا التشابه الملحوظ وإثبات أكيد لأصلها المشترك، وفي نفس الوقت هيه اللي تفرق بينها بوضوح عن طريق المحافظة على الصفات المميزة اللي تكلمت عنها.
التلميذة: أوه يا أستاذ، أوه !
الأستاذ: لكن، خلينا هسه من الأشياء العامة.
التلميذة: [بأسف] أوه يا أستاذ!
الأستاذ: الظاهر عليج إنتي مرتاحه من هذا الموضوع.. ها.. كلش عال، كلش عال.
التلميذة: نعم أستاذ، فعلا.
الأستاذ: لا تزعلين عزيزتي، راح نرجع له بعدين. هذا إذا رجعنا له أصلا، منو يدري؟
التلميذة: [مسرورة بشكل ما] نعم أستاذ.
الأستاذ: كل لغة يا أنسه.. اكتبي هذا اللي دا أقوله، اكتبيه زين، وخلي ها الكلام ببالج لآخر يوم في حياتج. للموت لازم ما تنسيه، زين!
التلميذة: نعم أستاذ، للموت ما راح أنساه، نعم أستاذ.
الأستاذ: وللمرة الثانية، راح ناخذ قاعدة أساسية. كل لغة هي في الحقيقة مجرد طريقة في الكلام.
وهذا معناه طبعا إن اللغة بالضرورة لازم تتكون من مجموعة من الأصوات أو...
التلميذة: الطبقات الصوتيـــــة.
الأستاذ: على طرف لساني، اللي قلتيه هسه، إذا أمكن، ماكو داعي تستعرضين معلوماتج. اسمعي
أحسن.
التلميذة: حاضر أستاذ. العفو أستاذ.
الأستاذ: الأصوات يا آنسه لازم تنلكف وهيه طايره بجناحاتها. ليش؟ حتى لا توكع على إذن
طرشه. لذلك، إذا ردتي وقررتي أن تتكلمين، أنصحج، مدّي رقبتج وحنجج لي كدام على
قد ما تكدرين، وأوكفي على رووس أصابيعج، شوفي شلون، مثل ما راح أسوي.
التلميذة: نعم أستاذ.
الأستاذ: لا تحجين. اكعدي بمكانج.. لا تقاطعيني، وطلعي الأصوات عالية قدر ما تكدرين، بكل قوة. من الرئتين طلعيها وبمساعدة الحبال الصوتية. ها الشكل شوفي انتبهي إلي زين: فراشه، فررراشه، فاراشا، دا تلاحظين شلون؟ شوفي هاي اللخ: ألطرف الآخر، ألطرف الآغر، الطرف الأغر، أطرافل غار، أطرافلكـــــــــار، اترافلكار. اترافلكه ر. ملاحة، ما لاحـــه، مل لاحه، مي لاحه.. وبالطريقة هاي، الأصوات تنملي بالهواء الساخن اللي وزنه أخف من الهواء اللي يحيط بينا، وتطلع لي فوك لي فوك، لا تخافين عليها، أحسن ما توكع على إذن طرشه، لي فوك ، تروح لمقبرة الأصوات الجميلة الضايعة. وإذا أطلقتي أصوات مختلفة بسرعة راح تتشابج ويه بعضها بطريقه أوتوماتيكية، وراح تتكون المقاطع الهجائية، والكلمات، وحتى الجمل، وبهذا الشكل، راح تتفاوت أهميـة التكوينات هاذي. ولأن الأصوات تتشكل بطريقة غــير منطـــقية وبعــيده عــن كل إحساس، إذن هيه راح تكدر تبقى في طبقات الجو العليا على ارتفاعات كبيرة جدا، بدون أي خوف عليها من أن تسقط، ما عدا الكلمات الهامة جدأ، المليانه معاني، هـاي الكلمات تنزل جوه، تحت، ودائما، تستسلم في النهاية.....
التلميذة: توكعلها على آذان طرشه ما تسمع.
الأستاذ: بالضبط.. بس رجاءأ لا تقاطعيني [يواصل الدرس] في غموض غريب، أو، تنفجر مثل
النفاخة. وبهذا الشكل [تبدو الفتاة فجأة وكأنها تعاني من ألم ما] اشبيج؟
التلميذة: سن العقل عندي دا يوجعني أستاذ.
الأستاذ: مو مهم. شي بسيط مثل هذا ما يكدر يوكفنــا. ياللا نكمل.
التلميذة: [التي تزداد آلامها] نعم أستاذ. سنّي دا يوجعني.
الأستاذ: نكمل.
التلميذة: نعم.
الأستاذ: ياللا، راح أختصر. تعلّم ألنطق يطول سنين وسنين. إحنا نكدر نتعلمه بدقائق، والفضل في هذا يرجع لمين؟ يرجع للعلم. نكدر نسوي أصوات وكلمات وأي شي نريده، وكل اللي عليج تسويه انج تنتبهين للنقطة التالية وهي إن الهواء اللازم، أقصد لازم يخرج،يطلع، بقوه من الرئتين وبعدين يمر بكل لطف على الحبال الصوتية، ويلزمها بأصابيعه، على كيفه، يلزمها، مثل ما يلزم أوتار عود، لو أوراق أشجار بالخريف، ف ايش يصير؟ تقوم هاي الحبـــــــال تتذبذب، ترتعش، اتلح، اتصوفر، ترقص، ولما ترقص، كل شي يرقص، اللسان، ولسان المزمار، واللوزة، والأسنان.
التلميذة: [تصرخ قليلا] آخ يا يابه، إسنوني توجعني.
الأستاذ: [مواصلا] والشفايف.. وبالأخير، تطلع الكلمات من الخشم ومن الحلق ومن الأذن ومن المسامات، وتاخذ وياها بالطريق كل وسائـــل الكلام اللي قلناها، قويه، وموكبها عظيــم، مو أقل من اللي نقول عليه موكب منظـــــــم، وباقات ورد بكل مكان، أغنية، أو سيمفونية عنيفة، باقات من أصوات جميله خياليه، شفايــف وأسنان وحلوك، والباقي، شوية حنيه ونعومه، شويــــــة أصوات مُنْكَرَه وعياط قبيح وعنف.
التلميذة: أستاذ الله يخليك، أسناني دا توجعني.
الأستاذ: طيب، نكمل نكمل. بالنسبة للغات الأسبانية الجديدة ، هناك علاقات قويه جدا بينها، لدرجة انه إحنا غالبا ما ننظر لها على انها مثل أولاد عم، لا بل أكثر من هذا، انه أمهم واحده، الهندوأوروبية، والهاء ما تنلفظ، وهذا سبب صعوبة تفريقها عن بعضها وهو السبب اللي يخلينا نلفظ صح ومـــــا نغلط. والنطق الغلط يسبب مشاكل مضحكة. وما دام احنه بهذا الموضوع، خلي أحجيلج فــــد سالفة زغيره [فترة هدوء. يستغرق الأستاذ لفترة في ذكرياته، ويصبح تعبيره عاطفيا رقيقا، ولكنه سرعان ما يستجمع نفسه ويتدارك الأمر] القضية صارت من جنت طفل زغير، كلش زغير، جنت مجند وجان معايا واحد مجند أيضا بس جان عنده مشكله بالنطق، والحقيقة انه هاي المشكلة بمــــرور الزمن تحولت عنده إلى عيب فاضح. ما جان يكدر ينطق حرف الفاء. فبدال ما يقول فاء، في، فيه، جان يلفظها فاء، فيه، يعني ما يكدر ينطق f بس ينطق v. فإذا صاحبنا راد يقول مثلا "حديقه فخمه" يقول "حديقه فخمه". وهو جان ينطق " فتاة جميلة" على شكل " فتاي جميلة". وإذا اشترينــــــــــا كتاب مترجم وجان مطبوع بمؤسسة "فرانكلين" للنشر، يقول هذا الكتاب مطبوع بمؤسســـــــــة "قرانكلين" للنشر، ويلفظ "إيف مونتان" على شكل "إيف مونتان". مثلا، " كلام فارغ "هي " كلام فارغ"، " فيلم فكاهي" هو "فيلم فكاهي" أو "فيلم فاكاهي".. "فه فيت ففيغه ت فم" تصير "آني شميت ريحة دم"."الملك فيليب" تصير عنده "ألملك فيليب" و"شباط" إمبدال "شباط" و" نيسان- مايس" إمبدال" نيسان- مايس". وحتى "جالينوس أبو الطب" ما سلم منه وصار "جاليـــنوس أبــو الطــــب". مثل ما صار "نابوليون" إمبدال "نابوليون"... "إلى آخره" تصير "إلى آخره"، وهكذا، الخ الخ... لكن جان حضه زين لدرجة انه جان يكدر يخفي هذا العيب، والفضل يرجع إلى طريقته وأسلوبه في اختيار الشفقات، أقصد ألبيريات، القبعات، وما أحـــــد جان على الإطلاق ينتبه إلى سوء نطقه.
التلميذة: آخ يمه، سنوني، راح أموت.
الأستاذ: [يغير من نبرة صوته بسرعة] خلينا نكمل. بالأول، راح نشوف أوجه التشابه
وبعديــــــن نكدر نفهم بشكل أحسن، شنو اللي يميز لغــة عن لغة. المميزات والفوارق
نادرا ما يحس بيها اللي ما عنده تمرين، اللي ما متمرن علـــى أن يكتشف أو يحس
بالفروق، لأن كل الكلمـــات في كل اللغات...
التلميذة: نعم؟ دا أقولك سنوني توجعني.
الأستاذ: نكمل محاضرتنا [يواصل] هيه نفسها، ما تتغير، لها نفس النهايات ونفـس البدايات، نفس
الأواخر، نفس الجذور.
التلميذة: يعني كل جذور الكلمات جذور تربيعية؟
الأستاذ: تربيعية، أو تكعيبية، حسب الظروف!
التلميذة: أسناني توجعني.
الأستاذ: الأصول الأساسيه لتركيب الكلمات بكل اللغات واحده، باللاتينية والايطالية والبرتغالية
nbsp

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف