مسرح إيلاف

مسرحية تتحول لقضية سياسية في بريطانيا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن: تحاول ادارة شرطة غرب مقاطعة الميدلاند وعدد من المحامين انقاذ محادثات بين زعماء طائفة السيخ والمدير الفني لمسرح برمنغهام، بعد فشل لقائهم الأول صباح اليوم للتوصل لحل وسط حول عرض مسرحية اعتبرها رجال الدين السيخ اهانة للعقيدة وللطائفة. وكانت الأزمة تفجرت عقب مواجهات ساخنة ادت الى تحطيم نوافذ المسرح والقبض على ثلاثة واصابة اربعة من رجال الوليس مساء السبت عندما تظاهر 400 من السيخ محاولين ايقاف عرض مسرحية " بيهزتي" – وتعني العار او انعدام الشرف، بعد اتهام مؤلفتها غوربيت كاور بهاتي وهي من طائفة السيخ بالكفر والحاق الأذي بالمعتقدات الدينية.
وكان عد من رجال الدين السيخ، والذين اعترفوا للصحافة بانهم لم يشاهدوا المسرحية او يقرأوا نصها، قد طالبوا من الناس مقاطعة المسرحية، وطالب البعض باغلاق المسرح والغاء العرض. وتدور احداث المسرحية، وهي من نوع الكوميديا السوديء، في معبد خيالي للسيخ، وتضم مشاهد عنف، وتحرشات واعتدائات جنسية وحادثة قتل، ألامر الذي دفع رجال الدين السيخ الى الهاب مشاعر المصلين السيخ في معابدهم المنتشرة في المنطقة المحيطة بمدينة ببرمنغاهم.
وبعد رفض مدير المسرح ايقاف المسرحية بتدخل رجال الدين والمتظاهرين مما يعتبرونه رقابة غير مقبولة وانتهاكا لحرية التعبير واستجابة لأبزاز العنف، حاول عدد من السياسين منهم عضو مجلس العموم عن المدينة، المسلم خالد محمود، وممثلي المجلس البلدي من حزب العمال الحاكم التوصل لحل وسط؛ حيث قال زعماء الطائفة انهم لايمانعون استمرار عرض المسرحية اذا ماتغير مكان الأحداث من معبد ديني الى أي مكان آخر، وازيلت من المشاهد الرموز الدينية. لكن مدير المسرح يرفض ذلك لأن جوهر الموضوع هو سوء استغلال بعض رجال الدين لتلهف ابناء الطائفة على الحصول على مباركة المعبد ورجاله.
ويقول ساني هندال، رئيس تحرير وكالة الاشيان ميديا نيوز، المتخصصة في اخبار شبة القارة الهندية والجاليات الأسيوية في بريطانيا، ان رجال الدين حرضةا الناس ضد المسرحية، لأن مؤلفتها غوربيت كاور بهاتي، وهي من مواليد مدينة واتفورد شمال غرب لندن لأسرة هندية من طائفة السيخ، تلقي بالضوء على سوء استخدام رجال الدين السيخ لمناصبهم. واضاف بأن الأسيويين عموما لايحبون " نشر الغسيل القذر". وانتقد هندال تصرف زعماء السيخ واتهمهم بمحاولة فرض الرقابة في بلد يقدس حرية التعبير، لكنه طرح ايضا السؤال حول تلهف دور النشر وادارات المسارح على تقديم الأعمال التي تنتقد السيخ، وتجاهل الأعمال التي تبين ايجابيات الديانة.
ويرى بارني شوذري، مراسل البي بي سي لشؤون الجاليات ألآسيوية ، ان المسرحية لم يكن يتوقع لها النجاح، وكانت ستعرض مكسرح تجريبي لايتمتع بجماهيرية كبيرة، لولا مظاهرة يوم السبت والمصادمات العنيفة مما وفر لها دعاية كبيرة ادت الى بيع تذاكر معظم العروض. واتهم ياسديف راي، مدير جماعة حقوق الأنسان والمساواة للسيخ المسرح بالعنصرية قائلا مجلس الفنون يعطي منح لأبناء الأقليات الذين يقدمون اعمالا فنية تغضب جالياتهم، بينا لايدعم المواهب الحقيقية من هذه الجاليات.
وضم اسقف الكنيسة الكاثوليكية في برمنغهام، فينسينت نيكولز صوته الى المنتقدين للمسرح، وناشد مديره انهاء عرض المسرحية. ويضم فريق المعترضين على المسرحية، نائب البرلمان المسلم للمدينة خالد محمود، ورئيس المجلس البلدي مايكل ويتبي. ويقف في الناحية ألأخرى من الجدل المدافعين عن حرية الرأي والتعبير والمنتقدين لتسلط الحكومة وتدخلها في شؤون حرية التعبير بحجة الحفظ على مشاعر الأقليات. ويشير المحامون السيخ الى تقرير نشر قبل اربع سنوات حول عمل البوليس بعد فشل شرطة لندن قبل عشرة اعوام في تقديم ادلة تدين اربعة من الشباب الأبيض لتهموا بقتل التلميذ الاسود ستيفين لورانسأ بفقرة تضمنها التقرير بان أي حدث عنصري هو الحدث الذي يفسره ضحية الفعل او أي شخص آخر على انه عنصري، وان الحدث يشمل جرائم العنف او أي حدث آخر، مطالبين الشرطة بالتحقيق في نوايا منتجي المسرحية. والبوليس في موقف لايحسد عليه لآن المسرحية وممثليها – وهم ايضا من السيخ – والمؤلفة والمخرج لم ينتهكوا أي قانون من القوانين.
والحادثة تعيد للذاكرة أزمة رواية الأيات الشيطانية لمؤلفها البريطاني المسلم المولد سلمان رشدي عام 1989، وهي رواية خيالية حول حادثة أيات شيطانية التي اختلف فقهاء المسلمين والمؤرخين حول صحة ماذا كانت الأيات الثلاث قد تضمنتها سورة النجم في نزولها الآول ثم حذفها الرسول بعد تصحيح الملاك جبريل له عند استعادتها حسب رواية الطبري، ام انه لااساس لها من الصحة. واضطر رشدي للأختباء بعد اصدار اية الله الخميني فتوى باهدار دمه، وادى ألأمر لقطع العلاقات بين ايران وبريطانيا ومعظم دول اوروبا لعقد كامل حتى سحبت ايرين الفتوى.
والمؤلفة كاور بهاتي رشحت لجائزة افضل عمل درامي بتمثيليتها " عنصرية" في مهرجان جائزة الأعلام السنوي في العام الماضي، وكانت ممثلة تحولت للتأليف بمسرحيتها الأولى بيشحرام عام 2001، وحققت نجاحا جماهيريا في لندن وبرمنجهام، لكن النقاد حذروا من انها مثيرة للجدل، ومزعجة للمزاج التقليدي بل وتصدم المشاعر. وحذر ناقد صحيقة التايمز بانها المسرحية الثانية بيهزتي " مستفزة للمشاعر" الأمر الذي دفع بالمجلس البلدي في المدينة لتحذير المسرح من استفزاز المشاعر، لكن لايتيح لهم القانون ايقافها. وترفض المؤلفة التعليق او الحديث للصحافة بعد تلقيها تهديدات بالقتل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف