الكنيسة مع حكومة السنيورة والمعارضون مستاؤون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الضجة لم تهدأ حتى اليوم في لبنان حول بيان بكركي
الكنيسة مع حكومة السنيورة والمعارضون مستاؤون
إيلي الحاج من بيروت: لا يزال بيان مجلس الأساقفة الموارنة الذي أيد بقاء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ووجهة نظر "قوى ١٤ آذار/ مارس" يتفاعل في لبنان رغم مرور أربعة أيام على صدوره،المواقف منه تتلاحق من كل المواقع ، والقراءات فيه تعددت وانقسمت مؤيدة ومعارضة.
المؤيدون يركزون على أن البيان" محطة في مسيرة وطنية تؤكد تمسك اللبنانيين بمقوّمات وحدتهم الوطنية والسياسية"، وإنه" وضع الأصبع على الجرح وجسد التطلعات الوطنية لجميع اللبنانيين"، وإن محاولات "حزب الله" وتيار الجنرال ميشال عون لإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة الثلث المعطل لن تنجح لأن البطريرك الماروني نصرالله صفير أكد أهمية الاستمرار في هذه الحكومة والاستمرار في السعي إلى إنشاء المحكمة الدولية للنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبقية الجرائم السياسية التي شهدها لبنان في العامين الماضيين، وبالتالي سواء تراجع "حزب الله" وحليفه عون خلال الفترة المقبلة أم لم يتراجعوا، فإن التغطية المسيحية لمطلب تغيير الحكومة غير موجودة حالياً.
ويضيف المؤيدون أن البيان الصادر عن مرجعية الكنسية المارونية" يعكس رأي مسيحيي لبنان بأكثريتهم الساحقة لأنه صادر عن موقع هو بمثابة ضميرهم، مما يستدعي اعادة نظر في بعض المواقف من نوع الحديث الذيكان يجري سابقا عن أكثرية وهمية أو أكثرية فعلية".
ويقولون أيضاً إن الانتقادات التي تضمنها البيان للكلام الذي يقال في المهرجانات السياسية، موجهة إلى "مطلقي الكلام الذي يشكك والذي لا يذكر اتفاق الطائف، أي التسوية التاريخية بين اللبنانيين، والذي يتجاوز المصالحة الوطنية التي حصلت بمباركة البطريرك وحضوره في الجبل".
ويرى أصحاب هذا المنطق أن ردود الفعل المتحاملة على البيان "أتت من أدوات سورية تتطلع إلى استنفار الغريزة الطائفية لدى المسيحيين من خلال تصوير كل مرجع روحي او شخصية سياسية تحرص على الاستقلال والوحدة الوطنية بأنها تابعة لزعامة النائب سعد الحريري"، الذي ذهب الوزير السابق سليمان في حملته على بكركي إلى القول إنه سيكون رئيس الجمهورية المقبل للبنان.
رأي المعترضين
وتتمحور وجهة نظر معارضي توجه الكنيسة المارونية، وأبرزهم بعد "حزب الله" طبعاً، الجنرال عون والوزير السابق فرنجية، على أن بيانها يشكل انحيازاً خطراً لا سابق له ويجيء في مرحلة مصيرية، وأن انتقاد الأساقفة الموارنة في بيانهم "المهرجانات التي لا تدل على بناء وطن جديد بعد المحنة القاسية"،يناقض رعاية البطريرك أحد هذه المهرجانات وحضور ممثل له فيه ، في إشارة الى مهرجان حزب " القوات اللبنانية" في حريصا، ويسأل هؤلاء هل أن المهرجان الذي رعاه البطريرك هو "لبناء وطن جديد، فيما كانت المهرجانات الأخرى ( ل"حزب الله" وأنصار عون) هي لهدم الوطن؟" .
كما يسألون عما اذا كان لدى الأساقفة الموارنة وثائق دامغة تؤكد ان "هدف المطالبين بإبدال حكومة السنيورة "يخفي مقاصد خفية يراد منها تعطيل تأليف المحكمة الدولية" كما جاء في البيان؟ ويلفتون إلى أن القرار ١٥٩٥ الصادر عن مجلس الأمن لا يمكن ان يكون ناجزا الا اذا انتهى بتشكيل هذه المحكمة، وان آلية انشائها قد قطعت شوطا بعيدا على المستوى الدولي، وعندما يصدر قرار من مجلس الأمن فلا يمكن لأي قرار محلي ان يبطله او يلغيه؟
ويعتبر المعترضون أن البيان" يخرج عن السياق الوطني العام الذي اتصفت به بكركي، التاريخ والتراث والمرجعية الوطنية...وهو بيان سياسي بامتياز وبيان يفرق ولا يجمع ويأخذ بوجهة نظر فريق ضد آخر ويزيد إحباط الموارنة والتقوقع في الصف الماروني ويدفع الى مزيد من الهجرة بحثا عن وطن بديل".كما يسألون عن سبل مواجهة بكركي الاستحقاق الرئاسي، وهي في طليعة المنادين بالتغيير الرئاسي، لكن بالوسائل الديمقراطية وبمنأى عن الشارع؟ وهل ترى في التشرذم الحاصل بادرة خير وأمل تؤمن اجراء انتخابات رئاسية وسط أجواء ديمقراطية مريحة لانتخاب رئيس يجسد الوحدة الوطنية؟ وهل يخدم البيان مثل هذا التوجه؟. ويختم هؤلاء بنفي "أي علاقة لحكومة الوحدة الوطنية بتعطيل المحكمة الدولية، فالحكومة الوطنية لو تشكلت ستكون منبثقة من طاولة الحوار التي وافق جميع أطرافها على المحكمة، وبالتالي فلا داعي لأي قلق غير مبرر".
رؤية الكنيسة
في مقابل هذين الموقفين تستغرب مصادر قريبة من بكركي الضجة التي أثارها البيان، لا سيما الفقرة المتعلقة بتغيير الحكومة، وتقول إن الكنيسة لا تنفي على أي طرف حقه الديموقراطي في أن يطالب بالتغيير الحكومي، لكنها تعتبر ان "مقاربة هذا الموضوع الآن قد تشكل خطرا يتمثل في شل البلاد وابقائها من دون حكومة ربما لأشهر عدة، خصوصا ان هناك من يلوّح بما بات متعارف عليه "الثلث المعطل" والذي يعني ان في امكانه تعطيل عمل الدولة...ولو كانت الأوضاع في البلاد هادئة أكثر ويسودها مناخ من الثقة وليس التشكيك والاحتقان والسجالات المتشنجة، لكان من الطبيعي السير بمطلب حكومة الوحدة الوطنية، أما الآن فنخاف ان ينفجر الوضع أكثر".
وتوضح أن الكنيسة لا ترفض قيام حكومة وطنية بعد تشكيل المحكمة الدولية، وهي تأمل في ان تتلقى وغيرها من اللبنانيين تطمينات جدية تبدد المخاوف التي تشعر بها من احداث فراغ سياسي وأمني في البلاد، وتلفت ختاماً إلى أن "الكنيسة تميّز أساسا بين علاقتها بالأشخاص وبين موقفها من القضايا الوطنية الكبيرة والمصيرية، فالبيان لم يستهدف الجنرال عون، لأن مطلب تغيير الحكومة تقدمت به قوى حليفة لسورية وأعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله".
رؤية دبلوماسية
أما الإنطباع السائد لدى دوائر دبلوماسية مراقبة في بيروت ، فهو ان الحملة ضد حكومة السنيورة على ضراوتها لن تغيّر شيئا في واقع الحال ، وسيكتشف الجميع انهم محكومون بالتوافق وبالعودة الى لغة الحوار، خصوصاً أن النزول الى الشارع سيف ذو حدين ولا يسلم أحد من أضراره. وتلاحظ كذلك أن خروج وزيري "حزب الله" من الحكومة ليس كافيا لإسقاطها، وأن الاستقالات الجماعية لنواب الأقلية من البرلمان ليست كافية هي أيضاً للدفع في اتجاه انتخابات نيابية مبكرة، وستنتهي هذه الجولة من الضغوط على الحكومة ليس الى تغييرها بل الى تفعيلها وتأمين مقوّمات استمرارها حتى نهاية ولاية الرئيس إميل لحود الممددة وانتخاب رئيس جديد خلال أقل من سنة، إذا لم يطرأ ما يمكن أن يفرض عليه الإستقالة أو على المعنيين الإقالة بفعل ما يتحدث عنه الضابط السوري محمد زهير الصدّيق من باريس.
وتميل الدوائر الدبلوماسية نفسها الى الربط بين التصعيد الداخلي في لبنان لمحاولة إسقاط حكومة السنيورة وبين الوضع الدولي الآخذ في التنامي والتضييق على "حزب الله"بموازاة دعم الحكومة وتعزيز وضعها، لتخلص إلى أن الغاية من الحملة على حكومة السنيورة هو احتواء حملة الضغوط والتدخلات الدولية في لبنان وتمييع عملية التطبيق الحازم للقرار ١٧٠١ .