ماذا تكون عيدية لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بري أخفق في تحسين العلاقة السعودية- السورية
ماذا تكون "عيدية" لبنان بعد "هدنة رمضان"؟
إيلي الحاج من بيروت: ليس في لبنان ما يستدعي القول إن زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري للمملكة العربية السعودية أحدثت اختراقا مهماَ وملموسا في جدار الأزمة السياسية أو حققت كل أهدافها، ولكنها على الأقل أوقفت موجة التشاؤم والمخاوف الجدية من تفاقم الأزمة وتفجرها بعد انتهاء ما اصطلح على تسميتها " هدنة رمضان" ، ولعل أولى ثمار"بوادرالانفراج" كانت التوافق على التشكيلات والمناقلات الديبلوماسية التي أقرها مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها اليوم وترأسها رئيس الجمهورية إميل لحود في حضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رغم اعتراضات غير صاخبة على توزيع بعض الحصص الطائفية.
إلا أن زيارة بري للملكة لم تنزع فتيل الانفجار لأن الوضع على درجة من التعقيد والصعوبة ويحتاج الى متابعة حثيثة، وقد بات أصبح أكبر من قدرات بري وطاقته السياسية، وان هناك أوراقا وأجزاء من الوضع أفلتت من يده ، لا سيما الأوراق التي يمكن وصفها بأنها ذات "بعد اقليمي" وترتبط بعلاقة السعودية مع كل من إيران وسورية. أما شبه المؤكد في نتائج الزيارة فهو أنها أحرزت تقدما في موضوع العلاقة بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" وفي أجواء العلاقة بين "حزب الله" والمملكة السعودية، ويرجحفي هذا السياق ان "العيدية" التي وعد بها بري ستكون مزدوجة وتتمثل في لقاءين سيحصلان على أبواب العيد بين الأمين العام للحزب الشيعي السيد حسن نصرالله وكل من السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجه ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري سعياً إلى اعادة وصل ما انقطع في فترة الحرب.
وإذا كانت لزيارة بري للسعودية انعكاسات وتأثيرات ايجابية وأكيدة على العلاقات والأجواء السنية الشيعية وفي اتجاه احتواء التوترات الأخيرة في السياسة والشارع وقطع دابر الفتنة، فإن تأثيرات هذه الزيارة على مسار الأزمة الداخلية وتحديدا على الوضع الحكومي الذي يشكل محور الصراع السياسي في المرحلة الراهنة لا تبدو أكيدة، وما من مؤشرات واضحة إلى انفراج على هذا المستوى وكسر حدة المأزق السياسي.
ومقابل "عيدية بري" تبرز "جدية" حزب الله"، الذي يحرص على علاقته التحالفية مع بري ويصغي اليه ويدعم جهوده السياسية، ولكنه يحتفظ لنفسه واستنادا الى قراءة ومراجعة شاملة أجراها بعد الحرب بأجندة سياسية خاصة للمرحلة المقبلة البند الأول فيها هو "الحكومة". ومن بين الأمور التي تؤكد عليها اوساط الحزب أمران: الأول، لا تراجع عن الدعوة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية مهما تزايدت الضغوط والحملات والمواقف الرافضة لهذا المشروع، ذلك ان الواقع اللبناني بعد صدور القرار ١٧٠١ يدفع في اتجاه الالحاح على التغيير الحكومي، ولم يعد مقبولا بعد اليوم استمرار التوازنات السياسية الحالية، وإن الحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة قرار نهائي. أما الثاني فهو أن لا عودة الى مؤتمر الحوار الوطني بصيغته السابقة، ليس فقط لأسباب أمنية تتصل بتعذر مشاركة السيد حسن نصرالله شخصيا ، انما لأسباب سياسية لأن الحوار في صيغته واطاره السابق أثبت عقمه وعدم جدواه في المسائل المتنازع عليها داخليا، ولأن أي حوار مكانه واطاره الطبيعي "حكومة وحدة وطنية" تكون بمثابة "هيئة حوار دائم" .
في جانب آخر تتحدث اوساط الرئيس بري عن ان الجانب المتعلق في زيارته بالعلاقات السعودية السورية لم يؤت نتائج وفق طموحات رئيس المجلس الذي كان يأمل في انفراج على هذا الصعيد يعكس نفسه على الوضع الداخلي في لبنان، ويوضحون ان بري لم يسمع من القيادة السعودية أي كلام سلبي عن سوريا، لكن ما سمعه أوحى أن عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين لم تنضج بعد، إذ ركز العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيزعلى الصداقة المتينة والحميمة التي كانت تربطه بالرئيس الراحل حافظ الاسد، وهو ما يعكس نوعا من العتب ، إن لم يكن أكثر من العتب، يحمله القادة السعوديون من كلام أطلقه الرئيس بشار الاسد في الخطابهالشهير الذي هاجم فيه بعض الدول العربية، والسعودية ضمنا، بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل و"حزب الله" .
يذكر أن مصادر دبلوماسية مراقبة لاحظت تحسناً في العلاقات القطرية - السورية في موازاة التراجع في العلاقات السورية السعودية . وفي حين نقل عن الرئيس الاسد اشادته بقطر وما أثبتته من "موضوعية وواقعية"خلال لقائه مع وفد اسلامي لبناني، نقل عنه في المقابل انتقاده للموقف السعودي خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان وبعدها .
ومن مظاهر العلاقات الجيدة بين دمشق والدوحة أن قطر هي التي شجعت على دور سوري في الوساطة بين قيادة حركة حماس في دمشق والرئاسة الفلسطينية، كما دفعت في اتجاه قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية، ولكن هذه الوساطة لم تصل الى نتيجة مما جعل الحاجة ملحة من جديد الى الوساطة المصرية المنسقة مع السعودية، كما أن ان الحضور القطري تنامى في لبنان في فترة الحرب وما بعدها عبر البوابة السورية.