لا عودة لطاولة الحوار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نفى أن يكون محشورا وأكد ثقته بحزب الله
عون لـ "إيلاف": لن أعود لطاولة الحوار
حسن المصطفى- موفد "إيلاف" إلى لبنان: في مكتبه الخاص، بدارته في "الرابية"، استقبلنا الجنرال ميشال عون، في جلسة خلت من الرسميات، أو التعقيدات الشكلية. دار معه الحديث على مدى ساعة كاملة، بدا مرتاحا، غير مرتبك، جلية على محياه ابتسامة المنتصر، كيف لا، وها هي ورقة التفاهم التي وقعها مع حزب الله، تثبت جدواها العملية يوما بعد يوم، كما تقول أوساط التيار الوطني الحر، كما تثبت انها أتت كضمانة جنبت لبنان الكثير من المشاكل التي كان من المحتمل أن تقع في الحرب الأخيرة.
توجهنا إلى "سماحة الجنرال"، بالسؤال بداية عن موقفه من نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية، فأجابنا " لسنا بحاجة لقوات دولية على الحدود السورية، لأنه بمقدورنا كدولة لبنانية أن نُؤمن حدودنا مع سورية. ولكننا ننتظر من الحكومة أن تأخذ القرار المناسب، وأن يكون قرارها معللا تجاه الرأي العام اللبناني"، موضحا "أن هنالك وجهة نظر مع جلب قوة دولية رادعة، تهدف لتجريد حزب الله من السلاح، مع وجود قوى أمنية ليس لمراقبة الحدود اللبنانية السورية، بل الإمساك بها. وهذه في نظرنا ليست النظرة الصحيحة، لأننا نعتقد أن سلاح حزب الله أنتجته ظروف موضوعية، وهي احتلال أرض لبنانية من قبل إسرائيل، ومن هنا انطلقت المقاومة".
واعتبر عون أن " القدر الاكبر من مشكلة الاحتلال حلت الان وبقيت مخلفاته التي يجب أن تحل، ليندمج السلاح عندئذ بسلاح الدولة اللبنانية. لأن مقاربة الموضوع بالقوة في لبنان لا تحل المشكلة، ولذا يجب حل الأسباب التي تؤدي إلى الحاجة إلى السلاح".
القرار الدولي 1701، كيف ينظر الجنرال عون إليه عمليا على الأرض، اليوم؟ يعلق مجيبا "اليوم وبعد القرار 1701، نرى أن إسرائيل تدخل إلى بعض القرى اللبنانية لتوقف بعض ألاشخاص وتحتجزهم. في حين أن المقاومة التزمت بقرار مجلس الأمن الدولي، فيما إسرائيل تتصرف دون رادع".
وأنت تستمع لكلام زعيم التيار الوطني الحر، تلحظ أن لديه شعور كبير بالطمأنينة وعدم الخوف من سلاح حزب الله، ما يدفعك للاستفهام عن منشأ هذه الطمأنينة؟ يقول الجنرال عون "لكل إنسان تاريخ، ولكل مؤسسة تاريخ، وتاريخ حزب الله في لبنان تاريخ مشرف من ناحية استخدامه للسلاح. فهو لم يستخدمه يوما ضد الداخل، وكان دائما موجها إلى الاحتلال الإسرائيلي، لتحرير الأرض اللبنانية، فلماذا أتهمه اليوم في نواياه طالما لم تكن هنالك قرائن!".
الطمأنينة لدى سيد الرابية، لا تجدها لدى السياسيين المسيحيين ممن يختلفون معه في وجهة النظر، بل تراهم أكثر خوفا وتوجسا، وهو الخوف الذي يرى عون انه "عائد للخيارات السياسية أكثر من كونه خوفا حقيقيا من السلاح. ربما يكونوا خائفين من السلاح، لكن لا يحق لهم أن يجهلوا حزب الله إلى حد الخوف منه". وشدد على "ان ما يبث من شائعات هنا وهناك، يساهم بشكل سلبي في توتير الناس وتخويفهم". وفسر عذه الظاهرة بالقول أنه "دائما عندما تتعرض البلاد إلى اعتداء و يسود جو من القلق والضبابية حول رؤية المستقبل، يطرح هذا القلق تساؤلات على الناس، وتكثر الشائعات. ونحن نحارب هنا شائعات عن حزب الله، بأنه سيعلن دولة إسلامية، وان المرأة سترتدي "الشادور"، وهذا كله كذب. فبنات الشيعة في الضاحية لم يلبسن كلهن الشادور فضلا عن باقي اللبنانيات. إن المشكلة تكمن في أن الخوف الشخصي لدى بعض السياسيين، ناتج عن خياراتهم الخاطئة، ولكي يدافعوا عن أنفسهم، يقومون بنقل الخوف للجماعة ليحتموا بها".
شريك "ثورة الأرز"، والركن الذي كان أساس في 14 آذار، تراه اليوم محاصرا من مناوئيه، وخصوصا من أقطاب سياسية تنتمي لذات البيت الطائفي الذي ينتمي له، وهو حصار يرى عون انه ناتج من كونه يمثل" قيادة مسيحية في هذه المرحلة، بصرف النظر عن امتداداتي الوطنية في الطوائف الأخرى. فأنا المؤتمن من قبل المسيحيين على تمثيلهم وأنا الموجود على أرض المنافسة في ساحتهم، وما يهمهم هم تغيير القيادة المسيحية، لا الشيعية ولا السنية ولا الدرزية، لأنها غير منافسة لهم. لذا تراهم يحاولون لصق كل شي أعمله برئاسة الجمهورية، بالرغم من أن كل ما أقوم به، هو ضد وصولي لرئاسة الجمهورية، فأنا لا أترك أحدا يمارس خطأ إلا وانتقدته".
ويرى عون أن ورقة التفاهم التي وقعت بين التيار الوطني الحر وحزب الله، "قامت على قضايا وطنية، وليست قضايا سياسية أو طائفية، كما أنه من المحتمل أن تطور ورقة التفاهم لمشروع أكبر. " وقال انه "من الضروري أن نوسع رقعة التفاهم لتضم الأطراف الثانية، وهذه دعوة للكل، ليس للشيعة فقط، وإنما للسنة والدروز وكل اللبنانيين"، معتبرا أن " الحوار هو الأسلوب الوحيد لحل المشاكل، ما يعني التخلي المطلق عن استعمال السلاح في الداخل، واعتماد النقاش والتلاقي سبيلا للحل، وهذا ما يجعلني مطمئنا لسلوك حزب الله. ونحن لم لو نكن واثقين من أن هذا التفاهم سيُحترم، لم نكن لنقوم من البداية لننقضه بعد أسبوع، خصوصا أننا اعتمدنا الديموقراطية التوافقية كمنهج على المستوى الوطني".
ويعتقد البعض أن ورقة التفاهم أحرجت الجنرال عون وجعلته محشورا في زاوية ضيقة، وهو ما ينفيه الجنرال الذي يقول "نحن في التيار لسنا محشورين، وعقدنا التفاهم بكامل إرادتنا. كما أن ورقة التحالف لا تحرم علينا الانفتاح على الآخرين، ولا تحجز أحدا. قد نجد غدا بنودا مشتركة بيننا وبين الحزب الشيوعي أو القومي، فنصيغها في ورقة تفاهم تقود لمزيد من التماسك الداخلي". ويذهب عون بعيدا عندما يخاطبك قائلا "لنضع ورقة التفاهم على جنب. حزب الله مقاومة لبنانية، وطالما الأرض محتلة والأسرى غير محررين، فحزب الله سيظل يمارس وضعه كمقاومة. كما أنني حتى لو لم أوقع ورقة التفاهم، كنت سأكون مع حزب الله في الأحداث التي وقعت، لأن هذا خيار وطني. في الجوهر أنا بالتأكيد معه، ربما أختلف في الأسلوب. لكن في جو المعركة لا يجوز أن يكون هنالك أي جهد خارج إطار تعزيز الوحدة الداخلية والتماسك، سياسيا وإنسانيا". وبضيف عون ان "حزب الله جماعة "أوادم"، وهذه نقطة قوة وضعف في آنٍ معا، تجعلهم محترمين في التعاطي مع الناس، وهناك شبه في التعاطي لدينا أيضا، وهذا يجعلنا ندفع ثمنا باهظا".
ما بعد 12 تموز(يوليو)، يجب أن لا يكون كما قبله، لا سياسيا، ولا حكومية، ولذا قرر الجنرال عدم النزول والمشاركة في طاولة الحوار مجددا، دون أن يعني ذلك رفضه مبدأ الحوار، شارحا وجهة نظره بالقول انه"من الممكن أن تكون للتيار مبادراته، لكن ليس في إطار الحوار السابق. أنا أعتقد أنه لكي يكون الحوار مجديا، لا بد أن يكون داخل الحكومة لتكون قراراته ملزمة للجميع. أما بالنسبة لمقررات الحوار السابق فإنها بالتأكيد لم تمت، وتشكل غطاء لأي حكومة ستتشكل، ولا بد أن تنفذها".
الجنرال ختم حديثه بالمطالبة بـ"ضرورة أن يكون هنالك تغيير سياسي حقيقي، وأن ترسم سياسة واضحة للحكومة، وأن تبنى السلطة بشكل متوازن، بعيدا عن المحاصصة والطائفية". ويطالب عون الدولة بضرورة حل مشكلة الحصار المفروض على لبنان بحرا وجوا، ويضم صوته لصوت الرئيس سليم الحص، في رفضه لعمليات التفتيش التي تخضع لها الطائرات القادمة إلى بيروت في مطار عمّان، والتي يراها تتناقض ومفاهيم السيادة والاستقلال.