أخبار خاصة

من يرث نصر حزب الله؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بلال خبيز من بيروت: اعلن السيد حسن نصرالله في حديثه إلى الزميلة "السفير": ان الأيام ستثبت ان حزب الله هو الحزب الأكثر تمسكاً بالسيادة والاستقلال. لكن السيد لم يوضح كيف سيكون ذلك وعلى اي أسس قد يقوم هذا التأكيد. رغم ذلك فإن في تأكيد السيد نصرالله ما يجعل مثل هذا القول يكتسب مصداقية كبيرة لدى شطر واسع من اللبنانيين. فالسيد نصرالله على رأس حزب الله اثبت انه وعد و صدق. وفي هذا الإثبات ما يكفي لجعل العبارة الغامضة والعمومية سبباً لاستيلاد الأمل. والحق ان المعترضين على سياسة حزب الله في لبنان في معظمهم لا يعترضون على استئناف حزب الله عداء لإسرائيل يعيد ربطه على الدوام بمجريات الصراع العربي - الإسرائيلي ويصر السيد على اضفاء البعد الإسلامي عليه مما يوسع حلقة المتصارعين مع إسرائيل لتشمل دولاً إسلامية كأندونيسيا وباكستان فضلاً عن ايران في طبيعة الحال.

بل ان الاعتراض على سياسة حزب الله منشأها الاصلي يندرج في شقين اساسيين:

الشق الأول يتعلق بتاريخ لبنان نفسه وحجم الاكلاف التي دفعها اصغر بلدان الطوق، حروباً واضطرابات في ميدان الصراع مع اسرائيل. والحق ان لبنان الذي دفع كل هذه الاكلاف كان لأزمان طويلة يحمل صليبه وحيداً كما لو انه البلد الوحيد المعني بهذه القضية. استناداً على هذا التاريخ الدامي والمكلف لبنانياً، ثمة نظرة لبنانية متعاظمة وبلغت ذروتها الاعلى في هذه الحرب، كانت قد شهدت ذروة مماثلة في حرب العام 1982، تفترض ان انتصار لبنان الممكن والوحيد يتلخص بقدرته على الوقوع في موقع الحياد المطلق في هذا الصراع، وتتدرج في تطلب الحياد من الحياد المطلق، وهو امر تجعله احكام الجغرافيا والتاريخ مستحيلاً، إلى تأمين حد ادنى من الحياد وتطلب الحماية العربية او الدولية من عدوان اسرائيلي وشيك، وصولاً إلى المتعبين من حروب داخلية جعلوا يعتقدون ان ما قدمه لبنان في هذا الميدان فاق قدرته على الاحتمال، وان تحميله حملاً اضافياً على هذا الصعيد يجانب العدالة والانصاف فضلاً عن مجانبته حدود الصواب السياسي، مما يجعل الحديث عن النصر في لبنان شائكاً وغير مفهوم وفق هذا المعنى بالضبط. فالنصر يكون اولاً وأخيراً بحساب الربح والخسارة، وحيث ان الهجوم الإسرائيلي اعاد البلد عقوداً إلى الوراء، فإن الحديث عن هزيمة لبنانية يجد ما يسنده واقعاً وحقاً.

الشق الثاني الذي ينشأ عنه الاعتراض على سياسة حزب الله وادائه يتعلق باسترهان البلد والعبث بمقومات استقلاله الهشة. ويقع الحديث عن سيادة الدولة اللبنانية على اراضيها وحقها الحصري باحتكار وسائل العنف والعنف نفسه، في هذا السياق تحديداً. حزب الله الذي حارب اسرائيل منذ ما ينوف على العقدين، كان يحتاج في كافة الحروب التي خاضها إلى ظهير يأمن إليه، إلى طريق امداد سالكة لا تطاولها الطائرات الإسرائيلية في يسر وسهولة ولا تتصل اتصالاً مباشراً بموجبات المعركة التي يخوضه. وفي بلد كان قد تعب من الحروب التي خاضها منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، بدت ايران وسورية الظهير الوحيد المتاح امامه. كان الحزب في حاجة للمال والسلاح ومن يجيد التفاوض ويأمن له في المفاوضة. وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد خير من يستطيع اداء هذه المهمة. هكذا بدا النصر الذي تحقق في العام 2000 والذي تمثل بانسحاب اسرائيل إلى ما وراء الخط الأزرق نصراً ولد من رحم لبناني لكن اباؤه متعددون، من ايران إلى سورية وصولاً إلى آخر الإسلاميين والقوميين العرب في اقاصي البلاد العربية والإسلامية. وهذا بالضبط ما حسب الرئيس بشار الاسد انه قادر على تبنيه في النصر الذي حققه حزب الله مؤخراً. ذلك ان والده الراحل كان عراب النصر الذي سبق. لكن ما اختلف بين العام 2000 والعام 2006 يتعلق بمدى قدرة سورية وايران معاً على إدارة سياسة خارجية فاعلة قد تؤمن لحزب الله حماية سياسية تفصله عن الوقوع في موقع الإرهاب العاري، ما ان يتعذر على قادة الحزب ان يستثمروا انتصاراتهم في الميدان انجازات سياسية في الوزن المحلي والعربي والدولي. والحق ان اللاعب الذي برز في الحرب الأخيرة بوصفه ظهيراً حامياً للمقاومة على مستوى الوزن الدولي كان الحكومة اللبنانية ورئاسة المجلس النيابي من دون ادنى لبس. فالحكومة التي آزرها رئيس المجلس النيابي استطاعت ان تجعل من حرب ارادها المجتمع الدولي على حزب الله حصراً إلى حرب على لبنان عموماً، مما جعل في الإمكان استنفار الحكومة كل علاقاتها في العالم العربي وعلى الصعيد الدولي لتجعل نتائج الحرب السياسية اقل اختلالاً من ننائجها الميدانية لصالح اسرائيل.

قد يكون حزب الله بلسان امينه العام، مدركاً لأهمية هذا الظهير اللبناني، وهذا ما بدا واضحاً في حديث السيد نصرالله الاخير إلى صجيفة "السفير"، لجهة اعلانه ان حزب الله الأقوى تسليحاً وتدريباً وتنظيماً وامكانت من الجيش اللبناني لم يعد اكثر من ظهير لهذا الجيش في اي عدوان متجدد على لبنان، لكن ما لا يبدو واضحاً حتى الآن يتعلق اولاً وآخراً بحرص حزب الله المعلن والمضمر في الدفاع عن استقلال البلد وسيادة مصلحته على كل مصلحة اخرى، ايرانية كانت ام سورية ام مصرية ام اميركية على حد سواء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف