لبنان تجاوز صراعا طائفيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلي الحاج من بيروت: انتهت اليوم (مرحلياً؟) أزمة تنازع الطوائف على معلومات الأجهزة الأمنية في لبنان بأن وزير الداخلية والبلديات بالوكالة احمد فتفت استقبل، في مكتبه في الوزارة، المدير العام للأمن العام اللواء الركن وفيق جزيني. وفي ما يأتي الإخراج الرسمي: افاد بيان وزعه المكتب الاعلامي لفتفت انه "بعد تداول التطورات الاخيرة التي طاولت علاقة المدير العام للأمن العام بوزارة الداخلية، بادر اللواء جزيني الى تقديم اعتذاره عن سوء التفاهم الذي حصل، وأعلن استعداده للالتزام الدائم والكلي بتطبيق اي قرار صدر او يصدر عن وزير الداخلية. وبناء عليه، اصدر وزير الداخلية قرارا بوقف مفاعيل القرار 2531 المتعلق بالتدبير المسلكي المتخذ في حق اللواء جزيني اعتبارا من تاريخه".
أخطار اغتيالات وأعمال عنف وعمليات ل"القاعدة"
توقعات غربية متجهمة لمستقبل لبنان
حزب الله : ليكشف الحريري مضمون رسائله الينا خلال الحرب
ورداً على ما جاء على لسان مصادر عين التينة قال الوزير فتفت لـ"المؤسسة اللبنانية للإرسال" إنه لا يرد عادة على المصادر، وأكد أن الأجواء فعلاً كانت إيجابية، متبنياً كل كلمة جاءت في البيان الصادر عن مكتبه أمس، معتبرا أن الموضوع انطوى، وأن ما تم الاتفاق عليه مع اللواء جزيني إنما يخضع للأصول والقوانين والعلاقة بين الرئيس والمرؤوس.
وبالعودة إلى تفاصيل ما حصل حقاً في هذه الأزمة المعبرة عن حقيقة الوضع الطائفي في لبنان أن رئيس مجلس النواب وحركة "أمل" نبيه بري كان يتابع ظهر يوم الجمعة الماضي التحضيرات ل"مهرجان النصر" الذي أقامه "حزب الله" في الضاحية قبل ساعات من افتتاحه، عندما أُبلغ بأن الوزير فتفت أصدر قرارا إدارياً قضى بوضع المدير العام للأمن العام جزيني في الاستيداع بموجب إجازة قسرية وما يشبه الاقامة الجبرية لمدة عشرين يوماً في تدبير مسلكي. استشاط بري غضبا وغيظا وأوعز الى أقرب القريبين اليه النائب علي حسن خليل بإصدار رد فوري وفج على التعرض لهذا المقام الذي أصبح شيعيا منذ بداية عهد الرئيس إميل لحود كرمى لصديقه الضابط السجين اللواء جميل السيد، بعدما كان منذ إنشائه حكراً على الموارنة. فصرح النائب في كتلة بري أن الوزير فتفت منتحل صفة، وأن تدبيره مخالف للقانون وانقلاب على الدستور.
وطبعاً كان ثمة من أوعز للواء جزيني ، المحمي من قيادتي طائفته "أمل" و"حزب الله" والذي وصل إلى المنصب بفضلهما ، بألا يمتثل لقرار وزير الداخلية بالوكالة وان يداوم في مكتبه كالمعتاد كأن شيئاً لم يكن.
وكان الرئيس بري استاء جدا قبل سفره الى جنيف عندما صدر بيان عن "قوى 14 آذار /مارس" بعد لقاء موسع في فندق "البريستول" أطاح جهودا كان يبذلها ويخطط لها لاستئناف الحوار وازالة التوتر بين تيار" المستقبل" و"حزب الله." واستاء بري أكثر بعد عودته عندما علم بأن الوزير فتفت أصدر القرار ٢٤٠٣ الذي ربط الكترونيا ومعلوماتيا الأجهزة الأمنية ب"فرع المعلومات" في قوى الأمن الداخلي، فاعتبر ومن معه أن ثمة تجييراً لصلاحيات الجهاز الذي يترأسه جزيني، خصوصاً أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط وآخرين غيره من قادة "14 آذار" يشكون في أن جهاز الأمن العام لا يزال كما كان أيام اللواء السجين السيّد ، وأنه يساهم في تهريب السلاح إلى "حزب الله" .
في الشكل، اعتبر بري أن تدبير فتفت هو بمثابة ربط الكل ب "الجزء" وتضخيم دور فرع يرأسه مقدم على حساب أكثر من جهاز يرأسه عميد أو لواء. وفي حين كان يستوضح أبعاد هذا التدبير ،أصدر الوزير فتفت قراره الثاني رقم ٢٥٣١ الذي قضى بوضع مدير عام الأمن العام في الاستيداع في خطوة تأديبية لرفضه التزام القرار ٢٤٠٣ وتسريبه معلومات الى الصحف، ولما حضر جزيني الى مكتبه مخالفا قرار الوزير، قرر فتفت احالته الى النيابة العامة التمييزية والقضاء العسكري لأنه تمرد وأصبح في موقع من يغتصب السلطة.
شعر الرئيس هنا ان الكيل قد طفح وأخذ يتحدث عن" كيدية سياسية" وان الوزير فتفت يتصرف ب"كيدية سياسية" وان الأمر مدبر ومخطط له بدليل ان الوزير الأصيل والمستقيل حسن السبع، "أُبعد" الى الخارج ، تحديدا إلى المملكة العربية السعودية، كي تكون قرارات الوزير الوكيل قانونية.
أما فريق الغالبية، ولا سيما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوزير فتفت فكان يتصرف على أساس أنه لا يريد تكرار تجربة اللواء جميل السيّد في الأمن العام، حيث كان سلطة فوق السلطة السياسية وأقوى منها. ولما كانت الحكومة في صدد بناء نظام أمني تنتظره مهمات وأعباء وموضوع تحت مراقبة واختبارات دولية فإنه لا يتحمل ثغرا وأوضاعا خاصة مثل الوضع الذي أقامه مدير الأمن العام من خلال علاقاته الوثيقة ب" حزب الله" مما جعله عرضة لحملة سياسية شنت عليه من باب أمن المطار ونقطة المصنع الحدودية مع سورية وأدت إلى تحميله مسؤولية خروق وأوضاع سائبة، كما وجهت اليه اتهامات بأنه يقدم ولاءه للمرجعية او الجهة التي كانت وراء تعيينه على ولائه لادارته وموجبات الانضباط الوظيفي .
كما أثيرت مسألة سيارة "كاديلاك" أهدتها الى اللواء جزيني الاستخبارات المركزية الاميركية ( السي. أي. إيه) في تقليد متبع عند زيارة أي مسؤول أمني رفيع من أي بلد الى واشنطن وقد ارادها جزيني هدية موجهة اليه شخصيا وليس الى مديرية الأمن العام. وهذه الاتهامات الادارية الموجهة الى اللواء جزيني أرفقت باتهامات سياسية ضد الجهات التي تولت تضخيم موضوعه وكذلك موضوع الربط المعلوماتي مع فرع المعلومات بإخراجه من اطاره الأمني الاداري ، والغاية منه التنسيق وانشاء قاعدة معلومات أمنية مشتركة تفيد منها كل الأجهزة، ووضعه في اطار سياسي طائفي، صوّر الأمر بمثابة مصادرة صلاحيات الأجهزة الأخرى الموزعة على أساس طائفي ووضع اليد على القرار الأمني.
بعد أيام تبين ان لا مصلحة لأحد في تفاقم هذه المشكلة وتحوّلها من أزمة أمنية الى أزمة سياسية. فلا اقالة اللواء جزيني من مجلس الوزراء واردة ، ولا مقاطعة الوزراء الشيعة او استقالتهم مطروحة، أقله في شهر التأمل والهدنة، شهر رمضان، ولا عودة الوزير حسن السبع كوزير أصيل وعودة الوزير فتفت من الداخلية الى وزارة الشباب والرياضة ممكنة. على هذا الأساس كان لا بد من الحل التسووي الذي استكمل اليوم على حساب القوانين، وعلى زعل طبعاًَ.