دعاوى لإسقاط الجنسية عن سعد الدين إبراهيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أكد عزمه مواصلة "فضح النظام المصري" (1/2)
دعاوى لإسقاط الجنسية عن سعد الدين إبراهيم
نبيل شرف الدين من القاهرة: لم يعد الحزب الوطني (الحاكم) في مصر مضطراً من الآن، إلى الدفع بمحامين يوكلهم لملاحقة خصومه السياسيين والصحافيين المعارضين أمام ساحات القضاء، إذ تطوع لهذه المهمة عدد من رؤساء الأحزاب الصغيرة في مصر، ونائب معين بمجلس الشورى، حيث أقاموا خمس دعاوى قضائية ضد الناشط في مجال الدفاع عن الديموقراطية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتور سعد الدين إبراهيم واتهموه بما وصفوه باستعداء الدول الأجنبية على مصر، والاتصال بالرئيس الأميركي جورج بوش واستعداء إدارته ضد مصر والسعي لديها لتخفيض المعونة السنوية المقدمة لمصر، وذهب بعضهم إلى حد المطالبة بإسقاط الجنسية المصرية عن إبراهيم، وأقاموا دعاوى قضائية لإلزام وزير الداخلية بذلك. ونفى د. إبراهيم أن يكون قد اتخذ من العاصمة القطرية محلاً ثابتاً لإقامته بل سيتردد عليها بين الحين والآخر، كما أكد أنه لن يتراجع عن مواصلة ما أسماه فضح ممارسات الفساد والاستبداد للنظام الحاكم في مصر، كما لم يستبعد أيضاً أن يكون ضحية لعملية تصفية جسدية للتخلص منه.
إبراهيم وبوش
وخلال اتصال هاتفي معه استبعد إبراهيم أن يعود لمصر قريباً، خشية أن يزج به في السجن، وأعرب عن مخاوفه أن يقتل في السجن، أو تجري تصفيته أو اختفائه على نحو مريب، على غرار حوادث سابقة جرت لسياسيين وصحافيين مصريين، كما يرى إبراهيم. وفي معرض تعليقه على التطورات السياسية الراهنة في مصر، قال إبراهيم إنه أثار مراراً مطالب ومظالم القضاة والأقباط والعمال وبدو سيناء، لكن الدولة، إما أنها لا تقرأ ، أو لا تستوعب ولا تدرك عواقب إصرارها على تلك السياسات الفاشلة لذلك اخترت وصف هذه الحالة "بالغباء السياسي"، على حد تعبيره.
وحضر إبراهيم مؤتمرا للمعارضين من الشرق الاوسط وأوروبا الشرقية بالعاصمة التشيكية براغ حيث التقى الرئيس الأميركي جورج بوش، وعقب اللقاء قال إبراهيم انه طالب بوش بربط المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية لمصر، والتي تصل الى مليار و300 مليون دولار بالتقدم في مجال الإصلاح السياسي واحترام حقوق الإنسان. وعقب ذلك اللقاء قررت لجنة الاعتمادات في مجلس النواب الأميركي احتجاز 200 مليون دولار من المعونة الأميركية لمصر الى أن تتخذ القاهرة خطوات جادة في سبيل إنجاز إصلاحات سياسية وتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.
واللافت في التصعيد الأخير ضد إبراهيم أن هذه الحزمة من الدعاوى القضائية أقامها رؤساء الأحزاب الصغيرة وجاء فيها أنه "اكتسب الجنسية الأميركية من دون اتباع أحكام التشريع المصري، وبالتالي فينبغي أن تسقاط الجنسية عنه، إذ يترتب على تجنس المصري بجنسية أجنبية من دون الاذن له في ذلك زوال الجنسية المصرية عنه"، وفق ما ورد في الدعاوى. وأكد مقيمو الدعاوى أن لهم مصلحة في اقامتها لأنهم "من رموز الحركة الوطنية في مصر ويرغبون في الحفاظ على سلامة وأمن الوطن وجعل الولاء والانتماء لمصر هو شعار العمل الوطني لكل من يحمل الجنسية المصرية"، على حد زعمهم.
المنفى المتجول
وعقب لقائه بالرئيس الأميركي جورج بوش في براغ أخيراً، أعلن سعد الدين إبراهيم أنه يخشى العودة إلى مصر، وقال خلال اتصال هاتفي معه "إن أصدقاءه ومحاميه نصحوه بعدم العودة لمصر حالياً، خشية أن يلقى القبض عليه، وأضاف أنه يعيش مأزقاً إنسانياً، فهو يحلم بأن يقضي شيخوخته في وطنه الأم مصر، غير أنه لم ينف قلقه من القبض عليه حال عودته، فلم يعد في سن يستطيع معها تحمل تجربة السجن مرة أخرى بعد سنوات سابقة من السجن، خلفت لديه حزمة من الأمراض المزمنة. ونفى د. إبراهيم أن يكون قد اتخذ من العاصمة القطرية الدوحة منفى اختيارياً دائماً له، وردد بسخرية أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة إنه أصبح الآن "سواح وماشي في البلاد سواح"، وأكد عزمه مواصلة فضح ممارسات النظام الحاكم في مصر قائلاً إن الحملة الأخيرة التي شنتها السلطات ضد حرية الصحافة، وقمع منظمات حقوق الإنسان واعتصامات العمال، جعلت الحديث عن انتهاكات النظام الحاكم في مصر باتت تتمتع بمصداقية عالية دولياً، وأنه يسعى لتصعيد هذه الحملة ليس فقط في واشنطن ولكن أيضاً لدى الاتحاد الأوروبي.
من جانبه قال حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان "يمكن الآن استدعاؤه للتحقيق بعد أن طلب فرض شروط على المساعدات الأميركية، فهذا يمكن أن يخضع لنصوص في قانون العقوبات"، وأضاف قائلاً "إن مخاوفه في هذه الناحية في موضعها، لكن لا أعتقد أن مخاوفه على حياته لها ما يبررها، فلم يكن هناك نهج لتصفية المعارضين في مصر". وسبق أن ألقي القبض على إبراهيم في 30 حزيران (يونيو) من العام 2000، ومعه 27 من العاملين بمركز "ابن خلدون"للدراسات الإنمائية الذي يرأسه، حيث أحيلوا للمحاكمة بأربع اتهامات رئيسية، وهي الاتفاق الجنائي على تقديم رشوة وتلقي تبرعات من الخارج بالمخالفة للقرار العسكري في هذا الشأن، وإذاعة بيانات كاذبة في الخارج تسيء لسمعة مصر، والنصب على الاتحاد الاوروبي بتقديم أوراق مزورة للحصول على الأموال، وفي 21 ايار ( مايو) عام 2001 قضت المحكمة بسجن إبراهيم سبعة أعوام من قبل محكمة أمن الدولة قضى منها نحو 16 شهرا قبل ان تقضي محكمة النقض ببراءته من هذه التهم.
سيرة ذاتية
وتسلط هذه التطورات الأضواء على الرجل الذي لم يتوقف عن إثارة الجدل بالأوساط السياسية والفكرية في مصر طيلة عقود مضت، كما تبدو مناسبة مواتية لاعادة قراءة السيرة الذاتية لسعد الدين ابراهيم التي صاغ أجزاء منها ضمن نشرة المجتمع المدني التي يصدرها مركز "ابن خلدون" الذي أسسه إبراهيم. ولعل أول محطة في مسيرة سعد الدين إبراهيم السياسية هو ذلك الموقف الذي اتخذته منه السلطات المصرية في الستينات من القرن الماضي، إبان رئاسته لمنظمة الطلبة العرب بالولايات المتحدة الأمر الذي ترتب عليه منعه من دخول مصر وحرمانه من البعثة وفرض الحراسة السياسية على أسرته.
ووفقا لسيرته الذاتية فقد ولد سعد الدين إبراهيم في قرية (بدين) التابعة لمدينة المنصورة في دلتا مصر في شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 1938 متوسطة وأصبح إبراهيم واحدا من أبناء الجيل الذي كان يطلق عليه "جيل الثورة"، وكشف عن نبوغ مبكر أتاح له أن يلتقي الرئيس جمال عبد الناصر، عندما أحرز المركز الأول في مسابقة أجرتها وزارة التعليم حول كتاب فلسفة الثورة لعبد الناصر ذاته.
وخلال هذا اللقاء لفت إبراهيم انتباه عبد الناصر بعد أن تحدث باسم زملائه مطالبا بتخفيض القبضة الأمنية متهما ثورة يوليو بأنها تأكل أبناءها، وضرب الطالب الصغير مثلا بأحد أبناء قريته الذي اعتقل بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين، مع إنه لم يكن ملتزماً بأبسط قواعد الإسلام كالصلاة أو حتى صيام رمضان. وكفل التفوق الدراسي لسعد الدين إبراهيم وحماسه لثورة يوليو أن يكون أحد المبعوثين المصريين للولايات المتحدة بعد أن حصل على ليسانس العلوم الاجتماعية بتفوق في العام 1964، وفي الولايات المتحدة كان أحد أنشط المبتعثين المصريين الذين كانت بينهم اسماء لامعة قيض لها أن تلعب في ما بعد أدوارا هامة في تاريخ مصر المعاصر مثل أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية وعلي الدين هلال وزير الشباب السابق وكمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق وغيرهم.
بل أن دعم اجهزة الدولة الناصرية لسعد كفل له ان يكون رئيسا لاتحاد الطلبة العرب في اميركا باعتباره المرشح الناصري في مواجهة تيارات بعثية وماركسية قوية كانت تتناوب على رئاسة المنظمة ولعل حماس الاجهزة الناصرية لإبراهيم، وحماسه هو شخصياً لثورة يوليو كفلا له رئاسة لجنة الاتحاد الاشتراكي "حزب يوليو" وقتها في الولايات المتحدة حيث كان مسؤولا سياسيا عن المبعوثين المصريين من الأسماء السابقة.
* يتبع ـ الجزء الثاني من سيرة سعد الدين إبراهيم