أخبار خاصة

الفلسطينيون يعيدون اكتشاف عرفات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في ذكرى رحيله
الفلسطينيون يعيدون اكتشاف عرفات

أسامة العيسة من القدس:
تمر الذكرى الثالثة لغياب ياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني الذي تصدر المشهد أربعين عاما، والفلسطينيون اكثر تنبها، لهذه الذكرى، بعد أن جرت مياه كثيرة في انهر حياتهم الداخلية. وشكلت حركة فتح، التي أسسها، وقادها عرفات، لجنة خاصة أسمتها (اللجنة العليا لإحياء ذكرى عرفات)، مهمتها الإشراف، على إقامة المهرجانات في مختلف المناطق الفلسطينية، ومن بينها قطاع غزة الذي يخضع لسيطرة حركة حماس منذ منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي.وبدت الحركة اكثر حرصا على إيصال عدة رسائل في ذكرى غياب قائدها، وهو ما عبر عنه يحيى يخلف رئيس اللجنة المكلفة بإحياء ذكرى عرفات.

وقال يخلف في بيان أصدره، ان إحياء الذكرى الثالثة لرحيل عرفات هو تكريم لمن أطلق عليه "الرئيس الخالد أبو عمار".وأبو عمار هو اللقب الأكثر شهرة، لعرفات، ولكن لديه ألقاب أخرى مثل "الختيار"، وقال يخلف إنه سيتم إحياء ذكرى عرفات "بشكل يليق بتاريخه ودوره وقيادته للثورة والمنظمة والسلطة الوطنية، ودفاعه الشجاع عن الحقوق الوطنية الثابتة".

ويدرك يخلف، الذي كان مقربا من عرفات، ووزيرا للثقافة في حكوماته، حجم التغيرات التي حدثت على الساحة الفلسطينية، بعد غياب عرفات، وقال في بيانه ان الاحتفالات بذكرى رحيل عرفات "تقام وسط تحديات كبيرة تواجهها القضية الفلسطينية، تتمثل بالانقلاب الدموي في قطاع غزة، والمعركة السياسية القادمة المتمثلة في المؤتمر الدولي الذي سيعقد في أنابوليس".

واشار يخلف إلى ما اسماه وجود "حراك سياسي فلسطيني نشط"، والمقصود به، التحضيرات لمؤتمر الخريف، وأيضا حراك داخل حركة فتح، التي تعاني منذ غياب زعيمها، ورأى يخلف ان الحراك الفتحاوي الداخلي يأتي "على طريق تجدد ونهوض حركة فتح حامية المشروع الوطني، والعمود الفقري للثورة الفلسطينية المعاصرة".

وهناك رسالة أخرى أرادتها حركة فتح، من خلال إحياء ذكرى عرفات، وهي توفير اكبر دعم جماهيري، لمحمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الذي خلف عرفات، الذي من المتوقع أن يتوجه نهاية الشهر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر الخريف، الذي يعقد في ظل انقسام فلسطيني، وتشكيك من المعارضة بجدوى عقد المؤتمر، واتهامات لأبي مازن وقيادة السلطة، بأنهما لن يكونا متشبثين بالثوابت الوطنية، مثل عرفات.

وقال يخلف، ان فعاليات إحياء ذكرى عرفات، بما ستشهده من حشد جماهيري من كافة محافظات الضفة والقطاع "ستكون دعماً لشرعية الرئيس محمود عباس، وللحقوق الوطنية الثابتة التي أقرتها مؤسسة منظمة التحرير، ودعماُ لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
وستشهد مدينة رام الله احتفالا مركزيا، يوم الأحد، يلقي فيه أبو مازن خطابا، وأيضا سيتم تنظيم احتفال مماثل في قطاع غزة، وسيكون الشعار الرئيس لهذه الاحتفالات "وطن واحد"، وذلك كما يقول يخلف "لتأكيد وحدة الوطن والشعب بين جناحي الوطن في الضفة وقطاع غزة".

وكان عرفات غادر المسرح السياسي، في ظروف ملتبسة، ووسط اتهامات فلسطينية وعربية بتسميمه، تاركا حركة فتح في حالة من الإرباك، بعد أن قادها متفردا، وكان الرجل الأول فيها.
ولم تتعرض حركة فتح إلى هزة قوية، كما توقع مراقبون بعد غياب عرفات، رغم ما ظهر من صراع بين الحرسين القديم والجديد، إلا أن الجميع، وبعد صراع داخلي، توافقا على اختيار أبي مازن، لقيادة الحركة، باعتباره الشخص الأنسب في هذه المرحلة، رغم انه اختلف مع عرفات في السنوات الأخيرة التي سبقت رحيل رئيس السلطة الفلسطينية السابق.

وحسب مراقبين للشأن الفتحاوي، فان الفتحاويين اختاروا الحفاظ على مصالحهم الشخصية، وبقاء الحركة موحدة، رغم ما أحدثه غياب عرفات، لان عكس ذلك، سيهدد تلك المصالح، وجاء انتصار حركة حماس الكبير في الانتخابات التشريعية، ثم حسمها العسكري في قطاع غزة، ليؤكد للفتحاويين، أهمية وحدتهم.

وبعد وفاة عرفات، جرت عملية واسعة لجرد عضوية حركة فتح، وإعادة ترتيب أوضاعها، ولكنها لم تحقق غاياتها، ومن الذين شاركوا في هذه العملية القيادي الفتحاوي مروان خضر، الذي يقول ان حركة فتح تفتقد الان اكثر من أي وقت إلى ياسر عرفات. ويعتبر خضر، ان عرفات يشكل حالة ثقافية ما زالت مستمرة، ليس فقط بين أبناء حركة فتح، ولكن أيضا، وسط الأجيال الفلسطينية، متوقعا أن يعيش عرفات في وجدان الأجيال الفلسطينية والعربية المقبلة أيضا.

وحول الاهتمام الملحوظ هذا العام بإحياء ذكرى عرفات يقول خضر "شعبنا لا يؤبن عرفات، لانه بالنسبة إليه يشكل ثقافة، وتطلعا إلى المستقبل، انه حاضر دائما بين الشعب الفلسطيني وقواه الحية، التي تفتقده في مثل الظروف التي نعيشها الان".

ويقر فؤاد كوكالي، النائب الفتحاوي في المجلس التشريعي الفلسطيني، بفداحة غياب عرفات عن الساحة ويقول "بصراحة لو ان عرفات ما زال بيننا لكان وضع قضيتنا ليس كما هو الان، ولكانت الوحدة الوطنية الفلسطينية افضل، ولكنا اقرب إلى تحقيق أمانينا، ولكان الأمر كله مختلفا، وربما لما شهدنا ما نتعرض له من تشويه لنضالنا ونكوص إلى الخلف، مع الانقلاب الدموي في غزة".

ويعتبر كوكالي، عرفات، إحدى ابرز شخصيات القرن العشرين، وأنه ليس شخصية فلسطينية وعربية فقط وانما أيضا شخصية افتقدها العالم.ويقول إن عرفات "يمثل لشعبنا الحفاظ على الثوابت الوطنية، التي رفض التنازل عنها في مؤتمر كامب ديفيد".

وحول إذا كانت حركة فتح تنازلت عن نهج عرفات يقول كوكالي، ان حركة فتح تحافظ على ارث عرفات، ولن تتخلى عنه، وستواصل الطريق، مهتدية بالمبادئ التي وضعها عرفات، ويرى أن خير دليل على ذلك، أن أبا مازن، يمثل امتدادا لعرفات ونهجه.
ويضيف "نحن في حركة فتح، ملتزمون ومتمسكون بالثوابت، وسيظهر ذلك خلال مؤتمر الخريف، ستذهب قيادتنا إلى المؤتمر وهي متمسكة بالثوابت، ومصرة على عودة اللاجئين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وإحقاق الحقوق المشروعة لشعبنا".

وقال كوكالي "لو كان عرفات ما زال بيننا، لكان وضعنا افضل، ولما كانت قضيتنا كما هي الان، ولكانت وحدتنا الوطنية اكثر رسوخا".ويتفق فايز السقا، وهو أيضا نائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح مع الاتجاه الذي يقول ان حركة فتح بقيت وفية لتراث عرفات.ويضيف "لا يعني هذا أننا لسنا بحجة إلى إعادة بناء حركتنا، وهو ما سنفعله، وستحافظ فتح على المشروع الوطني، باعتبارها، مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة".ويقر السقا بوجود خلل في المؤسسات الفلسطينية، ولكنه يطالب بإعادة بنائها، في ظل الشرعية، وليس بالانقلاب عليها كما حدث في غزة.

وليس جميع كوادر وأعضاء حركة فتح، يحملون هذه الرؤى المتفائلة نفسها عن حركتهم، وقال أحد الكوادر الشابة في حديث لإيلاف ان حركة فتح انتهت بوفاة ياسر عرفات.واضاف أنه يرى ان أبا مازن افرغ الحركة من مضمونها، وانه لا يتمتع بالحزم الذي كان لدى عرفات ومكنه من قيادة الحركة في مختلف الظروف.

وحول تمسك الحركة بمبادئها قال "لو اطلعنا على مواثيق الحركة، لوجدنا أنها تتحدث عن تحرير ارض فلسطين كاملة، ولكن ما يطرح الان، يختلف تماما، حتى ان الشعار المطروح اصبح انسحاب إسرائيل إلى حدود 24 أيلول (سبتمبر) 2000، أي مهزلة هذه".

واضاف "بسبب الظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون الان، فانهم يفتقدون عرفات، الذي رغم الانتقادات التي كانت توجه إليه، إلا ان الوضع لم يكن كما هو عليه الان، ولو كان موجودا لما رأينا حكومتين في ظل الاحتلال، تتنازعان صلاحيات وهمية، ولما سمح بالأمور لان تصل إلى هذا الحد".ويعتقد أنه بسبب هذه الظروف "فان الفلسطينيين، يريدون استعادة عرفات كرمز، رغم الاختلاف معه، إلا انه كان قائدا انتهت حياته، بالاستشهاد، دون أن يرفع الراية البيضاء".ويعتبر العميد المتقاعد يوسف الشرقاوي حركة فتح بانها تفتقد لما يسميه النقد الذاتي، وهو "ما يجب أن يميز الحركات الثورية".

ويقول الشرقاوي وهو عضو في فتح "يجب على حركة فتح أن تجري حسابا مع النفس، والإجابة على أسئلة مثل: أين اخطأنا؟ ولماذا؟، واعتقد انه المفروض على حركة فتح ان تفحص لماذا فشلت تجربتها سواء التحررية أو في السلطة".ويضيف "ان فتح سمحت للمنظمات غير الحكومية ان تعبث بالمجتمع الفلسطيني، ولم تتمكن من توفير الأمن، ولم تعترف بان المفاوضات مع إسرائيل عبثية، وباختصار لم تتمكن من إنجاز المشروع الوطني، ما يطرح أسئلة حول إلى أين تريد أن تذهب".

ويعتقد الشرقاوي ان المراجعة والنقد الذاتي اهم بكثير مما يسميه "المبايعة واعادة المبايعة"، ويقول "على فتح الاعتراف بانها لم تتمكن من بناء مجتمع مدني، او حتى ان تبني سلطة".ويضيف "اذا كانت حركة فتح ما زالت تصنف نفسها كحركة تحرر وطني، فعليها، ان تمد الجسور والعلاقات مع الحركات المثيلة في العالم، وتعمل على اعادة استنهاض وضعها".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف