الأزمة اللبنانية على خط النهاية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلي الحاج من بيروت: يسود إعتقاد في بيروت وإن مشوباً بالشكوك، بأن القمة السعودية- الايرانية في الرياض نجحت في فتح باب التسوية للأزمة اللبنانية المستحكمة منذ ثلاثة أشهر، على غرار نجاح مساعي المملكة في التوفيق بين حركتي "فتح" و"حماس" مما أتاح إعلان"اتفاق مكة" بين الفلسطينيين، وكذلك على غرار نجاح الإتصالات السعودية- الايرانية الشهر الماضي في إرساء "هدنة" في لبنان ونزع فتيل الانفجاربين الطوائف والأحزاب والتيارات المتصارعة.
ويستند مشروع "الاتفاق- التسوية" إلى أربع نقاط رئيسية. أولاها إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي مع إدخال تعديلات عليها . وهذه النقطة كانت على الأرجح سبب قيام رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج براميرتس بزيارة هي الأولى التي يقوم بها للملكة العربية السعودية منذ أمس الأحد.
ويتضمن مشروع الحل تشكيل لجنة مشتركة من المعارضة والموالاة في لبنان تعكف على درس مفصل لمشروع إنشاء المحكمة ونظامها توصلاً إلى صيغة نهائية لإقرارها في اطار الآلية الدستورية اللبنانية مما يلغي إحتمال إقرارها في مجلس الأمن محكمة دولية صرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ولعل البيان الصادر عن وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأحد يعطي اشارة البدء للسير في هذا الاتجاه، إذ دعا الوزراء العرب في قرار في شأن لبنان الى "توافق اللبنانيين على نظام هذه المحكمة التي ستنشأ استنادا الى قراري مجلس الأمن ١٦٤٤ و ١٦٦٤ وبناء على طلب الحكومة اللبنانية وفقا للأنظمة والأصول الدستورية لينال المجرمون عقابهم العادل بعيدا عن الانتقام والتسييس".
في نقطة ثانية يتضمن الحل توسيع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لتصبح حكومة وحدة وطنية على أساس صيغة ١٩ وزيراً للأكثرية أو "قوى 14 آذار/ مارس" + ١١وزيراً ل"قوى8 آذار/مارس" الموالين لسورية والذين انضم إليهم الجنرال ميشال عون، ولكن بشرط اختيار الوزير الحادي عشر بناء على شروط وضمانات تجعله موضع توافق بين الطرفين، وتضمن الاستقرار في السلطة التنفيذية وتمنع استخدام الثلث المعطل في فرض استقالة الحكومة . وهكذا تكون الصيغة المعلنة للحكومة الجديدة هي صيغة ١٩ + ١١ ، فيما تكون الصيغة الفعلية " ١٩ + ١٠+ "، وعلى قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" بما يتيح للقوى الموالية لسورية تحقيق مكسب معنوي من دون ان تترتب على الأكثرية خسارة عملية.
وفي نقطة ثالثة يقضي مشروع الحل بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تأتي ب برئيس جديد للجمهورية توافقي" لا يكون من صفوف ١٤ آذار/ مارس ولا من صفوف 8آذار/ مارس، فيكون "الرئيس الملك" على طريقة "الوزير الملك" .
ويؤكد سياسيون في بيروت ان انتخاب رئيس جديد في الشهرين المقبلين لا يعني انتقالا فوريا الى عهد جديد وانما قيام مرحلة انتقالية في ظل رئيسين: الرئيس المنتخب الذي يصبح محور الاتصالات والبحث في الترتيبات المقبلة، والرئيس الحالي اميل لحود الذي يبقى في القصرالجمهوري في بعبدا حتى نهاية ولايته ولكن خارج المعادلة فلا يتدخل في النزاعات والخلافات ، لكن سياسيين آخرين يرون ضرورة ان يكون انتخاب رئيس جديد مرادفا لانهاء عهد لحود وانتقال الرئاسة الأولى من دون انتظار انتهاء ولايته رسميا في ٢٣ تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، علماً أن الخروج المبكر للرئيس لحود من قصر بعبدا يقابله ثمن سياسي محدد في ضمانات شخصية وسياسية له تبعده عن مفاعيل المحاكمة الدولية مستقبلا، خصوصاً أن إسمه ورد مراراً في التحقيق الدولي المتعلق بجريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري وأن أربعة من أقرب ضباطه الأمنيين إليه مسجونون في هذه القضية .
وتتضمن النقطة الرابعة والأخيرة وضع مشروع قانون جديد انتخابات في أولى أوليات الحكومة الجديدة، من دون ان يقود ذلك حكما الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة. ورغم ان هناك مسودة او مشروع قانون أعدته الهيئة الوطنية لقانون الانتخابات برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس، يسود إتجاه الى الدائرة المصغرة والى "القضاء" على الأرجح .
أما الآليات السياسية والمهل المتعلقة بطريقة اعلان التسوية فهي مسألة تفاصيل ، سواء كان الإعلان من بيروت عبر بيان نوايا يتناول خصوصاً مبدأي المحكمة والحكومة يليه انهاء الاعتصام في الشارع، او من المملكة السعودية على غرار" اتفاق مكة".
ولكن رغم كل أجواء التفاؤل ، لا يمكن القول ان الأمور منتهية وان طريق التسوية فتحت على مصراعيها ونزعت منها الألغام والعوائق، بل يفضل الإكتفاء بالقول إن المؤشرات مشجعة وايجابية وتفيد ان العد العكسي للأزمة بدأ ، وانها دخلت "بداية النهاية" وفق مسار يبدأ في فترة ما قبل القمة تتبلور فيه معالم التسوية، ويستمر بعد القمة لتنطلق في شهر نيسان/ أفريل المقبل عملية تنفيذ الاتفاق. علماُ أن القمة الايرانية - السعودية شكلت تتويجا وتكريسا لاتصالات وتفاهمات تحققت قبلها ، لكن الوضع اللبناني يحتاج الى متابعة بدءا من زيارة للمسؤول الإيراني علي لاريجاني الى الرياض هذا الإسبوع .
أما المؤشر الفعلي الى التوصل الى اتفاق نهائي فيتمثل بعودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت لتذليل العقبات الأخيرة الباقية في التفاصيل حيث يكمن الشيطان عادة . في الإنتظار تتأرجح التسوية بين ان تكون " مرحلية جزئية" أي مجرد هدنة لتقطيع الوقت يمكن ان تطول أو تقصر، أو ان تكون "تسوية نهائية متكاملة" وترسي حلا والمعيار الأساسي في تحديد احدى الوجهتين هو انتخابات رئاسة الجمهورية التي يمكن ان تكون جزءا أساسيا من الاتفاق او تظل خارجه في حال اقتصر على بندي إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي وتوسيع حكومة الرئيس السنيورة لإدخال وزيرين من "التيارالعوني" فيها، ووزيرين لكتلة الياس سكاف وحزب الطاشناق، وإضافة وزير لحزب "القوات اللبنانية" لزوم التوازن المسيحي- المسيحي.