برنار كوشنير ..مساهمة في مداواة الجرح العراقي

بداية الانفتاح الفرنسي على ملفات الشرق الأوسط :
برنار كوشنير ..مساهمة في مداواة الجرح العراقي

كوشنير خلال لقائه المالكي

صلاح نيّوف- إيلاف: زيارة "مفاجئة" قام بها إلى العراق وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وفق ما أعلنت عنه العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، مع العلم أنها ليست إلا بداية " انفتاح" فرنسي على ملفات الشرق الأوسط الاميركية. الزيارة كما يبدو " رسميا" هي دعوة من الرئيس العراقي جلال الطالباني، لكن وزير الشؤون الخارجية الفرنسية يقول إنه مشروع فكر فيه طويلا منذ توليه حقيبة الخارجية. ومن المعروف أن فرنسا كانت على خلاف دبلوماسي مع الولايات المتحدة بسبب الحرب الأميركية على العراق.

تم الإعلان عن الزيارة سرا بين دول الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة و خافيير سولانا المتحدث باسم الدبلوماسية الأوروبية قبل عدة أيام لأسباب أمنية كما ذكرت صحيفة"لو بوان" الفرنسية عن لسان مصدر دبلوماسي فرنسي. و رغم التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية الفرنسية إلا أن بعض الجهات الرسمية الفرنسية تؤكد أن تغيير موقفها من احتلال العراق ليس قابلا للنقاش، و يؤكد المصدر للصحيفة نفسها "برنار كوشنير يذهب للعراق ليوضح رسالة من التضامن الفرنسي مع الشعب العراقي ومن أجل الاستماع إلى ممثلي مختلف مكونات الشعب العراقي من غير استثناء".

برنامج الزيارة لم يعلن عنه. ولم يعرف حتى الآن إذا كان الوزير الفرنسي وضع في جدول أعمال زيارته لقاء مع ممثل للولايات المتحدة في العراق. ووفق الدبلوماسية الفرنسية ودائما كما ذكرت " لو بوان"،هذه الزيارة لبرنار كوشنير ليس لها أي علاقة مع لقاء 11 آب الأخير و الذي جمع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس الأميركي جورج بوش في مزرعة هذا الأخير. أما بالنسبة إلى البيت الأبيض فقد حيى هذه الزيارة معتبرا أنها تعني " مثالا على إرادة المجتمع الدولي المتنامية في مساعدة العراق بأن يصبح دولة مستقرة و آمنة".

إذا إنها علامة للانفتاح الفرنسي، حيث الرئيسان الفرنسي و الأميركي أشارا إلى أولوية الصداقة على الخلافات الدبلوماسية، لاسيما في الملف العراقي. " لا يمكن أن نتوافق على كل شيء حتى في العائلة الواحدة" كما قال ساركوزي في استراحته الأميركية مؤخرا. و المتابع لأفكار ساركوزي السياسية يعرف إعجابه بأشياء كثيرة في الولايات المتحدة ليس آخرها سروال الجينز أو العري على ظهر يخت مع كأس من الويسكي. وفي عام 2006 قبل أن يصبح سيد فرنسا المطلق أحدث موجة من النقد العارم بسبب زيارته للولايات المتحدة حيث نقل عنه قوله إن موقف فرنسا كان " غطرسة" بالنسبة إلى الملف العراقي لكنه أنكر ذلك مرارا.

زيباري مستقبلا كوشنير في المطار امس ولكن في تصريحات المصدر الفرنسي وفق" لو بوان"، أكدت أن اختيار تاريخ 19 آب يعود إلى مصادفته مع الاعتداء على ممثلي الأمم المتحدة في بغداد حيث قتل فيه البرازيلي" سيرجيو فييرا" الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك وهو صديق لبرنار كوشنير. وتأكيدا لذلك وضع الوزير الفرنسي باقة من الورد على مكان الاعتداء الذي قتل فيه صديقه، كما يحمل معه تحياته للعاملين في السفارة الفرنسية في بغداد للشجاعة التي أبدوها بالعمل هناك كما صرح المصدر الفرنسي. وفي رده على مندوب وكالة الصحافة الفرنسية عن دور الأمم المتحدة في العراق أجاب كوشنير :" آمل ذلك، وهذا يعتمد كثيرا على العراقيين، أكثر مما يعتمد علينا بكثير. و لو كان القرار فقط بيدنا لكان للأمم المتحدة دور كبير في العراق".

برنار كوشنير صرح في عام 2003 بمواقف مختلفة عن الرئيس السابق جاك شيراك في ما يتعلق بالحرب الأميركية في العراق، ولخص ذلك بجملته المعروفة " لا الحرب ..ولا صدام". المؤسس لمنظمة" أطباء بلا حدود" و الوزير الاشتراكي السابق عند فرنسوا ميتران، يبلغ من العمر 67 عاما، وهو من مناصري ما عرف " التدخل الإنساني" حيث كان له اقتراح سابق بإنشاء جيش للأمم المتحدة لإسقاط الديكتاتوريات، يظهر اليوم كرمز أساسي من رموز سياسة الانفتاح الساركوزية على اليسار الفرنسي.