أخبار خاصة

في باكستان.. محاكم شرعية أم صراع جديد ؟؟؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد خسائر فادحة في صفوف الجيش والمسلحين والمدنيين ...
محاكم شرعية أم صراع جديد ؟؟؟

عبد الخالق همدرد من إسلام أباد:
طبعا الوضع الراهن في مناطق مختلفة من باكستان ولاسيما منطقة سوات ووزيرستان الشمالية والجنوبية المضطربة ما يرثى له إذ جميع أطراف الحرب هناك خاسرة، وليس فيهم من يفتخر بانتصاره على آخر. الجيش يقتل المسلحين المناوئين للحكومة والمسلحون يستهدفون عناصر الجيش والأجهزة الأمنية ، في حين يتضرر المدنيون الذين ليس لهم ناقة ولا جمل في ما يسمى بالحرب على الإرهاب أو التطرف. وكما تقول الحكمة البنجابية " صراع الجواميس يضر بالحشيش " يعني الصراع بين الكبار يؤدي إلى خسارة الضعفاء. سبب الحرب
ومن المعروف أن الحرب بين المسلحين والجيش في منطقة سوات تستمر منذ أكثر من شهرين. ويعود السبب إلى محاولة المسلحين لتطبيق الشريعة الإسلامية هناك بأنفسهم بعد فشل الحكومة في تلبية ذلك المطلب الذي حصد الكثير من أرواح الأبرياء. وقد تكهن المدير العام لقسم العلاقات العسكرية العامة آنذاك اللواء وحيد أرشد في أوائل شهر نوفمبر الماضي بأن الحرب في سوات ستصل نهايتها المنطقية إلى نهاية عام 2007 م بيد أن ذلك الحلم لم يتحقق بعد على أرض الواقع. مفاوضات سرية
وفي هذا الوضع المتأزم نشرت الصحافة المحلية تقارير عن بدء مفاوضات سرية بين حكومة إقليم الحدود الشمالية الغربية وحركة تطبيق الشريعة المحمدية المحظورة التي تتولى زعامة مجابهة الجيش في سوات للمرة الثانية. وقد أكد مصدر للحركة تلك التقارير مضيفا أن نقل مولانا صوفي محمد رئيس تلك الحركة من سجن مدينة ديرة إسماعيل خان إلى مستشفى في بشاور يدل على جدية الحكومة في إحلال السلام في سوات. والجدير بالذكر أن مولانا صوفي محمد يأوي ذلك السجن منذ 2001 م حيث اعتقل مع مئات من أنصار حركته الذين كانوا عائدين من أفغانستان بعد الاحتلال الأميركي لها. وكان قاد الآلاف من المسلحين لنصرة طالبان ضد الغزو الأميركي لأفغانستان. قانون شرعي
وأشارت التقارير إلى أن حكومة إقليم الحدود الشمالية الغربية قد أعدت مشروع قانون لإحلال محاكم شرعية محل المحاكم الوضعية في مديرية سوات ودير وشترال. وذلك المشروع تحت دراسة الحكومة المركزية؛ لأن حاكم الإقليم ليس من صلاحياته تطبيق أي قانون في المناطق القبلية تحت إدارة الحكومة الإقليمية دون موافقة الرئيس. وقد تم إعداد القانون الجديد على غرار قانون عام 1999م لتطبيقه في مقاطعة مالا كند تحت اتفاقية مع مولانا صوفي محمد الذي احتل جبال مالا كند وسد الطرق هناك حينذاك. أصول القانون الجديد
وسيكون القانون الجديد مؤسسا على أصول الشريعة الإسلامية ومبادئها. وسيتم البت في جميع القضايا بين المسلمين وفق أحكامها في حين سيكون لغير المسلمين حق حسم قضاياهم الأسرية من نكاح وطلاق وإرث وتقاليد دينية حسب أديانهم. وظيفة القاضي
وسيتبع القاضي أحكام الكتاب والسنة. ومن الممكن أن تحدد الحكومة إطار العمل له باستشارة المحكمة العليا للإقليم والمحكمة الشرعية الفدرالية. كما أن القاضي سيبذل قصارى جهده لحسم القضية الجنائية في ثلاثة أشهر والمدنية خلال ستة أشهر. وسيتم اختيار القضاة للعمل في النظام الجديد من القضاة المتواجدين الحاملين لشهادة الماجستير في القانون الشرعي أو ما يعادله. الاستئناف
وسيكون من حق المدان في المحاكم الشرعية مراجعة المحكمة الشرعية الفدرالية - التي تتواجد من قبل - لاستئناف القضية. وبالتالي ستمارس المحكمة الفدرالية صلاحيات محكمة الإقليم العليا في المراجعة والاستئناف وفق القوانين الجنائية والمدنية. المصالحة قبل المحاكمة
ومن الجدير بالذكر ستتم إحالة كل قضية في مرحلتها الأولى على وسطاء مصلحين يعيّنهم الطرفان لحلها بالمصالحة؛ بيد أن أي دعوى ترفع من جانب الحكومة الإقليمية أو الفدرالية أو عليهما في مجال الحدود لن تكون صالحة للمصالحة والوساطة. وسيكون من اللازم أن يقضي المصلحون خلال شهرين على حد أكثر. وفي حالة فشلهم في حسم القضية خلال تلك الفترة ستتدخل المحكمة بنفسها لحلها. الدوافع وراء المطالبة بإنشاء المحاكم الشرعية
ويجب أن نشير هنا إلى الدوافع وراء المطالبة بإنشاء محاكم شرعية والتخلص من المحاكم المتواجدة والتي تقضي في القضايا العامة غير الشؤون الأسرية حسب القوانين الوضعية:

1.كانت المناطق التي ستقام فيها المحاكم الجديدة تتمتع بمحاكم شرعية قبل ضم منطقة سوات إلى باكستان عام 1972م وكانت تحظى بحكم ذاتي إلى ذلك الحين. والناس مستأنسون بتلك القوانين والمحاكم.
2.المحاماة والرسوم على رفع القضايا إلى المحاكم جعل المجني عليه يعاني مشاكل مالية جراء رفع دعوى إلى محكمة. وانعدام مكنته المالية تحرمه حقه.
3.المماطلة في حسم القضايا. وهناك الكثير من المتهمين الذين يقضون في السجون قبل إدانتهم وقتا أطول من مدة الإدانة.
4.كثرة الرشاوي واستخدام النفوذ على المحاكم للحصول على قرار حسب رغبة الجاني. وهذا ما جعل المواطن العادي لا يعتمد على القضاء للحصول على حقه إذ يعرف أنه لن يستطيع الصمود أمام خصمه القوي.
5.أن الناس يريدون تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع مجالات حياتهم وأهمها القضاء. معارضة ذلك القانون
من جهة أخرى هناك من يعترض على إنشاء تلك المحاكم وحتى سمى البعض تلك العملية بـ " اللعب بالنار". ويرون أن ذلك القانون ليس أكثر من أداة لإرضاء المسلحين في المنطقة. وذلك ما سيشجعهم على النهوض في مناطق أخرى بتلك المطالبة نفسها . وهكذا سيتسع نطاق نشاطاتهم ليشمل مناطق أخرى لم يكونوا فيها بتلك القوة. كما أن صحيفة دون الإنكليزية عارضت تلك المحاكم على الأسس التالية: 1.أن إنشاء تلك المحاكم لا يوافق المبادئ المتبعة في تعيين القضاة.
2.أن مدة ثلاثة أشهر لا تكفي للتبحر في الأحكام الشرعية حيث مشروع القانون الجديد يشير إلى أن القضاة الذين ليس لديهم شهادة الماجيستير في القانون الشرعي سيتم تعليمهم الأحكام الشرعية خلال ثلاثة أشهر.
3.أن القاضي سيكون عرضة لوصايا مساعده الذي سيكون عالما بالعلوم الشرعية وبذلك سيكون هو السلطة في حين سيتم تعيينه بطريق غير معتاد في التجنيد.
4.أن المحاكم الجديدة ستكون تابعة للمحكمة الشرعية الفدرالية بدلا من كونها تابعة لمحكمة الإقليم العليا. وذلك تغيير أساسي في القانون وهو بمثابة التمييز بين سكان الإقليم. كما أن ذلك الأمر سيكون سببا في وضع حد أمام حقوق سكان المنطقة القانونية. موقف مفوضية حقوق الإنسان في باكستان
وقد رفض الأمين العام لمفوضية حقوق الإنسان في باكستان سيد إقبال حيدر إنشاء تلك المحاكم من خلال بيان صحافي حيث قال:" إن مفوضية حقوق الإنسان في باكستان تبدي قلقها البالغ على مشروع حكومة إقليم الحدود الشمالية الغربية لتغيير نظام القضاء في المناطق القبلية تحت إدارة الحكومة الإقليمية - بما فيها منطقة سوات ودير وشترال - عن طريق قانون جديد. وأن مشروع القانون الجديد يشير إلى إحلال القضاة محل المسؤولين في القضاء وتطبيق القوانين الدينية". وأضاف أنها قد تؤدي إلى إثارة جدل جديد بين الشعب لأنها لا تخلو عن خلل فيها. رأي آخر
ويرى البعض أن الأمر لا يدور حول تطبيق الشريعة من عدمها؛ بل أصل القضية يعود إلى زمن الجنرال ضياء الحق حيث قام بتعريف أفكاره الخاصة باسم الإسلام لاستغلال الدين من أجل أهداف سياسية وعسكرية؛ لكن السؤال الأهم منه هو أيهما أحسن إحلال السلام في المنطقة بتلبية مطالبة لسكان المنطقة أم مواصلة الحرب ضدهم لتتوسع نطاق التسلح كآخر أداة لإخضاع الحكومة على تلبية المطالب؟ لأن الضغط يؤدي إلى انفجار.
عبد الخالق همدرد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف