10 سنوات على حكم العاهل المغربي الملك محمد السادس

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تنطلق، غدًا الخميس، في مختلف مدن المملكة الاحتفالات بعيد العرش الذي يصادف الذكرى العاشرة لاعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس العرش.
وتتميز احتفالات هذه السنة باستحضار 10 سنوات من عهد الملك محمد السادس، وأهم المشاريع الكبرى التي رأت النور في ظل حكمه، والآمال المعقودة لتحقيق مستقبل مزدهر للشعب المغربي.
وعرف المغرب، خلال العقود الأخيرة، منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، دينامية غير مسبوقة.

وكان لكافة المبادرات الملكية تأثير كبير في حياة المواطن المغربي، الذي بات يؤمن بأن التغيير قادم، وبأن الديمقراطية تسير على السكة الصحيحة.

ويعد تحديث الشأن الديني، واحد من الأوراش الكبرى التي خضعت للإصلاح، على اعتبار أنه ركن أساسي ضمن المشروع المجتمعي للملك، الذي عقد العزم على ترسيخ الثوابت الدينية، التي ارتضتها المملكة منذ قرون، والتي تقوم على العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني.
وعمل الملك محمد السادس على تحديث القوانين المنظمة للحقل الديني، التي حددت مهام واختصاصات كل مؤسسة من المؤسسات المعنية بهذا الشأن بدقة جعلت منها نسيجًا تحكمه علاقة التنسيق والتكامل.
وفي المجال الأسري، خاض العاهل المغربي ثورة هادئة من أجل بناء مجتمع عادل يمكن المرأة من حقوقها الكاملة ويجعل منها شريكًا يتحمل المسؤولية الأسرية نفسها مع الرجل ومواطنة منخرطة في جهود التنمية.

وأنصفت مقتضيات مدونة الأسرة شريحة واسعة من النساء اللائي كن يعانين من الحيف، مؤكدة وبقوة، على أن قيم حقوق الإنسانية والمساواة المتضمنة في المواثيق الكونية والمتعارف عليها دوليًا، تتلاءم مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومقاصده السمحة.

وحظي ورش التنمية البشرية بالأولوية في برامج الإصلاحات التي اعتمدها العاهل المغربي لمحاربة الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية، الفوارق سواء أكانت ترابية بين العالم الحضري والقروي أو تلك التي تستند على النوع.
وترتكز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي خصص لها غلاف مالي يصل إلى 800 مليون أورو، ما أدى إلى المساهمة في الرفع من الدخل الفردي السنوي من 1407 إلى 2423 دولارًا ما بين 1999 و2009، على مقاربة متجددة تقوم على المشاركة والقرب وتحديد الفئات المستفيدة، وتعزيز قدرات الفاعلين المحليين.
وأعطى الملك محمد السادس الضوء الأخضر لإطلاق أوراش واسعة للعصرنة الاقتصادية بغية إدماج المغرب ضمن فضاءات التبادل الحر، واستقطاب موارد غنية جديدة، وتشجيع خلق مناصب الشغل، وتعزيز التوافق الاجتماعي على الخصوص.

ونجح المغرب في تحقيق إقلاعه الاقتصادي" وحقق " تقدمًا كبيرًا" في العديد من المجالات، فإلى جانب الطرق السيارة وخطوط السكك الحديدية، فإن هذه الورش تهم بالخصوص إنجاز ميناء طنجة المتوسط الذي يعد الأول إفريقيا، وهو في الطريق ليصبح الأول متوسطيًا مع إنجاز طنجة المتوسط 2.
وتتجسد معجزة الاقتصاد المغربي من خلال مضاعفة الناتج الداخلي الخام (بالدولار) في ظرف عشر سنوات، وهو ما يعد انتصارًا للنموذج الكينزي.

أصبحت المملكة، خلال العشرية الأخيرة، بلدًا واعدًا" وذلك بالنظر إلى حجم الاستثمارات التي ارتفعت مساهمتها في الناتج الداخلي الخام من الربع إلى الثلث.

وفي الجانب الحقوقي انفتحت المملكة على منظمات حقوق الإنسان، ما وسعت هامش الحريات، واتخذت خطوة، يمكن وصفها بـ "التاريخية"، من خلال تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، في خريف عام 2003، لتقرأ صفَـحات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجبر ضرر الضحايا وعائلاتهم ومناطقهم، كخطوة نحو المصالحة.
أما في ما يخص الجانب السياسي، فإن الملك محمد السادس انخرط باكرًا في معالجة قضية الصحراء المغربية، وهولا يزال وليًا للعهد، إذ أدرج عمله في إطار الإخلاص للثوابت المؤسسة لحكم الأسرة الحاكمة، ولكن أيضًا مع العمل على تعزيز مكتسبات ملكية دستورية مجددة.
وتحولت هذه القضية إلى أولوية وطنية منذ اعتلائه العرش، إذ بعد الانتهاء من الجوانب القانونية، أضحى الأمر بالنسبة إلى الملك يقتضي إيجاد تسوية سياسية.

وهنا تقدم هذا الملك الشاب بالمقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي سيلقى دعمًا غير مسبوق داخل المحافل الأممية ولدى العديد من العواصم التي اعتبرته "جديا"، و"ذا مصداقية" و"واقعيا"، و"قابلا للتطبيق، ويفتح آفاقا واعدة في وجه إيجاد تسوية لنزاع طال أمده.
إنها عشرية مليئة بالإنجازات والمشاريع الكبرى، لكن المغاربة يتوسمون خيرًا في المستقبل، الذي يأملون في أن يكون أكثر ازدهارًا.