الشاعر الاميركي جيروم روثنبرغ والآثنية الشعرية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فبيير جوريس الذي ولد في لوكسمبرغ ثم تركها وهو في التاسعة عشر عاماً نحو لندن، الجزائر، فرنسا ثم أميركا حيث أستقر وعبر كل هذه المحطات كان تمكّنه من أربع لغات، يُتحفنا بترجمات لجاك كيرواك إلى الفرنسية وموريس بلانشو وباول تسيلان إلى الأنجليزية: ترجمات مدروسة تنزل عميقاً في جذر النص الأصلي من أجل إخصابها ثانيةً في روابي لغة أخرى، في إقامة شعرية جديدة.& قلتُ أستقر. نعم لكنه لا يزال بدوياً يترحّل داخل النص العالمي. وبيانُه المكتوب بالأنجليزية Nomad Manifesto يريد إيضاح مفهوم خاص به: اللغة في تعامل دائم مع الآخر، بل للشاعر هي الآخر... لكن الآخر المتعدد كمجموعة من الرُّحّل في صحراء المعنى. إذ على القصيدة أن تكون تِرحالاً - هجراً أو لا تكون. وشعره مرصّع بشظايا معرفية من لغات متعددة كالعربية، اليونانية، السومرية والخ. وتتخلله أصداء الصوفية بالأخص السهروردي من بيتٍ إلى آخر.
أما جيروم روثنبرغ، هذا الشاعر الأميركي الذي في جعبته أكثر من خمسين ديوان شعري وأنطولوجيا، المختص بعلم الإنسان واللغويات معروف كمؤسس للإثنية الشعرية. يهتم بكل الألسنة وبكل أشعار الأرض إن كانت غربية، صينية، عربية، أمازيغية، عبرية، أفريقية، هذا البحث الانثربولوجي غير منفصل عن سعيه الشعري في "اللغة البدائية". فالشعر، بالنسبة إليه، هو عين اللغة الضرورية بل المضادة للعوز الذي يموت بسببه معظم الناس. لا يختلف عن أي ايمان ديني يعتقد به شخص آخر. لكن إذا افتقد الشعر جانبه الاثني، أي&لم يعد يتعرف&إلى تجلياته داخل لغات الآخر؛ الآخر المطمور في اللغات المسجلة في وفيات الألسنية ميتةً، يصبح هذا الشعر جزئيا وغير قابل للنمو وبالتالي غلطة لا يشفع لها أحد، بالأخص، في حقبة كحقبتنا هذه التي لا يمكن ان تحمي نفسها ألا عبر مواجهة هُوياتها المتعددة وتعاريفها- تناقضاتها وفي نهاية الأمر إشكالياتها. وفي نظر روثنبرغ أن شعر القرن العشرين لم يتوان عن التزود من الثقافات المسماة بدائية، مثلما كان شعراء النهضة يبحثون عن إلهام في الثقافة اليونانية. وكتابه المثير "تقنيو المُقدَّس" يتناول هذا الموضوع من كل جوانبه.
هنا ترجمة كاملة لقصيدة جيروم روثنبرغ "تمهيدات لشِعريةٍ ما" التي يختتم بها انطولوجيا "قصائد من أجل الألفية":
إلى مايكل ماكلور
. . . . . . .
إنسانٌ شاعرٌ يتنزّه بين أحلام
إنّه حيٌّ، يتنفّسُ ملْءَ الحريّة
خَلَلَ انبوبٍ رقيقٍ أشبه بنارجيلةٍ.
الرّماد يتساقط حولَه حين يتنزّه
مغنّياً فوق الرّماد.
كم خضراء هي الشمسُ
حيث تَسِمُ الأوقيانوس.
ريشٌ يتراكم فوق الجبال
التي لا يني الإنسانُ الشاعرُ
يسير عند منحدرها، يسير
في مقدِّمة ما يَخشاهُ،
ما يَهواه.
. . . . . . .
لماذا خَذلَنا الشاعرُ؟
لماذا انتظرنا من أجل أن تجيءَ الكلمةُ ثانيةً؟
لماذا تَذكّرنا ما يعنيه الاسمُ
ونحن قد نسيناه؟
لو أنّ اسمَ الشاعر الهٌ، إذاً لكم هو داجٍ النهارُ
لكم هو ثقيلٌ العبءُ الذي يحمله معه.
قالت تزايتيفا، كلُّ الشعراء يهود.
ربُّ اليهودِ يهوديٌّ، قال يهوديٌّ.
كان حَوْلَهُ ابيضاضٌ، وكان له صوتٌ
عالٍ عميقٌ
كصوت الشاعر في الشتاء
قديم العهد وعالٍ،
يطقطق،
يتذكّر في مناخٍ صيفي محيطات متجمدةً،
كم أَحسَّ أنه معاكسٌ
كم شديداً كان الألم فيه،
أهملَ الأمور تجري على عواهنها،
الشاعر يحلم شاعراً
ويصرخ.
ما يلبث أن ينسى من هو.
. . . . . . .
خاطِب أُمَّ الشاعر،
وهي ميتة الآن.
منذ سنوات تَركتْ صُقْعَ أبيها.
و أبيه أيضاً.
حكايةُ التيه، لم تُروَ بعد،
غير صحيحة. حكايةُ من أنت،
حكاية أين يمكن للقصيدة أن تأخذنا،
أين تتوقفُ
وأين يتوقف الصوتُ.
القصيدةُ محاجَجَةٌ مع الموت.
القصيدة لا تُثمَّن.
هؤلاء الذين دخلوا القصيدة لا يستطيعون هجرانها أبداً.
مرتدياً سترة فضية يسير الشاعرُ في قصيدة للوركا
عَبرَ البهو ليحيّي عروسَ الشاعرِ.
يَرى نهديها يتألقان في المرآة.
التفاحُ في بياض النهود.
يقول لوركا.
لقد أُرضِعَ حليبَ الفردوس،
حُلُمَ كلّ إنسانٍ شاعرٍ
كلّ عروسٍ شاعرة.
الجَوقة تعزف
النهار ينزع سِدادَةً ويخرج مسرعاً
&ليرحّب بليلةٍ أُخرى.
. . . . . . .
الشاعرُ الأسودُ
أهو أسودُ؟
وما تخلقه يداه وحَلْقُه
أهو خَلْقٌ اسودُ؟
نعم، يقول الإنسان الشاعر،
الذي يَرتدي ثلاثةَ خواتمَ،
الإنسان الشاعرُ الذي يبحثُ عن النور النفيس،
يقضّي النهارَ بجانب بابٍ مكسورٍ
لا أحدَ يستطيع الدخول. اِبْقِ عليه مسدوداً
يصرخ الإلهُ، واليهودي يتقلّبُ
في نومته اللانهائية.
تَمْرقُ الآلهةُ بمحاذاته كالعجلات الصغيرة
نازلةً الطريق الجبلي حيث تعيش القططُ
في مقبرةٍ تحرسها نجمةُ أبيه.
شاعر وعروس مشتبكان في العشب،
يداه سوداوان
عيناه شديدتا البياض
يحفّهما القرمز.
اسمع دقّة الطبل،
أيّها القلبُ.
لقد نزل السودُ إلى الساحِل الغربي
ماضي الشِعرِ المفقودُ طويلاً يفيق.
. . . . . . .
تخذلنا أصابعنا.
اقطعها إذن، الشاعر يصرخ
ليست للمرة الأولى.
غالباً ما شوهِد الموتى يملأون شوارعَنا،
&مَن لم يَرهم؟
الأعضاء السفلية تجتازها رعشةٌ،
الصورةُ دوماً صورةُ رأسِ حصانٍ
وذبابٍ لسّاعٍ.
ثديُ امرأة وعسلٌ.
هي التي دَحَس القتلةُ الحصباءَ في فمها
فلن تتكلم بعد الآن.
الشّاعرُ إنّه الشاهدُ الوحيدُ على ذاك الموت،
يكتبُ كلَّ بيتٍ
وكأنْ لا شاهدَ سواه.
ترجمها عن الأميركية عبدالقادر الجنابي
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف