أصداء

النصر العسكري وخطابات عيدي أمين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هل حزب الله بحاجة لخطابات غوغائية في هذه المرحلة التاريخية الحساسة من مقلدي عيدي أمين واحمد سعيد؟

ولكن قبل ذلك من الضروري أولا تعريف النصر والهزيمة.

التعريف العربي للنصر: الصمود أمام اسرائيل أكثر من 6 أيام

الهزيمة: الفشل في تحقيق أهداف الحملة العسكرية وبهذا المنطق اسرائيل فشلت فشلا ذريعا.

بالامكان ان نستنتج ان اسرائيل هزمت وحزب الله انتصر.

التعريف الموضوعي السياسي للنصر:
هو المقدرة على فرض ارادة المنتصر على المهزوم واخضاعه لاشتراطات وابتزازات كما حدث بعد هزيمة صدام حسين وطرده من الكويت.

في الحالة اللبنانية لنكن موضوعيين، النصر الذي حققه حزب الله هو كلي حسب االتعريفات العربية وجزئي حسب التعريفات الموضوعية والسبب هو أن لبنان لا يزال محاصرا جويا وبحريا. ويتواجد آلاف الاسرائيليين على الأراضي اللبنانية. وانتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية هو مطلب اسرائيلي منذ 26 أيار عام 2000 والآن يتم تطبيقه حسب قرار 1701.

هناك اجماع شبه عالمي أن حزب الله خرج منتصرا من هذه الحرب باستثناء الرئيس بوش الذي لا يزال يعتقد ان حزب الله قد هزم. يحق لبوش ان يعتقد ما يريد وهذا الاعتقاد لا يغير النتيجة على الأرض.
في كل جيل يظهر على المشهد العربي اشخاص وقادة يفرضوا أنفسهم على الساحة العربية من خلال تحديهم لأميركا او تهديد اسرائيل. معظمهم فشلوا في تحقيق أي نصر يذكر.

لنبدأ بجمال عبد الناصر الرجل الكاريزمي الذي استطاع أن يتحدى بريطانيا واسرائيل وفرنسا بمزيج من الكاريزمية والقدرة على مخاطبة المشاعر ودغدغة احاسيس الناس بالوطنية ولكن كما سجل التاريخ ولاسباب عديدة جلب في النهاية الكارثة للعرب عام 1967 حيث هزمت الجيوش العربية بأقل من اسبوع. وانتهى المطاف به رجلا ذليلا مهزوما.

ثم جاء عينات أخرى من قادة فاشلين بعضهم ثوريين ولكنهم تحولوا الى دكتاتوريين فاسدين ووراثيين من أمثال سيء الذكر معمر الغدافي الذي حاول أن يلعب دورا أكبر من حجمه وقدراته وبغباءه استطاع ان يفقر شعبه ويحول دولة غنية بالنفط الى دولة عالم ثالث شعبها فقير خائف ومقموع. ودخل الدكتاتور في مغامرات عسكرية فاشلة ودعم الارهاب وتحول الى استبدادي فاسد وفرض على الشعب الليبي المغلوب على أمره نظريات ساذجة غبية. وأخيرا تم اذلاله واخضاعه وانبطح لأميركا لانقاذ جلد ذاته بعد ان شاهد على شاشات التفزيون مصير الدكتاتور الآخر صدام حسين.

وصدام ليس أقل غباء من الغدافي، دخل حربا طويلة مع ايران أدت الى هلاك مليونين مسلم وبدون فائدة. غزى الكويت وخرج ذليلا مهزوما بعد أن تحولت أم كل المعارك الى أم كل الهزائم وانتهى الأمر به في جورة بائسة والآن يقبع في السجن بانتظار قرار المحكمة في مصيره. وماذا حدث للمليون فدائي لتحرير القدس والحرس الجمهوري وفدائيي صدام.

المرحوم ياسر عرفات حاول الن يلعب دور المنقذ لكرامة العرب ولكن شارون أخضعه وأذلّه وحاصره حتى فارق الحياة حزينا ومكسورا.

وعلى هذه الخلفية المؤلمة خلفية الهزيمة والاذلال والخنوع خلال الخمسين عاما الماضية فجأة يأتي حزب الله اللبناني ويجبر اسرائيل على الانسحاب من لبنان عام 2000 ويصمد 32 يوما امام الآلة العسكرية الاسرائيلية ويحبط المشروع الاسرائيلي في عام 2006.


هذا الانجاز الهائل كان له تأثير عميق سيكولوجي على نفسية العرب المهزومة اصلا. وبعد كل الاخفاق والهزائم ألتي ذاقها العرب على يد اسرائيل فهم بحاجة يائسة لجرعة صغيرة من النصر واسترجاع الكرامة رغم أن الثمن جاء باهظا والشعب اللبناني دفع هذا الثمن بدمه ودمار ممتلكاته وبنيته التحتية واقتصاده. وعلينا أن لا نبالغ بهذا النصر أو نقع في الوهم ان اسرائيل هزمت وانتهت. اسرائيل لا تزال تشكل تهديدا خطيرا في المنطقة وكدولة عسكرية انتقامية قد تلجأ لاغتيالات رموز حزب الله بغض النظر عن نزع سلاحه او التمسك به.

لبنان لا تزال محاصرة وقرار مجلس الأمن يحتوي على اشتراطات مجحفة مثل نزع سلاح حزب الله. لذا لا يمكن ان نقول ان الانتصار كان كليا وحاسما بل صمودا قويا وهذا ما فشل العرب في تحقيقه خلال خمسين عام. الصمود الاسطوري جعل من الشيخ حسن نصر الله شخصية عالمية بارزة ولحسن الحظ انه لم يتحول الى دكتاتورا. ونقرأ الآن في الفانينشال تايمز البريطانية ان السيد حسن نصر الله سرق الاضواء من بن لادن السيء الذكر. وهناك فرق شاسع بين الرجلين. الأول يتسم بالحكمة والهدؤ والعقلانية والثاني يلجأ للارهاب والتطرف وصراع الحضارات وسيناريوهات الجحيم.

وثمة دكتاتور آخر بشار الأسد الذي يفتقر لحكمة ودهاء والده السياسية ويفتقر أيضا لكاريزما عمّه رفعت الأسد الذي أبدى بعد نظر في قراءة الخارطة السياسية الدولية بحكمة والتعامل معها بواقعية. وعلى سبيل المثال توجه رفعت الأسد بنداء طالب فيه انسحاب القوات السورية من لبنان لأنها أدت المهمة وقامت بواجبها ولم يعد حاجة لاستمرار بقاءها في لبنان لأن الظروف تغيرت. اللافت للانتباه وهذا سيسجله التاريخ ان هذا النداء جاء قبل عدة شهور من اغتيال الشهيد رفيق الحريري وأكثر من عام قبل الانسحاب السوري المهين في 26 ابريل نيسان 2005. مما يؤكد بعد نظر رفعت الأسد وخبرته وجهل بشار وغباءه.

القيادة السورية في أزمة. تشعر بالتهميش وستقل أهمية النظام اذا استعاد لبنان عافيته وساد الهدؤ الجبهة الجنوبية. لذا نستطيع أن نقرأ من الخطاب الغوغائي ان القيادة السورية لا تريد خيرا للبنان. واشدد ان الاشارة للقيادة السورية والنظام السوري وليس الشعب هو مقصود لأن الشعب السوري يريد خيرا للبنان ولكن القيادة الفاشلة لها مآرب أخرى غير وديّة. هذا كان واضحا من خطاب بشار المليء بالشعارات والعبارات البذيئة التي يرفضها والده رحمه الله وعمّه رفعت الأسد.

حاول بشار القفز على عربة النصر العسكري الذي حققه حزب الله على الارض بمحاولة يائسة للاستفادة السياسية من هذا النصر. وكلام بشار الغير مدروس أحرج حسن نصر الله ووضعه بموقف حرج وأكال اتهامات استفزازية ضد قوى 14 آذار وكشف عن موقف حاقد تجاه لبنان.
مما أجبر عضو البرلمان التابع لحزب الله حسين الحاج حسن ان يرفض ما جاء في خطاب بشار من التهامات ضد قوى 14 آذار. وكرر أحد مسؤولي حزب الله رفض ما جاء في خطاب بشار في برنامج حواري على قناة "ايه ان بي" اللبنانية قبل يومين.

باختصار كان خطاب بشار سلبي وانتهازي واستفزازي وغوغائي ويشبه الى حد كبير خطابات عيدي أمين في السبعينات التي تميزت بسذاجة سياسية ممزوجة بغباء فطري. عيدي أمين كان رجلا جاهلا وخطيرا وخطاباته كانت تحرج وزراءه واتباعه وهي الى حد كبير لا تختلف عن خطابات الدكتاتور الليبي معمر الغدافي. والغريب ان هؤلاء الاغبياء يتنافسوا في الاعلان عن جهلهم وغباءهم بخطابات يصفق لها الساذجون من عبدة الشعارات والدكتاتوريات.

المهم الآن هو تحويل النصر الميداني الى مكاسب سياسية لجميع لبنان والنهوض بلبنان واعادة اعماره والعودة للديمقراطية والدستور واتفاق الطائف.

يجب أن لا يعود لبنان الى ساحة صراع اقليمية وحلبة لتسوية الحسابات بين دول تسعى لدور اقليمي عى اشلاء لبنان وعلى ركام وانقاض وضحايا لبنان.

نهاد اسماعيل

لندن
nehad ismail، London، UK

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف