في الأوهام الطهرانية للمعارضة السورية 1-3
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في الأوهام الطهرانية للمعارضة السورية: ورقة للنقاش العام ( 1/3)
بعد إعلان دمشق( وليس دمشق- بيروت) قطعت (المعارضة) السورية شوطا بعيدا في تحديها للنظام، إذ أنها أعلنت بوضوح أن هدف المنضوين تحت هذا الإعلان هو تغيير النظام السوري لأنه لم يعد ممكنا إصلاحه (...) وإصلاحه ظلت تنادي به (المعارضة) إلى أن نبت على لسانها شعر وظلت تتوسل النظام لإصلاح نفسه ودمجها في الخيار الوطني الذي يعني أشياء كثيرة أهمها مشاركتها في السلطة أو على الأقل جعل معارضتها قانونية وهذا حق لها كما في كل دول العالم بما فيها إسرائيل الغاشمة التي يَعدُ النظام - عبر حماس وحزب الله و...- بتمريغ وجودها في الوحل وجعله أثر بعد عين.
وقد كان النظام السوري عبر تاريخه يحتقر المعارضين ولا يلقي لهم بالاً ويتحدث عنهم كنكرات، ما عدا فترة بداية تحدي الإخوان المسلمين له وإدراكه لإمكانياتهم. وقد خطب الرئيس الأسد (الأب) في تلك الفترة في أحد مؤتمرات الفلاحين أو ما شابهها وكان صوته المتهدج ببحته المعهودة يوحي كم كان الأمر خطيراً وقتها، وقد عرض مسيرة تفاوضه مع الإخوان تحت لازمة: قلنا لهم... وقلنا لهم.. بما فيها عرض حقائب وزارية عليهم، وأعلن يومها انه مسلم (...) في محاولة لنزع أحد الأوراق التي استخدمها الإخوان المسلمين ضد رأس السلطة.
فيما بعد وحينما تم إنهاء الإخوان على الأرض بحرب شرسة استخدم فيها الطرفان كل أسلحتهم المتاحة، أصبحت (المعارضة) في خبر كان وآلت إما إلى الصمت أو القبر وإما إلى سجون النظام الوحشية التي لو سجن فيها حجر لانهارت عزيمته
الإعلان كمدخل أول:
إن المنضوين تحت إعلان دمشق لا يمكن لهم تجاهل تلك الفترة إلا أنهم يعون أن الزمن تغير ولم يعد يستطع النظام أن يمارس وحشيته السابقة بحقهم على الملأ وأمام العالم كما حدث مع الأخوان وغيرهم من معارضي اليسار السوري. وهكذا يكون الإعلان قد مثل خطوة متقدمة من ناحية واحدة فقط هو القول بتغيير النظام وبالتالي كسر تابو الخوف أمام جمل من هذا النوع كان يهاب الاقتراب منها كل معارضي الداخل وبعض معارضي الخارج.
وقد جاء الإعلان مشتملاً على صيغة (وصياغة) المحاصصة وليس التمثيل، وهي مسالة غير مهمة في هذا السياق لأنها تعبر عن هشاشة الواقع السياسي السوري وفاعليته الوطنية، وهذا الأمر لايخص سوريا وحدها بل كل الدول التي حكمتها أنظمة شمولية طاغية، لتشكل هذه المحاصصة العثرة الجدية الأولى في فاعليته "الوطنية"rlm;. وقد ثبت لاحقا عدم أهمية الإعلان على الأرض فهو لا يزيد في أهميته الواقعية عن أهمية أي بيان آخر من سيل البيانات التي اعتادت (المعارضات) إصدارها كلما دق الكوز بالجرة! والتي ترتفع وتيرتها وتنخفض بحسب استرخاء القبضة الأمنية للنظام وتشديدها، وذلك فيما يخص معارضي الداخل.
وإذا كان الإعلان هو مسألة "خطابية"rlm; في ترجيعة صداه الأساسي، فإن أهميته لا تكمن في صياغته ولا في القوى المنضوية تحته لأنها قوى ليس لها وجود فاعل وحركي على الأرض، بل في الخطوة التي مثلها في الحديث لأول مرة من دمشق عن "تغيير النظامrlm;"rlm; ديمقراطيا وسلمياً!
وقد استعاضت ( المعارضة ) السورية عن وجودها الفاعل على الأرض (الذي تحكمه ظروف موضوعية وذاتية) بالوجود الإعلامي (الفاعل) فقد وفر لها فضاء الانترنت وجودا آمنا وكذلك وفرت لها وسائل الإعلام الأخرى من فضائيات وصحف حضور صوتي وكتابي يوحي لمن لا يعرف سوريا أن النظام يوشك أن يسقط بعد قليل؛ فوجودها الفاعل على الانترنت؛ يجعل من يتابعه يعتقد أن النظام قد تحطم! وسيظن من يقيم في أستراليا مثلا أنه لن ينهي قراءة الخبر الذي "بيده"rlm; أو المقال إلا ويقرأ على أحد المواقع النتيه (إن لم يكن لديه فضائية العربية أو الـ ANN) خبرعاجل: سقوط النظام السوري...
ويلاحظ المتابع أن كل المحتوى السوري على الانترنت هو محتوى معارض ولا وجود للنظام إلا عبر أشكال هامشية لا يمرها احد، وقد التفت النظام إلى هذا الأمر في الفترة الأخيرة فحجب كل مواقع الانترنت والصحف التي لا توافق مسيرته النضالية.
وقد كان لافتاً في الإعلان الدمشقي انه دعا كل أطياف المجتمع بما فيهم البعثيون و... إلا أنه ونتيجة لـ "شخصنة"rlm; الوعي السياسي والتي تؤدي في الغالب إلى هزاله وتغييبه لدى القوى التي يمثلها أو تمثله على الأرض شهد نكوصا مريعا في أول اختبار عملي لطروحاته وهذا يشكل مدخلاً مناسباً لاختبار فاعلية هذا الوعي لدى المعارضين السوريين فهو "وفق مقاربة متجنية إلى حد ما"rlm; لا يتشكل في الغالب إلا عبر ذات "المعارض"rlm; ولا يتخيل (غالبية) المعارضين السوريين أي تغيير لا يمر عبرهم بشكل فردي، وهذا أحد موانع تشكل أو تشكيل حركة معارضة حقيقية وفاعلة. وإذ لا يمكننا أن ننفي عن أي سوري صفة "الوطنيةrlm;"rlm; بما فيهم رجالات السلطة وأمن النظام، فإن المعارضين السوريين هم وجه آخر للنظام في علاقتهم بهذه الوطنية والفارق هو المحتوى، ففي حالة السلطة يتم ربط الوطنية بمدى الارتباط بجهاز السلطة والولاء له في ربط ميكانيكي لمفهوم الوطن ودمجه مع السلطة، وما يفعله المعارضون لا يختلف من حيث الجوهر مع هذا، إذ في غالبيتهم يربطون الوطن (القادم) برؤيتهم وتصورهم لحاله، كي لا نبالغ ونقول برؤية فردية ذاتية أو"جماعاتية"rlm; مصلحية، لمشروع الوطن "تحت التأسيسrlm;"rlm;
انشقاق خدام اختبار أول لـ (المعارضة):
تعرض الإعلان لهجوم شديد واتهم بالطائفية والـ... خصوصا من كتّاب اعتبروه إعلانا (سنياً) بالدرجة الأولى وقد كالوا هذه التهم تحت مسميات غير طائفية بل وضعت تحت شعارات وطنية! وكيل له أيضا انتقادات من بعض النخب الكردية وكانت المناقشات تتم للبيان نفسه ولجمله وصياغته..
ولاعتباره (من وجهة نظري) عديم الأهمية على الأرض، كذلك بصياغته وبجمله وبما أراد قوله باستثناء جملة واحدة هي مجاهرة القول بتغيير النظام؛ فان مناقشة البيان غير ذي جدوى ونرى أن انشقاق عبد الحليم خدام واليات تعامل المعارضين مع هذا الانشقاق، يصلح مدخلاً لتدقيق واختبار أهميته وكذلك انسجامه مع طروحاته.
فقد استقبل المعارضون السوريون انشقاق خدام بفتور شديد وتحدث بعضهم أن انشقاقه جاء نتيجة فقدانه لمنصبه وامتيازاته وعليه فانه شأن شخصي وتذكروا تاريخه الأسود داخل النظام وذكروه به.
المقاربة الأولية - والتي ذكرتها في مقال سابق- للمعارضة السورية تجعل قارئها يرى بوضوح أنها ذات عقلية استاتيكية لاتدرك "عملياً"rlm; مفاهيم العمل السياسي التغييري! وهذا واضح عبر كل تاريخها، بل إن التبصر في تركيبة هذه المعارضة سيجعلنا نكتشف أن غالبية المعارضين هم مثقفون( الأخوان خارجاً هنا) دخلوا إلى السياسة بأدوات المثقف (على ما قال ياسين الحاج صالح عن نفسه)، وهذا نتاج الفقر الذي أصبح مزمناً في إنتاج "السياسيrlm;"rlm; خارج كتل المثقفين. لكن أولويات المثقف في تناوله للشأن العام تختلف عن أولويات السياسي، إذ أنه في العموم يجنح (أي المثقف) لتغليب الموقف الأخلاقي - المستند إلى جذر ايديولوجي- وإعطاءه الأولوية على الموقف السياسي. فالموقف الأخلاقي الذي يرضع (في منطقتنا) من حليب الايديولوجيا ثابت زمنيا إلى حد كبير ولا يشهد تحولات مفاجئة بينما الموقف السياسي متبدل ويستند إلى الواقع والوقائع المؤثرة فيه، مكتسبا شرعيته من تمثل هذا الواقع وتمثيله. وقد تم تلقي موقف انشقاق خدام من هذا المنظور الأخلاقي ممتزجاً بمخاوف "مصلحية"rlm; سواء مع السقف المسموح من النظام لتحركهم، والذي تشكل عبر عرف صامت أحياناً، وأحياناً أخرى عبر اتصالات بين النظام وبين المعارضين، أو تلك المخاوف الشخصية من "حصةrlm;"rlm; التغيير بعد دخول لاعبين جدد يعتقد بتأثيرهم وبالتالي سيكون إدماجهم مع(المعارضة) هو تنازل عن جزء من "الحصصrlm;"rlm; القادمة والتي يقوم عليها بناء الموقف المعارض في غالبيته كما أسلفنا. وإذا كان الموقف الأخلاقي ليس مثلبة ولا مذموم كذلك، إذ أن كل فرد يتشكل لديه وعي ما، سيبني موقفا أخلاقيا من اليوم والأمس والأخر والأفكار وجاره و.. الجرائم التي حدثت وتحدث. لكن الموقف الأخلاقي قد لا يمكن سحبه وفق آلية هندسية ليتم تطبيقه في وأثناء الاشتغال السياسي، خصوصا في لحظاته التغييرية التي تتطلب مساومات وتوافقات وحتى تجاهل وتناسي بعض الجرائم والمآسي لبعض القوى (المعارضة)، وكذلك الناس.
وإذا كانت (المعارضة) أعلنت أن هدفها هو تغيير النظام، فعليه سيكون منطقيا أن يستوجب هذا الموقف يستوجب أن تنتج أفكارها ورؤاها حوله ( أي التغيير) وتتحالف مع أي ظاهرة جديدة تتيح لها أن تقترب من هذا الهدف، إذا كانت الأهداف المعلنة هي نفسها التي يتم العمل عليها جهرا وسرا.
وإذ كانت رغبة النظام إبّان انشقاق خدام أن يدينه الجميع ويهاجمه فان (المعارضة: الداخلية) اكتفت (كحل وسط) أن لا ترحب به فقط، وهو يوضح من جهة علاقتها بالسقف ومن جهة أخرى مدى أهميتها كقوى تغييرية منفصلة عن النظام
يتبع
التعليقات
غريب ما نقرأه
سوري -لا يصدر هذا الكلام عن قاريء جيد للاوضاع السورية فبالرغم من الدكتاتورية والقمع لا يمكن لنا ان نقول بان الاخوان صرخوا في وجه النظام؟؟؟؟ ارجو الكاتب باعادة قراءة متانية للتاريخ .
يا ريت
ابو قصي -ياريت ياسيد خلف الله خلاف لو كنت موجود في فترة الاخوان المسليمن في سوريا و انت في البيت تسمع انه هناك انفجار و كانت زوجتك او ابنك او بنت احد القتلى يا ترى هل سوف يكون لك نفس الراي على كل حال الاقلام الماجورة لا تعرف الرجمة و حتى لو كتبت عن نفسها
اوهام التغير
برجس شويش -ان اي فوة سورية معارضة للنظام توهم او تخدع نفسها وجماهيرها ان اعتقدت بان النظام سيقوم باصلاح نفسه او انه سيقوم بالحد الادنى من الاصلاحات المطلوبة والتي باتت من الضرورة والالحاح بان تحصل في سوريا الان وليس غدا، فالمطلوب من المعارضة الشريفة ان تتوحد حول هدف اسقاط النظام وارساء البديل الديمقراطي التعددي في دستور سوري جديد يثبت فيه كافة الحقوق المشروعة لمكونات الشعب السوري بما فيها حقوق الشعب الكوردي كثانية قومية في البلاد على مبدأ حق التقرير المصير، ان كل الظروف الدولية والاقليمية والداخلية حافزا لقوى المعارضة للقيام بدورها التاريخي في اسقاط نظام البعث الذي قام بانقلاب عسكري واغتصب السلطة بطريقة غير شرعية واصدرت الكثير من القرارات الارتجالية الهامة التي كانت بمثابة الكارثة على الشعب السوري، وعلى المعارضة ان تتحدى النظام بجرأة وشجاعة حتى تستطيع تحيد او جر الجبناء والانتهازين من القوى التي تدور في فلك النظام: الاحزاب والقوى المنضوية فيما يسمى بالجبهة التقدمية وكذلك الاحزاب و المجموعات التي لا تزال تنتظر وان طالت قرونا بان النظام سيقوم ببعض الاحسانات على الشعب السوري
كلام صحيح
سوري سني -نشكر الكتاب على هذه المقالة ونضيف أن الأخوان لم يخطأوا أبدا والمذنب هو النظام السوري الطائفي المجرم.لم يرضى النظام باي حوار مع أي معارضة بل كان جوابه دائما الاعتقال والتصفية لأي معارضة والامعان في الطائفية ومعاملة السنة السوريين كمواطنين من الدرجة الثالثة (يأتون في المرتبة بعد العلوييين وبعد بقية الطوائف في سورية)والتمادي في الفساد والسرقة والنهباكل قادة الفرق والألوية والكتائب والسرايا وحتى الفصائل في الجيش السوري هم حصريا علويون.99% من عناصر وضباط أجهوزة الأمن هم علويون, وهذا ينسحب على كل وظائف الدولة والايفادات الخارجية.المعارض السوري كمال اللبواني أجرى (قبل اعتقاله) بتكليف من معهد دراسات فرنسي دراسة على عينة عشوائية من الطلاب السوريين الموفدين لأوروبا للدراسات العليا, العينة كانت مؤلفة من 100 طالب, تبين له أنه هناك 98 طالب علوي وواحد سني وواحد مسيحي.العلويين لا يزيدون عن 8% من سكان سورية فهل من المعقول أن يستأثروا ب 99% من كل شيء في سورية؟
قوم جهلة او متجاهلين
سامر -فقط أريد أن أعرف ماالذي كان يمثله الأخوان وقت محاولتهم قلب الحكم، ألم يكونوا معارضة استمدت قوتها من ( مصادر معروفة) وكان عليهم أن يبدأوا بقتل كل من كان حزبيا أو علوياً بداية من قاعدة الهرم العريضة للناس العاديين من اطباء ومعلمين ومثقفين وفي المقابل لم يسكت النظام الحاكم فبطش ولو بالشبهة بكل من له علاقة بحركة الاخوان دون تفريق بين شاب وامراة وطفل ولعن الله الجهتين على ماشهدناه من عنف ودم فهل يحاول البعض هنا تجاهل كل مافي المقال من شجاعة لصالح احد الطرفين؟ فظاعة
شكرا
عمر السوري -تحليل جيد ومتوازن وخاصة لعلاقة المثقف بالسياسة وأعتقد أن تلك العلاقة تصقل بالتجارب وزيادة المعارف وخاصة حين يكون المثقف متفهما لصيرورة الحياةوتبدلاتها وأعتقد ان علاقة المثقف بالسياسة افضل بكثير من علاقة رجال الدين والعسكر بالسياسة فهنانحن مع فكر ثابت لا يتزحزح مع التقلبات السياسية ، واعتقد من ناحية أخرى ان الإخوان المسلمين يتحملون العبء الأكبر في ضياع أي فرصة للحرية في سورية نظرا لدمويتهم ومن يقول انهم غير دمويين فهو كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال ولعل تجربتهم في ممارسة السياسة عبر حزيهم الممتد طولا وعرضا وخاصة تجربة اتلجزائر وتجربة حماس لهي خير دليل على فشل الأحزاب الدينية في المشاركة في حركة بناء المجتمع بنتائجها الكارثية