الإسلام في الدنيا الجديدة 1-3
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
1 من 3
كثرت الأحاديث والأقاويل والشائعات حول الإسلام والمسلمين الأمريكيين الذين يعيشون داخل الولايات المتحدة الأمريكية، من هم وما هي علاقتهم بأوطانهم وجذورهم، وكيف يعيشون داخل الولايات المتحدة وما هي أحوالهم قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر. أسئلة كثيرة يطرحها الرأي العام وفق معتقداته وثقافته وتوجهاته وفكره، ليس فقط الرأي العام الأمريكي وإنما أيضا الرأي العام أينما وجد في أنحاء العالم.
فالرأي العام له هويته وثقافته ورؤيته الخاصة للأحداث وفق كل بلد وكل جنسية، ووفق معطيات كثيرة منها بلا شك المصلحة والعقيدة والعادات والتقاليد. ولعله من المنصف حقا لمن يريد أن يعرف عن المسلمين والإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية أن يعود لقراءة التاريخ قراءة متأنية وأن يتابع بدقة أحداث هجرتهم لهذا الوطن والعيش فيه. لماذا هاجروا ولماذا جاءوا إلى هنا؟ ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعتهم للهجرة؟ هل هي مسألة اقتصادية بحتة أم أنها تجاوزت ذلك إلى أمور تتعلق بالقمع السياسي أو الإحباط أو الفقر؟ لا شك أن كل منهم قد جاء إلى هنا وهو يحمل بين جنبيه حلم المستقبل وليس حلم الماضي.. فهل وجد أمريكا على هواه أم وجدها عكس ذلك؟
كل المؤشرات وكل الظواهر تؤكد أن فكرة الهجرة إلى الولايات المتحدة تتزايد يوما بعد يوم وعاما بعد عام خاصة من تلك المجتمعات الإسلامية التي رأى مهاجروها في أمريكا نموذجا مثاليا للعيش. فجاءوا إليها ومعهم عائلاتهم بحثا عن العمل والتعليم والحرية والديمقراطية والاستقرار. ولم يأت المسلمون إلى هنا منذ وقت قصير إذ تشير الوثائق إلى أن بدايات هجرة المسلمين أو الموجة الأولى منهم تعود إلى عام 1875 وكان معظم الذين هاجروا في ذلك الوقت من العرب القاطنين في بلاد الشام ولذلك كان يطلق عليهم اسم "السوريين". وقد أتى معظمهم طلبا للرزق آملين في أن يعودوا إلى أوطانهم خلال زمن ليس بطويل. ولكن ما حدث هو أن الكثير منهم حط رحاله في الولايات المتحدة وعاد جزء منهم إلى الوطن العربي ليتزوجوا ثم يعودوا بزوجاتهم إلى الأرض الجديدة.
يمكن القول إن هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية قد مرت بثلاث موجات أولاها تلك الموجة التي استمرت حتى عام 1912 ثم أعقبتها موجة ثانية بعد زوال الإمبراطورية العثمانية. أما الموجة الثالثة فكانت بين عامي 1947 و 1960. هذه الموجات أحدثت تواجدا حقيقيا لمجتمع إسلامي كبير يتراوح تعداده مابين ستة وسبعة ملايين مسلم على أرجح تقدير فالإحصاءات لم تؤكد على وجه التحديد تعداد هذه الجالية التي يري البعض أنها ربما تتجاوز عشرة ملايين مسلم وذلك بسبب أن الإحصاءات الحكومية لا تشمل سؤالا عن ديانة المواطن الأمريكي.
لقد تزامنت موجات هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة مع هجرة الأعراق والديانات الأخرى فوحدت المهاجرين حول تجربة واحدة وذاكرة جماعية مشتركة تشابهت فيها روايات المهاجرين للأبناء والأحفاد لتاريخ قدومهم إلى أمريكا. وكان تمثال الحرية أول المعالم الأمريكية التي وقع عليه ناظر معظم المهاجرين إلى أمريكا. تمثال الحرية أو امرأة الحرية تحمل في يدها شعلة بمثابة لغة الترحيب التي لا تفرق بين دين أو عرق فقط مرحبة بأبنائها الجدد عبر "البوابة الذهبية" معلنة لهم بأن الحلم الأمريكي لا يتحقق دون كد وعمل. هكذا أدرك القادمون جميعا أن ما توفره أمريكا هي الفرصة.. الفرصة لأن تصنع بعزيمتك حياة كريمة.. فرصة الاستزادة من العلم.. فرصة أن يكون لك الحق في أن تطالب بما لك من حقوق طالما قد أديت الواجبات التي عليك.. من هنا ينصهر المجتمع ويتوازن وهؤلاء المسلمون استطاعوا أن يعملوا ويصنعوا نجاحاتهم فكانت لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
وتعيش هذه الجالية في أنحاء متفرقة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنهم حرصوا في نفس الوقت على تركيز إقامتهم والتمركز في أماكن يكونون فيها مجتمعاتهم ويشيدون فيها أبنيتهم ومتاجرهم ودور عبادتهم ويتزاورون فيها ويلتقون فيها. ويمثل المسجد نقطة التقاء للمسلمين في هذا المجتمع ومن ثم فهو ليس فقط مجرد دار من دور العبادة وإنما هو أيضا مكان لتجمع المسلمين أي أنه جامع بمعنى الكلمة. فهو يجمع الموحدين في طاعة الله وذكره. ويجمع الطلاب والدارسين والمسلمين عامة للتفقه في شؤون دينهم ومناقشة أمور دنياهم وتعليم صغارهم الدين الإسلامي واللغة العربية ويقوم فيه المتطوعون بتدريس الأجيال المسلمة القادمة حفاظا منهم على الهوية الإسلامية.
نهاية الجزء الأول (1 من 3)
وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية