ثقافات

الحشرة: قصيدة نثر لإيفان تورغينييف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ترجمها عن الفرنسية عبدالقادر الجنابي

حلمتُ، كنّا عشرين مجتمعين في غرفة كبيرة ذات نوافذ مفتوحة.
كان بيننا نساء، أطفال، شيوخ... كنّا نتحدّثُ في مواضيع عاديّة. لغط كلامي غير مُميّز.
فإذا حشرةٌ جد ضخمة حجمَ خنصرين، داخلةً الغرفة طائرةً يرافقها ضجيج جاف. وبعد أن دارت في الغرفة، حطّت على الحائط.
كانت تشبه ذبابة أو زنبوراً. الجسمُ أسمرُ ووسخ، الأجنحة منبسطة وصلبة من اللون نفسه؛ قوائم كثّة الشَعر ومنفرجة، رأس ضخم مقرّن كرؤوس اليعاسب؛ وهذا الرأس، وكذلك القوائم، كان أحمر حُمرة حادة، بل يمكننا القول دموية.
لم تكف الحشرة الغريبة عن رفع رأسها علواً وسفلاً، عن إدارته يميناً ويساراً، وعن تحريك قوائمها... وفجأة تنفك عن الحائط، تتطاير في الغرفة باعثةً ضجيجاً أشبه بضجيج خشخاشة. بعد ذلك حطت ثانيةَ هذه البهيمة المُقلقة والبغيضة، وهي تتحرّك من جديد من دون أن تترك المكان أبداً.
أثارت في كلّ واحدٍ منّا القرفَ، الخوفَ بل حتّى الرعبَ... ما من أحد سبق له أن رأى شيئاً كهذا. صاح الجميع: "اطردوا الوحش هذا!"، حَرَّكَ الجميع مناديلهم من بعيد. إذ لا أحد كانت له جرأة الاقتراب منها؛ وعندما طارت الحشرة تجاه السقف، تفرّق غريزياً الجميع.
إلاّ واحد من رفقتنا، شابٌ شاحبٌ، لا يزال غضّاً، راقبناه بتعجّب. هزّ كتفيه، وابتسم، لم يستطع إدراك ما حدث لنا، أو السبب الذي جعلنا مضطربين هذا الاضطراب. فهو لم ير حشرة، ولا سمع طقطقة غِمد أجنحتها.
وفجأة، أرتفعَت الحشرة، ويبدو أنّها ثبتت عينيها عليه، وبَرَمت ثم خفّت إلى رأسه فلسعته من جبهته... أطلق الشاب صرخةً واهية، ثم خرّ ميتاً.
وعلى الفور هربت الحشرة المرعبة. عند ذاك إذنْ، عرفنا من كان الزائر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صفحة الترجمة مميّزة
قارئ -

انها كذلك ، بفضل الجهد الدائب لمسؤول ثقافات بشكل خاص . بالنسبة لهذه ( القصيدة النثرية ) كان لديّ شكوك حول نوعها الفني ؛ بما انّ تورغينييف كما عرفناه كقراء لم يكتب شعرا بل قصص قصيرة . ولكن اطلاعي على المقدمة البديعة للجنابي في مكان اخر من الصفحة ( عن كافكا ) ، بدد الإلتباس الحاصل لديّ . واننا لننتظر ترجمات مزيّدة ، او دراسات أصيلة ، عن هذا النوع الأدبي ( الامثولة ) وعلاقته بالأجناس الادبية الاخرى ؛ خصوصا بالقصة القصيرة ( تورغينييف وكافكا ، كمثال هنا ) وبالمسرح ( عند شكسبير ، مثلا ) . مرة اخرى ، شكرا للجنابي المبدع وايلاف

حتمية الفناء
سالم بتروفيتش -

وهو كذلك، فتورغينيف هو من أعظم الكتاب الروس في القرن التاسع عشر، وقد أشتهر في تصوير الطبيعة في لوحاته الكتابيةفي الرواية والنثر والمسرح، وقد كتب نثرا جميلا ذا طابع إجتماعي سيكولوجي، لم أعثر على قصيدة نثر بهذا الأسم ولكن ربما كتبها في أواسط القرن الذي عاشه. وقد فات من ترجم وقدم هذا النثر والذي هو بحد ذاته نثر قصصي وليس يقع في القصيد النثري، ولك ربما أراد ثنائي التقديم والترجمة إثارة الإهتمام حول عالمهم الكتابي والزوبعة التي لا تخرج عن هذا وذاك.في رسالة من تورغينيف إلى الشاعر الروسي كونستانتين سلوتشيفسكي نجد ما كان في مشروع تورغنيف المحب للمعرفة الروحية، خارج عن الخرافات والوساوس الحالية:- "دفعني الشعور الجمالي إلى تناول أطيب ممثلي النبلاء بالذات، الامر الذي يدلل على موضوعي باصوب شكل: فإذا كانت القشدة فاسدة فكيف حال اللبن؟".من هنا وهناك ماهو معنى ومغزي، النثر والذي يشبه في عالمنا الحالي حالة تستهدف الإستعراض لتدمير الفني والنافع.

الى
قارئ أكثر اطلاعا -

مكان آخر باسم آخر:لكي تعرف أكثر حول قصائد نثر تورغينييف، افتح هذا الرابط:http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphFiles/2005/9/88018.htm وهو موجود في قسم ملفات في ملف اسمه قصيدة النثر نماذج وتنظيراتوفيه ملف حول قصيدة النثر الروسية