الاقتصاد اللبناني بين الصواريخ والمظاهرات
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الاقتصاد اللبناني بين الصواريخ والمظاهرات
فادي عاكوم، إيلاف:
عشية المؤتمر الدولي الذي سينعقد في العاصمة الفرنسية باريس تحت اسم "باريس 3" لانقاذ الاقتصاد البناني غرق هذا الاخير في مستنقع يبدو انه لا امل بسحبه منه الا اذا احتكم اللبنانيون جميعا الى لغة العقل لانقاذ ما يمكن انقاذه للنهوض الاقتصادي الذي اصبح حاجة ملحة قبل ان تستفحل الامور وتصل الى نقطة اللاعودة حيث سيكون المواطن اللبناني هو المتضرر الاول والاخير، فبين الاصرارعلى السلطة وبين المطالبة بها اتى المؤتمر المنقذ ليصبح بدوره مادة دسمة للشارع وسببا للتظاهر والاضراب، فطالما شكلت السياسة عنصرا اساسيا من التوجه الاقتصادي العام للدول وبات الخطاب السياسي اقتصاديا بامتياز وانقسم اقتصاديو ونقابيو لبنان بين مؤيد ومعارض للورقة الاقتصادية الاصلاحية للحكومة في وقت اصبحت الهموم المعيشية والحياتية وتراجع التقديمات الاجتماعية وتآكل القيمة الشرائية للأجور منذ عشر سنوات حديث اللبنانيين جميعا دون استثناء.
وفي وقت ياتي مؤتمر باريس 3 بغياب راعيه الاول رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، يرى بعض المحللين أن الازمة القائمة حاليا حول الوضع العام اللبناني تعزز قدرة الحكومة على مطالبة المجتمع الدولي بزيادة المساهمات لمعالجة الوضع الاجتماعي والمعيشي، إضافة الى ضرورة التعويض عن أضرار الحرب الاسرائيلية، خصوصاً وان التدمير زاد الحاجة الى المساعدات الاقتصادية والمالية، هذا بالاضافة الى اهتمام الدول الرئيسية المانحة بدعم الحكومة الحالية .
في هذا الوقت تبرز جهود الجهات الداعية والمنظمة للمؤتمر بمساعدة لبنان على توسيع دائرة الداعمين، في ظل اتصالات مع كل من بريطانيا واليابان والمانيا التي لم تظهر مواقفها بشكل واضح من المشاركة والمساهمة، في الوقت الذي أكدت معظم الدول العربية والخليجية مشاركتها ودعمها، إضافة إلى الصناديق العربية والدول الصناعية الكبرى، وتحديداً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي الذي تعهد بزيادة حصة لبنان من مساهماته لتمويل المشاريع للقطاعين العام والخاص، عبر مؤسسة التمويل الدولية "أي.اف.سي". وكذلك مساهمات البنك الأوروبي للاستثمار والمؤسسات الدولية التي تُعنى بتسليف القطاع الخاص لتنشيط القطاعات المتضررة من الحرب.
والجدير ذكره ان ما زاد الوضع الاقتصادي ترديا الاعتصامات المفتوحة التي تنفذها المعارضة التي قاربت الخمسين يوما بسبب الانعكاسات على القطاعات السياحية التي تعتبر النفط اللبناني، حيث قامت العديد من المؤسسات السياحية بالاقفال او بالاستغناء عن خدمات موظفيها بسبب احجام روادها عنها، وخاصة السياح الاجانب والعرب خصوصا، اما بالنسبة للاضراب المقرر تنفيذه اليوم الذي ياتي في توقيت مدروس للتاثير على مؤتمر المانحين فتتخوف اوساط اقتصادية لبنانية من ان تكون الدعوة الى الاضراب محاولة لضرب القطاع الاقتصادي واخضاعه للمشهد السياسي كما حصل مع الاتحاد العمالي الذي ورغم رفضه تسييس موقفه ووضعه في خانة فريق دون آخر، وقع ضحية اللعبة السياسية وبات اسيراً لها، وقد ظهر هذا الامر جلياً بعدما لبّى الاتحاد فوراً الدعوة الى الاضراب عاكساً بذلك حال انسجام بين خطواته وخطوات المعارضة حول التحرك.
الخطوط العريضة لبرنامج لبنان الاقتصادي الى مؤتمر "باريس 3"
-1اصلاحات لتحفيز النمو تشمل اجراءات وقوانين تزيد معدل الانتاج وتخفض التكلفة وتحسن تنافسية الاقتصاد
2-اجراءات لاصلاح القطاع الاجتماعي من اجل تطوير شبكات امان اجتماعية لحماية ذوي الدخل المحدود. وتتضمن خطة العمل الاجتماعية تخفيف نسبة الفقر وتحسين مؤشرات الصحة ونوعية التعليم، وتحسين كيفية الانفاق الاجتماعي العام، وخفض التفاوت المناطقي
3-اصلاح مالي جذري على مراحل يهدف الى زيادة الفائض الاولي عبر ترشيد الانفاق (خفض الهدر، اصلاح المؤسسات العامة، زيادة الواردات برفع الضرائب المصرفية وضريبة القيمة المضافة بعد عام.
4-برنامج لتحرير عدد من القطاعات الاقتصادية وتعزيز مشاركة القطاع الخاص من خلال الخصخصة سعيا لزيادة نسب الاستثمار، وخفض عبء الدين العام، وزيادة معدلات النمو وخلق فرض عمل جديدة.
5- سياسة نقدية تهدف الى الحفاظ على استقرار الاسعار ولجم التضخم تسهيل تمويل القطاع الخاص الحفاظ على نظام مصرفي متين
6- استكمال جهود الاصلاح الاقتصادي خصوصا عن طريق تخفيض كلفة الفائدة على الدين العام وايجاد عوامل لتعزيز الثقة بالاقتصاد تشجع استثمارات القطاع الخاص وتخفف من اعباء الاصلاح بعد الحرب الاخيرة (الصيف الماضي) وتراكمات الحروب السابقة.
بعض النتائج المرتقبة من باريس 3
1ـ قرض من وكالة التنمية الفرنسية قيمته 100 مليون يورو، اي حوالى 130 مليون دولار، مدة القرض 10 سنوات بفائدة قدرها 3.9 %.
2ـ قرض من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، قيمة القرض 100 مليون دولار بفوائد 3 %، مدة القرض 25 سنة مع فترة سماح لعشر سنوات.
3ـ قرض من البنك الأوروبي للاستثمار بقيمة 100 مليون يورو، اي حوالى 130 مليون دولار. المدة سبع سنوات، وبسعر فائدة قريبة من اسعار فوائد السوق، اي حوالي ليبور زائد 2.9 % وهذه الفائدة يمكن ان تستفيد من آلية بين مصرف لبنان والقطاع المصرفي، بما يعني تخفيض كلفة الفوائد عن طريق إعفاء المصارف من الاحتياطي الإلزامي بما يوازي قيمة المبالغ التي تتحمّلها المصارف من جراء فروقات الفوائد في إطار التوجّه لمساعدة مؤسسات القطاع الخاص المقترضة او المستفيدة من هذا القرض.
4ـ قرض مؤسسة اوبك الاميركية بقيمة 120 مليون دولار، مدة القرض 15 سنة وبفوائد ليبور زائد 2 %، اي حوالى 6.5 %.
5ـ قرض من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي بقيمة 15 مليون دولار، مدة القرض 7 سنوات وبفائدة 2.25 % زائد ليبور اي اسعار فوائد السوق تقريباً.
الواقع الاقتصادي اللبناني :
ارتفعت تكلفة خدمة الدين في الشهر الاخير من العام الماضي 54 % من مجمل الانفاق، وهي مرشحة للزيادة لتمتص نسبة اعلى في الاشهر القليلة المقبلة اذا لم تتم اعادة هيكلة قريبة للدين.
- ان استحقاقات الدين المتوجبة لهذه السنة تقارب 7 مليارات دولار يضاف اليها ما يقارب 5 مليارات دولار من العجز في الموازنة اذا استمرت وتيرة الانفاق على حالها، في مقابل تراجع مداخيل الدولة كما هو حاصل حالياً في ظل تعذر توافر اي موارد جديدة وتعذر جباية الايرادات المتاحة بفعل الشلل الاقتصادي وتراجع الحركة الانتاجية والاستثمارية في البلاد. مما يعني ان حجم الاستحقاقات هذه السنة لن يقل في حده الادنى، حتى في حال تم استبعاد اي فرضيات لاي عدوان اسرائيلي مماثل لعدوان تموز الماضي.
- ان القطاع المصرفي قد عبّر بوضوح وصراحة عن عدم موافقته على الاستمرار في تمويل عجز الدولة في المرحلة المقبلة، وان كان لم يخف استعداده لتجديد آجال الديون المستحقة، مما يعني ان الخزينة تحتاج الى مصادر تمويل جديدة لدينها ليس متوافراً الا عبر الدول والمؤسسات العربية والدولية المانحة من خلال مؤتمر باريس 3.
- ان وزارة المال قادرة على تغطية الحاجات التمويلية للدولة حتى شباط المقبل، واستمرار التردي في الحركة الاقتصادية مع الانذارات بتفاقمها يطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة على الاستمرار في دفع الرواتب والاجور الى القطاع العام.
- معالم الازمة المالية لدى الدولة بدأت ملامحها تظهر في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتوقف عن الدفع حتى اشعار آخر.
-الدين العام الذي كان يبلغ مليارين و875 مليون دولار عام 1992 قد رتب فوائد بمعدل سنوي راوح بين 6,33 في المئة في حده الادنى (عام 2004) و19,5 في حده الاقصى (عام 1995) على اساس الفائدة المعمول بها على سندات الخزينة بالليرة لسنة، وقد بلغ هذا الدين (اصل وفوائد) 17,3 مليار دولار.
ويلاحظ ان عملية احتساب المداخيل والايرادات للدولة منذ نهاية عام 1992 وحتى 2006 تبين الآتي:
- بلغت المداخيل بما فيها الضرائب والرسوم وكل الموارد المتاحة 45,5 مليار دولار.
- بلغ الانفاق 78,5 مليار دولار توزّع كالآتي:
bull; خدمة الدين 31 ملياراً ونسبتها من الايرادات 68 %.
bull; الاجور والرواتب والتعويضات 24 ملياراً.
bull; الاستثمارات وقد تركزت بين عامي 94 - 98: 8 مليارات.
bull; النفقات الجارية: 15 ملياراً.
الهيئات الاقتصادية اللبنانية
وقد كررت الهيئات الاقتصادية دعوتها القادة السياسيين، إلى الابتعاد عن الشارع، وإلى استئناف الحوار وصولاً إلى قواسم مشتركة تنهي الوضع القائم، ولم تستغرب الهيئات النقابية والعمالية في قوى 14 آذار في زحلة والبقاع، موقف رئيس الاتحاد العمالي غصن "لأنه وديعة باقية من عهد الوصاية السابق".
فقد أكدت الهيئات الاقتصادية "حرصها على ضرورة وضع حد للانقسام بين اللبنانيين، وإخراج لبنان من المحنة القاسية التي يجتازها، وهو الحرص ذاته الذي أبداه الاتحاد العمالي العام، في ندائه المشترك مع الهيئات في 11/11/2006، تكرر دعوتها إلى القادة السياسيين والمسؤولين موالين ومعارضين، إلى ضرورة الابتعاد عن التحدي ولا سيما التحدي في الشارع، وبذل كل جهد مخلص للعودة إلى استئناف الحوار والتشاور وصولاً إلى قواسم مشتركة تنهي الوضع القائم"، ورأت الهيئات في بيان لها "في الدعوة إلى الإضراب غداً الثلاثاء، أي قبل عقد المؤتمر بيومين، ضربة موجهة إلى المؤتمر، فيما توافق الجميع وأكدوا حرصهم على ضرورة عقده، على الرغم من خلافهم على برنامجه الإصلاحي".
وأوضحت "أن أي محاولة لإفشال المؤتمر، الذي ترتد نتائجه على الجميع لا على فئة دون أخرى، هي بمثابة ضربة قاصمة للاقتصاد اللبناني كله، وللثقة الدولية والعربية بلبنان"، وقالت: "إن عقد المؤتمر يجب أن يكون في ظروف طبيعية بعيدة عن التشنج والتحدي، ويأتي الإضراب العام وما قد يتبعه أو ينتج منه، تحركاً وتهديداً وافتعال حوادث، ليبلغ غاية إفشال المؤتمر"، ورأت الهيئات "ضرورة وضع ورقة عمل موحدة للإصلاح بعد تعديل اللازم عليها، كي تصبح برنامج كل لبنان لإنقاذ لبنان، وهذا لن يكون إلا بإسهام الجميع في صياغتها النهائية، فالإصلاح بات المدخل الوحيد لنمو الاقتصاد الوطني وتطويره وتحديثه".
وزير المال
من جهة اخرى، حذر وزير المال جهاد أزعور من أن كل لبنان سيتأثر سلباً إذا فشل مؤتمر باريس shy;3، ودعا إلى توفير الظروف الإيجابية والموضوعية لإنجاحه، وشدد على أن لبنان سيخسر إذا عقد المؤتمر من دون برنامج إصلاحي. وأسف أزعور لتشكيك البعض من أجل إضعاف إيمان المواطنين وجعل مؤتمر باريس shy;3 حدثاً سلبياً، بدل أن يكون حدثاً إيجابياً للبنان. وإذ أكد نية الحكومة الانفتاح في شأن برنامجها الإصلاحي، قال إنها لا تزال تبحث عن مخارج وحلول على الرغم من بعض الحملات القاسية والتهديد والكلام عن وسائل جديدة في التصعيد.
وكرر أزعور في حديث أمس أن مؤتمر باريس shy;3 "للبنان ولكل اللبنانيين، وخطأ الاعتقاد أنه يعقد لخدمة الحكومة أو لخدمة فريق معين".
ودعا إلى "توفير الظروف الإيجابية والموضوعية لعقد المؤتمر وليحرز نجاحه أكبر مقدار من الدعم، لأن كل لبنان سيتأثر سلباً إذا فشل المؤتمر، وسيتأثر سلباً كل اللبنانيين، وهذا التأثير السلبي سيكون كبيراً جداً".
ورأى أن "فصل المؤتمر عن البرنامج الإصلاحي خطأ". وقال: "ليس ممكناً عقد مؤتمر إلا على أساس ورقة من الإصلاحات والخطوات التي تخدم لبنان، وإذا عقد المؤتمر من دون برنامج إصلاح، فسيخسر لبنان". وأضاف يقول: "المجتمع الدولي، سواء الدول العربية أو الغربية، كانت خلال كل اتصالات رئيس الحكومة أو مني والزملاء، تركز على النقاط الجوهرية في البرنامج، وعلى التيقن إذا كانت المساعدة التي سيقدمها المجتمع الدولي ستتيح للبنان الخروج من أزمته الحاضرة".
وإذ أكد أن الحضور في مؤتمر باريس shy;3 "سيكون على مستوى عالٍ"، رأى أن "هذا في ذاته رسالة ثقة ودعم للبنان"، لكنه قال إن الأرقام التي يتداولها صحافيون وخبراء في شأن قيمة المساعدات والقروض المتوقعة "غير صحيحة، فحتى الآن لم تتبلور الصورة كلها".
وأضاف يقول: "فلننتظر إلى يوم المؤتمر، لتكون لدينا الصورة الصحيحة". وتابع قائلاً: "كان البعض يسأل ما هي الأثمان السياسية (لدعم لبنان)، ولكن المطلوب من لبنان لم يتضمن أي بند سياسي ولا أي بند داخلي ولا حتى أي تدخل بالوضع السياسي اللبناني".
وقال: "ثمة كثرة من الشعب اللبناني أو الذين لهم علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، داعمة هذه الورقة، من هيئات اقتصادية أو تجمعات نقابية وعمالية. وعندما وضعت هذه الورقة، ثمة تيارات في المعارضة شاركت فيها مشاركة مباشرة، وكانت تضع الخطط القطاعية، كالطاقة والصحة. وعندما نراجع برنامج التيار الوطني الحر، نلاحظ مدى التقارب (بينه وبين الورقة)".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف