40 عاماً بصحبة نجيب محفوظ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: بعد أن استقرت الحالة الصحية للاديب نجيب محفوظ منذ أيام، دخل مرة أخرى في حالة حرجة بسبب اصابته بنزيف دموي شديد من الشرج، ويعود
والجدير بالذكر أن صحيفة الاهرام أصدرت ملحقاً من 12 صفحة بعنوان "نجيب محفوظ للقيمة والقارئ" تحرير الكاتبة سناء البيسي، تقديراً واحتراماً ووفاءً لقيمة محفوظ الكبيرة وما يمثله بالنسبة لمصر وللادب العربي، يتضمن الملحق معلومات عن محفوظ الانسان والاديب ووثائق نادرة بخط يده، إضافة الى صور قديمة وحديثة لمحفوظhellip;
كما أوفد الرئيس العراقي "جلال طالباني" مندوباً عنه "حازم اليوسفي" للاطئمنان على صحة محفوظ، التقى اليوسفى بابنة محفوظ "فاطمة" وابلغها تمنيات الرئيس العراقي بشفاء الاديب نجيب محفوظ.
40 عاماً بصحبة نجيب محفوظ:
عندما نال الأديب "نجيب محفوظ" جائزة نوبل 1988 انفجر ضاحكاً وهو يردد أمام الحاج صبري "من الآن فصاعداً سوف يسميني الاصدقاء محظوظ بدلاً من محفوظ"، هذه إحدى ذكريات "الحاج صبري" مع الاديب نجيب محفوظ..ذكريات لا تنتهي امتدت لعشرات السنين، يتذكرها الحاج صبري في الملحق الذي خصصته صحيفة الاهرام وفاء لمحفوظ الانسان والأديب، ونذكر هنا أن الحاج صبري هو سكرتير محفوظ الذي تعرف عليه عام 1954 عندما كان في زيارة للأديب يوسف السباعي ليطبع روايته "بين القصرين"..فنشرها له في مجلة الرسالة الجديدة على مدى 50 حلقة في خمسين عدداً، ومن ثم عرض عليه سعيد جودة السحار أن تنشر مقسمة الى ثلاث روايات وبالفعل صدرت في ثلاث أجزاء السكرية، قصر الشوق، وبين القصرين عن دار مصر للطباعة والنشر، واخترنا أن ننشر بعض هذه الذكريات على لسان الحاج صبري لملازمته للاديب نجيب محفوظ على مدى سنوات طوال...من خلال الكلمة والورقة والقلم...ذكريات طبيعية.. غير متكلفة.. قريبة من القلب..ذكريات تستحق القراءة بالرغم من بساطتها..الا أن قيمتها تكمن بصاحبها..نجيب محفوظ...
آخر ما قرأ له:
بعد نشر الثلاثية بدأت شهرة نجيب محفوظ.. وبقي الحاج صبري يتردد على مكتب الأديب محفوظ في نادي القصة ليوقع له على بعض الاوراق حيث تم تعيين الحاج صبري في سكرتارية النادي..وظلت علاقتهم في هذه الحدود حتى خروج الاديب محفوظ الى المعاش وأصبح مستشاراً للدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة ثم انتقاله الى مؤسسة الاهرام، وتوطدت العلاقة بينهما بعد أن حصل الاديب نجيب محفوظ على جائزة نوبل وأصبح مشغولاً جداً بالمقابلات فلم يعد لديه وقتاً كافياً ليقرأ..إضافة الى أنه بدأ يعاني من متاعب في عينيه..فبحث محفوظ عن شخص ليقرأ له واستقر الامر على الحاج صبري بعد موافقة وزير الثقافة..وبدأ الحاج صبري بقراءة الصحف للاديب محفوظ في مكتبه بمؤسسة الاهرام... ومن المواقف التي ذكرها الحاج صبري عن الاديب محفوظ أنه لم يكن يقبل أن يجلس الى المكتب الذي انتقل إليه في الاهرام.. وظل دائم الجلوس على الكنبة، والسبب أن هذا المكتب كان مكتباً للاستاذ "توفيق الحكيم" فكان يقول محفوظ "هذا مكتب استاذي الراحل ولن أجلس عليه على الاطلاق".....وكانت آخر مرة يقرأ له فيها اليوم السابق على الواقعة التي دخل على أثرها محفوظ الى مستشفى الشرطة في 16 يوليو 2006، وقد نسي الحاج صبري في هذا اليوم أن يحضر نظارته فقدم له الاديب محفوظ عدسته المعظمة التي يحتفظ بها إذا تعذر حضوره حتى لا يضيع وقته ويستعين بها على القراءة... وكان آخر ما قرأ له مقال الكاتب أنيس منصور في صحيفة الاهرام.
محفوظ والجرائد تحت إبطه:
ومن عادات الأديب نجيب محفوظ أنه كان معتاداً أن يذهب في الثامنة صباحاً الى ميدان التحرير ليشتري الصحف.. ثم يجلس على مقهى علي بابا بميدان التحرير ليشرب فنجان القهوة..ثم يأتي اليه سائقه ليستقل معه السيارة الى الاهرام، ويحضر الحاج صبري في تمام الساعة التاسعة صباحاً ليقرأ له الصحف، ونذكر هنا أن الحاج صبري أشار الى عادة للأديب محفوظ أنه لم يكن يمشي دون أن يكون هناك دوسيه تحت إبطه وتغير مع الوقت الى مجموعة الجرائد التي كان يشتريها بالرغم من أن الاهرام كان يرسل الى مكتب محفوظ مجموعة كاملة من الصحف، كان الأديب محفوظ يقرأ عناوين كل الصحف ثم يحدد بالقلم على الموضوعات التي يريد من الحاج صبري أن يقرأها له كاملة، ويقول الحاج صبري أنه لم يكن يترك مجالاً إلا ويطلب منه أن يقرأ له فيه.. حتى صفحات الرياضة، وكان عادة يبدأ بصحيفة الاهرام بناء على طلب محفوظ.. كان يطلب منه أن يقرأ له معظم المقالات الموجودة في صحيفة الاهرام وخاصة مقالات فهمي هويدي، سلامة أحمد سلامة، مكرم محمد أحمد، أحمد بهجت، صلاح منتصر، كما كان شديد الحرص على قراءة بريد الاهرام ليتعرف على مشاكل الناس...وذكر أن الاديب محفوظ كان دائم التعليق أثناء قراءة المقالات إلا أنه في القترة الاخيرة كان يظل صامتاً....وظل الحاج صبري يقرأ لمحفوظ الصحف في منزله بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال.. وحتى أثناء وجود الاطباء وهم يجرون له العلاج الطبيعي، كما ذكر أن الاديب محفوظ بدأ يدرب يده على الكتابة بعد حادثة الاغتيال بكتابة عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم".
محفوظ والناس:
كان يهتم الاديب محفوظ بأن يرد على أي رسالة تصله من أي انسان بغض النظر عن طبيعة هذا الشخص، كان يهتم بمعرفة أذا ترك صاحب الرسالة عنوانه ورقم هاتفه حتى يطلب من الحاج صبري الاتصال به وشكره، أما أذا لم يترك رقم هاتف أو عنوان كان يملي على الحاج صبري رسالة ويتركها لفترة ربما أتى صاحبها...كما كان يحرص الاديب محفوظ على الاحتفاظ بكل كتاب يرسل له بالرغم من عدم قدرته على قراءة الكتب بسبب ظروفه الصحية ولكنه يحتفظ بها في مكتبه بمنزله...إضافة الى حرصه على التواصل مع اصدقائه ومعارفه فكلما حل عيد كان يملي عليه رقم هاتف أحد الاصدقاء ليعيد عليه وعلى أسرته، كان يطلب معظم أصدقائه وأفراد شلته ليهنئهم في المناسبات معطياً أرقامهم للحاج صبري دون الرجوع الى نوتة التلفون..وكذلك تواصله مع العائلة والاقارب للتهنئة أو للمواساة في الاحزان، فكان يطلب من الحاج صبري أن يقرأ له صفحة الوفيات فإذا سمع اسم قريب أو قريبة أو إسم عائلة يعرفها يطلب منه أن يرسل برقية عزاء، وكانت آخر برقية طلب منه أن يرسلها للفنان الراحل عبد المنعم مدبولي أثناء وجوده في المستشفى.. وبعد وفاته أرسل لعائلته برقية عزاء، وأشار الحاج صبري في حديثه الى أن الأديب محفوظ إنسان محب للحياة والخير.. فقد وقف الأديب محفوظ الى جانبه بكل أزماته الصحية والمالية.
محفوظ والسجائر:
يقول الحاج صبري بأن محفوظ كان على مدار 40 عاماً حريصاً على الالتزام بتنفيذ تعليمات الاطباء.. حتى عندما طلبوا منه أن يكتفي بتدخين سيجارتين أو ثلاث في اليوم..كان يلتزم بذلك وعندما كان يقرأ له الحاج صبري يظل يداعب علبة السجائر بين يديه الى أن تدق الساعة الثانية عشرة ظهراً وقت السماح بالتدخين فيلتقط سيجارة ليدخنها بنهم، وعن ذكرياته مع الاديب محفوظ في مستشفى الشرطة مؤخراً.. يقول الحاج صبري أنه عند زيارته له رحب محفوظ به قائلا "أهلاً إزاي صحتك..تعالى جنبي" وأمسك محفوظ بيده وسأله عن صحته، وعند زيارته التالية وجده في غرفة العناية المركزة... وكانت آخر مرة يشاهده فيها.