ملفات...

قصيدة النثر الروسية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيفان تورغينيف: أربع قصائد نثر
ترجمها عن الروسية: بُرهـان شاوي

في السنوات الأخيرة من حياته كتب ايفان تورغينيف مجموعة من النصوص الشعرية المنثورة، ونشر قسما منها في العام 1882 أي قبل عام من موته، لكنها ظهرت في العام 1930 في باريس لأول مرة تحت مسمى( قصائد نثر)، ثم نشرت في موسكو بعد ذلك تحت عنوان ( مقطوعات نثرية)، وكان تورغينف قد أعد هذه النصوص للنشر بعد مماته، إلا انه وبعد إلحاح بعض مريديه من الصحافيين نشر خمسين قطعة منها.

أبو الهول


رمل رمـادي مصـفر، هش من الأعلى، متمـاسك وصلب في الأسفل، رمل بلا حـدود، وعـلى إمتداد البصر، أينما يممت بصرك ثمـة رمل. وعلى هـذه الصحـراء الرملية، وفـوق هذا البحـر من الغبـار الميت، يعلـو رأس أبي الهـول المصـري.

مـاذا تريـد ان تقـول هاتان الشفتان الضخمتان، البارزتان، وهذان المنخـران العريضان، الساكنان، وهاتان العينـان.. هاتـان العينـان الناعسـتان، المتأملتـان، تحت قوسي الحـاجبيـن المرفوعين عاليـا..؟

مـاذا تريـدان ان تقـولا. إنهمـا تنطقـان، لكـن أوديب وحـده يمكنه حــل اللغــز، وحـده يفهــم الكـلام الصـامت.

يـاه.. إنني أعرفُ هـذه المـلامـح، لـم يعـد فيهمـا أي شيء مصـري، فالجبيـن الأبيض الضيق، والوجنتـان النـاتئتان، والأنـف القصير المستقيم، والفـم الجميـل ذو الأسـنان البيض، والشـارب الرقيق، واللحية بشعرها المجعـد.. هاتـان العينـان الواسعتان والمتباعدتان .. وعلى الرأس فروة
مصفوفة من المفرق.. نعـم.. هـو أنت ياكـارب، ياسـيدور، وياسيمون، أيها الفـلاح من يارسلاف أو ريـزان، يابن موطنـي، أيهـا الروسـي الأصيل، أتـُراك تحــولت الى أبي الهــول؟

أتـريد أن تقـول أنت شـيئا أيضـا؟ نعـم..؛ فأنت أبو الهـول أيضا.. عيناك، اللتـان بلا لـون، لكنهمـا العميقتـان ايضـا تقـولان شيئا كذلك؟ كلاهمـا صامت ومـاغز أيضـا، ولكـن أين (أوديبك)؟

أواه.. لا يكفـي أن يضـع المـرء قبعـة (مورمولكـا) على رأسـه، كي يصـير (أوديبـك) يا أبا هـول روسـيا كلـها..!

كانون الأول 1978

جماجـم


صـالة فارهة، شديدة الإضاءة، سادة وسيدات. الوجوه مليئة بالحيوية ومنتعشة، والحديث جسور وحماسي، حديث طنان وممل يجري عن مغنية شهيرة. إنهـم يعضمونها حد القداسة، ويخلدونها.. آه.. كم كان رائعا شدوها الأخير مساء أمس.
وفجـأة، وكأنما بضربة عصا سحرية، انسلخت قشرة الجـلد الرقيقـة عن جميع الرؤوس والوجـوه، وللحظـة واحدة، ظهر شحوب الجماجم الميت، وبرزت الثنايا وعظام الوجنات العارية ذات اللون القصديري.

برعب نظرت الى هاتيك الثنايا وعظام الوجنات وهي تتحـرك وتهتـز، والى تلك الكرات الصلعاء اللامعـة وهي تستدير تحت ضـوء المصـابيح والشموع، وفي محاجـرها تدور كـرات صغيرة أخرى، إنهـا حفـر العيون الفاقدة للمعنـى.
لـم أجـرؤ حتى على لمس وجهـي، ولـم أجـرؤ على النظـر لنفسـي في المـرآة.. بينما الجمـاجـم ظلت تتحـرك كما كانت سابقا، والألسـن الطليقة تومض وتتقافـز كقطع صغيرة من القطيعة الحمراء بين الأسنان المكشرة، مستمرة بهذيانها عن روعة المغنية الخالدة. نعم.. المغنية الخالدة التي قدمت تغريدتها الأخيرة الرائعة.

نيسان 1878

استيقظتُ ليلا

إسـتيقظتُ ليـلا في فراشـي، خـُيل إلي هناك من ينـاديني بإسمي، هناك، من وراء النافذة المعتمة. ضغطتُ وجهـي على زجـاج النـافذة، ولصقتُ عليها أذني، وحدقـتُ ببصـري، وبدأتُ الانتظـار.
لكن، لآ أحـد هنـاك، وراء النافذة، غير الاشجار التي كانت تضج برتابة وغموض، وغير السحب الكثيفة كالدخان، والتي رغم حركتها السريعة، تبدو وكأنها باقية دونما حركة.
لا نجمـة في السماء، لا شعلة ضـوء على الأرض.
ضجر وظلمـة هنـاك، كما هنا، في قلبي.
لكن، فجأة، ثمة صوت شاك إنبعث من البعد، وراح الصوت الشاكي يقترب شيئا فشيئا، وتيضح في صوت بشري، ليمر بي، ثم ليتلاشى.
خـُيل إلي ان الرنين المتلاشي كان يقول: وداعا، وداعا، وداعا. آه، ذلك كان هو الماضي كله، سعادتي كلها، كل ما أحببته وحافظت عليه، يودعني الآن والى الأبد، ودنما رجعــة.
لقـد ودعـتُ حيـاتي التي مـرت بي بشكل خاطف، ورجعتُ لأرقـد في فراشي وكأنني أرقـدُ في قبـر.
آه.. ليتـه كان قبرا.

حزيران 1879

حساء الكرنب


توفي لأرمـلة إبنهـا الوحيـد ذو العشرين عاما، والذي كان الشغيل الأول في الضيعة.
تناهى لسمع السيدة مالكة الضيعة فاجعة الأرمـلة، فذهبت إليها معزية في يوم الدفن، فوجدتها في البيت.
كانت واقفـة وسط الكوخ، أمام الطاولة، تمسك بيدها اليمنى مغرفة وتهز بحركة متزنة ورتيبة في قدر متسخة بالسخام، ومليئة بمرق كرنب خال من اللحم، وقد كانت يدها اليسرى ممتدة بلا حراك كالمشلولة، وكانت تتذوق المرق ملعقة بعد أخرى. كان وجه المرأة ناحلا ومتعرقا، عيناها محمرتين ومنتفختين، لكنها كانت تقف باستقامة وكأنها في كنيسة.

فكرت السيدة مالكة الضيعة مع نفسها (ياآلهي.. كيف تستطيع أن تأكل في مثل هذه اللحظات، أية طباع غليظة يتصف بها هؤلاء). وتذكرت السيدة في هذه اللحظة، كيف أنها حين فقدت طفلتها ذات الأسهر التسعة، رفضت أن تستأجر بيتا ريفيا رائعا في ضواحي بيتربورغ، بل انها من فرط حزنها قضت الصيف كله في المدينة. بينما استمرت المرأة الريفية بإحتساء التشريب.
لم تطق السيدة المالكة صبرا فقالت لها: تايانا، أعذريني، أنا مندهشة، أمن المعقول إنك لم تحبي إبنك؟ كيف إنك لم تفقدي شهيتك للأكل، كيف يمكنك أن تستطعمي هذا التشريب؟
-- إبني فاست مات، قالت بهدوء، وانهمرت الدموع على خديها الغائرين، وهذا يعني إن نهايتي قد جاءت أيضا، بتر رأسي وأنا حية، لكن التشريب لا يجوز ان يتلف، انه مالح نوعا ما.
هزت السيدة كتفيها وولت عن المكان، فالملح رخيص جدا لديها.

آيار 1878

***

سولجينيتسين جانبا غير معروف: قصيدة النثر أداة لتجاوز التقليدي
ترجمة وتقديم فالح الحُمراني

تتميز تجربة الكاتب الروسي الكسندر سولجينيتسين باستخدامه مختلف الاشكال الادبية التعبيرية. فالى جانب الاعمال الروائية الكبيرة مثل في الطبقة الاولى وجناح السرطان وملحمته الطاحونة الحمراء، والقصة التي جاءت عليه بالشهرة "يوم من حياة ايفان دينيسوفتش" فانه كتب القصص القصيرة والمسرحية وكذلك الشعر. وكتب ملحمته الشعرية "ليالي بروسية"،في معسكر الاعتقال على ظهر قلب لفقدانه القلم والورق، ولم يسطرها على الورق الا بعد سنين من اطلاق سراحه.
وتحتل قصيدة النثر مكانة خاصة في مجمل عالمه الادبي، وتؤلف على حد اجماع المختصين بادبه، ظاهرة مميزة وفريدة. وحقا فان سولجينيتسين في تلك القصائد يواصل التقاليد الروسية العريقة في مجال النثر المركز في مقاطع ادبية صغيرة في حجمها ملبية المعالم الثلاثة لقصيدة النثر التي ابتكرها بودلير: إيجاز، توتر وجُزاف...، لكنها ثرية المضمون وكانها تسعى لاختزال رؤية واسعة في عدة كلمات. وتلوح فيها مؤثرات الادباء الذي خاضوا التجربة، فليون تولستوي كتب حكايات واساطير صغيرة جدا، وكتب ايفان تورجينيف قصائد النثر المشهورة التي مازالت تحتفظ بجمالها اللغوي المتألق، والمضمون السامي الذي سعت لبلوغه، وكتب ايضا ايفان بونين مقطوعاته الصغيرة بلغته الشعرية الشفافة.
وتتميز اشعار سولجينيتسين النثرية بدقه التعبير عن الفكرة وحذاقة العرض. وتتنوع مضامين تلك القصائد النثرية، وتتسربل باشكال ادبية فريد النوع، ولايتعدى حجم البعض منها حتى نصف صفحة. ويرسم سولجينيتسن في قصيدته النثرية ما يعجز النثر التقليدي القصصي ولا القصيده المقيدة بالشروط، ان تبلغه، ويركز الاديب الروسي في قصائده تلك على معاناة ذاتية محضة، امام الجمال او القبح، امام تفتح زهرة او موت نملة، انها معالجة لهموم الذات وهي في حالة الدهشة، انها قصائد عن حرية الروح وسر الحياة والجمال المفقود،تتشح بالحزن. انه حزن الحياة ومرارة الحقيقة.
وننتخب من قصائد سولجينيتسين النثرية ثلاثة نماذج علها تعطي فكرة عن سولجينبتسين كواحد من شعراء قصيدة النثر العالمية:

الموقد والنمل

رميت جذع شجرة صغير في الموقد ولم انتبه الى ان حشدا من النمل كان يسكن في داخله.
فراح الجذع يطقطق، وخرجت جموع النمل هاربة ساعية بفزع الى الاعلى، وكانت تتضور الما وهي تحترق في اللهيب. التقطت الجذع بكماشة ودحرجته جانبا. فخلص الكثير منها من الهلاك. ودبت النمل على الرمل، وتسلقت على اشواك الصنوبر. ولكن وياللغرابة انها لم تنأى بعيدا عن الموقد، وما كادت تتغلب على الفزع الذي انتابها، حتى استدارت واخذت تدور ـ وكان قوة مجهولة جذبتها للخلف، نحو وطنها الذي هجرت منه. والكثير منها راح يسعى نحو الجذع الملتهب، في حركة سريعة، وهلك هناك.

رفات الشاعر

اطلت قرية ليجوفو، التي كانت في الماضي السحيق مدينة اولجوف، على منحدر نحو نهر اوكا: ففي تلك العصور كان الجمال بالنسبة للروس خيارا، بعد ماء الشرب والماء الجاري.وشَيدَ اينجفار ايجوريفتش، الذي تخلص باعجوبة من خناجر اخوته، وانقاذا لروحه، شيد هناك دير اوسبينسكي. ومن فيض غامر الى اخر، يترآى، في يوم صافي الاجواء وبعيدا من هنا،وعلى بعد خمسة وثلاثين فيرست على منحدر مماثل ـ دير ايفان بوجوسلاف ذو النواقيس.
ورحمهما "باتي" (1) المسكون بوسواسه.
لقد اختار ياكوف بتروفتش بولونسكي (2) هذا المكان،باعتباره المكان الذي ليس عنه بديل ، وامر بدفنه هناك. فنحن نتخيل ان روحنا تحلق على القبر وتتلفت الى الوراء نحو الفضاءات.
ولكن ـ الان ليس هناك قببا، ولاكنائس، ولم يبق من الجدار الحجري، الا نصفه واستكمل بناءه بالواح خشبية واسلاك شائكة، وتقف على كل هذه المعالم التاريخية ـ ابراج الحراسة،كفزاعة كريهة، معروفة، انها معروفة الى درجة... وعند ابواب الدير ثمة نوبة حراسة. وجدارية كتب عليها: " عاش السلام بين الشعوب" ـ والعمال الروس يحملون فتاة افريقية صغيرة.
وبين الثكنات يشرح لنا الحارس المناوب وهو في القميص الداخلي ، وكاننا ـ لانعرف شيئا:
ـ لقد كان الدير هنا الثاني في العالم ، واعتقد ان الاول كان في روما. وفي موسكوـ الثالث. وحينما كانت اصلاحية الاطفال، فلاولاد لايفقون شيئا، فدنسو الجدران، وكسروا الايقونات. ومن ثم ابتاعت التعاونية الزراعية الكنيستين باربعين ألف روبل ـ من اجل الحجر، اردات ان تبني منه زريبة بقر من ستة خطوط، وقد التحقت انا بذلك العمل: دفعوا خمسين كوبيك على كل حجر. وعشرين عن نصف حجر. ليس من السهل التفريق بين الحجر الذي تكوم مع الاسمنت. انفتح ضريح تحت الكنيسة، كان رئيس الاساقفة راقدا، عبارة عن ـ جمجمة، رداءه سالم،. ورحنا نمزق ذلك الرداء، ولكننا لم نستطع تمزيقه…
ـ ولكن اخبرني: وفقا للخارطة فهنا قبر بولونسكي، الشاعر. فاين موقعه؟
ـ يمنع الوصول لبولونسكي. هو في ـ باحة السجن. ولكن تمهل.
استدار الحارس لزوجته:
اعتقد انهم حفروا قبر بولونسكي؟
وردت زوجته التي كانت تقف على مقدمة البيت وهي تكسر البذور.
ـ اووه.نقلوه الى اقليم ريزان.
وقال الحارس وقد بدا الامر له مضحكا:
ـ اذن اطلق سراحه ونال حريته.

1- باتي(1208 ت 1255) قائد منغولي حفيد جينكيزخان اشتهر بقسوته.
2- ياكوف بولونسكي (1819ـ1898)شاعر روسي.تحولت قصائدة الغنائية الى اغاني شعبية وكنب ايضا القصص والراويات.

جذع شجرة الدردار


قطعنا الحطب بالمنشار، اخذنا جذع شجرة دردار، فارسلنا صيحة تعجب: فمنذ ان قطعنا الساق في العام الماضي، وسحبناه بالتراكتور، وقطعناه الى اجزاء، ورميناه في المراكب والحافلات، وجمعناه في حزمة، ومن ثم القينا به على الارض ـ فان جذع شجرة الدردار لم يستسلم. اطلق من نفسه نبتا طريا ـ انه سيكون شجرة دردار في المستقبل، او غصن كثيف الاوراق .
وكنا قد وضعنها الجذع على آلة القطع، وكانه على المقصلة، ولكننا لم نجرأ على غرس المنشار في الرقبة: فكيف يمكن قطعه بالمنشار؟ فانه يود ان يحيا ايضا. ان رغبته في الحياة ـ تفوق رغبتنا.

***

دانيل خارمس
تخرجه إيلاف من أدراج النسيان
ترجمة وتقديم فالح الحُمراني

دانيل خارمس ظاهرة شعرية فريدة في تاريخ الادب الروسي في القرن العشرين، ولذلك فان مقررات الادب المدرسية والرسمية تجاهلته لانها على ما يبدو عجزت عن ايجاد مدرسة او تيار لكي تدرجه، فظل قارة متفردة بذاتها يكتشفها الرحالة والباحثون عن الطراوة والدهشة.ولادراك خارمس وحجمه لابد من ادراك العصر الذي عاش فيه، فهو سليل الثورة الشعرية الروسية التي فجرها بلوك وبيلي ومايكوفسكي وخليبنيكوف وماندلشتام وبروسوف...، في بداية القرن العشرين، والذي ظل يحمل لواءها حتى بعد ان خيم على روسيا ظلام دكتاتورية جوزيف ستالين. ورفض خارمس، او بالاحرى ابت طبيعته المبدعة التأطر بالمعايير الرسمية التي وضعت للادباء للتقيد بها، فحدث الصدام مع السلطة، الذي راح ضحيته وهو في اوج مراحل ابداعه.

ولد خارمس، هو الاسم المستعار لدانيل يوفاتشيف، في بطرسبوغ عام 1905 ولقى حتفه من شدة الجوع في المعتقل في مدينته التي اكتسبت اسم لينيغراد عام 1941، وهو ابن عضو حركة ارادة الشعب ايفان يوفاتشيف الذي صدر عليه حكما بالشنق حتى الموت ولكن بدلا عن ذلك أمضى حكما في المنفى في الشرق الاقصى وتحول من الثورة الى الدين. وانهى خارمس المدرسة الالمانية في بطرسبوغ. وتعود بواكير شعر دانيل خارمس الى عام 1922، ونشرت لاول مرة عام 1926 في

دورية "مجموعة شعرية". وتضاربت الاراء حول معنى اسمه الاسم المستعار الذي اتخذه لنفسه دانيل، البعض يقول انه ماخوذ عن الانجليزية (التعاسة) والاخر عن الفرنسية. واشتهر خارمس على انه شاعر اطفال وصحفي وكاتب مقالات وكتب ايضا القصة القصيرة، واعتقل عام 1931 مع رفاقه في حركة "اتحاد الفن الحقيقي" الذي كان يجابه "الواقعية الاشتراكية"..
واطلق سراحه عام 1932 ليُنفى الى اقليم كورسك. وكتب خارمس، الذي كان المع اعضاء "اتحاد الفن الحقيقي" في دفتر مذكراته شعاره : (لاتعنيني الا "الترهات"، وما لاينطوي على اي معنى عملي، وتعنيني الحياة بمظهرها اللامعقول، ولا اطيق كلمات مثل: البطولة والتحمس والاستبسال والجسارة، والاخلاق، والطهارة والمداهنة والمجازفة. بيد انني افهم تماما واحترم: الدهشة والاعجاب والالهام واليأس والانفعال وضبط النفس والانحلال والعفة، والكابة والحزن والفرح والضحك).
ويرى نقاد ان هذا الخليط من القيم الجمالية مع عبقرية شعرية، عادة ما ينجم عن نتائج فريدة، ويقولون، لقد اثمر حقا نتائج فذة. وليس ثمة فروقات واضحة في اشعار خارمس للاطفال وللكبار.
وجرى اعتقال خارمس مرة اخرى في 23 اغسطس عام 1941 ولقي حتفه في مستشفى المعتقل في 2 فبراير عام 1942 واعادت السلطة الروسية الاعتبار له في خمسينات القرن الماضي. هنا مختارات قمنا بترجمتها من الروسية: تتراوح بين ما اعتبرها عدد من الاخصائيين قصائد نثر بامتياز، وبين مفاهيم شعرية شبه دادائية وما اعتبر أشعارا مكتوبة للأطفال لكنها تجد إقبال الكبار عليها:

حلم


غط كالوجين في النوم وراى حلما، كانه يجلس في الاحراش، ومر شرطي محاذاة الاحراش.
استيقظ كالوجين، حك فمه ونام ثانية، ومرة اخرى راى حلما، كان سائرا قرب احراش، وجلس شرطي مختبئا في الاحراش.
استيقظ كالوجين، وافترش تحت راسة جريدة، لكي لا يبلل المخدة بالعابه، وغفى ثانية، وراى مرة اخرى حلما، كانه يجلس وسط شجيرات، ومر شرطي بالاحراش.
استيقظ كالوجين، واستبدل الجريدة، استلقى ونام مرة اخرى. وثانية راى حلما، كانه يسير، وان شرطيا يجلس في الاحراش.
وفي هذه اللحظة استيقظ كالوجين وقرر ان لاينام بعد، بيد انه سرعان ما غفى وراى حلما، كانه يجلس وراء الشرطي، وتمر الاحراش بهما.
اطلق كالوجين صرخة وتقلب في السرير، ولم يعد بمقدوره ان يستيقظ.
ونام كالوجين اربعة ايام واربع ليالي على التوالي وفي اليوم الخامس استيقظ نحيفا، الى درجة تعين عليه ربط الحذاء باقدامه، حتى لايفلت. ولم يتعرفوا على كالوجين في مخزن بيع الخبز حيث كان دوما يشترى رغيف من الحنطة فدسوا له رغيفا من الشعير. اما لجنة الوقاية الصحية التي كانت تجري فحص على الشقق، فقررت حين عاينت كالوجين انه مضر للصحة العامة، ولايمكن اصلاحه وامرت رمي كالوجين سوية مع القاذورات.

سوناتة

وقع لي حادث غريب: لقد نسيت بغتة، هل 7 تسبق 8 اما بالعكس.
رحتُ الى الجيران وسالتهم، رايهم في القضية.
وما اشد دهشتهم ودهشتي، حينما اكتفشوا فجأة، انهم لايتذكرون توالي الحساب1،2،3،4،5 ويتذكرون 6 ، ونسوا ما بعد ذلك.
ورحنا الى مخزن تجاري " جسترنوم" يقع في زاوية شارع زنامينسكاي وباسيناي، وشرحنا للمحاسبة حيرتنا. ابتسمت المحاسبة بحزن، واستلت مطرقة صغيرة من فمها، وحركت انفها قليلا، وقالت:
ـ اعتقد ان السبعة تاتي بعد الثمانية في حالة، ان الثمانية تاتي بعد السبعة.
اعربنا عن امتنانا للمحاسبة وغادرنا المخزن على عجل. وبعد ان امعنا التفكير بدانا بالتذمر، لان كلماتها لاحت لنا دون أي معنى.
فما العمل ؟ ذهبنا الى ليتني ساد ( الحديقة الصيفية) وطفقنا نحصي الاشجار. بيد اننا بلغنا بالعد الى السادسة، وتوقفنا وشرعنا نتجادل: فبرأي البعض يجب ان يكون الرقم التالي 7، وبراي اخرين ـ 8.
وتجادلنا لفترة طويلة، ولكن ولحسن حظنا، قعد صبي مجهول على المصطبة، وكسر فكيه. الامر الذي صرفنا عن الجدل.
ومن ثم افترقنا كل الى مسكنه.


الدفتر الازرق رقم 10


عاش رجل اشقر، لم يكن لديه عين و لا اذن. ولم يكن لديه شعر، ولذلك فان تسميته بالاشقر كانت افتراضيا.
وكان عاجزا عن الكلام، فلم يكن لديه فم، ولم يكن انف لديه كذلك.
ولم يكن لديه حتى يد ولاقدم. ولم يكن لديه بطن،ولاظهر، ولاعمود فقري، ولم تكن لديه احشاء داخلية. لم يكن لديه أي شئ، لهذا لا نفهم عمن يدور الحديث.
من الافضل ان لانتحدث عنه اكثر.
1937

العجائز المتساقطات

من شدة الفضول سقطت احدى العجائز من النافذة فتكسرت.
ومدت عجوز اخرى عنقها من النافذة ونظرت الى الاسفل على العجوزة المكسرة، بيد انها ولشدة الفضول هوت من النافذة، وسقطت وتكسرت.
ومن ثم سقطت من النافذة عجوزة ثالثة، ومن بعد رابعة، وخامسة.
وبعد ان سقطت العجوزة السادسة، انتابني شعور بالسام من النظر عليهن، وذهبت الى سوق ماليتسف، حيث اهديت احد العميان شلال محيوكا.

مقاطع من "الدفتر الازرق"

منذ اقدم الازمان امعن الناس التفكير في معانى الذكاء والغباء. وفي هذه المناسبة تذكرت حادثة، حينما اهدتني خالتي منضدة كتابة تعهدت لنفسي: " واخيرا ساجلس خلف المنضدة وساكتب اول فكرة لامعة تخطر لي ". بيد اني لم استطع ان ادون فكرة لامعة. وحينها قلت لنفسي:" حسنا". لم انجح بتدوين فكرة لامعة، فلأكتب فكرة جدا غبية". ولكني لم استطع ان اكتب كذلك فكرة غبية.

لقد كتبت كل شئ بصعوبة. والجزء الوسط كتب بسهولة. فالمركز لا يحتاج لاية جهود. المركز ـ توازن. وليس ثمة وجود للصراع هناك.

هل من الضرورة الخروج عن التوازن؟


1
المدعو بانتيلي ضرب بكعب حذاء، ايفان.
المدعو ايفان ضرب بسنبلة، ناتاليا.
المدعوة ناتاليا ضربت بكمامة سيمون.
المدعو سيمون ضرب بطست، سيليفان.
المدعو سيلفان ضرب بكلآٌب، نيكيتا.
المدعو نيكيتا ضرب بلوحة، رومان.
المدعو رومان ضرب بالمسحاة، تتيانا.
المدعوة تتيانا ضربت بابريق، يلينا.
واندلع شجار.
يلينا ضربت تتيانا بسور.
تتيانا ضربت رومان بحشية.
رومان ضرب نيكيتا بحقيبة.
نيكيتا ضرب سيلفان بطبق.
سليفان ضرب سيمون باليد.
سيمون بصق في اذن ناتاليا.
ناتاليا عضت اصبع ايفان.
ايفان لحس كعب حذا بانتيلي.
آه ـ فكرنا ـ يتشاجر ناس محترمون.


2

قالت احدى الفتيات: "جفيا"
الفتاة الاخرى قالت: "خفي".
وقالت فتاة ثالثة: "مبريو".
اما يرماكوف فسرق خس من تحت السور، سرق، سرق
من الواضح ان المساء حل.
تدفئ بالبراز وذهب لينام.
المطر ينز.
الخنازير اكلت الحمص.
اختلس راجوزين النظر الى حمام النساء.
جلس سانكا على ظهر مانكا.
تسرب النعاس لمانكا.
اظلمت السماء. تلألأت النجوم
قضمت الجرذان الفارة تحت الارض
نم يا صغيري لاتخف من الاحلام السخيفة
المعدة سبب الاحلام السخيفة

3

احلقوا اللحى والشوارب!
فانتم لستم بماعز، حتى تربوا اللحى،
ولستم بالهررة، كي تحركوا الشوارب.
ولستم بالفطر، كي تقفوا بقبعات.
اوه، ايتها الفتيات!
قصرن قبعاتكن!
اوه، ايتها الجميلات،
قصرت تنوراتكن!
هيا يا مانكا ماروسين!
اجلس على بيتكا يللابونينا.
قصرن ضفائركن ايتها الفتيات.
انكن لستن بحمير وحشية حتى تركضن بِذَنَب.
ايتها الفتيات السمينات،
وجهن لنا دعوة للاحتفال.

4

قودوني بعيون معصوبة.
اطلقوا عيوني كي اسير بنفسي.
لاتاخذوني من يدي،
اود ان اهب يدي الحرية،
انشقوا ايها المشاهدين الاغبياء.
سانآكد الان بقدمي.
سأمر باحدى اللوحات الارضية ولن اتمايل، وساركض على الافريز دون ان اسقط،
لاتخالفوني. ستندمون.
عيونك الجبانة تثير نفور الاله.
افواههكم تنفتح في وقت غير مناسب.
انفوكم لاتعرف الروائح المرتعشة.
كلوا الشوربة...فهذا شغلكم.
اكنسوا غرفكم...فهذا مقرر عليكم مدى القرون.
ولكن انزعوا عني المِشَدات والقيود.
انا اتغذى على الملح وانتم على السكر.
لي حدائقي وبساتيني.
ولي ماعز ترعى في الحديقة.
ولى طاقية من الفرو تجثم في صندوق.
لاتعارضوني، انا بذاتي، وانتم من اجلي.
ربع الدخان فقط.
5

فيديا، يافيديا!
ـ ماذا؟
ـ ساريك الان " ماذا" ( صمت).
ـ فيديا يافيديا!
ـما حدث !
ـ اه انت يا ابن الكلبة! وتسمح لنفسك بالسؤال ماحدث؟
ـ ما تريدون مني؟
ـ ارايتم؟ ما اريد منه! ايها النذل، على تلك الكلمات... سارمي بك، لتطير تعرف بنفسك الى اين!
ـ الى اين؟
ـ الى المزهرية.
(صمت)
ـ فيديا، يافيديا!
ـ ماذا دهاك يا خالتي هل فقدت عقلك؟
ـ اه..اه! عد، ماذا قلت!
ـ لا، لن اعيد.
ـ والان اعرف مكانك، على الارجح، ايضا.
6
غصصت بعظمة خروف.
اخذوني من يدى وساقوني بعيدا عن المائدة.
غرقت في التفكير.
ركضت فأرة.
وخلف الفأرة ركض ايفان بعصا طويلة.
ومن النافذة تطلعت عجوز فضولية.
ركض ايفان بمحاذة العجوز، وضرب بوزها بعصا.


7
اطلق دمترى اصوات شاكية.
نحبت آنا، وقد دفنت راسها في الوسادة.
بكت مانيا.

8 يناير 1937

اقتبست من مقاطع متفرقة، كتبت في "الدفتر الازرق".الذي تم العثور عليه في بيت خارمس بعد اخذه الى الاعتقال ونقل احد اصدقائه ارشيفه قبل ان تداهمته الشرطة، ووضع حرف لاتيني في بداية كل مقطع.

***

الكسي ريميزوف:خمس قصائد نثر
ترجمة وتقديم فالح الحُمراني

يعد الكسي ريميزوف(1877ـ1957) واحد من الشخصيات التتي تتسم بالغرابة بين ادباء روسيا في القرن العشرين. ونال شهرته قبل ثورة اكتوبر 1917. وفي عام 1910 جرى الحديث عنه كواحد من الرسامين الطليعيين الكبار. بيد ان عبقريته الادبية التي تميزت بتنوع الابداعات،اكدت حضورها بالكامل في المهجر. ولد الكسي ميخايلوفيتش ريميزوف في24 يونيو( حزيران) 1877 في موسكو في عائلة غنية تمارس التجارة. وبعد فترة قصيرة من لادته تركت والدته ابيه لتذهب مع اولادها للعيش عند اخوتها، وقد تركت الحياة في احضان " غرباء" تاثيرها على شخصية ريميزوف.الى ذلك فان ضعف بصره، وخياله الذي تطور في مقتبل العمر، غيرت حياته مبكرا. ودرس ريميزوف في جيمنازيا موسكو ومن ثم في مدرسة التجارة. وفي 1895 التحق بكلية الفيزياء في جامعة موسكو.ودرس بموازاة ذلك الرسم والموسيقى. وجرى نفيه الى مناطق روسية نائية مرتين في العهد القيصري، بسبب نشاطه الثوري، ولكنه ترك العمل الثوري نهائيا عان 1902 ليكرس حياته للادب. وتعرف خلال منفاه على كبار رجال الثقافة، الذين لعبوا دورا هاما في الثقافة الروسية، من بينهم نيقولاي بردياييف وبوريس سافينكوف ولونتشتارسكي وغيرهم. وتعرف خلال تنقله في روسيا بالمخرج الكبير ميرخولد. وسُمح له بالعودة الى بطرسبورغ عام 1905 حيث انخرط في الحركة الادبية، وتعرف مع كبار الادباء والرسامين بما في ذلك الكسندر بلوك واندريه بيلي وفاسيلي روزانوف، وساهم بتحرير مجلة "قضايا الحياة".
وحتى عام 1917 نشر ريميزوف الكثير من الاعمال القصصية والقصة القصيرة والحكايات والمسرحيات، اضافة الى المقطوعات الصغيرة التي اندرجت في الشعر المنثور. وعانى ريميزوف خلال 1017 ـ 1920 سنوات الثورة البلشفية والحرب الاهلية، من الفقر والاضطهاد والملاحقة، وفي اغسطسس عام 1921 رحل ريميزوف، وعقيلته من الاتحاد السوفياتي. وعاش في البداية الى برلين ومن ثم انتقل الى باريس حتى موته عام 1957. ونشر ريميزف في المهجر الكثير من الاعمال الادبية متنوعة النوع والاسلوب.
وتباينت مواقف معاصريه في تقدير ادبه ومكانته في تاريخ الادب الروسي، ففيما قال فيه الشاعر الكبير الكسندر بلوك "ان ريميزوف واحد من اكثر الادباء جدية وعمقا في عصرنا"، جاء تقييم فلاديمير نابوكوف لادبه متحفظا. واشتهر ريميزوف في كتابة المقاطع الشعرية النثرية الصغيرة التي تخلط بين الحلم والواقع، وتاتي مشحونه بعوالم الحكايات والاساطير، انه عالمه الخاص الذي عاش فيه واقامه لنفسه وصنعه بخاليه. وهنا نماذج من شعره المنثور من كتابه الشهير "نار الاشياء. الاحلام والرؤى".

صورتي
حُفِرت صورتي على اسطوانة معدنية في شجرة في حديقة : غول ما قبل الطوفان ذو قرون، والعيون ليست في محلها. امضاء: اسمي ولقب الرسام.
" فكرتُ، كيف زوقني، يروم التبرير".
وها هو الرسام قادم، عرفته بالصورة: تدلى الكمثرى من امامه ومن خلفه ومن جيوبه. ولبدتًُ خلف الصورة، اختلس النظر: هل يعرف عمله ام سيمر بمحاذاته؟
ورماني بغتة بكمثرة اصابت عيوني" " برَرَ".

مظلة

اخترقتني شرارة بيضاء ضاربة الى الزرقة. رايت: انها متشحة بالسواد، في يدها مظلة حريرية، ذو مقبض طويل ودقيق. وطعنتني بقدمي بالمظلة. فتسمرت في الارض
وتسائََلََت ْ ما معنى الشفاة الحمراء .
"لاارى جيدا، قلتُ، بيد اني سمعتُ، ان الحمراء عند مصاصي الدماء وحينما..."
وفي هذه اللحظة جاء احدا ما من الشارع، مسك بالمظلة، وراح يسحبها مني.
" لا، وانا اصده، الان هو لي".
وحينما، لاحَظَتْ كيف اسهر على حراسة المظلة" تحولتْ الى مشجبٍ. فعلقتُ المظلة عليه.

ضفادع بقفازات

لبدتُ في قمرة السفينية، بينما راح من اختفيت منه ،يبحث عني بحاسة شم، كالتي عند الكلاب. كلهم بوجوه بشرية، وابدان ضفادع ترتدي قفقازات.
كانوا مؤدبين ولطفاء، لالصوص عاديين، وضغطوا عليٌََ ببطونهم الضفدعية الليًٌنة،
اندسوا بلطف تحت قميصي، وكانهم يمسدوني، بضغطهم على قلبي باصابعهم.
وعلى النافذة جلس غراب زرع، ينعق.
اعرف انه حطَ الان على كتفي، وليس بمقدوري حفظ عيوني. وفي الوقت الذي ادافع فيه عن نفسي من الضفادع، تضرعتُ لضيفي الاسود:
" ارحمْ عيوني، قلتُ لهُ، وساحوكَ على رقبتك شريطا لؤلؤيا، اعطيك يديٌ، اليسرى واليمنى وقفازات".

الذئب

ارسلوا بي الى الغابة لاجمع جوز.
اذهبْ، قالوا لي" اجمع اكثر ما تستطيع من الجوز".
ولة اتنقلت من شجرة الى اخرى ـ وانا اشعر في الغابة، كاني غارق في الظلام ـ وليس هناك شجرة جوز.
وهكذا اخيرا، وجدتها. بيد ان ليس هناك اية جوزة ناضجة، كلها خضراء.
" لافرق، فكرت، سآخذ خضراء، اذا جاء هكذا صيد".
اثنيتُ الغصنَ، غير انه وفي اللحظة التي عزمت فيها قطف الجوز، باغتني ذئب من الاحراش، لقد تصورت الذئاب في الحكايات، على هذه الشاكلة.
" ماتريد ايها الذئب، اقول له، ياترى هل تعتزم اكلي ".
لاذ الذئب بالصمت، وقد فغرَ فاهه.
وتذكرت ثانية:
" لاتاكلني، ايها الاغبر، ربما ساكون نافع لك"
وفكرت بدخيلتي " ما نفعي له".
وحينما كنت غارقا في التفكير، اكلني الذئب.
واستقيظت يحدوني شعور تأدية الواجب.

طائر

ارى من الاريكة : ان طائرا يحوم قرب رفوف الكتب. سررت به وقلت:
" مرحبا، ايها الطائر الصغير" ومددت يدى لاصطياده.
وقبضت عليه: ساخن، ويقوم بحركات حادة بمنقاره، كما وانه يبحث عن شئ ما، وشعرت كيف راحت نبضات قبله تدق : خاف. طر، واذا هو في النافذة.
هرعتُ نحو النافذة. وهنا بالضبط وكأن احدا ما دفعني: استدرت، فكان هناك على الاريكة حيث اضطجعت، شقٌ يحلك اكثر فاكثر. نظرتُ في الشق، واخذت بالانحناء، فهويت الى الاسفل على راسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف