الانترنت: ثقافة، جنس وتنمية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: لا يزال الانترنت يشكل خطراً بالنسبة إلى بعض الدول العربية حيث تعتبره مهدداً لثقافتها وعاداتها وتقاليدها، كما يشكل تحدياً لبعض الحكومات العربية
وحدة...وصداقة:
وفي مراجعة لأهم الدراسات العلمية لاستخدامات الانترنت أشارت د. رشا الى دراسةKraut et al التي أجريت عام 1998 بين 73 عائلة في عامهم الاول أو الثاني لاستخدام الانترنت، وجد الباحثون علاقة ضعيفة ولكنها معنوية بين استخدام الانترنت والاحساس بالوحدة أو الاحباط وفي دراسة أخرى تمت عام 2000Erbing amp; Nie أيدت النتائج السابقة، ووضحت الكاتبة الى أننا أمام دراستين فقط ضمن مجموعة من الدراسات توصل معظمها الى نتائج مغايرة لما توصلت اليه هاتان الدراستان، وثانياً أن معاملات الارتباط التي أوجدتها الدراستان تعتبر ضعيفة للغاية بأي مقياس علمي فهي تكاد لا تعني شيئاً، وثالثاً أن هناك الكثير من المتغيرات الدخيلة التي يمكن أن تدحض هذه النتائج، فالباحثون لم يضعوا في الاعتبار الحالة النفسية لمن قاموا باجراء الاختبار عليهم بعيداً عن استخدام الانترنت، ولم ينظروا إذا كان هناك عوامل أو أحداث أخرى في حياتهم يمكن أن تكون قد أحدثت هذا التغيير، على سبيل المثال قد يكونوا تعرضوا لحادث شخصي تسبب في إحساسهم بالوحدة أو الاحباط، فمن المستحيل من الناحية العلمية افتراض علاقة سببية بين إستخدام الانترنت والاحساس بالوحدة أو الاحباط إعتماداً على هذه الدراسات، كما أوضحت دراسات اخرى أجراها الباحثان Katz amp; Aspden عام 1997 وجود علاقة إيجابية بين استخدام الانترنت والاتصال بين الافراد، بمعنى أنه كلما زاد استخدام الانترنت كلما زاد التواصل مع العائلة والاصدقاء، وأشار من اٌجري عليهم
النساء والانترنت:
أما الاناث في البلاد العربية فيستخدمون الانترنت للتعرف على الجنس الاخر كما جاء في إحدى الدراسات العلمية التي وردت في الكتاب، ويرون في ذلك مصدراً تعليمياً في هذا الاطار لانهن لا توجد لديهن فرصة مباشرة لمعرفة كيف يفكر الرجال، وأضافت الاناث أنهن يقدرن التجربة لانهن يتعلمن من خلالها عن الجنس الاخر وبشكل آمن، مع الاقتصار على التعامل من خلال شاشة الكمبيوتر، كما اجريت دراسة اخرى حول الثقافة النسائية ونماذج استخدام الانترنت في العالم العربي Wheeler وذهبت الى أن النساء يستفدن كثيراً من استخدام الانترنت بشكل عام وبالاخص في المجالات التعليمية والمهنية، كما أجرت الباحثة مقابلات مع نساء في مصر والمغرب والسعودية والكويت والبحرين للتعرف على كيفية وأسباب استخدامهن للانترنت، وقد أشارت الدراسة الى بعض النماذج المختلفة بين المستخدمات باختلاف البلدان العربية فبينما تقوم النساء في "مصر" غالباً في إستخدام الانترنت في شئون العمل، يختلف الامر في "الكويت" حيث تقوم النساء باستخدام الانترنت كوسيلة للتسلية وإقامة العلاقات الاجتماعية، أما في "المغرب والسعودية" تطرقت النساء للحديث حول قضية الرقابة، وأختلف هنا مع الباحثة في تعميم نتائج مثل هذه الابحاث على نساء البلاد العربية، حتى وإن كانت صادرة عن دراسة علمية لانه بالتأكيد هناك سيدات في الكويت أو في المغرب أو في السعودية يستخدمن الانترنت في شؤون العمل أيضاً وليس فقط في إقامة العلاقات الاجتماعية أو للتسلية.
الحكومات العربية والانترنت:
وبالرغم من قدرة الانترنت مع الوقت من تحويل العالم الى قرية صغيرة لا يزال بعض العرب يقتربون منه بحرص شديد في محاولة لتقييمه وتقييم ما إذا كانت هذه القرية تسودها ثقافة غربية واحدة أم انها قرية متعددة الثقافات، فما زال بعض العرب يرون أن الانفتاح على عالم الانترنت يعد تهديداً للثقافات والعادات والقيم العربية، وتقول أن البعض يعتقد
تساؤلات...
والجدير بالذكر أن اسلوب الكاتبة اسلوب علمي مبسط وجذاب، قدمت العديد من المعلومات حول تطور الانترنت واستخداماته، كما جمعت فيه العديد من الاراء باسلوب موثق
سياسة وتعليم واقتصاد:
وفي باب آثار تكنولوجيا الاتصالات على مصر والعالم العربي تقول الكاتبة بأن كل وسيلة جديدة من وسائل الاعلام والاتصالات أحدث بعض التغييرات على نسيج العالم العربي، فذكرت دراسة Masmoudi 1997 أن شبكة الانترنت سوف يكون لها آثار جانبية هامة على العالم العربي على كافة الاصعدة، فعلى الصعيد السياسي توقع أن تؤدي حرية تدفق وانتقال المعلومات عبر الانترنت الى إجبار القادة العرب على الانفتاح بشكل أكبر والسماح بمزيد من حرية التعبير في بلادهم، وهو الامر الذي سيؤدي بلا شك الى التأثير على الرأي العام ومن ثم صنع القرار السياسي، وبالتالي سوف يؤدي إستخدام الانترنت الى إيجاد نظام سياسي يتسم باللامركزية والانفتاح والديمقراطية، اما بالنسبة إلى التعليم فتحت الدراسة المجال لرؤية جديدة مفادها أن الانترنت سوف يقدم عالماً جديداً من التعليم عن بعد وتبادل المعلومات وسوف تجبر المنافسة الحكومات العربية على إعادة اختبار نظمها وسياستها التعليمية وتطوير مناهجها، لتشمل المزيد من المعلومات والبرامج المتخصصة في الحاسب الالي وتكنولوجيا المعلومات والانترنت، كما اوضحت أنه في حالة لحاق العرب بثورة المعلومات المتاحة على الانترنت سوف يتمكنوا من معرفة المزيد عن العالم الخارجي وكذلك سوف يفتح لهم المجال لتعريف هذا العالم الخارجي بكل ما يخص الثقافة العربية، وبالتالي سوف يساهم الانترنت في سد الفجوة بين الغرب والعالم العربي ومن ثم تمكن العرب من أن يصبحوا طرفاً أكثر فعالية ونشاطاً، اضافة الى دراسة alterman 1998 التي ناقش من خلالها قيام العرب باستثمار رؤوس أموالهم في خبرات الانترنت وتكنولوجيا المعلومات في بلدانهم، والى ضرورة إنعاش التعاون بين الدول العربية الكترونياً، أما عن أثر تعريب الانترنت رجحت الباحثة "مريم نجيب" في رسالة ماجستير 2000 أن استخدام الحروف العربية على الانترنت سوف يوقف اللغة الانجليزية عن السيطرة على الانترنت.
نافذة على العالم:
تنهي د. رشا كتابها بقولها أن الانترنت يعد نافذة مفتوحة للعالم على العالم يرجع لنا فيما يتعلق بما نقوم بمشاهدته أو عرضه من خلال هذه النافذة وما نختاره للعرض أو المشاهدة، وكذلك كيفية استخدامه وتأثيره علينا، يجب أن يكون في أيدينا نحن الافراد لا في أيدي الحكومات، ومن غير المجدي أن تقوم بعض الحكومات العربية المتحفظة بإهدار وقتها في محاولة رقابة محتوى الانترنت أو ممارسة السيطرة على المعلومات، لانها لن تستطيع أن تقف أمام التكنولوجيا وتدفق المعلومات، وأكدت أننا بحاجة ماسة الى مزيد من البحث العلمي لتقييم مختلف أبعاد الانترنت وأثره على حياتنا وهو البحث الذي يجب أن تقوم به الحكومات والمؤسسات الاكاديمية، كما أكدت أنه يجب أن نتبنى التكنولوجيات الحديثة حتى نواكب التطور مع العالم الخارجي وفي نفس الوقت نعتمد إرشاد الاسرة والمدرسة والمجتمع للحفاظ على الاخلاق وعلى السلوكيات الملائمة لثقافاتنا ودياناتنا، فاغلاق الابواب المطلة على العالم الخارجي بحجة الحماية سيؤدي الى الغرق وإنعزالنا عن عجائب العلم والمعرفة.