كتَّاب إيلاف

فراغياتنا الفضائية (1)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إذا كنت فاضي شغل (و ما وراكش حاجة)، هات ورقة وقلم واجلس أمام التلفزيون وافتح على القنوات الفراغية العربية، مثلاً قناة (احلام ! الجزيرة! العربية ! في ان تكون حرة ! ومستقلة ! ومنارا ! للعالم !) وتابع أي من برامجها. قم بتسجيل المقدمة (أو الخطبة) التي يلقيها المذيع في أول البرنامج.... سجل أسماء الضيوف المشاركين في ذلك البرنامج ثم سجل ما يقولونه من كلام...... سجل أسماء المتداخلين تليفونيا وأيضا سجل ما يقولونه... اقفل المحضر.
افتح محضرا جديدا بورقة أخرى وانتقل إلى برنامج آخر من نفس القناة وقم بنفس التسجيلات . ثم افتح محضرا ثالثا ورابعا وخامسا... الخ، متجولا بين هذه القنوات المختلفة ومسجلا ما تسمعه وتراه . من يفعل ذلك لمدة يوم واحد أو أسبوع أو شهر، أو حتى سنة، يصل إلى نفس النتيجة، وهي تكرار ما سجله في أول مقابلة أو برنامج سمعه، لان ذلك يكون مكررا في جميع البرامج لجميع القنوات (إلا قنوات نادرة، اندر من لبن العصفور)، إذ أن المقدمات هي هي، لا تتغير وان تغيَّر المذيع أو المقدم، والضيوف هم نفسهم الذين تجدهم في البرنامج (أ) وحتى البرنامج (ي) من القناة (أ) وحتى القناة (ي)، وأيضا الكلام الذي يقولونه هو نفسه الذي سمعته في كل البرامج. أيضا بالنسبة للمتداخلين تليفونيا، ستجد الأسماء المتداخلة في قناة، زيد، هي نفسها التي تداخلت في قناة عبيد، مع تكرار نفس الكلام.
سوف تجد أن هؤلاء الضيوف المتكررين في جميع القنوات لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، وستجد أن المتداخلين المتكررين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين والرجلين.... (طبعا إضافة لمن هم خارج الأستوديو من أصابع اليدين المذكورين أعلاه).
بعد ذلك، وبعد أن تكون قد حفظت جميع الأسماء وحفظت كل كلامهم، سوف تكتشف أن هؤلاء وأولئك يحملون تفويضا كاملا من الأمة للحديث والتنظير باسمها !!.، أي إنهم ناطقون بإسم الأُمة (سمعنا قبل ذلك عن ناطق بإسم شركة، أو وزارة أو حتى حكومة، ولكن لم يسبقنا أحد في هذا الابتكار، أي ان يكون هناك ناطق بإسم الامة) !!! وسوف تكتشف ان كل الكلام الذي يقولونه ليس فيه جديد بالنسبة لك ــ لأنك اصلا تحفظه عن ابيك الذي نقله عن جدك الذي نقله عن ابيه وهكذا حتى تصل الى الجد الثامن عشر، (طبعا، وكما قلنا هناك قليل من الإ ستثناء بين هذه القنوات وهذه البرامج).
وأخيرا، وبما انك عضو في هذه الأمة، ووجدت من ينوب عنك في كل صغيرة وكبيرة، وبالتالي اصبح لا لزوم لك ولا لكلامك ولا فرصة لك للتعبير عن أي شئ ولا فرصة لك لسماع أي جديد ـ لأن كل الأماكن قد شغلها هؤلاء وكل الكلام قد قالوه بالإنابة عنك، وعمن خلـّفوك ـ وبدل أن تكون (قاعد فاضي) يمكنك إجراء بعض التجارب والملاحظات المسلية على هذه البرامج. وهناك تجارب مسلية عديدة يمكنك أن تجريها، منفردا أو مع أصدقائك، على هذه البرامج. وهذا ما سيأتي تفصيله لاحقا.

كاتب سوداني

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف