كتَّاب إيلاف

اهو دستور ام معول تهديم؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعد نشر مسودة الدستور المقترح الذي اعدته لجنة في الجمعية الوطنية المنتخبة ديمقراطيا واضيف عليها اعضاء حسب التوزيع الطائفي وليس الوطني ولم يشرك فيها ممثلي الشعب العراقي الاكثر تمثيلا من ناحية الانتماء الوطني ولا حتى الكفاءات المهنية القانونية ولذلك جاء النص معوجا حتى من الناحية اللغوية كما ورد في مقال لاحد كتاب عراق الغد. اما الجوانب السلبية الاخرى فقد غطاها الكثير من الكتاب والمفكرين العراقيين الذين وجدوا في الدستور خيبة أمل للعراقيين الذين ليس فقط انتظروا اربعة عقود من اجل يوم التاسع من نيسان وانما الكثير منهم من ساهم بشكل او بآخر في تحقيق يوم سقوط البعثفاشية في العراق.كما وانه خيبة امل كبيرة لمن ساهم ودعم وقدم التضحيات الكبيرة من اجل تحرير العراق. فالعودة إلى انتخابات الجمعية الوطنية والتي لا زلنا نعتبرها خطوه ومهمة وديمقراطية ولكنها لم تاتي بالنتيجة الحقيقيه لثمثيل العراقيين وذلك للتدخل الخارجي وما صرف على شراء الاصوات ماديا والالتحاف بعباءة المرجعية او الاحتماء بحرارة مشاعر قومية غير وطنية. ومن الخطا ينتج خطأ اكبر واعظم فجاءت المحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية في تشكيل الحكومة والسلك الدبلوماسي والقوات المسلحة قوى الامن وحتى التعين في الوظائف الصغيرة في الوزارات تحتاج إلى تزكية حزبية. واعتقد الكثير من الوطنيين العراقيين بان الدستور سيكون الوثيقة المقدسة لكل العراقيين ويمثل طموحهم وبناء مستقبلهم في عراق جديد خالي من التسلط الحزبي والطائفي والمناطقي، موحد للتراب الوطني تتساوي فيه جميع شائح المجتمع العراقي اثنيا ودينيا. ولسوء الحظ جاء " مخيبا " للامال والكثير منهم اعتبروه في صيغته الحالية معولا لتفتيت العراق وانهائه وليس بناءه واعادة بناءه وذلك:
اولا: ان لجنه الدستور سياسية بحتة والدساتير تصوغها كفاءات قانونية مهنية على درجة عالية من الدراية لحاجة المجتمع وبناءه وما يوحده وايجاد الارضية المشتركة له، ليس على اساس ديني او مناطقي.
ثانيا : في صيغته الحالية تعزيز للهيمنة الدينية والطائفية بتاثير خارجي وذلك انعكاسا لنسبة الاعضاء في البرلمان العراقي من ذوي الولاء فكريا وقوميا لغير العراق. وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بتصريحات السيد خامنئي اثناء زيارة الجعفري لطهران ومطالبته في ان يفصل الدستور حسب توجهه العقدي والقومي ونتيجة ذلك جاءت المطالبة بالاعتراف بالقومية الفارسية ووضعهما في الدستور. لقد غاب على الكثيرين من العراقيين بانهم لم يكن يعرفوا بان الذين من اصول فارسية بقوا فارسيين ولم يتحول ولائهم للعراقعلى الرغم من ان الرحم العراقي احتضنهم عقود وبعضهم قرون. واخيرا يعزز هذا الدستور بصيغة المقدمة الطائفية ويكرزها : غالبية الشعب العراقي (بأكثريته الشيعية وسنته)، على الرغم من اضافة ويحترم جميع حقوق الديانات الأخرى.
ثالثا: غبن حق شريحة واسعة من الوطنيين العراقيين وهم الاكراد الفيليية أو " تفريسهم " كما كتب احد الكتاب في عراق الغد او تغيبهم لانهم اكثر ولاءا للعراق من غيرهم.
رابعا : فضفاضية تحديد الفدرالية. فهل هي على اساس جغرافي كما يطالب بها اغلبية العراقيين ومنهم الاكراد او على اساس قومي وطائفي كما تريدها المؤسسة السياسية العراقية الحالية ؟ لان في نتيجة ذلك سيتحول العراق إلى محميات. وان كان سقف المطالب الكردية اعلى مما اتفق عليه اثناء مباحثات الالتلاف فلماذا تم الاتلاف ؟ وان تغيرت الرؤية لما اتفق عليه فلم يعد الاتلاف صالحا لتكملة المسيرة في بناء عراقي جديد وبالتالي لا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية لكل القوى الوطنية العراقية، من الذين داخل البرلمان ومن خارجه من اجل وضع دستور وطني عراقي يضمن حقوق جميع شرائح المجتمع العراقي الاثنية والدينية. وان كانت المطالب الكردية، كما قال احد اعضاء لجنة صياغة الدستور من القائمة الموحدة " الشيعية " تدعوا إلى انفصال الاكراد. فان الوقت قد حان لاعطاء الاخوة الاكراد هذا الحق الان وليس غدا. لقد قدم اكراد العراق التضحيات الكبيرة ضد الانظمة السابقة لذلك لا بد من اعطائهم حقوقهم القومية وان لم يكفي ما صيغ في الجمهورية العراقية الاولى ففسح ا لمجال لتقرير المصير هو الحل، مع الامل ان لا يكون ذلك بوكر كما لعبها السلفاك مع الجيك بعد انهيار المعسكر الشرقي. ولا بد من التذكير ان مجازفة السلفاك كانت كبيرة خففت من مخلفاتها الدعم الكبير الذي قدمته الدول المحيطة التي لها مصالح جيواقتصادية معها عن طريق الاستثمارات الكبيرة ( المانيا والنمسا بالدرجة الاولى لماضي تاريخي لانها كانت جزء من الامبراطورية النمساوية المجرية ولا زالت عاصمة برتسلافا تسمى لدي النمساويين بريس بورغ) وهذا الوضع سوف لن ينطبق على انفصال كردستان العراق. لقد كان الحزبين الكردين الرئيسين والشعب الكردي عامة مدينين للولايات المتحدة بالدرجة الاولى لما قدمته لهم من مظلة آمنة في زمن النظام الساقط في بغداد الذي اعطى المنطقة امكانات التطور والعيش العادي ومن ثم لقوات التحالف في استمرار المنطقة الكردية العراقية ترفل بالامن والتقدم، ولكن السياسة ومصالح الدول اكبر من التحالفات المرحلية. فان المصلحة العليا للولايات المتحدة والدول الاخرى سوف تكون حتما ليست في مصلحة الداعين للانفصال ولا تساعد على قيام دولة كردية، وهذا ما اكده الرئيس جلال الطالباني بعدم امكانية قيام دولة كردية في تصريح له قبل مدة غير بعيدة. وانطلاقا من الوضع الجيوسياسي للمنطقة والتحالفات المتغيرة لا بد من العودة إلى الواقعية والانتماء للعراق الوطن وترك التفاسير غير المنطقية حول معاهدات عشرينات القرن الماضي وغيرها لان العراق كان يحكم المنطقة بخارطته الجغرافية وقسم ولم يطالب بعودة المدن والمناطق التي كانت جزء منه في الحقبات الماضيات ولمدى مئات السنين.ان الاندفاع القومي غير الواقعي لم يعطي ثماره للامة العربية خلال اكثر من نصف قرن من الزمان بكل ما ملكته وتملكه من امكانيات، وبقيت تائهة كجمال النبي موسى في صحراء سيناء وعلى الاخوة الاكراد الذين سالت دمائهم من اجل الحرية والعراق كما تجري دمائهم في عروق الكثير من العراقيين العرب ان لا يتيهوا وراء الضياء الكاذب للشعارات القومية مهما كان مصدرها.
خامسا: ضبابية حقوق الانسان في الدستور، خاصه تلك التي يتم تحديدها حسب الشريعة الإسلامية: الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو المصدر الأساسي للتشريع، ولا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه(ثوابته المجمع عليها ). وفي مقدمة ذلك حقوق المرأة العراقية التي تؤكدصيغة الدستور القترح على انحسار لمكاسبها السابقة وتكريس لقانون 137. ليس غريبا ان تطالب بعض النسوة العراقيات العائدات باعلامهن السوداء من إيران بالحقوق الشرعية حسب النمط الايراني والكثيرات من داخل العراق اللاتي لم يعرفن بعد الاتجاهات الاربع لمستقبل العراق وخارطته السياسية. ولكن المرأة العراقيه وممثلاتها هن تلك العراقيات اللاتي ساهمن بتحمل القسط الاكبر في النضال ضد النظام البعثفاشي وقدمن الكثير من اجل التاسع من نيسان في فقدان الزوج او الاخ والابن او الاب وغيره وبقين في سجن النظام عقود مضحيات لهن الحق في اختيار نمط مصلحتهن في دستور البلاد بالإضافة إلى ان المجتمع العراقي يضم ديانات اخرى وعقائد مختلفة لا يمكن ان يفرض على نسائها قوانين الشريعة الاسلامية بشقيها الشيعي والسني بالاضافة إلى المسلمات اللاتي لا يودن انتكون حياتهن مشابه لاخواتهن في قم او طهران.
خامسا: اختفاء البعد الوطني ووحدة النسيج الاجتماعي العراقي وتعزيزهما مما حدى بان يكون الدستور المقترح وثيقة غير ممثلة للوطن العراقي وبالتي ستصبح غير مقدسة من الاغلبية.
ان استحقاقات الانتهاء من الوثيقة لازت امامها 15 يوما. وان جاءت المطالبة بتاجيل الاعلان فهناك متسع اكثر. ولا زالت كفاءات عراقية ومقترحات عديدة قدمها اكثر من خبير عراقي ومجموعات عمل مختلفه داخل الوطن وخارجه. فادعوهم ايها السادة يا اعضاء لجنة صياغة الدستور، او ادرسوا مقترحاتهم، وهذا اضعف الايمان. اجعلوا الدستور يبني العراق الجديد وليس معولا لتهديمه، لبناء وحدة ترابه وارساء دعائم سليمة لمستقبله. ان دساتير العالم المختلفة في الكثير من بلدان العالم التي يشابه وضعها العراق كثيره، كما وان الكفاءات العراقية اكثر ومن يعرف اللغة العربية ليصوغ النص الاكثر فقدموا ما يخدم العراق الوطن وشعبه ليذكركم التاريخ بكلمة حسنة وليكن العراق اولا في عملكم. والله من وراء القصد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف