كتَّاب إيلاف

السياسة الأميركية في العراق (2)

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

المعروف أن الولايات المتحدة شنت الحرب على العراق بقرار منفرد، وبدون موافقة من الأمم المتحدة، والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وفي ظل معارضة الكثير من الحلقة الأولىحلفائها الغربيين، خصوصا فرنسا وألمانيا، وعدم رضا أهم الدول العربية المؤثرة كمصر والمملكة العربية السعودية، وكذلك تركيا. إما إيران وسوريا، فقد كانت واشنطن تعلن، بمناسبة وبدونها أنهما سيكونان الهدفين التاليين، بعد الانتهاء من معالجة المشكلة العراقية. هذا يعني أن الولايات المتحدة فتحت، وفي آن واحد، جبهات متعددة، سياسية وعملياتية (في حال إيران وسوريا)، قبل أن تبدأ حربها على العراق.

وفي ما يخص الجبهة الداخلية العراقية، فأن الولايات المتحدة كانت قد فتحت، قبل أن تبدأ الحرب على العراق وتدخل أراضيه، جبهة سياسية ضد أحد أهم مكونات الشعب العراقي، هم العراقيين السنة. فالولايات المتحدة كانت قد فرضت على النظام السابق حظرا جويا منعت بموجبه تحليق الطيران الحكومي على مناطق محددة من العراق. وقالت واشنطن أن الهدف من ذلك حماية الأكراد والشيعة من بطش صدام حسين. لكن ذاك الأجراء الأميركي ما كان بالإمكان تأويله إلا بطريقة واحدة: صدام ونظامه يظلمان الأكراد والشيعة ولا يظلمان السنة. وما دام هناك ظالم ومظلوم، أو جلاد وضحية، فالجلاد يصبح نظام صدام حسين والسنة، والضحايا هم الأكراد والشيعة. وبهذه السياسة الرعناء، ربطت الولايات المتحدة مصير ملايين من العراقيين السنة بمصير نظام صدام حسين، وأرغمتهم أرغاما أن يكونوا ضدها، أو على الأقل جعلتهم غير متحمسين لسقوط النظام السابق.
"القيد" العراقي الآخر الذي قيدت الولايات المتحدة معصميها به هو، طريقة تعاملها مع المعارضة العراقية السابقة، أفرادا وجماعات. فقد اصطفت الولايات المتحدة "شخصيات" عراقية محددة، ثم أبرزتها وصورتها إلى الشعب العراقي باعتبارها "المنقذ" الذي سينقذ العراقيين من ديكتاتورية صدام حسين ونظامه. وبموازاة ذلك، دأبت الولايات المتحدة، في جميع لقاءاتها بالمعارضة العراقية، وأخرها مؤتمر لندن، على إعطاء صبغة طائفية إثنية لتلك اللقاءات والاجتماعات، وتسليط الأضواء على أحزاب وجماعات بعينها، دون التأكد فيما إذا كانت تلك الأحزاب تحظى بتمثيل حقيقي في الشارع العراقي. أو أن لها ما ينافسها داخل العراق. ولهذا، فأن الولايات المتحدة شعرت، كما يبدو، بهول الصدمة والمفاجأة عندما اكتشفت حجم وقوة التنافس الدموي الذي نشب، مثلا، بين الأطراف الشيعية التي تحالفت معها قبل السقوط، من جهة، وبين وتلك الأطراف الشيعة التي برزت إلى الواجهة بعد السقوط، كالتيار الصدري وحزب الفضيلة وجماعات شيعة أخرى، من جهة أخرى.
بالطبع، كان بمقدور الولايات المتحدة أن تعيد رسم خارطة تحالفاتها العراقية، وفقا لما تمليه اكتشافات الواقع العراقي، لكنها لم تفعل ذلك. وحتى عندما فعلت، فأنها فعلت ذلك إما على طريقة الصح والخطأ، أو فعلت ذلك بعد وقت متأخر.
فالعراقيون يتذكرون كيف أن الولايات المتحدة، اختارت خلال الأيام القصيرة التي تلت سقوط النظام السابق، شخصا أسمه محمد الزبيدي، لم يسمع به أحد من العراقيين، وعينته "حاكم مدني" للعراق. وظهر الرجل وكأنه الأبن المدلل للولايات المتحدة، لكنها عادت وسجنته ثم أبعدته عن الواجهة حتى نسيه العراقيون نهائيا.
ويتذكر العراقيون، كذلك، كيف تعاملت الولايات المتحدة بطريقة تبجيلية وتفضيلية مع رئيس المؤتمر العراقي الدكتور أحمد الجلبي، قبل وبعد دخوله العراق لأول مرة، وكيف تغيرت تلك الطريقة، بشكل دراماتيكي، عندما ساءت علاقتها مع ألجلبي.
إما الأحزاب والجماعات العراقية الشيعية التي جعلتها في الواجهة، سواء في اجتماعات المعارضة، أو في مجلس الحكم، فأن الولايات المتحدة بدأت تدرك، شيئا فشيئا، أن هذه الأحزاب تستمد شعبيتها عندما تدخل تحت عباءة المرجعية الشيعية، ولو أن قادة هذه الأحزاب قدموا أنفسهم إلى الانتخابات معتمدين على قواهم الذاتية، مثلما حدث لرئيس المؤتمر العراقي الدكتور الجلبي، وشخصيات أخرى انسلخت عن الإتلاف، لما حصلوا أكثر مما حصل عليه الدكتور الجلبي وحزبه من أصوات. ويبدو أن هذا "الاكتشاف" هو الذي جعل الولايات المتحدة تتعامل بطريقة مختلفة مع هذه الأحزاب، هذه الأيام، بعد أن عرفت أحجامها الحقيقية.

هذه الأمور التي ذكرناها، تعكس تخبط وحيرة وغموض السياسة الأميركية داخل العراق، مثلما تعكس عنجهيتها ومكابرتها وقصر نظرها في التعامل مع أطراف عربية وإقليمية ودولية.

هناك مثل يقول:" عندما ترتقي درجات السلم، إياك أن تبصق على وجوه الناس الذين خلفتهم في أسفل الدرجات، لأنك قد تحتاج إليهم عند النزول".
وهذا المثل ينطبق على الولايات المتحدة، وسياستها في العراق. فبعد أن ارتقت السلم العراقي وحدها، وأهملت شأن الذين ظنت أنهم سيبقون في أسفل الدرجات، عادت تتوسل بهم ليساعدونها في النزول: مرة تطلب مساعدة سوريا وإيران، ومرة تطلب مساعدة الإمارات والسعودية ومصر. ومرة تطلب منح دور أكبر للأمم المتحدة. ومرة تطالب التفاوض مع الجماعات العراقية المسلحة، ومرة تلوح للعراقيين السنة، بورقة النفط، لإقناعهم بالاستمرار في العملية السياسية.

وقد يقول المرء: لا بأس. فالسياسة هي فن الممكن، وفن التعلم من الأخطاء، وفن تغيير التكتيك، وصولا إلى تحقيق الهدف النهائي. لكن المعضلة الكبرى هي، أن الولايات المتحدة ، حتى وهي تنزل، مجبرة، درجات السلم العراقي لملاقاة ومخاطبة الذين في الأسفل، فأنها ما تزال على عهدها الأول خلال الأيام والأشهر الأولى للحرب، تمارس سياسة غامضة، ولا تكشف، بطريقة واضحة وقاطعة عما تريده من العراق. فكيف تريد أن يساعدها الآخرون، مهما كان هولاء الآخرون، وهم لا يعرفون ما هي الأهداف الكبرى النهائية التي تريد أن تحققها في العراق.

ولهذا، فأننا نعيد الآن، نفس السؤال الذي انهينا به الحلقة السابقة: ما هي "المهمة MISSION" التي تريد تحقيقها الولايات المتحدة في العراق ؟

في مؤتمره الصحفي بتاريخ 20 أكتوبر 2006، كرر المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض
توني سنو، ما قاله الرئيس بوش، بأن هدف الولايات المتحدة هو "وجود عراق قادر على الدفاع عن نفسه، وقادر أن يقف على قدميه وقادر أن يحكم نفسه Iraq that can defend itself, sustain itself, and govern itself
وعندما حاصره الصحافيون، بطريقة هي أقرب إلى السجال اللاذع، وقال له بعضهم أن الولايات المتحدة في طريقها إلى تغيير إستراتيجيتها الكاملة في العراق، وليس فقط التكتيك، فأن المتحدث الرسمي أنكر ذلك تماما وظل يكرر نفس الجملة السابقة، بأن هدف بلاده هو وجود عراق قادر على الدفاع عن نفسه والوقوف على قدميه ويحكم نفسه.

هل هذا كلام معقول ومتماسك، وفيه وضوح استراتيجي، أم هو مجرد مضغ كلام وتذاكي ؟

نعم، هو مراوغة وتملص من الإجابة الحقيقية. وإلا، فهل يعقل أن الولايات المتحدة شنت الحرب وفعلت ما فعلت، حتى وصلت الأمور إلى ما عليه الآن داخل العراق، لأنها تريد عراق قويا قادرا على حكم نفسه ؟ إذا كان هذا هو الهدف، فأن الأمر لا يحتاج، إطلاقا، إلى كل ما فعلته الولايات المتحدة. العراق أصبح قويا وقادرا على حكم نفسه والوقوف على قدميه، منذ الأربعينيات من القرن الماضي، أي منذ أصبح لديه جيش قوي ودولة مركزية قوية. بل أن العراق خلال حقبة حكم صدام، كان نموذجيا في امتلاكه هذه المواصفات.

ونعود، ونطرح السؤال نفسه: ما الذي تريده الولايات المتحدة من العراق، وما هو هدفها أو أهدافها النهائية ؟
هل تريد، الولايات المتحدة، قولا وفعلا، (فيما يخص نوعية النظام السياسي) إقامة نظام ديمقراطي، وأن يصبح العراق، كما ذكر الرئيس بوش في كلمته أعلاه، من "الديمقراطيات القوية" في العالم، أم أنها لا تبالي البتة بمن يحكم العراق، حتى لو كانوا خصومها الألداء، الملا عمر وبن لادن، إذا هي ضمنت مصالحها الخاصة ؟
وإذا كان الجواب نعم للديمقراطية، فهل تريد الولايات المتحدة إقامة نظام ديمقراطي، معياره الوحيد صناديق الانتخابات، حتى لو فاز بهذه الانتخابات من يتعوذ من الديمقراطية مثلما يتعوذ من الشيطان الرجيم ؟
هل تريد نظاما ديمقراطيا، يعتمد في أساسه على مبادئ ليبرالية دستورية، كحكم القانون وفصل السلطات وحماية حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية الاجتماع والحرية الدينية وحرية الملكية وحرية التجارة ؟
نعم، لقد نصت المادة 2 في الدستور العراقي على أن "الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساسي للتشريع، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه"، مثلما نصت على أن "لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ولا مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور". ونصت المواد 23 و28 على "صون حرية الإنسان وكرامته"، وتكفل الدولة" حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني"، وتكفل "حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي" ونصت على أن "لكل فرد حرية التفكير والضمير والدين".
وهذا إنجاز كبير لصالح إقامة، ليس النظام الديمقراطي الانتخابي فحسب، وإنما النظام الديمقراطي الذي يعتمد على مبادئ ليبرالية دستورية. فالنص لا يقول لا يجوز سن قانون يتعارض مع "الديمقراطية"، وإنما قال "المبادئ الديمقراطية". وهذا فرق كبير وجوهري. ولم نسمع أو نرى تظاهرات صاخبة نظمها العراقيون ضد وجود هذه الفقرة التي تنص على إقامة نظام ديمقراطي يعتمد المبادئ اللبرالية الدستورية أساسا له. الاعتراض ورد من الأحزاب الدينية السياسية، وليس من عامة الناس. ويقال أن هذا النص الأخير رفضته الأحزاب الدينية الشيعية، لكن القائمة الكردية أصرت ( بإيحاء أو بطلب أميركي ؟ ) على تضمينه.وحسنا فعلت، إذا كان الأمر صحيحا.
لكن، الأمر المحير هو، أن الولايات المتحدة ترى بأم العين كيف تداس، يوميا، هذه النصوص الدستورية، وكيف يتم قمع الحريات الشخصية والعامة وفرض الرأي الواحد، من قبل أحزاب وجماعات، صاغت بنفسها هذه النصوص. والأمر المحير، أيضا، هو أن الولايات المتحدة سمعت والعراقيون سمعوا والرأي العام العالمي سمع، كيف هدد، قبل أيام، رئيس مجلس النواب، الدكتور محمود المشهداني، ومن على منصة الرئاسة، وصفق له بعض أعضاء البرلمان بأنه سيستخدم "القوة" لإبطال مفعول الفقرات الدستورية التي لا تعجبه. إن ما قاله رئيس البرلمان يعد انقلابا مسلحا في وضح النهار ضد الدستور العراقي الذي صوت له ملايين العراقيين، مثلما يعتبر ضربة موجعة للديمقراطية التي تقول الولايات المتحدة، وبإلحاح يصل حد اللجاجة، أنها أحد الأهداف الإستراتيجية الكبرى التي من أجل تحقيقها شنت الحرب وأسقطت نظام صدام. مع ذلك، فما من مسؤول أميركي علق على ما قاله رئيس البرلمان، ومرت هذه السابقة الخطيرة دون أن يدلي أحد في الكونغرس الأميركي، لا من الجمهوريين ولا من الديمقراطيين بتعليق، وكأن رئيس البرلمان العراقي ألقى نكتة، ولم يهدد بتمزيق نصوص الدستور، وتقويض أسس الديمقراطية.

وفيما يخص النظام الإداري، فأن السؤال هو، هل تريد الولايات المتحدة تقسيم العراق إلى ثلاث دول ؟ هل تريد إقامة نظام فيدرالي على أساس مذهبي وعرقي، للشيعة والسنة والكورد ؟ هل تريد نظام فيدرالي إداري لامركزي يشمل المحافظة الواحدة، أو محافظتين في أبعد الحدود ؟ هل تريد بقاء العراق كما هو حاليا ؟ هل تريد بقاء العراق كما هو حاليا، لكن مع وجود فيدرالية كردية فقط ؟ ما من جواب أميركي حاسم وقاطع، يوضح هذه الأمور.
فالمتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض قال:" يوجد في العراق حاليا نقاش مستمر عن الفيدرالية ونحن بالتأكيد ندعم هذا النقاش". ورغم انه قال إن "الفيدرالية هي شيء مختلف كثيرا عن التقسيم"، إلا أنه ذكر أن النقاش الدائر حاليا في العراق عن الفيدرالية، هو جزء من نقاش عقلاني ومستمر حول ما الذي يفيد أكثر من غيره للديمقراطية العراقية".

أي نقاش عقلاني هذا ؟ إنه نقاش دموي، تتصاعد حدته يوما بعد آخر ويتم أحيانا بالسلاح الأبيض.
وهذا الصراع حول أقاليم الوسط والجنوب الشيعية، لا يتم بين العراقيين السنة الرافضين للفيدرالية المذهبية، وبين العراقيين الشيعة، إنما يتم، أيضا، بين الجماعات الشيعية نفسها، التي يفترض أنها منضوية جميعا تحت خيمة الإتلاف الشيعي (قالت وكالة رويترز، ونشرت الصحف ما قالته، بأن رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي، وهو أحد شخصيات حزب الدعوة، "يقر بحجم التهديد" الذي يسبه الاختلاف حول الفيدرالية، وقال أنه سيتخلى عن مشروع الفيدرالية بالكامل إذا أثار مثل ذلك العنف /صحيفة الحياة اللندنية في 28 تشرين الثاني 2006).

إن ما يقوله البيت الأبيض، حول "النقاش العقلاني"، ليس ضحكا على ذقون العراقيين، فحسب، إنما هو أشبه برجل يمضغ علكة وهو يعد أشلاء القتلى.

حسنا، لقد أطرى الرئيس الأميركي في كلمته التي أوردنا نصها أعلاه، على جهود القادة العراقيين في "توحيد بلدهم UNITE THEIR COUNTRY ". و أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في نفس مؤتمره الصحفي الذي أشرنا له، بان الولايات المتحدة ضد تقسيم PARITION العراق. وشدد على أن الرئيس الأميركي بوش "مقتنع بأن تقسيم العراق فكرة لا يجب متابعتها ولا يسعى إلى تحقيقها لأنها لن تكون مفيدة بل ستكون هدامة ... وغير مجدية لان لا أحد يريد أن يعيد خلق وضع البلقان. ففي العراق شعور بالهوية الوطنية. وقد عبر عنها في الانتخابات الأخيرة 12 مليون عراقي. (...) إن تقسيم العراق يحمل في طياته مخاطر نشوب نزاعات مسلحة في الجنوب الشيعي بتحريض من إيران، ومخاطر نشوب نزاعات كبيرة في الشمال بسبب خشية تركيا وسوريا من دولة كردية محتملة، كما يحمل مخاطر قيام الشيعة في الداخل بعمليات حربية ضد الشيعة والأكراد بسبب بقائهم خارج الاستفادة من الثروات الوطنية".

لكن الرئيس بوش سمع، والعراقيون الشيعة سمعوا والعراقيون السنة سمعوا، والتركمان سمعوا، وسوريا وتركيا سمعتا ما قاله الزعيم الكردي مسعود البرزاني، قبل شهر، حول طموح وحق الأكراد بإقامة دولة مستقلة لهم، وإنهم سيقيمون دولتهم المستقلة متى ما أرادوا ذلك.
ومرة ثانية، لم يعلق المسؤولون الأميركيون بأي شئ حول ذلك. ولأن العراقيين يقولون في أمثالهم "السكوت من الرضا"، فأن المتخوفين من تقسيم العراق فسروا الصمت الأميركي كعلامة موافقة على تقسيم العراق.
والرئيس بوش ومن معه من مسؤولين أميركيين يعرفون أن هناك جهات متطرفة في الجانب الشيعي وفي الجانب السني تريد أن تدفع الأمور إلى نشوب حرب أهلية، لأن هذا الطريق، في رأيها، هو الوحيد الذي سيقود إلى تقسيم العراق وظهور دويلات، ستتحول تدريجيا، من "أمر واقع" إلى دول تحظى باعتراف دولي. وهذه الجهات لا تتردد من ذكر التجربة الكردية، رغم أنها تعرف جيدا، أن التجربة الكردية تختلف جذريا عن ما تريده هي. والذي يشجع هذه الجهات في السير إلى تحقيق ما تريد هو، صمت الولايات المتحدة، وعدم إعلانها، بشكل قاطع، أن التجربة الكردية هي ذات خصوصية، وأن ما يصلح لكردستان العراق لا يصح، بالضرورة، على المناطق الأخرى العربية في العراق.

يتبع

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف