كتَّاب إيلاف

عن ندوة الأكاديميين العراقيين في فيينا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بدعوة من جمعية الأكاديميين العراقيين في النمسا، عقدت ندوة ثقافية (فكرية وشعرية) رائعة مساء السبت 25 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حضرها جمهور من العراقيات والعراقيين وأصدقائهم، الغرض منها مناقشة القضية العراقية واستشفاف مستقبل العراق وهو يمر في أشد مراحل التاريخ ألماً وعربدة.

والجميل في هذه الندوة أنها عقدت في إحدى قاعات السفارة العراقية في العاصمة النمساوية، فيينا، وبرعاية السيد سفير الجمهورية العراقية الأستاذ طارق عقراوي. لا شك أن لمكان عقد الندوة وبرعاية السيد السفير دلالة تاريخية يجب أن تذكر، حيث تؤكد حكمة التاريخ القائلة أنه ( يمهل ولا يهمل). فهذه السفارة، كغيرها من السفارات العراقية، لم تكن سفارة في عهد نظام البعث بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ لم تكن هيئة دبلوماسية تمثل شعب وحكومة العراق في الخارج، بل كانت امتداداً لعصابات البعث البلطجية المافيوزية، هدفها ملاحقة المعارضة العراقية آنذاك ومطاردتهم وحتى قتلهم في الخارج. ولذلك، وكما قالت الشاعرة العراقية المبدعة بلقيس حميد حسن في مقدمة حصتها الشعرية، أن بحضورها في السفارة العراقية لأول مرة في حياتها، تأكدت من سقوط نظام القتلة، حيث كان مجرد اسم السفارة العراقية يثير في نفسها الخوف والهلع لأنه مرتبط في مخيلتها بمقرات الاستخبارات البعثية "دولة المنظمة السرية" وأن كلمة (السفارة) مرادفة لفرق الموت وغرف التعذيب وعصابات الاختطاف والاضطهاد، وأنها لأول مرة تشعر أن عهد صدام المرعب قد ولى إلى غير رجعة. طبعاً كلنا نشارك الشاعرة بهذا الشعور. ليس هذا فحسب، بل وأن يشارك السفير نفسه في هذه الندوة من أولها إلى آخر لحظة منها مع عائلته الكريمة كغيرهم في التعليق والنقاش، ويشعر العراقيون لأول مرة أن السفير هو فعلاً واحد منهم، وأن السفارة هي حقاً سفارتهم، الأمر الذي عمق الشعور بالانتماء إلى الوطن الغالي وأوضح بشكل جلي مدى حجم التغيير في وضع العراق.

أدار الندوة الدكتور عادل كامل الشيخلي الذي رحب بالحضور وقدم السيد السفير الأستاذ طارق عقراوي للإلقاء كلمة الافتتاح والتي عبر فيها عن سروره بعقد الندوة في السفارة مرحباً بالجمهور الكريم، منوهاً عن معاناة شعبنا في الداخل ودعاهم للوقوف دقيقة واحدة حداداً على أرواح شهداء شعبنا، ضحايا إرهاب الفاشية البعثية، سواءً عندما كانوا في السلطة أو خارجها في الوقت الراهن، مشجعاً عقد مثل هذه الندوات الثقافية، مؤكداً على أن السفارة هي سفارتهم وبابها مفتوح لهم في أي وقت. ثم تلته كلمة رئيس جمعية الأكاديميين العراقيين في النمسا، الدكتور ناظم الجواهري، ثم كلمة الجمعية باللغة الكردية التي قدمها عضو الجمعية الأستاذ عبدالله زنكنة، وبعدها قدم الأخ مدير الندوة المحاضرين، على النحو التالي:
1-د. عبدالخالق حسين، تحدث عن المشروع الديمقراطي في العراق والوضع الراهن،
2-الدكتور العميد سعد العبيدي، عن دور القطاع العسكري في حل الأزمة السياسية الراهنة،
3-د. أحمد أبو مطر، الكاتب الفلسطيني وصديق شعبنا الصدوق الذي أختار أن يسبح ضد التيار، فبدلاً من الوقوف إلى جانب جلاد شعبنا كما يعمل معظم الفلسطينيين مع الأسف الشديد، قرر الوقوف إلى جانب شعبنا وضد الجلاد. وتمحورت مداخلته على (سقوط دكتاتور/ والحكم بالإعدام على الطاغية ضرورة تاريخية..).
4-د. قاسم العكايشي، تحدث عن بناء الإنسان في دولة المواطنة الحقيقية، والذي أكد أن بناء العراق الجديد لا يتم إلا ببناء الإنسان العراقي نحو الاحتراف والإدارة.
5- الأستاذ حسين علي باوه، الذي قدم بحثاً وافياً عن (العراق في مفترق الطرق بين الفيدرالية والحكم المركزي).
ثم فتح المجال للحضور بمداخلاتهم واستفساراتهم والتي كانت غنية ومكملة لما قدمه المحاضرون، فكان حقاً نموذجاً رائعاً للسجال الديمقراطي واحترام الآراء المختلفة، والكل هاجسهم العراق وسلامة شعبه ومستقبله.

وبعد فترة الاستراحة، بدأت الأمسية الشعرية للشاعرة المبدعة بلقيس حميد حسن، والتي أدارتها الدكتورة سوزان الجواهري التي قدمت نبذة عن حياة الشاعرة. ثم بدأت السيدة بلقيس بمقدمة عن تجربتها الشعرية وحياتها العائلية، حيث نشأت في عائلة تتعاطى الشعر والأدب حتى صار الشعر وراثة تنتقل مع الجينات، وحبها الجارف للشعر وحافظتها القوية على حفظ القصائد وتفوقها في مجال الأدب العربي ونيلها جوائز تقديرية، سواء إثناء الدراسة أو بعدها. وقد تألقت الشاعرة بإلقاء مجموعة من قصائدها المؤثرة التي فجرت بها دموع البعض من الحضور وخاصة السيدات. وكان الحضور يمثل تمثيلاً حقيقياً لشعبنا العراقي، إذ كان يضم ممثلين عن جميع مكوناته دون استثناء، تجمعهم روح التآلف والتآخي وحب العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد.
كانت بحق ندوة فكرية قيمة وأمسية شعرية رائعة، وليلة لقاء العراقيين وأصدقائهم تذكرهم بالعراق الحقيقي، عراق المحبة والأخوة والتآلف وليس عراق الطائفية والمفخخات والتفجيرات والمليشيات.
وشكراً لجميع الأخوة في جمعية الأكاديميين العراقيين في النمسا وعائلاتهم الكريمة على جهودهم في عقد هكذا ندوة رائعة لجمع شمل العراقيين في منافيهم، الذين حرموا من العيش في العراق ولكن حرصوا على إبقاء العراق يعيش فيهم وهاجسهم الرئيسي.

ملاحظة: سينشر الكاتب لاحقاً مداخلته في الندوة بمقال بعنوان: (المشروع الديمقراطي والوضع الراهن في العراق)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف