حوزة قم الدينية تتبنى تدريس مناهج الشعوبية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من حق أي شعب أن يعتز بعظمائه و يحيي ذكراهم، وهذا ربما يكون اقل ما يقدمه الشعب لأبنائه الذين ساهموا في صنع حضارته وبنوا أمجاده وعززوا مكانته بين الأمم والشعوب الأخرى. ولا اعتراض على ذلك أبدا خصوصا إذا ما كان الشخص المحتفى به قدم إنجازات تتلاءم مع الخلق والمبدئي التي يؤمن بها شعبه. أما إذا كان غير ذلك فمن المؤكد أنه لا يستحق الاحتفاء به بل العكس فمن الأولى أن يطمر ذكره كي لا يكون عارا على شعبه إذا كان هذا الشعب متمسك فعلا بالقيم الإنسانية والدينية ويحترم الشعوب والأمم الأخرى ويقدر خصوصياتها الثقافية والدينية.
إلا أن ما هو ملاحظ في إيران فهو غير ذلك تماما فان الشعوبيين قد تجاوزوا هذه القاعدة وضربوا كل القيم الأخلاقية والإنسانية فضلا عن القيم الإسلامية بعرض الحائط وذلك بتمسكهم بعنصريتهم المقيتة وجاهليتهم الرعناء التي كانت و لا تزال معشعشة في رؤؤسهم وصدورهم والتي منفكت وهي تقطر حقدا على الآخرين ومنهم المسلمون العرب تحديدا. حيث يجد المتتبع للشأن الإيراني أن طليعة هذه المجتمع هي الأكثر شعوبية من غيرها تجاه العرب فالعنصرية تملوا كتبهم الفكرية و الأدبية وحتى الدينية. والغريب في أمر هؤلاء إن ثقافة العداء التي يحملها كبار مثقفيهم لهي أعظم بمرات من تلك التي يحمله جهالهم. فكل ما تدّرج احدهم في منصب سياسي أو علمي ثقافي أو ديني ازدادت معه روح العنصرية والحقد على كل ما هو عربي و إسلامي. فما على من يريد التأكد من ذلك إلا أن يراجع إنجازات مشاهيرهم في مجال الشعر و الأدب والفقه والسياسة و الإعلام وغيرها حتى يكتشف بنفسه مدى صحة هذا الأمر. وهنا سوف نقدم جزء يسيرا من تلك النماذج علها تغني عن الكثير من الكلام في هذا الموضوع.
الكل يعرف ان الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي هو خريج الحوزة العلمية و يحمل شهادة الدكتوراء في الثقافة وصاحب مشروع " حوار الحضارات " كثيرا ما ناقض مبادئ صفته هذه وأدلى بتصريحات تنم بوضوح عن شعوبيته. ومن بين هذه التصريحات الاستفزازية ما صرح به في ميناء بندر عباس أوائل شباط 2000 حيث قال : ان الخليج فارسي كان وسيبقى إلى الأبد، وان هذه الصفة حقـيقة تاريخية هي الماضي المجيد لهذا " الشعب العظيم "(حسب زعمه). رغم علمه ان هذه التسمية صفة غير علمية ولا شرعية لها و هي تنم عن شعور قومي متطرف ومعادي لحقوق الآخرين.
وقد الحق خاتمي تصريحه هذا بتصريح شعوبي آخر وذلك أثناء اجتماعه بالجالية الإيرانية في أمريكا خلال حضوره احتفالات الألفية الثانية التي أقيمت في نيويوك بدعوة من الأمم المتحدة. حيث صرح خاتمي آنذاك قائلا " نفخر نحن الإيرانيون بأننا قبلنا الإسلام ورفضنا العربية ". وقد يكون هذا أمر طبيعي وحق مشروع لو انه قال إننا قبلنا الإسلام و رفضنا العروبة. إلا انه تحدث عن رفض العربية وهذا ما يؤدي إلى طرح العديد من التساؤلات. خصوصا وان رجل دين ودولة و مثقف كالدكتور خاتمي لا يمكن ان تكون هذه الكلمة بالنسبة له مجرد زلة لسان وان كانت فهي مصداق للمثل القائل " ما يضمره القلب تظهره زلات اللسان".
علما ان النبرة الشعوبية المتطرفة في تصريحات السيد خاتمي لم تقـف عند هذا الحد وحسب بل انه ذهب إلى ابعد من ذلك.ففي محاضرة له حول (جمالية) اللغة الفارسية ألقاها في المركز الثقافي الإيراني في مدينة دوشنبه الطاجيكية في أوائل مايو آيار عام 2003م. فـبعد الإشادة المستفيضة باللغة الفارسية قال خاتمي : ان الفضل يعود لحكيم الشعراء وشاعر الحكماء ابو القاسم الفردوسي الذي حفظا لنا اللغة الفارسية من الضياع بعد الفتح الإسلامي . !!.
الفردوسي الذي وصفه خاتمي بالحكيم وتباه بإنجازه " ملحمة الشاهنامة الأسطورية " والتي تخلوا من الشاعرية، قال عنه المؤرخ الإيراني الشهير و المنصف " ناصر بور بيرار" مايلي: هناك أدلة جلية جدا تقول انه كانت توجد مجموعة لكتابة الشاهنامة انشغلت بهذا الأمر لمدة 40 سنة. فقد بدأوا في عهد الساسانيين واستمر الأمر حتي عهد السلطان محمود الغزنوي (من القرن 3 إلي القرن الرابع الهجري) وقد انشد الشاعر دقيقي قسما من الشاهنامة. ونحن نعلم ان 6 أشخاص كانوا منشغلين بإنشاد الشاهنامة في نفس الفترة وفي منطقة محددة من خراسان، فهؤلاء هم أصحاب الشاهنامة وليس الشاعر فردوسي الذي كان يتلقي راتبه من الشعوبيين لينشد شعرا يلبي ميولهم ونزعاتهم وقصصهم وأمالهم وأهدافهم. الفردوسي ليس إلا منشدا للشاهنامة وان فكرتها تتعلق بمجموعة سياسية هي الشعوبية. وقد ذكرت كل هذه الوثائق نقلا عن الفردوسي نفسه، فهو يؤكد في مقدمة كافة قصصه إنها لا تمثل رأيه وان فلانا وفلانا ذكر لي القصة لانشدها شعرا. أن الفردوسي كان يرتزق من إنشاد الشعر، وعندما انتهي من إنشاد الشاهنامة تزامن ذلك مع سحق الحركة الشعوبية وقمعها حيث لم يكن احد ليدفع له أجرة كتابة الشاهنامة. لذلك فقد وجه السب والشتم للذين كلفوه بإنشاد الشاهنامة لأنه اخذ يعاني من ضيق العيش، وهو يتحدث بصراحة عن النقود التي لم تدفع له إزاء كتابة الشاهنامة. ( لقاء صحيفة الزمان عدد 13/2/2002م).
الحركة الشعوبية التي ماتزال تعمل جاهدة لإبقاء فكرها حي في العقيدة الدينية والوطنية الإيرانية تمكنت من تحقيق أنجاز جديد لها في هذا الشأن حيث استطاعت مؤخرا في إقناع المؤسسة الدينية الإيرانية المسمات بالحوزة العلمية بتبني الملحمة الشعرية الشعوبية "الشاهنامة " لإعطائها صبغة مقدسة مثلما سبق واستطاعت ان تضفي صبغة إسلامية على عيد النوروز المجوسي من خلال خلق عدة رواية منسوبة إلى النبي (ص) والى أهل بيته تمجد النوروز وتعده من أفضل أيام الدنيا. وذلك تمهيدا لضمه إلى مجموعة الكتب العقائدية التي تدرس في الحوزة العلمية.
وكمقدمة لهذه الخطوة فقد قام المكتب الإعلامي للحوزة العلمية في مدينة قم مؤخرا بطبع كتاب الشاهنامه على قرص ليزري (سي دي) مدته ساعتين تضمنته ترجمة له باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية مع نبذة تاريخية عن حياة الفردوسي وصور عن قبره المشيد في مدينة مشهد في إقليم خراسان. وقد قامت بإنتاج هذا العمل الضخم "مؤسسة نور" التابعة للمكتب الإعلامي في الحوزة العلمية.
من المؤكد أن عمل بهذه الضخامة والذي صرفت له أموال طائلة اقتطعت من حقوق الفقراء التي تجبا باسم الخمس، وغيرها من المسميات الأخرى التي ابتدعتها الحوزة الدينية، لم يكن الهدف منه مجرد التعريف بكتاب "أدبي" مضى على تأليفه ألف عام و يخالف بكل حرف من حرفه الدين الإسلامي والقيم الأخلاقية.
وهنا يأتي السؤال، هل ديوان الشاهنامه كتاب عقائدي أو فقهي مثلا، لكي تقوم الحوزة العلمية الدينية بصرف الملايين أو ربما المليارات من التومانات على إنتاجه وتوزيعه بالمجان عن طريق المراكز الثقافية والسفارات الإيرانية المنتشرة في أكثر من مئة وعشرين بلدا من بلدان العالم؟.
ترى ما هي الخدمة التي تقدمها الحوزة الدينية للإسلام ولسيرة أهل البيت عليهم السلام من خلال تبنيها و نشرها للشاهنامه الذي ملئه سب وشتم للعرب الذين كانوا أصحاب الفضل بإيصال رسالة الإسلامية إلى ايران ؟.
ثم ما هي الخدمة التي يمكن أن تقدمها الحوزة العلمية والتي يفترض إنها مؤسسة دينية على طريق التقارب بين الثقافة الفارسية والعربية من خلال نشرها لهذا الديوان ألشتائمي ؟.
أسئلة ربما نجد له جواب عند المستميتين بالدفاع عن فكر الحركة الشعوبية هؤلاء التبّع الذين مازالوا يعيشون في لجج الطائفية المقيتة.
كاتب المقالرئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي