كتَّاب إيلاف

تعقيباً على مقال أحمد صبري السيد علي (1/2)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أشكر السيد أحمد صبري على مداخلته التي أتاحت لي الفرصة لتوضيح بعض النقاط التي كنت قد اختصرتها نسبةً لضيق وقتي ولضيق المساحة المتاحة في المواقع التي نكتب فيها. وأرجو أن يسمح لي القارئ والناشر بأن أطيل في هذا التعقيب الذي سوف يمتد إلى حلقتين. كنت أتمنى لو أن الكاتب قد التزم قواعد الحوار المتمدن وامتنع عن استعمال الكلمات النابية التي لا تزيد من قيمة رده، بل بالعكس تقلل منها. فهو قد بدأ رده بالآتي: ( لا يبدو مقال كامل النجار أكثر من كونه مجرد محاولة للدخول في مشاجرة كلامية مع المؤمنين بالأديان على غرار مناظرات متكلمي العصور الوسطى مع فارق أساسي حيث تميز متكلمي هذه العصور - التي ربما يصفها البعض انطلاقاً من عجرفتهم الحضارية والعلمية بأنها متخلفة) انتهى. أولاً أنا لم أقصد من مقالي الدخول في مشاجرة مع أي أحد، لا من العصور الوسطى ولا من عصرنا هذا. فإذا كان السيد أحمد صبري يرى أن المقال ما هو إلا محاولة للدخول في مشاجرة معهم، كيف سمح لنفسه بأن ينجر إلى هذه المشاجرة؟ أما كان الأحرى به أن يتفادى الرد حتى لا يشغل نفسه بمشاجرة لا تفيد؟ ولكن يبدو أنه من هواة المشاجرات إذ أنه بدأ رده بالهجوم على شخصي فقال إن عجرفتنا الحضارية والفكرية جعلتنا نصف أهل العصور الوسطى بالتخلف. وطبعاً أهل العصور الوسطى بالمقارنة مع الذين سبقوهم كانوا عصراً متنوراً، ولكن بالنسبة لعصرنا هذا فهم لا شك متأخرون، ولا أرى أي عجرفة في إثبات هذه الحقيقة التي تشهد عليها أدبياتنا وعلومنا وتكنولوجيتنا المتقدمة التي سمحت للسيد أحمد صبري أن يرد على مقالي ويقرأ رده ألآف الأشخاص من كل القارات الأرضية.

ثم أدلى السيد أحمد صبري بفقرة كاملة عجزت عن فهم ما يرمي إليه منها، فهو يقول: (فيما يلاحظ أن كامل النجار لا يتكلف حتى محاولة التظاهر بالاعتماد على أي ثقافة خاصة بالأديان التي تناولها في مقالة، متجاوزاً هذه المشكلة باستخدام بعض مواقف اختارها بشكل انتقائي ملحوظ، وحتى دون الإشارة إلى ارتباطها بخلفيات وواقع اجتماعي ضاغط لم يلتفت هو إليه.) انتهى. فإذا فهم أحد القراء ما يرمي إليه السيد أحمد صبري، أرجو أن يفيدني في تعقيبات القراء. ويقول السيد أحمد: (مع بدايات المقال يعلن كامل النجار بشكل صريح أن مشكلته هي (دين أو لا دين) وهو في هذا الإطار يرغب في أن تشمل ضرباته الأديان المصطلح عليها بكونها سماوية فلا يجد غضاضة في جمعها داخل إطار واحد بغض النظر عن اختلاف خلفيات النشأة الاجتماعية والحضارية والبيئية وحتى التطور التاريخي والعقائدي لها، ويتحدث عنها كشيء واحد يجب أن يكون متشابهاً حتى في تفاصيل حياة مؤسسيه) انتهى. وأنا قد كررت مراراً أني لا أؤمن بالأديان وليس هناك أي سبب منطقي يجعل أي شخص متعلم يؤمن بالأديان. فالأديان التي يقول عنها إنها سماوية، أتت كلها في فترة ساد فيها الجهل ونزلت على مجموعات من البشر كانت في آخر قائمة الحضارة في ذلك الوقت. وليس لدينا إطلاقاً ما يُثبت أنها أديان سماوية، إنما هو اصطلاح أطلقه رجال الدين أنفسهم لجعل أديانهم تعلو على ما غيرها. وكوني لا أجد غضاضة في جمعها تحت سقف واحد فيرجع هذا إلى أنها فعلاً دين واحد. فلو قرأ السيد أحمد كتابي (التشابه والاختلاف بين اليهودية والإسلام) لوجد أن الإسلام لا يعدو أن يكون نسخة طبق الأصل من اليهودية في الوصايا العشرة، وفي الفقه والأحكام الجنائية والمالية. الفرق بينهما لا يتعدى واحد بالمائة ويدور هذا الاختلاف حول شروط النكاح والطلاق والميراث والحج. وكل هذه الأشياء أخذها الإسلام من عرب الجاهلية الذين عرفوا الحج والعمرة والطلاق بالثلاث والمحلل وما إلى ذلك، وربما تعلمها عرب الجاهلية من جيرانهم اليهود الذين تعاملوا معهم تجارياً. فاليهودية والإسلام دين واحد. أما المسيحية فهي باعتراف الأناجيل نفسها إنما جاءت لإكمال اليهودية، وأن الله أرسل عيسى إلى خراف إسرائيل الضالة. والعهد القديم الذي هو التوراة يكوّن جزءاً من الإنجيل. أفليس لي الحق بعد هذا أن أعامل الأديان الثلاثة على أساس أنها دين واحد؟ أما خلفيات النشأة التي يتحدث عنها السيد أحمد صبري، فليست ذات قيمة فعلية إذ أن النشأة للأديان الثلاثة كانت متشابة في أنها نزلت في منطقة جغرافية صغيرة محدودة لا تمثل من العالم المعروف يومها إلا جزءاً يسيراً جداً. ونزلت اليهودية عندما كان بنو إسرائل تائهين في صحراء سيناء ويعيشون في الخيام. ونزلت المسيحية في نفس المنطقة رغم أنها كانت وقتها تحت سيطرة الرومان المتقدمين حضارياً على سكان تلك البقعة من الأرض. ولم يأت عيسى روسولاً إلى الرومان المتحضرين نسبياً وإنما أتى إلى خراف إسرائيل الضالة. أما الإسلام فلم يأت لشمال الجزيرة الذي كان ينعم بحضارة وارفة في ذلك الوقت وكانت به جامعة من أول الجامعات التي عرفها الإنسان، في القسطنطينية، ولم يأت إلى الفرس الذين كانت حضارتهم مضرب الأمثال العربية وكان النبي يقص عنها القصص إلى أهل مكة، وإنما جاء الإسلام إلى البدو الذين قال عنهم الله (إنما الأعراب أشد كفراً ونفاقاً). فليس هناك أي اختلاف في خلفيات الأديان الثلاثة. ونسبةً إلى صغر المساحة الجغرافية التي نزلت فيها الأديان الثلاثة كان من السهل عليهم الاقتباس من بعض.

ثم يقول السيد أحمد: (في الجزء الأول من مقاله يطلق كامل النجار قاعدتين حتميتين، الأولى: أن التفسير الحقيقي لكل دين يكمن في الآراء والتصرفات التي يقوم بها المتشددون من أتباعه ولا شيء آخر. الثانية : أن الأديان لا تنتشر إلا في الأوساط الجاهلة أو غير المثقفة. ومع ما في هاتين الحتميتين من استعلاء ومحاولة لاحتكار مفاهيم كالثقافة في نطاق الرافضين للأديان، فإن كامل النجار لم يسع لتوضيح أي خلفيات لهذه الأحكام التي أطلقها بشكل دعائي وساخط) انتهى. وكان حرياً بالسيد أحمد صبري أن يلتزم الأمانة العلمية فيما ينقل إلى القارئ. فأنا لم أقل إن التفسير الحقيقي للدين يكمن في آراء المتشددين، وإنما قلت (أصدر مجلس الحاخامات) ومجلس الحاخامات في إسرائيل يجمع كل الحاخامات كما يجمع الأزهر جل رجالات الدين السني. فمجلس الحاخامات لا يمثل المتشددين وإنما يمثل الرأي الديني اليهودي المتفق عليه. ثم أن قول هؤلاء الحاخامات ليس رأيهم الخاص وإنما هو آيات بعينها من التوراة تحث موسى وأتباعه على قتل النساء والأطفال وحتى الحيوانات وحرق القرى وتدميرها. وكنت قد ذكرت نص هذه الآيات في عدة مقالات سابقة ولا داعي لتكرارها. فالقول الذي يقول به الغالبية من رجالات أي دين لا بد أن يكون هو المفهوم السائد عن ذلك الدين. وأما النقطة الثانية التي تقول إن الأديان لا تنتشر إلا في الأوساط الجاهلة، فهو الحقيقة بعينها، وإذا نظرنا إلى الأماكن التي تسود فيها الأديان نجد أن جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية لهم نصيب الأسد من المتدينين. ولا يرجع هذا إلى أن سكان تلك البقاع لهم طبيعة تحتلف عن طبيعة سكان القارة الأوربية، ولذلك اعتنقوا الأديان، إنما يرجع إلى جهلهم وتفشي الأمية بينهم واعتمادهم على السحر والشعوذة في تفسير ما يحيط بهم من ظواهر طبيعية وأمراض. وقد أثبت هنتسبيرغر وبراون (Huntesburger amp; Brown) في دراسة قاما بها بين طلاب جامعات في إستراليا، أن وجود اتجاهات ثقافية تدفع المشتركين في الدراسة إلى نقاش غيرهم أو بعضهم نقاشاً علمياً، تزيد احتمال تخلي مثل هؤلاء عن الأفكار الدينية.(ٌRobert Hinde, Why Gods Persist, p.65). فالمتعلمين الذين لا يناقشون غيرهم في أفكارهم يستبعد أن يغيروا من معتقداتهم ويمسكون بما شبوا عليه. فما بال الجهلاء والأميين؟ وعدد الأشخاص الذين لا يعتقدون بأي دين يصل اليوم إلى 211 مليون شخص كلهم تقريباً في أوربا. وأن 40 بالمائة من سكان إنكلترا يقولون أنهم لا دين لهم. ألا يدل هذا على أن الجهل والدين توأمان؟

ثم ينتقل السيد أحمد صبري إلى الفتاوى فيقول: (في حتميته الأولى يتساءل كامل النجار عن الكيفية التي يمكن بها تبرير الفتاوى المتشددة لرجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود قضوا كل عمرهم في الدراسات الدينية بما لا يمكن معه اتهامهم بالقصور في فهم النص المقدس، ومع وجاهة سؤاله فإنه لم يطرح تساؤل مقابل حول الفتاوى غير المتشددة والتي يطرحها علماء قضوا أعمارهم في الدراسات الدينية بما لا يمكن معه اتهامهم بالقصور في فهم النص المقدس!!) انتهى. وكنت أتمنى لو أن السيد أحمد صبري كان قد قدم لنا نموذجاً من الفتاوى غير المتشددة هذه. فحتى إذا كانت هناك فتاوى غير متشددة فهي لا شك تمثل جزءاً يسيراً جداً من مجموع الفتاوى منذ أن بدأ عهد الفتاوى الإسلامية. فأنا قد اطلعت على كتاب (فتاوى الأزهر لمئة عام، دار الإفتاء المصرية) ولم أجد طوال المئة عام ولا فتوى واحدة يمكن أن نصفها بأنها غير متشددة. وفي الشهور القليلة الماضية أفتى شيوخ الأزهر ضد المسيحيين وضد البهائيين وضد اليهود وضد الشيعة. وأفتى الشيعة ضد السنة. وأفتى الوهابيون في السعودية ضد الشيعة وضد المسيحيين وضد البهائيين. فأين هذه الفتاوى غير المتشددة؟ ثم حتى إذا افترضنا وجود فتاوى غير متشددة، فهذا يدل على أن النص الديني من الغموض بحيث يمكن تفسيرة عدة تفاسير تناسب فهم رجالات الدين. ولكن إذا كانت الأديان من عند الله فإن الله لا بد كان يعلم أن رجالات الدين سوف يختلفون في تفسير النصوص، فلماذا أنزل نصوصاً قابلة للتأويل، بينما يصر رجالات القانون والدساتير على جعل النص القانوني واضحاً لا يقبل التأويل. هل رجالات القانون أذكى من الله في منع الاختلاف والتأويل؟ لا أظن ذلك. والجواب المنطقي لهذه الأسئلة هو أن الأديان ليست من عند الله.

ثم ينتقل السيد أحمد صبري إلى تبرير فتاوى القرضاوي والقول بعدم مقارنتها مع فتاوى الحاخامات فيقول: (ويبدو من المثير للغرابة فعلاً أن يضع كامل النجار فتوى حاخامات الضفة الغربية بمشروعية قتل الأطفال في لبنان في نفس مستوى فتوى الشيخ القرضاوي بحلية العمليات الاستشهادية في فلسطين والتي صاغها هو على أنها فتوى بحلية قتل اليهود في فلسطين بحيث يبدو اليهود كأقلية مستضعفة وليس كمجموعة بشرية مُستَعمرة لأراض تم طرد سكانها وقتلهم، وعلى الرغم من أنني لست من المعجبين بالشيخ القرضاوي، فإنني مضطر بكل أسف للانحياز إليه حيث أجد للمرة الأولى أن هناك موقفاً سلفياً أكثر عدلاً ومعقولية من مواقف أخرى، واتساءل بالنسبة لكامل النجار عن الكيفية التي يقترحها على الفلسطينيين كي يتمكنوا من استعادة حقوقهم الإنسانية مع حصار العالم العلماني الغربي لهم وتأييده المطلق للكيان الصهيوني، وأرجو فعلاً ألا تكون أفكار كدعوات الحوار والسلام هي ما يشير إليها كامل النجار كما يبدو من مقاله حيث لا يصبح الأمر مثيراً للاستغراب فقط وإنما مثير للسخرية كذلك) انتهى.
وعلينا أولاً أن ننظر إلى فتوى القرضاوي التي تقول: (أن المجتمع الإسرائيلي له خصوصية تميزه عن غيره من سائر المجتمعات البشرية، فهو - بالنسبة لأهل فلسطين - (مجتمع غزاة) قدموا من خارج المنطقة - من روسيا أو من أمريكا، أو من أوربا أو من بلاد الشرق- ليحتلوا وطنا ليس لهم، ويطردوا شعبه منه، أي ليحتلوا فلسطين ويستعمروها، ويطردوا أهلها، ويخرجوهم من ديارهم بالإرهاب المسلح، ويشتتوهم في آفاق الأرض، ويحلو محلهم في ديارهم، وأموالهم. ومن حق المغزو أن يحارب غزاته بكل ما يستطيع من وسائل، ليخرجهم من داره، ويردهم إلى ديارهم التي جاءوا منها، ولا عليه أن يصيب دفاعه رجالهم أو نساءهم، كبارهم أو صغارهم، فهذا الجهاد جهاد اضطرار كما يسميه الفقهاء لا جهاد اختيار، جهاد دفع لا جهاد طلب. ومن سقط من الأطفال والبرآء فليس مقصودا، إنما سقط تبعا لا قصدا، ولضرورة الحرب..... أما شبهة إصابة المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال والموظفين والعمال وغيرهم من طبقات المجتمع المدني، ممن لا يحملون السلاح. فقد رددنا على هذه الشبهة بما يبطلها فيما مضى، وأن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري كله، وأنه مجتمع من الغزاة... إلخ، فليراجع ما كتبناه. وبالنسبة للأطفال، نرى الاستشهاديين لا يتعمدون قتل الأطفال، ولا يقصدون ذلك أصلا، ولكن هذا يأتي تبعا، وبحكم الضرورة التي لا يمكن تخطيها. ومن المعلوم: أن للضرورات أحكامها، التي بها تباح المحظورات، وتسقط الواجبات.) انتهى. فهل تختلف هذه الفتوى عن فتاوى مجلس الحاخامات الذين قالوا إنه يجوز قتل الأطفال والنساء؟ ثم هل يختلف وضع اليهود في فلسطين الذين وعدهم الله الأرض المقدسة إلى قيام الساعة، كما تقول التوراة وكما يقول القرآن، عن وضع المسلمين الذين احتلوا إسبانيا وأجبروا أهلها على الفرار إلى الشمال الجبلي المتاخم حدود فرنسا؟ أفلم يكن هؤلاء العرب المسلمون الذين أتوا من اليمن والحجاز والمغرب ليطردوا الإسبان من بيوتهم وقراهم، غزاةً كحال اليهود اليوم، مع العلم أن الله لم يعد المسلمين إسبانيا كما وعد اليهود الأرض المقدسة؟ ويتساءل السيد أحمد عن الكيفية التي يقترحها كامل النجار على الفلسطينيين كي يتمكنوا من استعادة حقوقهم. وأقول له إن الكيفية بكل بساطة هي الطريق التي اتخذها أنور السادات، أي المفاوضات والمقاومة السلمية كما فعل غاندي. فإذا استطاع غاندي أن يهزم الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس دون أن يرمي حجراً، فإن الفلسطينيين قادرون على كسب الرأي العام العالمي الذي يستطيع أن يجبر أمريكا على اتخاذ موقف محايد في القضية. وقد ظل الفلسطينيون والعرب عامة يقاتلون منذ عام 1948، فماذا انجزوا من حروبهم غير دمارهم وفقدان أراضي أخرى لم تكن محتلة من قبل؟ وقد قام الفلسطينيون بثلاث انتفاضات فقدوا فيها آلاف القتلى وقادت إلى إعادة احتلال غزة والضفة الغربية. فهل أفادتهم انتفاضاتهم وتفجيراتهم شيئاً بالإضافة إلى أنها افقدتهم التعاطف العالمي الذي كانوا يحظون به بعد أوسلو. ويقول السيد أحمد إنه يرجو ألا يكون رد النجار دعوات إلى الحوار والسلام لأن ذلك يدعو إلى السخرية. فإذا أراد السيد أحمد صبري أن يسخر مني فليسخر ولن يضيرني ذلك لأني أعلم أن الحوار هو الطريق الوحيد الذي سوف يقود الفلسطينيين إلى مبتغاهم.

ثم يقول السيد أحمد صبري: ( إن ما يسعى كامل النجار للتأكيد عليه بشكل غير مباشر هو أن الحضارة الغربية العلمانية هما فقط ما يمكن أن يطلق عليهما مصطلح حضارة وثقافة بالمعنى الحقيقي مستدلاً على العنف الذي اتسمت به حركة تطور وصعود كل دين وما يشهده العالم الآن من عنف في الشرق الأوسط باسم الدين الإسلامي، وهنا يجب أن نشير إلى أنه لا فارق جوهري بين القتل باسم الدين على يد جماعات مسلحة وبين القتل باسم الديمقراطية والعلمانية على يد دولة كبرى تستغل هذه التعبيرات لفرض مشروع احتكارها للنفوذ والثروات على العالم بالقوة) انتهى. وأنا لم أقل إن هناك فرقاً جوهرياً بين القتل باسم الدين أو باسم السياسة، فالحرب هي الحرب والدمار. ولكن عندما يتخذ السياسي قراراً بشن حرب على دولة أخرى، يستطيع مواطنوه أن ينتقدوا قرارة ويعترضوا عليه، وقد يضطرون السياسي إلى الإستقالة أو إلى فقدان مقعده في الانتخابات. والحرب السياسية معروف أنها لأسباب زيادة مصالح بلد معين أو زعيم معين، إنما الحرب باسم الدين، وخاصة الدين الإسلامي فهي حرب مقدسة باسم الله. ومن من المسلمين يستطيع أن ينتقد ما قرره الله وأجازه. ثم أن الحرب السياسية هي وسيلة لتصفية حسابات بين دولتين أو أكثر بنهم مشاكل لم تنجح معها الوسائل الأخرى، فهل الحروب الدينية بين اتباع الديانات المختلفة تحدث لأن الله لم يجد وسيلة أخرى يصل بها إلى هدفه، وهو اعتناق أكبر عدد ممكن من الناس للدين الجديد؟ أليس في مقدوره أن يجعلهم يعتنقون الدين الجديد بالاقناع بدل الحرب؟ فأي إله هذا الذي يجبر الناس على عبادته بقوة الحديد والنار بدل المنطق والحجة؟
وللحديث بقية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف