كتَّاب إيلاف

الفقراء.. مَن ْ يغيثهم؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لو كان الفقر رجلا لقتلته.. يـُنسب التمني هذا للإمام علي بن ابي طالب..
لا تعطي الفقير سمكة، بل علـّمه كيف يصطاد السمك...حكمة صينية قديمة...

سوف لن اتحدث هنا بلغة كتاب الاقتصاد لآدم سميث ولا بلغة رأس المال لكارل ماركس انما بلغة الناس الفقراء والمحرومين من ترف التعلم والقراءة، اذ التعلم والقراءة في بلداننا صارت ترفا مع الاسف..فلا زالت بلداننا العربية والاسلامية تدور في دائرة التمني بقتل الفقر ان كان رجلا فقط، لا ادري لماذا انتظروا دهورا ان يكون الفقر رجلا ليقتلوه، دونما التفكير بخطط اقتصادية محكمة للقضاء عليه كما قضت عليه العديد من دول العالم منذ اكثر من نصف عقد من الزمن..
لقد قالها الامام علي حبا منه بالفقراء ورغبة حقيقية بالقضاء على الفقر، وكان من واجب من خلفوه من القادة والخلفاء والرؤساء والملوك، ان يفعلوا ماتمناه عمليا لا ان يبقوه في حدود الامنية، خاصة ان الدولة في زمانه لم تكن دولة حضرية ذات اقتصاد مستقر قادر على توزيع الدخل بشكل عادل ومتساو، وكان عماد الاقتصاد هو الزراعة والرعي وغزوات الفتح التي تحصد الغنائم التي غالبا ما تقسّم قسمة ظيزى بين المقاتلين، واتذكر هنا مانظمه عمرو بن معد الزبيدي من شعر حينما غـُمط حقه من الغنائم في معركة القادسية حيث قال:

إذا قــُتـلـنـا ولم يبك ِ لنا أحدٌ times;times;times; قالت قريش ُ ألا تلك المقادير ُ
نـُعطى السوية من طعن ٍ له نفذ ٌtimes;times;times; ولا سوية إذ نـُعطى الدنانيرُ

واعتمدت الزراعة غالبا على الامطار التي قد لا تراها الدول العربية لأشهر طويلة، رغم وجود انظمة ري في بعضها كالعراق مثلا التي اشعلت اموالها الوفيرة الحروب بين القادة وسببت الكوارث.
لهذا كانت امور العرب بين القحط والسنوات العجاف، وبين ازدهار يحرم منه بعض المزارعين، لصالح المالك الاقطاعي، فجاء الاسلام بحل لقضية الفقراء- كان لابد ان يكون مؤقتا - بفرض الزكاة والخمس وتشجيع الصدقات وافراد نسبة من بيت المال للمحتاجين، لكنه لم يكن كافيا ليقضي على الفقر في اي زمن من الازمان سوى بسنتي خلافة عمر بن عبد العزيز الذي مات مسموما كما اخبرنا التاريخ، حيث يقال انه لم يوجد في زمانه فقير واحد، ولأنه كان فيلسوفا زاهدا بالمال، وحكم بسنتي خير ووفرة وامطار، افاض على الفقراء من خيرات تمتع بها خلفاء وامراء بعده على حساب المعوزين، لتنمو طبقة مسحوقة استمرت بين التوسع والانحسار الى يومنا هذا، اضافة الى ان الحل الاسلامي يعتمد على صلاح الضمائر والخشية من الله، وهذا امر غير مضمون في زمن موت جماعي للضمائر جعل القادة ينفردون بالمال والسلطة ليخلفوه بعد موتهم الى الابناء او الخلف غير الصالح.
ففي احدى الدول العربية التي يكثر بها الفقراء ويتغرب ابناؤها في مشارق ومغارب الارض "ليكوّنوا انفسهم " كما شاع بين الطبقات الفقيرة والمغلوبة على امرها والمهاجرة بحثا عن لقمة العيش، يتكشف لنا ان احد الرؤساء الذي خلف اباه يمتلك اكثر من تسعين مليون دولار، اضافة لما لديه من كنوز في بنوك خارجية واطيان وممتلكات غير منقولة..
قد يقول قائل، ان هذه الملكية بسيطة جدا لما يمتلكه سواه، واعرف ان غيره يمتلك مليارات لأتاكلها النيرات، لكنني جئت بمثل بسيط لمن يتشدق بالاشتراكية والعدالة وحقوق الانسان من القادة العرب، اما المتشدقين بالاسلام فان خيالي المحدود في امور المال لا يمكنه تخيل ما يملكون، اذ هو فوق تصوري وتصور الكثير من القراء امثالي..
هؤلاء الملوك والقادة، اصحاب السيادات يعتبرون انفسهم ظل الله على الارض، لهذا لابد من ان يتبع اسمهم المقدس كلمة" حفظه الله ورعاه".
من هنا لابد أن تكون الدولة او المملكة بكل مابها لهم وباسمهم وهم المتفضلون على الرعية بما عندها وان كان قليلا...
ويضطرنا تزايد الفقراء في عالمنا العربي الى التساؤل:

هل لا بد من وجود فقراء في الدول الاسلامية تطبيقا لشريعة الله؟
لماذا لم يتم معالجة امر الفقر والبحث عن نظام اقتصادي واجتماعي يحقق العدالة بين البشر؟
فمنذ تلك العقود القديمة التي عاش بها الإمام علي حتى الان، لم يصبح الفقر رجلا يوما ليقتلوه وينتهوا منه، انما اتسعت طبقة الفقراء، واصبحت ملايين مسحوقة من البشر تملأ شوارع مصر والمغرب والاردن والعراق واليمن وليبيا وسوريا والسودان وغيرها من بلدان تحمد شعوبها الله اذ هداها للاسلام، ولكن لا ندري هل ان حكوماتنا وقادتنا يعتقدون انه لا بد للفقراء من ان يبقوا فقراء ليكمل الأغنياء دينهم بالتصدق عليهم واداء فروضهم الدينية على اكمل وجه؟.
لقد وعى قادتنا ان الطبقة الوسطى هي صاحبة التغيير في المجتمعات فاعتبروها عدوهم الاول، لذلك لم يألوا جهدا في القضاء عليها شيئا فشيئا، من خلال افقار بعضها والسماح للطفيليين منها بالاغتناء لتنضم الى صفوف الاغنياء، عندها يكونون قد امنوا على كراسيهم ونمط سلطاتهم ليبقى ملكا لهم ولعوائلهم لازمان اخرى.
وحينما نعود للحكمة الصينية في تعليم الفقير مهنة او حرفة، نجد ان الصين استطاعت فعلا ان تقضي على الفقر بشكل موضوعي حتى اصبحت اكبر مثال على القدرة في حل هذه المعضلة الموجعة للانسان، والتي توقفه متسولا امام بيوت الاغنياء وفي الأزقة والأسواق او تجعله انتهازيا ونفعيا من موائد قصور الملوك والامراء والرؤساء.
فالصين يعيش بها اكثر من مليار وبضع مئات الاف من البشر لا تشكل نسبة الفقر عندهم مشكلة كبرى كما هي في بلداننا، بل ان الصين قد حققت معجزة باطعام كل هذا العدد الهائل من البشر..
فمتى نتعظ ونعرف اسباب عللنا وفقرنا، ليعيش الانسان العربي كريما، كما يعيش البشر في دول منحت اللجوء للأغراب - ونحن منهم - ايمانا بالانسان وحقه في الحياة. ولأنها طبقت قوانين وضعية انسانية لا يمكن ان تغضب الخالق بإغاثة الفقير واطعامه واسكانه، حققت العدالة الاجتماعية بين الناس ونجحت في اشباعهم ليتفرغوا الى امور البحوث العلمية والتطور الحضاري بعيدا عن اوجاع الجوع وما يرافقه من قهر نفسي وسحق لأنسانية البشر وكرامتهم؟
Balkis8@gmail.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صائب
S.B -

اني لاضم صوتي صارخا الى رؤى بلقيس ، واقول عشت مدافعة عن حقوق الانسان يا ام الفقراء.

الفقر الاختياري
د. رأفت جندي -

الفقر الاختياري مبدا في المسيحية فلقد قال السيد المسيح لاحد الاشخاص "ان اردت ان تكون كاملا فبع كل مالك واتبعني" ولقد طبق هذا المبداء العديد من الرهبان وتركوا كل اموالهم وترهبنوا, وهذا مستوي روحي عالي جدا

مال العرب
محمد المشاكس -

لم يوظف مال العرب حتى الآن لتنمية الوطن العربي وتعليم البشر وتوفير مسكن وخدمات إجتماعية وصحية وبالعكس وضعت أموال العرب في بنوك الغرب حيث يجني غير العرب أرباحها ووووووووووووووو

الرزق
خوليو -

إن سألت المهرب للأسلحة والمخدرات في بلادنا من أين لك هذا ؟ سيقول الله رزقني والتوفيق من الله، وإن سألت السياسي الذي كان يأكل البصل والخبز، ثم أصبح له رصيد بالمليارات، من أين لك هذا؟ ستسمعي نفس الجواب، وإن سألت اللص والتاجر سيقولون التوفيق من الله ، وإن سألت الفقير المعدم المسحوق التي تتشقق راحة كفيه، ويحفر البؤس آخاديد في وجهه العجوز على الرغم من تاريخ ميلاده الشاب، يقول لك الحمد لله ، لنا الجنة وحسن المآب ، لايعرف مصدر فقره وبؤسه، ويحمد الله على ذلك ،كيف تريدين لأمة أن تزدهر وتقضي على الفقر وهي تعتبر أنً سبب فقرها وغناها من الله، على من تريدي أن يثوروا للمطالبة بحقوقهم؟ جواب الخليفة الرابع واقعي ، أمام عجزه لحل مسألة الفقر، قال ماذا تريدون أن أعمل؟ لو أنه رجلاً لقتلناه ،المسألة كانت سهلة، فالقتل حلاّل المشاكل، أفضل الحكمة الصينية.

القانون لا النوايا
بهاء -

طبعا لا يمكن حل المشاكل البشرية بالاعتماد على النوايا الطيبة، ولهذا فشل معتنقو الأديان في تحقيق العدالة بين البشر، بل الأشد مرارة أن تنظري إلى البذخ الهائل ببناء المساجد والكنائس وكأن من تبنى له هذه البيوت تنقصه القصور. تحقيق الحد الأدنى للحياة البشرية لا يتم إلا بسن القوانين وتطبيقها بصرامة كما في أوروبا الغربية التي تعتبر -اعتمادا على شرعة حقوق الإنسان- أن المسكن والمأكل والرعاية الصحية حقوق إنسانية ثابتة، لذا يدفع المواطن ضرائب تصل أحيانا لـ 45% من دخله ورغم ذلك بالكاد تستطيع الدولة تأمين الحد الأدنى للفقير !

العملية والعلمية
محمد المشاكس -

نقول لهم المال المادي المحسوس يحل مشاكل الفقر في جميع مايسمى بالوطن العربي ويأتينا أحدهم ويقول الدين والقدرية هما السبب. ثم يتمسخر من الإمام علي بإتهامه بأنه لايجد سوى القنل وسيلة لحل المشاكل. مهزلة يادكتور لأن الكثير من سكان الوطن العربي، وأنا مثلا، ليسوا كما عممت سيادتك غيبين قدريين وإنما يفكرون بعملية وواقعية حول أسباب الفقر. وكما يقول العلم الحديث فإن لدى الدول العربية من المال مايعمر الوطن العربي ويقضي على الفقر ويوفر علم وضمان صحي وإجتماعي وعمل أيضاً للجميع. وبالمناسبة أية خليفة رابع؟ هل هو الراشدي، أم الآموي، أم العباسي أو..أو...

رحم الله زهادنا
بنت الناصرية -

كيف لنا ولمجتمعاتناان ترقى مادام ينعت كل من يدافع عن الفقراء ويدعوا الى مشاعة الاموال بأنه شيوعي ملحد وكافر. رحم الله ابو ذر الغفاري والحلاج وابو العلاء المعري الذين اتهموهم بالزندقة لانهم كانوا زهادا في دنياهم ودافعوا حتى الرمق الاخير عن الفقراء عاشوا فقراء زهادا فضربوا للتاريخ مثالا بالبطولات وعزة النفس والشموخ عاشوا فقراء واحرارا لن يرتزقوا من ملك او سلطان او خليفة فضربوا مثالا بعزة النفس والشجاعة والبطولة لازال التاريخ يذكرهم حتى هذه اللحظة.

أبو العلاء المعري
مغترب -

أبو العلاء المعري كان ملحداً فعلاً وله الفخر!

رحم الله زهادنا
بنت الناصرية -

هؤلاء الزهاد امثال ابو العلاء يا مغترب كان الله في قلوبهم. يعرفون حاجة فقير ويكسون المسكين ويدافعون عن المظلومين لن يكتنزوا الأموال ولن يفتوا الفتاوي ولن يسرقوا ولن يقتلوا فما فائدة الدين والتركيع والتسبيح اذا كان القلب عديم الرأفة مافائدة الدين اذا كان الانسان عديم الأحساس.هؤلاء هم من عرفوا المطلق واتحدوا روحيا معه لهذا هم من يستحقوا ان يطلق عليهم كلمة بشر. الدين عمل وليس ايات نحفظها ونرددها.

إلى خوليو وأصحابه
عبد الله -

الرجل -الفقر- الذي قتله أبو تراب أعاد إحيائه بنو أمية وبنو العباس والمدافعون عنهم والسائرون على نهجهم إلى يومنا الحالي أما بالنسبة للحكمة الصينية التي تقول علم الفقير اصطياد السمك بدلاً من أن تعطيه سمكة، فهذه الحكمة بمعناها لا تخص الصينيين فقط، بل هناك مقولات وحكم شبيهة بها في الإسلام، فمنها مثلاً حديث للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما معناه أن العالم الذي يكتم علمه عند حدوث الفتن ملعون، وحديث آخر بمعنى أن العالم الذي لا يعلم علمه للناس ملعون، فتعليم الناس بالنسبة للعالم أمر إلاهي في الإسلام وليس صدقة من قبله، وهذه الحكمة أي الحكمة الصينية هي حكمة صينية وليست حكمة شيوعية بل هي سبقت الشيوعية بقرون وصدق لو كانت الصين ليبرالية ديموقراطية لكانت قد قفزت قفزات أكبر بكثير مما حققته الصين الآن، وأذكر بأن الفيلسوف العظيم غاندي الهندوسي قال تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر

موضوع الساعة
ساهرة -

موضوع الساعة بارك الله فيك