الفن السوري، اشراقة في ظلام الفضائيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كل متابع للفضائيات العربية ولو لفترة قصيرة، سيشعر حتما باستعادة الزمن الرومانسي الجميل ولو لساعة واحدة من خلال ما يقدمه الفنانون السوريون الذين يدخلون القلوب عبر الفضاء في اعمال جذابة
لا أريد هنا ان يكون حديثي ناقدا ومحبطا للفنانين العرب من الدول الاخرى، فأنا لم أتفرغ لمتابعة الفضائيات ومابها، ولو تفرغت لهذا لصرفت كل يومي في المشاهدة ولما استطعت كتابة او قراءة اي شي، كما انني اطرح الموضوع كمشاهدة لهذه الاعمال التي تشدني اكثر من سواها.
ورغم انني لست بناقدة، لكن من حقي ان اطرح وجهة نظر اخص بها الفن السوري الذي يبهجنا ويدخل لأنفسنا الثقة بوجود فن حقيقي مؤثر يحاول ان يبزغ من قلب الظلام الذي يلف عالمنا العربي، وبغض النظر عن مستوى البرامج السياسية والثقافية غير المقنعة والتي تشترك فيها كل هذه الفضائيات، المليئة بالمغالطات والحصارات الحكومية والمجاملات للسلطات والمسؤولين، لكن الاعمال الفنية السورية تبقى بمستوى القمة، حيث تطرح الواقع باسلوب حضاري وبدون اية مبالغة او مواربة للتقاليد والاعراف والمنطلقات الدينية التي تصبغ واقعنا، مع احترام هذه الاعمال لكل دين ولكل مقدس ولكل فكر..
ان هذه الاعمال اكثر جرأة من سواها مما رأيت، في الدراما او الكوميديا، فهي لا توفر مسؤولا كبيرا في الدولة ولا مؤسسة او حزبا ولا سلطة تنفيذية متمثلة بالشرطة والمخابرات إلا وتنتقد تصرفاتهم المشينة واستهتار بعضهم بحقوق الناس وكرامتهم، وبهذا فان الفنانين السوريين يعكسون دورا مهما لهم نستطيع ان نسميه نهضويا، رغم ان البعض يستهين به ويعتبره حالة تشكل امتصاص نقمة من اوضاع اقتصادية وسياسية متعبة سائدة في البلد..
الأهم من كل ذلك هو ان الاعمال هذه، تبحث في مشاعر وحياة الانسان من الداخل، وتناقش اسباب المشاكل الاجتماعية من جذورها بصدق لصالح الفرد لا لصالح المجموعة، حيث تهمل فكرة " السمعة" " وكلام الناس" والمعتاد والدارج " والاخلاق الشائعة " وكلمات تشبهها يكررها الناس دون ان يناقشوا معناهاوتأثيراتها السلبية على حياتهم المستقبلية، حيث يكون المهم في حساباتهم هو الاخرون وليس الذات الانسانية بنوازعها وعواطفها واحاسيسها السلبية اوالايجابية.
ان اكبر مشاكلنا الاجتماعية تكمن في عدم الاهتمام بالذات الانسانية وماذا تريد، اي اننا لازلنا نتعامل مع الانسان على اساس فكرة القطيع، اي اننا ننظر له من خلال تعامله مع العشيرة، او القبيلة، او الحارة والرهط، لا على اساس قدراته المعرفية ورغباته الشخصية، وبهذا نكون قد اتينا على الابداع من اساسه حينما نجعل شعور المرء يتحرك باطار محدد لا يخرج عن المجموعة ولا يحق عليه التمرد عليها....
ويأتي الفن السوري الحديث ليكسر هذا الطوق في اعمال تؤديها فنانات جميلات وذكيات، متمرسات على تقديم ادوار متنوعة، ويفرحنا فنانون مبدعون وكأنهم عفويون في ادوارهم مدركون لأهمية مايطرحون، فاغلب الفنانين السوريين- نساءً ورجالا- كما تابعتهم بعدة لقاءات لديهم قدرُ كبيرُ من الثقافة لمناقشة الادوار والشخصيات التي يؤدونها، لا كدور تمثيلي فقط انما كحالة اجتماعية تتحرك باطار الواقع المعاش...
وفوق ذلك كله، فان هذه الاعمال التي تسلط الضوء على اخطاء الانسان الداخلية
ان الاعمال التي قدمت في "سيرة الحب" وفي" ندى الايام "وغيرها من مسلسلات، اعادتنا الى اجمل الازمان التي مر بها جيلنا، كما اعادتنا الى الروح الانسانية العاشقة التي تفتقد هذه الايام عند الكثيرين بسبب متطلبات الحياة وتسارعها لصالح المخترعات الحديثة واللهاث وراء المال وهموم العولمة، فالعطاء الفني السوري فيه جمال مزدوج، فبالاضافة للجمال البكر الطبيعي والمحبب نجد فيه من العصرية ما نحتاجه لمواجهة التخلف والسلفية التي تشدنا الى الوراء، حتى ليعجب المرء احيانا كيف ان ذاك الجمال رغم عصريته بقى بمنأى عن مرور عجلة التطور عليه لتسحقه وتحنطه، انما هي زادته حيوية ولمعانا وبريقا يخطف الابصار..
وبنجاح كبير تطرح كل الاعمال الفنية السورية واقع المرأة والعنف ضدها بشكل لازيف فيه وبدون أية مبالغة، كما تطرح المستويات الثقافية المتفاوتة لها والتي تضر وتنفع حسب نوع المشاكل..
ففي مسلسل باب الحارة الذي انتقده الكثيرون بسبب من طرحه المرأة كأقل من انسان مسلوب الارادة، مهمش، لا دور له سوى قول نعم، أراه وقد غمط حقه في النقد والتحليل، فالمشاهد يحتاج حتما لتحريك العقل ليدرك الفكرة المعروضة، وهي ان الاحداث التي جرت قبل اكثر من ستين عاما كانت تعكس وضع المرأة آنذاك اي بصورتها المستكينة والمبعدة عن الحياة العامة، والتي لا تستطيع الا ان تكون اداة لراحة الرجل المتسيد، لكن هذا الواقع الذى خلا من اعطاء المرأة حق المشاركة وهذا التهميش الذي ابعد حكمة المرأة طرح نتائج سلبية واضحة بالمسلسل الا وهي كثرة المشاكل الاجتماعية في تلك الفترة، فلا نجد بيتا في الحارات الا والهموم تأكل من راحة افراده،كما ان الرجال يشغلون انفسهم بأحداث صراعات لاعلاقة لها بالاستعمار الفرنسي - فهذا بحث آخر - انما العقلية الذكورية المتطرفة تسبب احيانا صراعا بين الاخوين لمجرد رؤية شعر امرأة وكأن الدنيا قد انقلبت، ولأن المرأة في عقولهم اثما وحراما مهولا، اضافة الى اننا نراهم يتصارعون وينشغلون بامور تافهة ليتصيدوا بعضهم تنفيسا لطاقة ٍ كانت حتما ستصرف من اجل الحب والعطاء لو كانت المرأة مساهمة فاعلة ورفيقا ندا للرجل وليس خادمة مطيعة لا رأي لها....
اخيرا اقول، ان العالم العربي ومنذ سنوات طويلة بات الرديء فيه يطرد الجيد، وعلى صعد كثيرة، لهذا اضع قلبي علي يدي خوفا من ان يكون الفن السوري " الجيد" هدفا للرداءة التي تطغى على الفضائيات العربية كغيرها من وسائل الاعلام العربي..
Balkis8@gmail.com
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
حلوة يا بلدي
hadey_you@hotmail.co -ولا واحد علق ع المقال !!! ليش ؟؟؟ لانو شي ايجابي بحق سورية والفن السوري بينما لو انو كان سلبي وبينقد سورية والفن السوري كان شفنا ردود الها اول وما الها اخر وكان طلعو كلشي اسوود بقلبا ع سورية طبعا كان دخلو النظام والطائفية والفقر والفساد وووو الخ مع انو ما خص كل هدو ل بلمقال وسورية الله حاميها
مذاق جديد
dawood -مايقدم من اعمال سورية هو اعادة الحياة للدراما العربيه التي ودعناها الى مثواها الاخير منذ زمن فالحدوتة نفسها والنهاية نفسها بل اصبحنا نحكي نهاية المسلسل بعد حلقتة الاولى.الدراما السورية نكهه جديده ومذاق رائع بعد ان مللنا الطعام المصري الرديء.
أين فنكم انتم
جاسم خلف -انت ممن هلل ورحب بالغزو وعهد الاحتلال فاين فن عهدكم الجديد؟ كيف انتهى الامر بفناني العراق؟ لقد شردهم ونفاهم وقتل بعضهم عهدكم الجديد. أنا اعجب انكم لم تعتزلوا الكتابة بعد كل هذا الهول وكان شيئا لم يحدث.
شكراً
زينة -شكراً للسيدة بلقيس ولمقالها الرائع ومعك حق يا صاحب الرد رقم 1 للأسف صارت سورية ملطشة للرايح وللي جاي وحتى الفن السوري ما سلم من انتقاداتون مع اني بشوف المسلسلات السورية من اجمل المسلسلات والممثلين ولا اروع لدرجة انك مابتحسون عم يمثلوا او يتصنعو الكلام او العواطف المسلسلات السورية اثبتت جدارتها وشموليتها لمعالجة مختلف القضايا وبمختلف الازمنة
تيم جسن
د. رأفت جندي -تحياتي للفنان تيم حسن الذي ابدعنا في ما شاهدته له مثل دوره في نزار القباني والملك فاروق
كنت حلوة يابلدي
salem mohmaed -ظلام كونيلا أعرف كيف لا تفضي المآسي في نواحي الحياة في سوريا إلى بعض منافذ الضوء وفقا لما يقوله تشومسكي عن سياسة التنفيس التي تسمح بها النظم الاستبدادية. فهل يمكن للعاملين في كتابة سيناريوهات المسلسلات السورية تجنب تسريب أخبار الفواجع الاجتماعية في سوريا؟ أحد الممثلين تجء وقال في إحدى الفضائيات أن الفقر المدقع وصل حالات فيها حدودا تشيب له الرؤوس من الجوع البؤس والعوز، وقال هناك حالات، ولم يتجرأ على القول هناك طبقة هي الغالبية تعاني من الجوع والفقر وبالكاد تستطيع التستر على إفلاس اقتصادي كامل. تخيلوا أنه عندما يكون هناك شعب تم إفقاره بالكامل وتسمح سياسة التنفيس في المسلسلات السورية بتسريب أقوال أنه هناك حالات فساد وحالات فقر وتخلف وقمع وعنف ضد الأطفال والمرأة، أي إنها حالات شاذة واستثنائية بينما هي الحالة العامة.
الى حلوة يا بلدي
محمد -سوريا الله حاميها, و سوريا بسمار بعين العدا و منشار بخصر الامبريالية و الصهيونية و الاستعمار...لقد اشمئزينا من جعير البعثيين, من الفن الهابط, الذي اصبح همه تخدير المجتمع السوري بحقن الماضي السحيق, لينسى مأسيية الحالية, و هو فن اقل ما يكون في خدمة النظام وهو بوق من الدعاية النازية للبعث الفاشي المجرم..ان الشعب السوري بكل مكوناتة ينتظر لحظة الانعتاق من نير البعث المجرم, الذي حول سوريا الى ماخور للفساد و للمحسوبية و للصراخ و للضجيج في خدمة النظام الفاسد الذي لم جاء تتمة للانقلاب البعثي الفاشي الذي قام به حافظ اسد, ليستلم الابن الرئاسة بالصدفة و تسير سوريا نحو الخراب و الهاوية.الى كل الجاعرين بجملة سوريا الله حاميها, اذا كان الله سبحانة و تعالي يحمي سوريا, فما الحاجة بصراخكم ----- سوريا الحبيبهو يا حلوة يا بلدي
عنجد...حلوة يا بلدي
أحمد -شكرا لصاحب التعليق الأول على كلامه الجميل والموضوعي.
روعه
لواء -انا لست سوريا لكني اخذت عهدا على نفسي بعدم مشاهدة المسلسلات العربية الا السورية لانها واقعية جدا وهادفه وليست كما في المسلسلات المصريه من اول حلقة تعرف ماذا سيحدث في الحلقه الاخيرة للاسف المصرية تستهلك وتجتر نفسها وقد اصابتنا بالقرف والقيئ من مواضيعهل التافه لتحيا المسلسلات السوريه
التحيز الأعمى
عبد الله -أعتقد بأن المسابقات الفنية المختصة بالدراما والإخراج السينمائي والتي تكون عادة في القاهرة، دائماً الفائز فيها مصري، على الرغم من أن الدراما السورية فرضت نفسها حتى في مصر، ولكن هذا إن دل على شئ فإنه يدل على تخلف القائمين على هذه المهرجانات وتحيزهم الأعمى لأبناء بلدهم حتى لو كان مستواهم أدنى من غيرهم، بالمناسبة أنا لا أتهجم على الأعمال المصرية ولكن ما أقوله هو أن هناك عمل جيد وهنالك عمل أفضل منه وخصوصا من ناحية الإخراج وأداء الممثلين
تقدير
يوسف الجزائري -ان سوريا كلها رائعة وقد امتدت هذه الروعة الى الفن الذي قدم لنا نحن سكان المغرب العربي واقعا يشبه واقعنا وعرفنا بلهجة اهل الشام الجميلة جمال ا كجمال الشام ونساؤه الحسناوات
احسنت ياوردة
د.كاترين ميخائيل -اشكرك على المقالة الرائعة لللاسف الكثير من ابناء الدول المتخلفة لايعرفو ان يميزو بين الفن والحكومة الفن للشعب وملك الشعب . رغم عدم وجود حرية التعبير الحقة في جميع الدول العربية الا ان احساس الفنان يستطيع احيانا ان يلبي طلبات الجمهور وهذا اشجع مما يؤديه الفنان السوري
بحبك يا سوريا
اياد -بعيد عن المسلسلات المصريه والسوريه وكلها جميله ومبدعه..بس انا مصرى وبموت فى سوريا واهل سوريا وان شاء الله نرجع اخوات اكتر من الاول بعيد عن حكامنا احنا اخوات واهل ونسايب
قيمة الفن
ابو سلام -والله الذي ذكرتيه عن الفن السوري تحليل جميل-ولكن ما قيمة الفن اذا لم يؤثر بالشارع السوري والانسان السوري في حين اكثر هذه السلسلات تتكلم عن الجشع والطمع وحالة الارتقاء بالانسان الى المستوى الادمي --في حين نرى الاغلبية الساحقه من الشعب السوري غاية في الجشع والاستغلال وحين دخولك في مطار سوريه الى التكسي الى الفندق والكل يفترسك ويجعلك ترمي ما في جيبك للخلاص من الورطه التي تلاحقك في كل زاوية-- فاي فن واي مسلسل يصلح هكذا مجتمعات تراك وكاْنك قطعة نقود لا اكثر --- لك اشتمنه بليره-هذا اذا انتظرت ان يرجع لك باقي الحساب وفي كل مكان للاسف-----
تحية حب
عراقي - كندا -تحية حب وإعجاب للدراما السورية الراقية التي أعادت رونق الحياة للدراما بشكل عام , بعد أن أتعبتنا الدراما المصرية التجارية الكئيبة التي هدفها الآول الكسب والربح المادي , وتحية حب أخرى الى كل العاملين في مسلسل ( باب الحارة ) الرائع , الذي أسعدنا في شهر رمضان الكريم الفائت , بعد أن قرفنا تقريبا من المسلسلات المصرية والخليجية , المكررة والمملة , أتمنى من الدراما السورية أن تحافظ على مكانتها المتميزة , فالحفاظ على النجاح والتألق هو الآصعب , أخيرا تحية حب لسورية الطيبة التي عشت فيها 8 سنين بالثمانينات والتي أشتاق لها دائما .
لنقتل شهريار من الدا
لطيفة حليم -ما أجمل أن تكتب بلقيس مقالا إنها تتحرى الصدق وتكاشف المغيب بأناقة تغري القارئ بغواية حب شديد , مكاشفتها للرداءة التي تعرض على الفضائيات وفضحها الغبن الدي لحق المراة العربية وسبب في كثير من المشاكل التي يعيشها العالم العربي الآن
شكرا
فنان -انا عايش باوروبا و عن جد بدي كتير اشكر الكاتبة على هل المقال يلي خلى الدم بجسمي يتحركباشكرها لانو صار النا زمان ما اسمعنا كلام موضوعي جميل و لكن حقيقيشكرا يا سيدتي
فن راقي
سعدي -الفن السوري بداء في التوصل الى التقدم بدرجات عالية من التقدم لايضاهيه احد .الواقعية ودغدغة المشاعر تلعب دورا كبيرالدي المشاهد العربي الى درجة اننا العرب بدئنا نبحث عن الدراما السورية قبل غيرها اشكر جميع الفنانين السوريين على مايقدموه خدمة للمجتمع
اهلا بكل فن ناجح
السيناوي -الدراما السورية تملك كل مقومات النجاح المشكلة في المنتج والموزع يجب الارتباط باهل الخليج او بمصراو لبنان عموما تدخل الرئيس في شراء مالم يسوق من الاعمال المنتجة كان حلا رائعا لكن ماذا عن المستقبل والاستمرارية اهلا وسهلا بكل فن عربي ناجح
اي فن عراقي كان!!
dawood -الى جاسم خلف...اذاكنت تتأسى على فن ميس كمر فهذا حقك..اما من قتل فناني العراق مثل الشهيد مطشر السوداني في شارع حيفا وغيره فانت تعرفهم..سيكون لنا فن لن يتمسح بحذاء عدي وقصي وباقي الشلة كالسابق.. وسيتعافى العراق..