أم النبي مشركة لا يجوز الترحم عليها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل يجوز لرسول الله نبي الإسلام محمد بن عبد الله (ص) أن يطلب من ربه المغفرة لأمه، أو يترحم عليها؟
لا شك أنه سؤال غريب. قد يثير دهشة بعض الناس، وقد يثير استهجانهم. وقد يثير غضب بعضهم الآخر. لكن أحد شيوخ الدين الإسلامي، ويدعى فضيلة الشيخ خالد الماجد قطع الشك باليقين، وأنهى الحيرة والاستغراب. وأفتى على موقع (المسلم.نت) لصاحبه الدكتور ناصر العمر: أن أم رسول الله (ص) ماتت مشركة بالله، ولا يجوز الاستغفار لها، أو الترحم عليها. وإذا كان لا يجوز الترحم على أم الرسول(ص) فلا يجوز الترحم على أبيه أيضا.
فمن هو والد الرسول(ص) ومن هي أمه؟ هي أم رسول الله (ص)؟
أبوه فتى بني هاشم الذين اصطفاهم الله من قريش كما جاء في الحديث النبوي، وهو الذبيح المفتدى عبد الله بن عبد المطلب، الذي يصل بنسبه إلى الذبيح المفتدى إسماعيل كما ذكرت كتب السيرة. والذي حين ذهب برفقة والده لخطبة آمنة، استوقفته- كما جاء في كتب السيرة النبوية- أخت ورقة بن نوفل وعرضت عليه مائة من الإبل إن وافق أن تهب نفسها له الساعة، لأنها رأت فيه نورا- فارقه بعد الزواج- فأرادته لنفسها. ومثل هذا فعلت ليلى العدوية، وفاطمة بنت مر التي كانت من أجمل النساء وأعفهن. لكنه لم يستجب لأي منهن، ولم يرض عن أم الرسول بدلا.
وأمه آمنة بنت وهب من بني زهرة. وقد أجمعت كتب السيرة، وكتب التاريخ الإسلامي أنها كانت يوم زواجها بوالد الرسول عبد الله بن عبد المطلب (أفضل فتاة في قريش نسبا وموضعا- أبن اسحق).
كما أجمعت هذه الكتب أن آمنة بنت وهب أم النبي (ص) تنتمي إلى سلالة عريقة أصيلة هي (زهرة). لكن ما يدعو للاستغراب والعجب أن هؤلاء الرواة والمؤرخين الذين أكدوا هذه المعلومات واتفقوا عليها، اختلفوا فيما بينهم إذا كانت (زهرة) امرأة أم رجلا؟ فبعضهم قال هذا، وبعضهم قال ذاك. ففي (المعارف لابن قتيبة) أن (زهرة) اسم امرأة عُرف بها بنو زهرة. وفي (الروض الأنف للسهيلي) أن (زهرة) اسم رجل، وهو جد بني زهرة. وناشرو السيرة النبوية علقوا على هذا في الهامش بقولهم: (وزهرة امرأة نُسب إليها ولدها دون الأب، وهم أخوال الرسول) ولم يزيدوا على هذه العبارة شيئا. غير أنهم نقلوا الروايات المتناقضة حول أنثوية أو ذكورة (زهرة) دون أن يعلقوا عليها بشيء أيضا! والغريب في أمر هؤلاء الرواة والإخباريين أنهم في بعض الأحيان يتفقون ويؤكدون أخبارا وتفاصيل غاية في الدقة، لا يعلم بها غير الله. ويختلفون على أشياء معلنة عرفها كل الناس وقت حدوثها! فهم مثلا يعرفون (اليوم) الذي حبلت به آمنة من زوجها عبد الله، برسول الله (ص). فقد أكدوا أنه كان يوم (الاثنين)!.هكذا جاء في عيون الأثر، وفي شرح المواهب للزرقاني. ويحصرون المكان الذي حبلت فيه بموضعين اثنين هما: (شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى- بيت آلها بني زهرة). وهذه التفاصيل لا يعلم بها إلا الله. وفي الوقت نفسه يختلفون اختلافا كبيرا على ما يجب أن يكون معروفا معلوما من كل الناس. فقد اختلفوا على عمر عبد الله والد الرسول (ص) حين غاله الموت. ففي الروض الأنف أن عمره يوم وفاته ثمانية عشر عاما. وفي طبقات ابن سعد خمسا وعشرين. وفي عيون الأثر قيل ثلاثون. كما اختلفوا أيضا فيما إذا كان عبد الله قد مات قبل ولادة ابنه. أم أنه مات بعد ولادته. ففي السيرة النبوية، والكامل في التاريخ لابن الأثير، وفي عيون الأثر أن عبد الله توفي في يثرب قبل ولادة محمد. وفي الروض الأنف ونهاية الأرب أن عبد الله مات والرسول (ص) في المهد. فقيل ابن شهرين، وقيل ابن ثمان وعشرين شهرا.
إن هذا الاختلاف الكبير والكثير في الروايات الإسلامية مرده إلى أن هذه الروايات قد كتبت بعد أكثر من مئتين وخمسين عاما على ولادة الرسول (ص). وخلال هذه الفترة الطويلة جدا زيدت هذه الروايات وأُنقصت، ولعب بها الخيال الشعبي كثيرا، فجاءت على هذا القدر من الاختلاف. وهذا ما حدث أيضا بالنسبة للأحاديث النبوية التي كتبت بعد أكثر من مئتي عام بعد وفاة الرسول (ص). وإضافة للعوامل التي ذكرناها، فقد أثّر فيا أيضا الخلاف السياسي الأموي العباسي، والخلاف السني الشيعي.
بعد أن وضعت آمنة بنت وهب مولودها محمدا، وأخذته مرضعته حليمة السعدية، سكتت عنها كتب السيرة سكوتا مطبقا، ولم تذكرها إلا بوفاتها. أما تلك الفترة من حياتها التي تقدر بست سنوات، والممتدة بين ولادتها لرسول الله (ص) وبين وفاتها، فقد أهملتها كتب السيرة، فلا نعرف كيف أمضتها آمنة، ولا نعرف أين أقامت، ولا من كان ينفق عليها ويعينها على قضاء حاجاتها اليومية والحياتية؟ كما لا نعرف إن كانت آمنة قد تزوجت بعد وفاة زوجها عبد الله، أم بقيت أرملة دون زوج. فقد ورد أنها قالت في وصف حملها برسول الله (ص): (فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف من حمله ولا أيسر منه). ومما يدعو للاستغراب أن كتب السيرة وكتب التاريخ الإسلامي تفرد مئات الصفحات في تفاصيل خبر صغير، ولا تكتب صفحة واحدة عن حياة أعظم امرأة في حياة الرسول (ص) تلك هي أمه التي حملته في رحمها تسعة أشهر وولدته.
لا شك أن الكثير من أهل مكة، وكثرة من أقرباء الرسول (ص) كانوا من (المشركين). والمشركين في بالمفهوم الإسلامي هم أهل الكتاب. وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى. وأغلب الظن أن هؤلاء الأقرباء كانوا فرعا من فروع النصارى. فالقرآن الكريم وخاصة في الآيات المكية، يبدي عطفا ورحمة وتسامحا مع النصارى أكثر ما يبديه مع اليهود.
إن عم النبي (ص) أبو طالب الذي كفله ورباه وأحبه حبا جما، مات ولم يعتنق الإسلام، وأجاب ابن أخيه حين عرض عليه الإسلام (أي ابن أخي، إني لا استطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك شيء نكرهه ما بقيت- السيرة النبوية وتاريخ الطبري). وهذا يعني أن دين أبو طالب هو دين جد الرسول (ص) عبد المطلب الذي انتهت إليه إمارة مكة، وولي السقاية في وظائف الحرم، والذي أراد أن يذبح أصغر أبنائه وأحبهم إلى قلبه عبد الله أضحية لله تعالى، لولا أن افتداه بمئة من الإبل. وعبد المطلب هو الذي حفر بئر زمزم (أحفر زمزم، إنك إن حفرتها لم تندم، وهي تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم- السيرة النبوية).
كما كان على الدين نفسه، عم الرسول عبد العزى بن عبد المطلب (أبي لهب) الذي فرح فرحا كبيرا بولادة الرسول لدرجة أنه أعتق جاريته ثويبة الأسلمية حين بشرته بالمولود الجديد. كما إن أم أسماء بنت أبو بكر كانت مشركة، أي على الدين نفسه. قالت أسماء بنت أبي بكر (قدمت عليّ أمي وهي مشركة، في عهد رسول الله (ص)، فاستفتيته قائلة: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك - كتاب أم النبي للدكتورة عائشة عبد الرحمن).
ومما يشير إلى أن آمنة بنت وهب أم الرسول (ص) كانت مشركة، مجموعة من الأحاديث النبوية التي تبين أن الرسول (ص) استأذن ربه لزيارة قبر أمه، فأذن له. عن عبد الله بن مسعود (خرج النبي (ص) يوما وخرجنا معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه فناجاه طويلا، ثم ارتفع صوته ينتحب باكيا، فبكينا لبكائه، ثم إن رسول الله (ص) أقبل إلينا، فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ فقد أبكانا وأفزعنا. فأخذ بيد عمر ثم أومأ إلينا، فأتيناه، فقال: أفزعكم بكائي؟ فقلنا نعم يا رسول الله. فقال ذلك مرتين أو ثلاثا، ثم قال: إن القبر الذي رأيتموني أناجيه، قبر أمي آمنة بنت وهب. وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي- صحيح مسلم. سنن أبي داوود. أخبار مكة للأزرقي)
كما روى ابن سعد في طبقاته (إن رسول الله (ص) لما مرَّ بالأبواء في عمرة الحديبية قال: إن الله أذن لمحمد في زيارة قبر أمه، فأتاه، فأصلحه، وبكى عنده، وبكى المسلمون لبكائه، فقيل له في ذلك، فقال: أدركتني رحمتها فبكيت- الطبقات الكبرى ونهاية الأرب).
لماذا يستأذن الرسول ربه كي يزور قبر أمه؟ أليس لفرط محبته لها وتعلقه بذكراها؟ وإذا كان الرسول (ص) حين أدركته رحمتها، بكى على قبرها حتى أبكى كل من حوله، إذن ألا يمكنه أن يطلب الرحمة لها من ربه؟ ألا يشفع لها عند الله أنها أنجبت حبيب الله ورسوله؟ ألا نقول صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم؟ فمن هم آل رسول الله؟ أليسوا أهله، وفي مقدمتهم أباه وأمه؟ ثم إن آمنة أم الرسول قد ماتت قبل الإسلام بأكثر من ثلاثين عاما ونيف. فكيف نحاسبها على شيء لم تشهده، ولم يُعرض عليها، ولم تُبشر به؟ وإذا كان لا يمكنه أن يترحم على أمه، فلا يمكنه أيضا أن يترحم على أبيه الذي وهبه جده عبد المطلب ذبيحة لله، تمثلا بأبي الأنبياء إبراهيم، وأسماه عبد (الله).
Saadkhalil1@hotmail.com
رابط الفتوى