لقاء إيلاف

رئيس تحرير سعودي سابق يبوح بأسراره لإيلاف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رئيس تحرير سعودي سابق يبوح بأسراره لـ"إيلاف"(1-3)

حاوره عبدالله المغلوث: يملك رئيس تحرير جريدة "اليوم" السابق، سلطان البازعي(51 عاماً) ابتسامة مُعدية، ونظرات تجذبك نحوه. يقول رفيقه في الجامعة، أحمد عابد شيخ ـ"إيلاف": "فكرة تغمرني كلما رأيته، تكمن في خلع نظارته والغطس في عينيه". رأيتُ البازعي لأول مرة في كانون الأول(ديسمبر)1994، في مكاتب جريدة "اليوم" في الأحساء(شرق السعودية)، كان يرتدي سترة سوداء بجيب خارجي واسع، تقطن في داخله "مسبحة" يخرجها بين الفينة والأخرى. تمنيتُ حينها أن أتبادل الأدوار معها، هي تتكئ على الكرسي الخشبي اليابس الذي أجلس عليه فيما انكمش واقفز إلى جيبه سعيا وراء اكتشافه. تحققت أمنيتي بعد 12 عاماً، على وجه التحديد، في الخامس من شباط (فبراير) 2006، على ضفاف بهو فندق الميرديان بالخبر(شرقاً)، في تمام الساعة الرابعة و6 دقائق عصراً، تناولنا القهوة وتجربته مديراً لتحريرجريدة"الرياض"، ورئيساً لتحرير"اليوم"، ومشرفا في الملحقية الثقافية السعودية بباريس، ورئيسا تنفيذيا لدار إعلامية في حوار من (3) حلقات:

رائحة وقدر
ولد سلطان البازعي في عرعر (شمال السعودية) عام 1955، من عائلة تنتمي إلى (العقيلات: أهل القصيم الذين سافروا باتجاه الشمال ابتغاء التجارة). ونشأ البازعي وترعرع ودرس معظم مراحله الدراسية في الرياض التي يعتبرها مدينته التي "التصقت والتصق بها" رغم تردده على غير مدينة بسبب طبيعة عمل والده في تجارة الجمال. سلطان الذي يملك 14 أخ وأخت أتيحت له فرصة القراءة مبكراً بفضل دعم والده وعائلته الكبيرة مما دفعه إلى التفكير في دراسة الحقوق أو علم النفس كونهما التخصصين الأقرب إلى ذائقته مقارنة بالتخصصات المتوافرة آنذاك في جامعة الملك سعود بالرياض، لكن مفاجأة سارة خلعت غطاء وجهها واستلقت أمامه دون مقدمات تتمثل في"الأنباء الواردة عن افتتاح قسم للإعلام في الجامعة". بعد أن تأكدت الأنباء، حزم البازعي أحلامه، ويمم وجهه بمعيتها شطر قسم الإعلام الذي شعر أنه الأقرب إلى ميوله وشخصيته استناداً إلى محاولاته القصيرة في الكتابة في صحيفة المدرسة خلال المرحلة الثانوية. تمكن حب الإعلام منه، انتشر في شرايينه، عندما عمل في رسالة الجامعة -نشرة دورية تصدر عن قسم الإعلام بالجامعة-واستنشق رائحة المطابع، يقول:"عند ذلك الحين اكتشفتُ أن هذا هو قدري". بدأ أثناء دراسته الجامعية التعاون مع صحيفة "اليوم" التي تصدر من الدمام-شرق- أبان رئاسة محمد العجيان لها-زامله عضوا في مجلس إدارة اليمامة الصحافية لاحقاً- من خلال مكتبها في الرياض الذي كان يديره في ذلك الوقت ساعد العرابي الحارثي"كنتُ سعيداً بتلك التجربة، خاصة عندما أشاهد اسمي يلمع على خبر في الصفحة الأولى للجريدة".

أمان مفقود
لم تستمر تجربته في "اليوم" طويلاً، يبرر:"لأن العمل كمراسل لا يلبي طموحي لذلك اتجهت للعمل في مركز رئيس". حيث غادر إلى جريدة"الرياض"، يقول:"تلقيت عرضا كريما ن رئيس تحرير جريدة الرياض، الأستاذ تركي السديري للانضمام للجريدة كمحرر متعاون خلال عامي الأخير في الجامعة". بعد أنتخرج البازعي من الجامعة التحق بوظيفة حكومية:"كان الهدف منها ضمان الأمان الذي اعتقد أن مهنة الصحافة لا توفره حتى اللحظة لمنسوبيها". عُين البازعي في أمارة منطقة الرياض، ثم أعير لجريدة "الرياض" ليعمل متفرغا فيها، يتذكر:"لحسن الحظ أن الوظيفة كانت في أمارة الرياض، كوني حظيت بالدعم الذي يقدمه الأمير سلمان بن عبدالعزيز للصحافيين، حيث كان يتابع شخصيا مدى التزامي بالعمل الصحافي، مما كان له أبلغ الأثر في مسيرتي". كيف أصبح سلطان مديرا لتحرير جريدة بحجم "الرياض" قبل أن يكمل 48 شهراً من تعيينه محرراً؟ هل نفوذ عائلته خلف ذلك؟ يجيب البازعي:"أرجو أن لا يكون هذا السبب، ولو أن هذا كرم منك أن تكون عائلتي نافذة، لكن لا اعتقد أن النفوذ مُجدٍ في العمل الصحافي". ويعزو سلطان سبب تعيينه مديراً إلى الثقة التي منحها له السديري، كونه من أوائل الدفعات الحاصلة على درجة البكالوريوس في الإعلام من جامعة الملك سعود بالرياض، ويشير إلى انه لم يحظ بهذه الثقة وحده بل تقاسمها مع 3 من زملائه: "صدر في يوم واحد قرار تسمية 4 مدراء لتحرير الجريدة، كنت واحداً منهم، وهم: خيرية السقاف، ناصر القرعاوي، سليمان العصيمي". استمر البازعي نحو 5 سنوات مديراً لتحرير "الرياض" من عام 1980-1985 يتذكرها:"كانت فرصة لوضع استراتيجيات وخطط، مارست وزملائي دور رئيس التحرير في أحايين عدة من خلال حجم الصلاحيات الممنوحة لنا عبر الإشراف على الأقسام التحريرية الموزعة علينا". وعن السلبيات يقول: "افتقدتُ العمل الميداني".

الاستقالة الأولى
وحول المركزية التي تشاع عن السديري وانفراده بالقرار يعلق البازعي قائلا:"مشاعري تجاه الرجل قوية جداً، مشاعر حب تقابلها مشاعر عدم اتفاق في أسلوب إدارته للعمل في بعض الأحيان، وقد أكون أكثر من اختلف معه". يضيف:" خرجت من الجريدة مرتين بسبب خلاف معه، لكن هذا لم يمنعنا من المحافظة على علاقتنا الشخصية، كانت استقالتي مهنية على أساس مهني". يرجع سبب الإستقالة الأولى إلى مقالة كتبها عن طبيعة علاقة المؤسسات الصحافية بالعمل الصحافي، يقول البازعي:"كنا متحمسين وشباب وكان هناك صراع على الامتيازات وكتبتُ مقالة شديدة اللهجة وأبو عبداللهmdash;كناية تركي السديري- رأى أنني أخطأت في كتابتها واختلفنا حول هذه النقطة وقررت تقديم استقالتي". وصادفت استقالته هوى في نفسه للحصول على إجازة من العمل الصحافي والالتحاق بوزارة التعليم العالي عبر العمل في الملحقية الثقافية بفرنسا.
بعد أنهى ارتباطه مع أمارة وجريدة الرياض، فاجأه تركي السديري بحفل وداع أقامه في مقر الصحيفة ونشره على مساحة نصف صفحة:"كان حضاريا في طريقة تعامله مع الخلافات".
أوكلت للبازعي أثناء عملة في الملحقية الثقافية بباريس إصدار مجلة دورية للطلاب بإسم "حوار". وأسهم في الكتابة بها نخبة من طلاب الدراسات العليا السعوديين في أوروبا آنذاك من بينهم:أحمد ابودهمان، الدكتور معجب الزهراني، الدكتور سعود ذياب . أصدرت"حوار" 8 أعداد قبل أن تتوقف لأسباب مالية، مما عاد سلبا على معنويات البازعي الذي جسد حزنه عليها قائلا:"تركتُ الملحقية، وصلت إلى مرحلة تشبع بعد أن تزامن إيقاف المجلة مع ضغوط عائلية عدت على إثرها إلى الرياض".

(يتبع)

ctu_abdullah@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف