الاطرش: الحكومات شجعت الفكر الاصولي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار مع الكاتبة والروائية ليلى الاطرش
سلوى اللوباني من القاهرة: ليلى الاطرش روائية وإعلامية فلسطينية- أردنية... بدأت عملها الإعلامي بالكتابة الصحفية ككاتبة عمود ثم مسؤولة التحقيقات الصحفية في كبرى الصحف الأردنية، الجهاد- القدس-، الدستور، جريدة الخليج اليوم القطرية (الشرق حاليا)، تكتب حتى الآن عموداً اسبوعياً سياسياً في جريدة الدستور الأردنية،
* يعتبر بعض النقاد إنك تناولت موضوعات تقليدية تتعلق بمشكلة المرأة العربية وبالمحرمات الثلاث الدين والجنس والسياسة في روايتك الأخيرة "مرافئ الوهم". ما تعليقك؟
- هذا الكلام فيه تناقض واضح لأن تناول المحرمات هو كسر للتابوهات وليس تقليدياً، ثم هو مجتزأ على نحو "ولا تقربوا الصلاة" ودون إكمال الآية، فقد جاء عنواناً لعرض سريع لجورج جحا نشرته وكالة رويترز حين صدور الرواية يقول "إنني تناولت موضوعات تقليدية بحرارة وتشويق جعلتها جديدة "كالحب والطلاق البائن بينونة كبرى" بالثلاثة" وقضية المحلل، و"أنني أضفيت عليها الحياة"، وهذا كلام لصالحي، ولكن بعض الصفحات الأدبية توقفت عند "تقليدية " ودون إكمال الجملة، وأنا أسأل "ما هي الحبكة الغير مطروقة لأي كاتب"؟ ألا يدور الإبداع شعراً ونثراً عن الحب منذ هاملت وروميو وجولييت وقيس وليلى وحتى اليوم؟ ولكن الكتاب يجددون في تيمة الحب وأساليبه وشخصياته وطريقة طرحه، فهل نعتبر الحب فكرة تقليدية؟
يا سيدتي حبكات الحياة والكتابة معروفة منذ بدأ الإنسان الكتابة، الخيانة والانتقام والحرب والمغامرة والكراهية والخروج على النواميس الاجتماعية، والتساؤل الديني والقمع السياسي والفقر الخ، لكن تناولها يختلف شكلاً وموضوعاً باختلاف الزمان والمكان والشخصيات، لا يمكن وصف هذه الحبكات بالتقليدية رغم أنها لم تتغير منذ بدأ الإنسان لعبة السرد والحكي، وكانت دائماً عماد الموروث الأدبي الشعبي، تجربتي مع مراجعة "جورج جحا" تعكس خطورة القراءات المتسرعة أو النقد الانطباعي وظلمها للنص، فرويترز وكالة عالمية تتناقل معظم الصحف والمجلات ما تكتبه، مع تقديري لجهده واحترامي لرأيه.
* وما تقييمك لما كتب حول الرواية؟
- ما كتب حول "مرافئ الوهم" من دراسات نقدية جاوزت خمساً وعشرين حتى اليوم، معظمها تنبه للشكل الجديد فيها، فهي الرواية العربية الأولى التي استعارت شكل برنامج تلفزيوني منذ بداية التحضير له وحتى عودة الفريق من لندن وكان القطع فيها مرتبطاً بطريقة التصوير والتسجيل.
* ما هو أهم ما تناوله النقاد في الرواية؟
-الرواية طرحت مسكوتاً عنه كثيراً، المحلل من وجهة نظر المرأة في حق منحه الشرع لها، ثم شخصية المخرج الإماراتي المتعلم وهي المرة الأولى الذي يكون الخليجي الشاب شخصية محورية في عمل عربي تكتبه امرأة، ورؤية هذا الشاب للدين والمرأة والعمل والوافدين إلى بلاده وتجربته مع طالبان وتجارة الحشيش، وكذلك جمعت الرواية شخصية الفلسطينية مع العراقية في فريق تلفزيوني واحد ومواجهة كل منهما لماضيها، ثم متاجرة الصحافة العربية المهاجرة بقضية فلسطين، ومسؤولية الإعلام المرئي في السماح برواية التاريخ شفوياً ودون مناقشة ليتم تزويره على الهواء، والتعرض لمسألة المسيحي العربي في بلاده.. والتفاف الرجل العربي على النص الديني ومحاولة تفسيره لصالحه وحث المرأة على القبول بالتأويل..أعتقد أنها موضوعات لم تطرق من قبل في عمل واحد، واشكر النقاد الذين كتبوا وتنبهوا لجرأتها في كسر التابوهات وموضوعاتها الجديدة.
* أحداث الرواية تقوم على برنامج تلفزيوني وهو إطار قلما استخدم في الروايات، لماذا اخترت هذا الإطار بالتحديد؟
- بل هو غير مسبوق في الرواية العربية، لقد فكرت طويلاً في استغلال معرفتي بتقنيات الإعلام المرئي لخلق فضاء جديد للرواية، وكما تعلمين عملت مطولاً في التلفزيون معدة ومقدمة للبرامج السياسية والثقافية، وأهل مكة أدرى بشعابها، وبالمناسبة قرأت عن رواية صدرت حديثاً للطاهر وطار - الذي لم يعمل في الإعلام- استعمل فيها فضاء الإعلام من خلال مراسلين من جنسيات وأماكن وأحداث مختلفة، ولكنها صدرت بعد عام من "مرافئ الوهم" لهذا أسجل ريادة روايتي لهذه التقنية الجديدة، وللأسف لم تصلنا روايته بعد، إن الكاتب حريص على تطوير أدواته، واستغلال معارفه ومكتسباته الحياتية في إبداعه، ولهذا أسرعت في نشر الرواية لئلا يسبقني إلى ذلك كاتب آخر .
* تقولين في روايتك على لسان إحدى البطلات "إن لغتنا قاصرة عن السمو بالجنس..حين أقرأ رواية عربية لا أجد إلا ألفاظ فعل الجنس مثل الإيلاج والنكاح والدخول ولهذا لا يمارس الجنس في الأدب إلا مع امرأة بغي أو مشروع ساقطة"..
- هذا صحيح إلى حد بعيد، بدءاً من روايات نجيب محفوظ ومروراً بجيل الستينات وجميع من كتبوا عن النساء والجنس في عالمنا العربي، العقل الذكوري يتحرر من عقدة الأم والأخت حين يكتب عن عاهرة أو متحررة خارجة عن نواميس المجتمع ولا بد أن تسقط، أو مومس، بعضهم يبرر سقوطها كنجيب محفوظ ويرجعه للظروف الاقتصادية كما في بداية ونهاية، أو عن عالمة تسعى للزواج والستر كما في ثلاثيته الشهيرة، أو بائعة هوى كما في اللص والكلاب، العقل العربي قسم النساء إلى حرائر وجواري منذ عهد الإسلام الأول، ومهمة القيان والجواري كانت الترفيه عن الرجل بأدواته وما يمتعه، الموسيقى والشعر والجنس المتحرر والتمتع بالجسد، بينما ظلت الحرائر للمخادع والإنجاب ودون اعتبار للمشاركة في فعل الجنس ما دام الهدف منه هو حفظ الأصول والفروج ودون مشاعر أو حب أو السماح للنساء باكتشاف أجسادهن واحتياجاتها، لهذا لم تجهد اللغة الذكورية نفسها في استنباط ألفاظ الحب التي تسمو بالعلاقة والحاجة الجسدية، ولم تجعل له طقوساً لها ألفاظها وتعبيراتها التي تليق بالتبتل بالجسد، حتى بعض الكاتبات حين كتبن الجنس مثل نجوى بركات في"باص الأوادم"، أو فضيلة الفاروق في "شهوة الجسد" جعلت نجوى من مارست الجنس ساقطة، ولجأت فضيلة إلى تحويل كل الجنس في روايتها إلى تهويمات بطلة مجنونة، إذا كان العقل الذكوري يعتبر الفن في تصوير أو نحت جسد الرجل خطيئة وتشبهاً وأصناماً، فكيف يمكن تصوير جسد المرأة؟ سيحاكم من يفعل من أجهزة القمع الاجتماعي ويوصف بالإباحية وإفساد المجتمع وخدش الحياء العام.
* أين ليلى الاطرش من شادن بطلة الرواية؟
- شادن تشبهني في أن مغامراتها على الورق فقط نتيجة موروثها الاجتماعي وسطوة التقاليد وثقافة العيب، أنا جريئة جداً على الورق، وأحيانا أستنطق شخصياتي بكلمات لم ألفظها في حياتي لأن للشخصيات منطقها ولغتها التي تناسبها، أتعرفين، استغرق التفكير في رواية "مرافئ الوهم" أربع سنوات لأنني توقعت هذا السؤال فقد عملت في الإعلام، ولهذا توقعت أن يسقط كثيرون النص علي ويبحثون عني في شادن أو ربما سلاف، وعلى من أعرف وعملت معهم وسيبحثون عمن يشبه أبطال الرواية، ولكن إغراء التجربة قهر التردد.. لست شادن ولا سلاف، ولكن الكاتب لا بد وأن يظهر بشكل متفاوت في شخصياته وعلى نحو ما، فالرواية هي حصيلة التماس بين الكاتب ومحيطه وخبراته.
* جسدت معاناة الإنسان العربي في روايتك مرافئ الوهم..ألا ترين أن تاريخنا وحاضرنا كعرب عبارة عن مرافئ أوهام؟
- إذا استثنينا فترة المد الإسلامي الأول والازدهار الحضاري حتى نهاية العصر العباسي، ثم بداية عصر التنوير مطلع القرن التاسع عشر وبعثات محمد علي والانفتاح على الحضارات العالمية والتمازج معها نجد أننا في انقسام وخذلان وتاريخ لا يمكن الركون إلى منجزاته، ولكن مرافئ الوهم في الرواية كانت تشمل الخاص والعام، الخاص في العلاقات الإنسانية ومواجهة البطلتين لماضيهما في لندن حين اعتقدت كل منهما أنه يمكن بعث الماضي من خلال رجل يمكن الاستناد إليه فإذا هو وهم، أما على المستوى العام، فهناك صحفي فلسطيني تاجر بقضيته من خلال صحيفته، وفنان عراقي هرب مع المرأة التي يحب من العشيرة ورجل المخابرات والاختلاف الطائفي بين السنة والشيعة ولكنه حاول امتلاكها فتمردت، وكلاهما كانت له لندن مرفأ وهم.
* في ظل الظروف السائدة وبالذات في العراق ولبنان وفلسطين ما رأيك بقلة الحيلة التي تعاني منها الدول العربية؟
- أساس المشكلة العربية عدم الثقة بين الحكام وشعوبهم، والجامعة العربية عاجزة لأن تمويلها من الدول فلا سطوة لها عليهم، ولذا تحولت القمم والاجتماعات إلى مكان للمناطحة لا للم الشمل، والحكام يعتبرون الأوطان ومن عليها إقطاعيات خاصة ولهذا لا نجد فصلاً حتى في المال بين العام والخاص، فهو يُنْهب ويُسْلب دون رقيب، فاستشرى الفساد في المؤسسات ومن يديرها وفي الاحتكار وعدم المحاسبة، مشكلة فلسطين كانت قضية العرب الأولى كلاماً دون أن يستعدوا لمواجهة حقيقية مع إسرائيل، ولاحقت الأنظمة الشمولية والأحزاب الحاكمة كل فكر مخالف لها، حاربوا اليسار واليمين وشجعوا الفكر الأصولي والخطاب الديني الذي يخدم أهدافهم، فكانت حرب 67 التي هزمت العرب من دواخل نفوسهم، ولم يكد انتصار 73 يلوح في الأفق حتى تبعته المفاوضات وتوقيع معاهدات السلام والخروج الفلسطيني من لبنان بعد حرب أهلية طاحنة، ثم غزو العراق للكويت وعودة السلطة الفلسطينية وفسادها، وتسابق الدول للصلح مع إسرائيل، وما زالت المآسي العربية تتلاحق، فماذا تتوقعين من أنظمة مغلولة الأيدي لمصالحها الخاصة؟! أية حركة ستكلفها وجودها، إنه زمن التشرذم والقهر والخذلان العربي، ولهذا وجدت الحركات السلفية أرضية خصبة لاستقطاب الشباب، أنا لا أغفل ما تتعرض له المنطقة من مؤامرات لنهب ثرواتها، ولا التحيز والظلم في السياسة العالمية في زمن القطب الواحد، ولكن هذه الضغوط يجب أن تكون عامل توحيد لا أن تزيد الفرقة بين الحكام.
* ماذا يعني المكان ل ليلى الأطرش؟
- لبعض الأمكنة خصوصية وسطوة عجيبة على الذاكرة، ولم اكتشف ذلك الاحتلال إلا حين بدأت الكتابة، كانت التفاصيل تهاجمني فأشم عبق المكان واستحضره وجوداً، بينما تصير أمكنة أخرى باهتة بمجرد مغادرتها، ودائما كان للمكان حضوره الساطع في أعمالي وبتفاصيله، عندما زرت اليمن مثلا نهاية التسعينات سحرني المكان بخصوصيته المتفردة، لا شيء يشبه اليمن، لهذا وجدتني أستعير المكان -دون تخطيط- وبمجرد البدء في كتابة رواية "صهيل المسافات" جباله البركانية، جماله، حدوده، خصوصية أهله. لقد اختلفت الأمكنة وتعددت في رواياتي، أوروبا والعالم العربي، وقد ساعدني في ذلك إنني زرت معظم البلاد العربية وأوروبا وآسيا عملاً وسياحة ومشاركة في المؤتمرات والندوات، وقد وصفني أحد النقاد أنني "كاتبة عابرة للجنسيات".
* قابلت رموز السياسة والأدب والفكر والفن من خلال عملك كمقدمة ومعدة برامج تلفزيونية، من هي الشخصيات التي طبعت في ذاكرتك؟
- كثيرون أدهشوني، قابلت حسين فهمي بداية الثمانينات حين كان لا يزال "الواد التقيل" الذي يعتمد على وسامته فاكتشفت ثقافته وأناقة تعامله منذ هجومي الأول
* تناولت في إحدى مقالاتك الخطاب الديني.. هل تجدين أن الخطاب الديني ساعد في التهجم على الإسلام وتقديم صورة سيئة عنه؟
- الخطاب الديني هو المسئول عما تعانيه الأمة كلها، وعن تشويه صورة الإسلام السمح القابل والحاضن لكل الآخرين، ولا بد من تجديد هذا الخطاب لنزع التعصب والكراهية والتكفير والترهيب منه، وزرع التسامح والحوار فيه، وفتح باب الاجتهاد وإعادة النظر في التأويل والتفسير الذي ساد هذا الخطاب في العقود الماضية وفرخ أجيالاً من الإرهابيين المغالين، ولا بد من التوقف عن التلويح بأن الهوية العربية والإسلامية مهددة إذا لم نتقوقع ونرفض أي تمازج مع الآخر لأنهم الشر المطلق، لقد نهل العرب في الفتوحات الإسلامية من معارف وعلوم وفلسفة الأصقاع المفتوحة وظلوا عربا ومسلمين، وبنوا عليها حضارة ما زال هؤلاء الدعاة يتغنون بأمجادها ويطالبوننا بالردة إليها، ولأنه لا يمكن العودة بالزمان لا بد من مواكبة الراهن وشروط العصر، هذا زمن تمازج الحضارات وعصر الاتصال ومن شروطه الحوار والانفتاح على الآخرين مع التمسك بالهوية دون تعصب أو انغلاق، أتساءل أحياناً هل الهوية هشة إلى هذا الحد؟ كرتون يعني؟! وهل هي بلا جذور يمكن اقتلاعها بسهولة ولا مجال للحفاظ عليها إلا برفض كل آخر؟ إذن لماذا ظلت اليابان محافظة على هويتها بعد تدمير قوتها ونزع تسلحها وصارت اكبر قوة اقتصادية ومثلها الصين ولم تتأثر هويتهما التقليدية ولا ديانتهما، نعم الخطاب الديني المعاصر يحتاج إلى إعادة نظر، إلى الحوار في المسائل الفقهية التي تمس الأمة وعدم الاكتفاء بشرح الحلال والحرام البين ووقف تكفير الدعاة عن غير علم لكل من يخالفهم.
* يقول الناقد نزيه أبو نضال في دراسة نقدية لرواياتك انك تعتبرين أن الرجل هو المسئول المباشر والأول عن اضطهاد المرأة.. ما تعليقك؟
- وبالمقابل كتب الناقد د. إبراهيم خليل بأنني كاتبة متحررة من نون النسوة وعقدة اضطهاد الرجل للمرأة، بالعكس أنا اعتبر أن مشكلة المرأة بداية مع نفسها فعليها أن ترفض واقعها وتعرف حقوقها وتدافع عنها لأن الحقوق لا تعطى ولكنها تؤخذ، وإذا كانت النساء يعشن في مجتمعات ذكورية، المشرع والمفسر والمطبق للقوانين والأحكام حول حقوقهن هو الرجل، فلا بد أن تصطدم محاولات النساء لتغيير واقعهن بسطوة الرجل ورفضه وقمعه، وانظري حولك، هناك سطوة الفكر الأصولي الذي ارتد إلى مكتسبات المرأة بداية، بل هناك نساء اقتنعن بهذه الدعوات وبأنهن نساء لا يقبلن على الرجل إلا في صورة شيطان، ولهذا عليهن التلفع والعودة إلى الحريم متناسيات أن "غض البصر" من الرجال هو بداية العفة، وبما أن الرواية هي خلق عالم مواز لذاك المعاش قد يبدو الرجل في أعمالي مضطهدا للمرأة دون تحامل مسبق عليه.
* تقولين إن مهمتي الأولى أن اكتب دون أن أفكر فيما سيقوله النقاد، أي لا تأخذين بكلامهم؟
- مهمة النقد تحليل وتفكيك النص واستنباط ما فيه، ما كتبه المؤلف بوعي أو ما وراء السطور والمقارنة وغيرها من أدوات وأساليب النقد، ولكن ليس مهمته أن يحدد أطر الكتابة، بالعكس التجديد يأتي من النص الأدبي وليس العكس، لهذا أنا أقرأ في النقد بشكل عام وأتمعن فيما يكتبه النقاد عن أعمالي وأقدر كل كلمة كتبت ولكنني أنسى كل النظريات وآراء النقاد حين ابدأ الكتابة وهذا ما عنيته، وإن لم أفعل ذلك فسأكتب نصا بشروطهم ورؤاهم ومواصفاتهم، ولن أجدد أبدا، وبالمناسبة كثير من النقد الذي يكتب في الصفحات الأدبية وبعض المنابر انطباعي سريع محكوم في كثير من الأحيان باعتبارات غير أدبية، طبعا بالمقابل هناك دراسات معمقة وجادة ومنصفة.
* رواياتك بشكل عام تجسد معاناة الإنسان العربي إلا انه بالرغم من ذلك قد تبدو أنها تدور حول المرأة أكثر.. لماذا؟
- ذلك أن معظم النقد يركز على صورة المرأة فيها، وهذه مشكلة جميع الكاتبات، لأن أكثر النقاد رجال، وعالم المرأة يظل لهم غريباً ومثيراً لا يعرفونه، ولهذا يبدؤون
* كيف تترجمين العلاقة بين ذاكرتك ورواياتك؟
- هي المنبع الذي لا ينضب، ولكنني لا أعتمد عليها كلياً، في "وتشرق غربا" قرأت الأهازيج الفلسطينية وتاريخ حرب 67 من وجهتي نظر العرب والإسرائيليين قبل أن أبدأ الكتابة، في "امرأة للفصول الخمسة" قرأت ما كتب عن تاريخ التنقيب عن البترول في منطقة الخليج ودور المواطن فيها وكتاباً فيه شهادات لهؤلاء العمال أعده الصحفي ناصر العثمان، وشاهدت أفلاماً قديمة جداً في مكتبة شركة "شل" لأفهم طبيعة الحياة وجغرافية المكان قبل أن أحرك شخوص الرواية فيها، أما عند كتابة "مرافئ الوهم"، فقد قرأت ما كتبه عالم الاجتماع علي الوردي لأفهم طبيعة العراقي وأثر البيئة عليه، وكذلك كتب حنا بطاطو عن بعث وشيوعيي العراق والحركات الاجتماعية فيه وبعض مذكرات ضباط البعث، وكذلك عن زواج المتعة عند الشيعة وعدت إلى قانون الطلاق الذي درسته في الجامعة ثم وضعت كل هذا جانباً وبدأت الرواية، لقد زرت العراق مرتين فقط، الأولى بداية الثمانينات لإعداد برنامج تلفزيوني زرت فيها النجف وكربلاء وبغداد، ثم ذهبت في الطائرة التي كسرت الحصار لأول مرة نهاية عام 2000 ولمدة ساعات فقط، ولولا تلك القراءات لما فهمت طبيعة سلاف وجواد، إن القراءة في الموضوع تلهب المخيلة وتخدم الشخصيات.